انشغلت الطبقة السياسية بأصداء جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس الأول، وما شهدته من سجالات سياسية قسمت الحكومة الى قسمين: وزيرات ووزراء، لوح كل من الفريقين المتخاصمين بالاستقالة، فيما كان غضب اللبنانيين منصبا على الغلاء الفاحش الذي أصاب كل شيء ووصل وبدأ يلاحق رغيف الخبز، مدفوعا بارتفاع بتحليق الدولار. وترجم هذا الغضب بقطع الطرق في مداخل بيروت وطرابلس وفي ساحة ايليا في صيدا، والبقاع الأوسط، ورفع بعضهم شعار«الذل ضرب الكل».
وأقدم عدد من المحتجين على قطع طريق قصقص باتجاه شاتيلا بمستوعبات النفايات. كما قطع محتجون آخرون الطريق عند مستديرة الكولا، بالإضافة الى الطرق الفرعية في منطقة الكولا وحضر المزيد من المحتجين على الدراجات النارية الى المكان لمؤازرتهم. ما أدى الى قطع السير بالاتجاهين. وحصلت إشكالات وتوتر امني بين المحتجين والمارة.
وبالعودة الى سجالات الجلسة الحكومية، فبقدر ما هزت صورة وحدة وتماسك حكومة«مواجهة التحدي»، بقدر ما أوحت للناس، بأن هذه الحكومة، ليست جثة هامدة كما وصفها، بعض السياسيين، وبالتالي انها حية، أو فيها بعض من حياة. وكان طرح على بساط البحث مختلف المواضيع المتصلة بالغلاء، فضلا عن مواجهة فيروس كورونا المتوقع عودته في الخريف المقبل، وطريقة التعامل مع الوافدين، مع اعادة فتح المطار صباح امس.
وتركز اهتمام مجلس الوزراء على الأمور المالية، وتكهرب الجو عندما طرح موضوع استقالة المدير العام لوزارة المالية ألان بيفاني الذي يرفع لواء التدقيق المالي والمحاسبي المركز، في قيود مصرف لبنان، حيث رفض بعض الوزراء والوزيرات الاستقالة، بينما ايد وزير المال غازي وزني قبولها طالما هي خيار المستقيل. وعندما احتدم الأخذ والرد نقل عن الوزير وزني قوله: إما قبول استقالته أو أنا استقيل.
وانتقل السجال إلى موضوع التدقيق المحاسبي لحسابات المصرف المركزي، عندما طرح أحد الوزراء الأمر على وزير المال الذي اعترض على تلزيم هذه المهمة إلى ثلاث شركات عالمية، تبين أن إحداها وهي شركة «كرول» على علاقة مباشرة بإسرائيل، ورفض وزني العمل معها لاحتمال تسرب المعلومات إلى تلك الدولة المعادية. وقال: ان الجهة التي يمثلها في الحكومة (أمل) لا توافق على التدقيق المركز عبر هذه الشركة، ما أثار حفيظة نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر عدرا ووزيرة العدل ماري كلود نجم والمهجرين غادة شريم، اللواتي طالبن بأن يتم تنفيذ قرار مجلس الوزراء في هذا الشأن كاملا ودون عوائق، وهو الذي اتخذ في مارس الماضي بتكليف الشركات الثلاث وقد وافقهن الرئيس ميشال عون.
إلا أن وزير الزراعة عباس مرتضى تضامن مع زميله وزني وطالب بالتحقق من خلفيات شركة «كرول»، وقال إنه يملك معلومات حول علاقة هذه الشركة بإسرائيل، وسرعان ما انضم إليه وزير الصناعة عماد حب الله، ما أظهر الانقسام واضحا بين الوزيرات الثلاث مدعومات من رئيس الجمهورية والوزراء الثلاثة المدعومين من ثنائي أمل وحزب الله. ووسط هذه الأجواء تقرر تأجيل موضوع التدقيق المحاسبي لقيود مصرف لبنان ومثله استقالة المدير العام لوزارة المال بيفاني إلى جلسة مقبلة.
واعترضت الوزيرة عكر على أداء مجلس الوزراء وطالبت باتخاذ إجراءات سريعة لمواكبة الانهيار على مختلف المستويات المعيشية. وقالت: صحيح أننا محاصرون لكن، علينا واجبات يجب القيام بها، لقد اعددنا خطة مالية بعد خمسة أشهر من عملنا بيد أنها تصطدم بمشاكل فما هو البديل؟، الدولار يرتفع والحلول يجب ألا تكون تقنية فقط بل سياسية أيضا وعلينا تنفيذ الإصلاحات سواء كانت ستأتي بمساعدات أو لا.
وأضافت عكر في لقاء مع إعلاميين إن: «المجتمع الدولي أقفل أبوابه أمام هذه الحكومة وأعتقد أن القرار سياسي ويقولون انهم سيدعمون لبنان بعد الإصلاحات ونحن سننفذ الإصلاحات ولنر إذا سيلتزمون».
ولفتت إلى ان: «الحكومة لا تلفظ آخر أنفاسها. ونحن نعمل وخطة التحفيز المالية بقيمة ١٢٠٠ مليار انطلقت لدعم المواطنين ومختلف القطاعات».
وردت على سؤال تلويحها بالاستقالة فأجابت: لن أستقيل قبل أن نصل الى مرحلة لا يمكننا القيام فيها بشيء وسأواجه. وهكذا قالت وزيرة العدل ماري كلود نجم عندما سئلت عن التلويح بالاستقالة على خلفية احالة القاضي محمد مازح على هيئة التفتيش، قبل استقالته. بدوره، رئيس الحكومة حسان دياب طلب الى وزير الاقتصاد راوول نعمة، وقف الزيادة التي قررها لربطة الخبز، التي أصبحت بألفي ليرة، لكن الوزير جمد الإلغاء أسبوعا، لاختبار تقبل الناس لهذه الزيادة. واذا ردود الفعل دون مستوى توقعات الوزير بدليل إقفال الطرق.