“الحكومة تضطرب بين «تدقيقَين»… والأوروبيون للعمل مع حكومة إصلاحات”.
خرج مجلس الوزراء أمس بتمديد جديد لحال التعبئة العامة الى 2 آب المقبل، على وقع تحذير رئيس الحكومة حسان دياب من موجة كورونية تشرينية، متجاوزاً الاشكال الديبلوماسي الذي حصل بين لبنان والولايات المتحدة الاميركية الذي طوي قضائياً وديبلوماسياً، ومناقشاً مطوّلاً ملف التدقيق المحاسبي والجنائي في حسابات مصر لبنان، في ظل تململ بعض الوزراء من فشل الحكومة وتراجعها عن قرارات تتخذها من حين الى آخر. في الوقت الذي يبقى الشارع متأرجحاً نتيجة القرارت الحكومية العشوائية التي لم تتمكن بعد من لجم جنون الدولار، والمترافق مع جنون الاسعار وتآكل القيمة الشرائية لليرة اللبنانية…
حاز التدقيق الجنائي والمحاسبي في حسابات مصرف لبنان على القسط الاكبر من البحث في مجلس الوزراء الذي انعقد في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، من زاوية أنّ إحدى الشركات المطروحة لتولّي هذه المهمة ترتبط بعلاقة مع إسرائيل ما يمكن ان يعرّض الامن المالي اللبناني للانكشاف، حسبما حذر بعض الوزراء.
وعلمت «الجمهورية» انه بعد كلمتي رئيسي الجمهورية والحكومة في مستهل الجلسة، أجاب وزير المال غازي وزني عن سؤال رئيس الجمهورية عمّا آلت اليه العقود مع الشركات التي ستتولى التدقيق في حسابات مصرف لبنان، فقال: «سأوقّع عقدين مع شركة kpmg والـ «اوليفر وايمان»، امّا شركة «كرول» التي تعنى بالتدقيق المالي الجنائي او التدقيق المركز فلن اوقّع العقد معها لأن لدي معلومات انّ هذه الشركة تتواصل مع اسرائيل ونفضّل استبعادها». واضاف: «رأينا الشخصي انّ شركة «كرول» هذه تهدّد السلم الداخلي لأنها تتواصل مع اسرائيل، وأرسلنا لها رسالة بهذا الموضوع.
أما kpmg والـ «اوليفر وايمان» فعقودهما جاهزة للتوقيع، وقريباً سأوقعهما، وهي شركات مصنّفة عالمياً وانا اعتقد انّ هذا التدقيق يكفي ولا داعي للتدقيق الثالث». فأجابه رئيس الجمهورية: «اذاً من سيجري التدقيق الجنائي المركّز؟ فرد وزني: القوى السياسية التي أنتمي اليها تفضّل في وضوح عدم وضع اي شركة تدقيق جنائي وخصوصاً شركة «كرول». فلفت رئيس الجمهورية مجدداً الى «انّ قرار مجلس الوزراء ينص على التدقيق الجنائي والمركّز»، فأعاد وزني التأكيد أنه ينتمي الى جهة سياسية يعبّر عن رأيها بعدم القبول بالتدقيق الجنائي والمالي بواسطة شركة «كرول».
ودار نقاش حول ما اذا كانت هذه الشركة لها ارتباطات مع اسرائيل او بين اعضائها من ينتمي الى الطائفة اليهودية، فحذّر وزير المال هنا من انّ المعلومات او «الداتا» التي يمكن ان تحصل عليها الشركة ربما تستثمرها لمصلحة اسرائيل. وكرر للمرة الثالثة تأكيد اعتراض الفريق الذي ينتمي اليه تلزيم التدقيق الجنائي لشركة «كرول».
وطلب وزير الاقتصاد راوول نعمة الكلام، وقال: «علينا تنفيذ القرارات التي نتخذها. مع الاسف ثمّة من يأخذ علينا صدور قرارات ثم التراجع عنها، أتينا لنساعد في نهوض البلاد وليس كرمى لأحد، واذا ما فينا نعمل شي شو عم نعمل هون؟».
وردّ حب الله: «أقترح تأجيل الموضوع الى اجتماع لاحق، وعلينا ان نطلب لائحة تظهر الفارق بين التدقيق المحاسبي والتدقيق المركّز الجنائي، وفي ضوء ذلك نأخذ القرار المناسب».
وعلمت «الجمهورية» انّ وزير الزراعة أثار خلال الجلسة العلاقات مع سوريا وطالبَ بعودتها الى طبيعتها ما يساهم في تسهيل كثير من الامور الاقتصادية، وخصوصا في مجال تصريف الانتاج الزراعي من خلال خط الترانزيت، مذكّراً «انّ سوريا هي المتنفّس الوحيد لإعادة احياء القطاع الزراعي، ولا قيامة للزراعة من دون علاقات مميزة مع سوريا».
الى ذلك، اعترض عدد من الوزراء على اعلان وزير الاقتصاد راوول نعمة عن نيّته رفع سعر ربطة الخبز. وعلمت «الجمهورية» انّ وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي بعث رسالة نصية على هاتف نعمة حذّر فيها من انّ «هذا القرار يشبه قرار وزير الاتصالات السابق محمد شقير برفع كلفة التخابر عبر «الواتساب» وما رَتّبه من مفاعيل في الشارع».
وأبلغ فهمي الى نعمة انه، ومن موقعه كوزير للداخلية والبلديات، ينبّه الى «انّ اي قرار من هذا النوع سيكون وقوداً لإشعال الشارع الذي لم يعد بالإمكان ضبطه». وسأل فهمي: «لماذا يُراد اتخاذ مثل هذا القرار؟ وهل هناك ما لا نعرفه؟ داعياً إيّاه الى سحبه فوراً
وكان مجلس الوزراء تبنّى توصية المجلس الاعلى للدفاع بتمديد حال التعبئة العامة للوقاية من وباء كورونا حتى 2 آب المقبل.
وخلال جلسة المجلس التي انعقدت قبَيل جلسة مجلس الوزراء، تحدث وزير الصحة حمد حسن مطالباً بتمديد التعبئة العامة في اعتبار انها معنوية، خصوصاً انّ هناك اصابات، ومؤكداً «انّ وزارة الصحة تزيد الاطقم الطبية، وخصوصاً في اماكن التجمعات السكنية حيث تتدخل مع القوى الامنية لعزلها».
ودار نقاش حول الوضع المالي وارتباطه بالوضع المعيشي، وكان هناك تخوف لدى اكثر من جهاز أمني من أن تؤدي الحالة المعيشية الى تدهور أمني سريع.
وعلمت «الجمهورية» انّ احد الوزراء طرح خلال الاجتماع ضرورة اتخاذ التدابير الضرورية لمنع إقفال الطرق الدولية، ومن بينها طريق بيروت ـ الجنوب التي «لها معنى يتجاوز الإطار الجغرافي المَحض».
ونبّه هذا الوزير الى انه «اذا لم نتحمل مسؤوليتنا على هذا الصعيد، ولو تطلب الامر استخدام الحزم، فإنّ الناس الذين تُقفل عليهم الطرق قد يضطرون الى فتحها بأنفسهم، مع ما يمكن أن يرتّبه ذلك من مواجهات بين المواطنين وسفك للدماء»، لكنه لفت في الوقت نفسه إلى «أنّ المشكلة الاساسية التي تعترض القوى العسكرية والامنية على طريق الجنوب تتمثّل في أنّ من يغلقوها يلجأون الى السيطرة على بعض الشاحنات العابرة وأخذ مفاتيحها، ومن ثم يتوارون عن الانظار».
وفي هذه الأجواء طويت الأزمة التي نشأت بعد قرار قاضي الامور المستعجلة في صور محمد مازح بمنع وسائل الاعلام من استصراح سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان دوروتي شيا، وبقيت تفاعلاتها السياسية قائمة على قاعدة لا تتصل بالاصول والقوانين القضائية والديبلوماسية معاً.
فبعد إقفال الملف في اللقاء بين وزير الخارجية ناصيف حتي والسفيرة الاميركية والذي انتهى الى طَي الملف نهائياً، أقفل الجانب القضائي من القضية باستقالة القاضي مازح من السلك القضائي، بعد ان نمي اليه بإحالته الى التفتيش القضائي قبل ساعات قليلة على اجتماع المجلس الاعلى للقضاء الذي كان سيستمع الى إفادته.
وما بين صدور البيان وموعد اجتماع مجلس القضاء الاعلى، كان القاضي مازح قد وصل الى قصر العدل ولم ينتظر موعد الجلسة، فتقدّم باستقالته وسارعَ الى التغريد عبر «تويتر» كاتباً: «ألست على حق، بلى بإذن الله، إذاً لا أبالي إذا ما وقَّعت على العقوبة أم وقعت العقوبة علي، الحمد لله رب العالمين، وبالإذن من سيدي الإمام الحسين وسيدي علي الأكبر».
إقتصادياً ومالياً يتوقّع ان يشهد الاسبوع الطالع مزيداً من النقاشات والتجاذبات في شأن الخطة الحكومية للانقاذ، بعد التطورات الأخيرة التي ساهمت في إلقاء الظلال والشكوك في قدرة الخطة على الصمود، في ضوء تقدّم واضح لخطة المجلس النيابي التي أصبحت بين يدي رئيس المجلس نبيه بري، تمهيداً لنقلها الى رئيس الحكومة.
وعلى رغم من أنّ عضو لجنة المال والموازنة، النائب نقولا نحاس، أكد لـ»الجمهورية»، انّ خطة اللجنة لم تطرح أرقاماً مختلفة عن أرقام خطة الحكومة بل تقترح مقاربات مختلفة، إلّا أنّ مصادر متابعة تبدي قلقها حيال ردة فعل صندوق النقد الدولي الذي سبق وأعلن انّ أرقامه اقرب الى أرقام الحكومة.
لكنّ نحاس يجزم في أنّ «صندوق النقد الدولي ليس متمسّكاً بمقاربة واحدة، ويمكن من خلال التفاوض معه التوصّل الى أرضية مشتركة، وهذه هي استراتيجية المفاوضات، وإلّا لماذا نخوضها؟».
في غضون ذلك استضاف الاتحاد الأوروبي، أمس، مؤتمر بروكسل الرابع حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» الذي تشارك في رئاسته مع الأمم المتحدة. وشكّل المؤتمر مناسبة للأسرة الدولية لتجديد دعمها الاقتصادي والمالي للدول والمجتمعات المتضررة من الأزمة السورية، ولا سيما منها لبنان.
وقال بيان وزّعه الاتحاد: «يعاني لبنان اليوم آثار أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة، ومن الوقع الاجتماعي والاقتصادي لوباء كوفيد 19، وعبء أزمة مجاورة مستمرة منذ نحوعقد من الزمن. وطوال هذه السنوات، أظهر اللبنانيون سخاءً كبيراً وقدرة على التكيّف مع استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري. وبما أنّ العبء والمسؤولية مشتركتين، وقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب لبنان، فلبّى حاجات اللاجئين ودعم المجتمعات المحلية اللبنانية التي تستضيفهم. ومنذ عام 2012، استثمرنا أكثر من 2.6 مليار يورو لتلبية الحاجات الأساسية للبنانيين واللاجئين، والمساهمة في تحسين مشاريع البنية التحتية المحلية. وفي الآونة الأخيرة فقط، كثّفنا دعمنا للبنان في الاستجابة لحالة الطوارئ الناجمة عن وباء كوفيد 19 من خلال توفير معدات الحماية الشخصية، ومستلزمات النظافة، والتدريب على الوقاية من العدوى، وحملات التثقيف والتوعية الصحية، وخدمات الحماية الأساسية للنساء والأطفال الذين واجهوا العنف وإساءة المعاملة أثناء الحجر. وفي وقت سابق من هذا الشهر، تمّ إصدار حزمة جديدة من المساعدات بقيمة 34.6 مليون يورو في مجالات رئيسية مثل الصحة والمياه والمساعدات الاجتماعية والمرافق الصحية والنظافة».
وذكر البيان انّ الأسرة الدولية أشادت خلال الاجتماع الوزاري لمؤتمر بروكسل الرابع أمس بـ»جهود لبنان الاستثنائية في استضافة أكبر عدد من اللاجئين للفرد في العالم. وبهدف تلبية الاحتياجات المتزايدة للشعب اللبناني واللاجئين السوريين، شدد الاتحاد الأوروبي على استعداده للعمل في شكل بنّاء مع حكومة ملتزمة بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتحسين نظام الحوكمة. وأكد «أن الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانب لبنان وشعبه في هذه الأوقات العصيبة، وهو ملتزم بوحدته وسيادته واستقراره واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه».