بمعزل عن الموقف الذي سيتخذه رؤساء الجمهورية والحكومة السابقون ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية من الدعوة الموجهة إليهم للمشاركة في لقاء بعبدا الحواري المفترض بعد غد، فإن التريث في الإجابة، حضورا أو مقاطعة، بعد أسبوع من توجيه الدعوة اعتبر رفضا ضمنيا تأكد لاحقا.
التيار الرئاسي يهدئ من روع القلقين في محيطه، بالقول: بعد العاصفة، الطقس الجميل، لكن بين العاصفة والطقس الجميل، تقول قناة «أو تي في»، الناطقة باسم التيار الوطني الحر، ما علينا إلا الصمود… لعل في لقاء الخميس مدخلا لبلورة صورة جامعة، ولو حول أساسيات الإنقاذ الذي هو من مسؤولية الجميع.
مصادر قصر بعبدا حسمت انعقاد المؤتمر في موعده، على الرغم من ظهور تمنيات بالتأجيل، متخطية نصيحة البطريرك بشارة الراعي، ورغبة رؤساء الحكومة السابقين واحزاب المعارضة وكتلها النيابية المطالبة بالإستراتيجية الدفاعية وترسيم الحدود شرقا وجنوبا، برا وبحرا.
المصادر المتابعة أوضحت لـ «الأنباء» أن مساعي تقريب وجهات النظر، التي يعمل عليها كل من الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، توصلت إلى تدوير زوايا بعض شروط رؤساء الحكومات السابقين والمعارضة السيادية، إذا صح التعبير، بحيث يمكن أن يطرح خلال اللقاء فتح باب الحوار حول الإستراتيجية في هذه المرحلة، ويؤجل طرح عملية ترسيم الحدود بمختلف مواقعها تبعا لحساسية الوضع، على أن يقابلها موقف تأكيدي ازاء حياد لبنان، من وزن إعلان بعبدا الذي صدر في عهد الرئيس ميشال سليمان ومازال في الأدراج رغم الإجماع الذي حظي به من المتحاورين في ذلك الوقت.
وفي ضوء بلورة هذه النقاط يمكن تحديد المواقف من المشاركة في اللقاء، علما ان مصادر التيار الحر أكدت انعقاده حتى لو لم يشارك الأقطاب السنة فيه «لأنه لم يعد بالإمكان التراجع عن الدعوة، أو إلغاؤها، فالانعكاسات السلبية في هذه الحالة ستكون أكبر بكثير من انعقاد اللقاء بغياب رؤساء الحكومة السابقين وغيرهم».
ورغم ضم «اللقاء التشاوري السني» المؤلف من 6 نواب، الى لائحة المدعوين، بشخص نائب طرابلس فيصل كرامي، كونه الوحيد بينهم غير المرتبط بتكتلات اخرى، فإن مصدرا في اللقاء قال: ان حضور كرامي ليس دافعه توفير الميثاقية السنية للقاء، بل تلبية لدعوة الداعي، أما الميثاقية السنية، فإنها متوافرة من وجهة نظره، بوجود رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، كما الميثاقية المارونية بحضور الرئيس ميشال عون، والشيعية بحضور الرئيس نبيه بري، أما الرؤساء السابقون ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية فهم مجرد فرقاء.
اللقاء التشاوري عقد اجتماعه عصر امس ودافع عن اللقاء في بعبدا، لكنه لم يحسم مسألة حضوره، مكتفيا بإبقاء جلساته مفتوحة، كما في البيان الذي تلاه عضو اللقاء النائب عدنان طرابلسي.
الرئيس ميشال عون أكد بدوره، على لقاء الخميس الحواري أمس خلال استقباله وفدا من الهيئة الإدارية لجمعية الإعلاميين الاقتصاديين برئاسة سابين عويس. وقال: «ان الموضوع الاساس للحوار الذي دعا اليه في قصر بعبدا»، هو تحصين السلم الاهلي عبر تحمل كل طرف من الاطراف الداخلية مسؤولياته، وذلك تفاديا للانزلاق نحو الاسوأ وإراقة الدماء، لاسيما بعد ما رأينا ما حصل في شوارع بيروت وطرابلس إثر التحركات الاخيرة، نافيا ان يكون هدف انعقاد طاولة الحوار العودة الى حكومة وفاق وطني، مشيرا الى أن النظام التوافقي يفتقد الديموقراطية في ظل غياب ما يسمى بالاقلية والأكثرية.
وشدد عون على «انه بالصناعة والزراعة تدعم الليرة اللبنانية وليس بالاستدانة من الخارج الذي لطالما اعتمدنا عليه في السابق الى جانب الاقتصاد الريعي»، مشيرا الى «أنه يتحمل كامل مسؤولياته كرئيس للجمهورية بهدف إيجاد الحلول للأزمة الراهنة»، وقال: «نعمل على بناء لبنان من جديد وهذا يستغرق طويلا».
لكن رؤساء الحكومة السابقين قرروا، بالاستناد إلى تصريح رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي المقاطعة، ما يعني بالمفهوم الدستوري أننا أمام مشكلة ميثاقية بصرف النظرعن تأويلات اللقاء التشاوري السني، حيث سيكون لقاء بعبدا بغياب الرؤساء الاربعة، لقاء لفريق 8 آذار المتجسد بانضمام الرئيس دياب.
ميقاتي تحدث من عين التينة بعد لقائه الرئيس بري، وقال: نحن طلاب حوار لكن انعقدت جلسة حوار في الأول من أيلول/ سبتمبر في القصر الجمهوري واتفقنا على سلسلة قرارات اقتصادية وهيئة طوارئ اقتصادية فلم نجد ترجمة لهذه المقررات على أرض الواقع، وحصل اجتماع مماثل في السادس من مايو، قاطعناه واتخذت قرارات ايضا لم تترجم على الارض بل على العكس عرضت الحكومة الخطة الاقتصادية الانقاذية، والآن نسمع كلاما معاكسا.
وأضاف: هذه الحكومة قالت إنها حققت في المائة يوم الأولى من عمرها 97% من وعودها، اليوم بات لها 132 يوما، يعني حققت 127% من مهمتها، فلماذا نعذب حالنا ونطلع إلى بعبدا.
وتابع: «نحن نحترم المقامات وليس هناك قرار قطيعة، لكن هناك أناس في وضع اجتماعي صعب للغاية، وأنا عندما حدثني الرئيس بري عن أهمية هذا الاجتماع، قلت له دولة الرئيس قبل اقناعي، أقنع جمهورنا أولا حيث لا أحد يقبل».
اقتصاديا، كان اللافت أمس زيارة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد البخاري، في وقت وصل سعر الدولار في السوق السوداء الى 5800 ليرة لبنانية. كورونيا، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 16 اصابة جديدة بفيروس كورونا، ما رفع العدد التراكمي الى 1603 إصابات.