القطاع العقاري یسیر في وجھة سیر مخالفة لكل القطاعات الاقتصادیة التي تعاني من وھن وتراجع وانھیار...
وتشھد سوق العقارات في لبنان نشاطا حیویا منذ مطلع ھذا العام بعدما أسھمت التطورات منذ تشرین الأول الماضي في
تحفیز الطلب على القطاع العقاري بشكل ملحوظ، إذ نظر الى الإستثمار في الشقق والأراضي كملاذ آمن یبحث عنه
المشترون خوفا من أي إقتطاع قد یطال رسامیلھم. علیه، فقد إرتفعت قیمة المبیعات العقاریة بنسبة ٥٣ %في الأشھر
الخمسة الأولى من ٢٠٢٠ لتصل إلى ٧,٣ ملیارات دولار، وذلك عقب إنخفاضات تجاوزت نسبھا الـ١٠ %على مدى
العامین الماضیین. وھو ما یعود في الأخص إلى ّ تطورات السوق السكنیة التي تستحوذ على حصة الأسد من النشاط
في حین شھد الشق التجاري للعقارات في كل من ّ مكونات التجزئة والمكاتب تراجعا مستمرا وذلك في ظل وھن العقاري،
بیئة الأعمال، تلبّد المناخ السیاسي المستمر بعد ١٧ تشرین الأول، وعدم إستقرار سعر الصرف الموازي، ناھیك بتداعیات
الحظر المفروض بسبب تفشي وباء "كورونا".
ومع تفاقم ّحدة الأزمة الاقتصادیة والمالیة، وبیع الكثیر من العقارات مقارنة بالأشھر السابقة، إستعاد البائعون إلى حد
ما الید العلیا في المفاوضات وبدأ بعضھم في زیادة الأسعار المطلوبة مقابل عملیات دفع بالشیكات المصرفیة. علیه،
إرتفعت أسعار العقارات السكنیة في العاصمة بیروت بنسب تراوح بین ٢٠ %و٣٠ %في شھر حزیران ٢٠٢٠ مقارنة
بالفترة المماثلة من العام الماضي وفق تقدیرات مؤسسة "رامكو". وھو ما یعزى إلى تعزّز الطلب على العقارات
وانخفاض المخزون المتوافر، ناھیك بالتراجع المسجل في تقویم الدولار المحلي (Dollars Local ،(مع العلم أن الدولار
المحلي یقّدر الیوم بأقل من نصف قیمة الدولار الورقي أو الوارد عبر التحویلات الدولیة (Dollars Fresh.(
ونظرا إلى إرتفاع تكالیف مواد البناء بسبب إرتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازیة، من غیر المحتمل أن
یرتفع حجم العرض في أي وقت قریب. وتالیا، من المتوقع أن تطول دینامیكیات السوق القائمة حالیا خلال الفترة
القادمة، مما یعني مزیدا من الضغوط التصاعدیة على أسعار العقارات المقیّمة بالدولار المحلي، وذلك إلى حین تردد
البائعین عن قبول الدفع بالدولارات المحلیة فقط.