«النموذج الفنزويلي… ها أنا قادِم». سواء كان هذا الشعار – التحذير الذي «يثبّت أقدامَه» على مسرح الأزمة المالية – الاقتصادية في لبنان هو من باب «استدراج العروض» الدولية لمدّه بـ«إكسير النجاة» تحت ضغط «التهديد» بالانحراف شرقاً، أو أنه يعبّر عن إدراكٍ حقيقي بأن «فنْزْوَلَة» بلاد الأرز باتت «على الأبواب» مُنْذِرَةً بانجرافٍ لن يكون بعْده كما قبْله، فإنه يعكس في الحالتين خطورة المأزق الذي تُصارِعُ بيروت لـ«الإفلات» من قبضته فيما السلطة أسيرة استرهانِ قرارِها للصراع الاقليمي الكبير وتَخَبُّطها في مواجهة… «العاصفة الكاملة».
وعلى مشارف أسبوع «حوار القصر» الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون في 25 حزيران/ يونيو الجاري، بهدف معلن هو نبْذ الفتنة وحفْظ الاستقرار الأمني تحت مظلة وطنيةٍ جامعة، بدا المشهدُ السياسي في سباقٍ «مثير للدهشة» بين محاولاتٍ تكثفت في الأيام الأخيرة وقادها رئيس البرلمان نبيه بري لرفْد هذه المحطة بعناصر النجاح عبر «الموْنة» على أقطاب سياسيين للمشاركة من فوق الخصومة مع العهد، وبين تجديد رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل المناخَ التصعيدي ضدّ المعارضين، سواء كانوا من داخل الحكومة (زعيم تيار المرده سليمان فرنجيه) أو خارجها ولا سيما زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
وفيما كانت الأنظار شاخصةً على القرار الذي سيتخذه رؤساء الحكومة السابقون (الحريري وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام) بحلول يوم غد حيال المشاركة في الحوار أو عدمه، وسط اعتبار أن مقاطعتهم إن لم تنسف هذه المحطة بعيْب فقدانها التمثيل الوازن للمكوّن السني، فإنها بالتأكيد ستجعلها تظهّر انقساماً سياسياً – طائفياً يزيد من «المتاعب» اللبنانية، فاجأ باسيل في الكلمة التي وجّهها أمس الجميعَ برفْع سقف الهجوم على المعارضة مستهدفاً في شكل رئيسي الحريري وفرنجيه وجعجع، بالتوازي مع تأكيده أهمية دعوة عون للحوار «درءاً للفتنة بكل أبعادها حتّى ولو اختلفنا سياسياً».
واعتبرتْ أوساطٌ واسعة الاطلاع، أن اندفاعةَ باسيل، إذا لم تكن تعكس معطيات جدية حول أن الحريري والسنيورة وميقاتي وسلام حَسَموا خيارَ عدم المشاركة في الحوار وفق ما رشح من أجواء في الساعات الماضية، فإنها بالتأكيد ستصعّب عليهم قرار الحضور الذي سيتخذونه «معاً»، لافتة إلى أن التصويب على فرنجيه الذي كان تَرَكَ الباب مفتوحاً أمام إنهاء القطيعة مع القصر بعد زيارته (الخميس) لبري الذي حاول في الوقت نفسه هنْدسة ممرٍّ لزعيم «المستقبل» إلى «بعبدا»، يشي بتعقيداتٍ إضافية على المَساعي الرامية إلى «حماية» الحوار الذي بدا وكأنه أصيب أمس، بـ«نيرانٍ صديقة».