يواجه «اللقاء الوطني الإنقاذي» المزمع عقده في قصر ««بعبدا» الجمهوري الخميس المقبل، جملة تحفظات وثغرات قابلة للتوسع أكثر منه للإغلاق، بسبب المناخ السياسي الغامض المحيط به، والعناوين العامة التي اعطيت له، والبعيدة عن مقاربة الأزمة الحقيقية، التي تعصف بلبنان، ما أتاح الإعتقاد بأن كل المطلوب تبرئة الذمة، عبر تقاسم الذنوب، وتحميل الأخطاء للمجموع، لا للمسؤول بذاته، مع من هم حوله.
وفيما تستعد الحكومة اللبنانية للمواجهة مع «قانون قيصر» الأميركي، نراها تتجه نحو الشرق، وفق برنامج حزب الله، بحثا عن علاقات اقتصادية مع الصين وروسيا وايران، وفي هذا ما قد يفضي الى مغامرة بما تبقى من علاقات دولية، علما أنه لا ايران ولا روسيا ولا حتى الصين قادرة او مستعدة لمواجهة العقوبات الأميركية.
وقد وصلت الدعوات الرسمية من بعبدا، لكن الموافقات مازالت مترددة عدا المدعوين من الحلفاء المقربين، وانقسمت الأجوبة بين التردد واستيضاح الأهداف والتلميح إلى الشروط، بعد اعطاء الدعوة الرئاسية عنوان التباحث في الأوضاع السياسية العامة والسعي للتهدىة لحماية الاستقرار والسلم الأهلي.
الرئيس نبيه بري الداعم للقاء لاحظ أن هوة الخلاف بين صاحب الدعوة وبعض المدعوين تضيق شيئا فشيئا عدا ملف الكهرباء، إلا أن بري لم يخف قلقه من الأزمة المالية المتصاعدة.
موقف نادي رؤساء الحكومة السابقين تحول في هذه المسألة إلى «بيضة قبان»، اذ بمشاركته في اللقاء تتأمن الميثاقية وبالتالي سلاسة الانعقاد وما يتخلله من مباحثات ويتخذه من مقررات، وبمقاطعته اللقاء يقاطع المترددون، وسرعان ما يتحول الى لقاء ذي لون واحد على صورة حكومة اللون الواحد والعهد الواحد الذي وصل معه لبنان إلى هذا الحد من الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي غبر المسبوق، منذ ظهوره كدولة وكيان.
واللافت هنا أن 3 رؤساء من أصل الأربعة أعضاء في هذا النادي السياسي المستحدث اعلنوا عدم الرغبة في المشاركة في هذا اللقاء «الاستعراضي الهادف إلى توزيع المسؤوليات عن الانهيار الحاصل ودون تقديم أي علاج ناجع».
فيما بقي الرئيس الرابع سعد الحريري في الدائرة الرمادية وهذا ما تبدى في قوله بعد لقاء وليد جنبلاط أنه بالمبدأ ليس ضد الحوار، انما يجب أن يكون لهذا الحوار نتائج.
أما الرئيس فؤاد السنيورة عضو نادي رؤساء الحكومة السابقين، فاعتبر ان حزب الله يعزز نفوذه، وقبضته على الدولة، فيما يعيش رئيس الجمهورية ميشال عون حالة انكار للوضع في البلاد.
ورأى ان حالة الفراغ الرئاسي، كانت افضل من عهده، واصفا رئيس الحكومة حسان دياب «بالدجال»، والحكومة بفاقدة الرؤية والتبصر، ما يجعل البلاد امام خطر الانهيار.
وفي لقاء صحافي سؤل السنيورة عن موقفه من الدعوة الى لقاء بعبدا، فأجاب: لا قرار نهائيا بعد، مشيرا الى ان هذه المرحلة لا تحتاج الى حوار، انما الى قرارات حاسمة، معتبرا ان غاية هذا الحوار تبييض صفحة رئيس الجمهورية وجبران باسيل وحزب الله.
مصادر الرئيس تمام سلام، أشارت الى انه غير متحمس بدوره، للمشاركة في لقاء استعراضي لا قرارات فعلية له، وهو يفضل ان يكون للقاء عناوين واضحة تساهم في حل الأزمات.
بدوره، الرئيس نجيب ميقاتي اخذ على اللقاء المطروح انعدام الرؤية الواضحة، وجدول الأعمال المحدد، بل هو لقاء استعراضي سيحبط اللبنانيين اكثر مما هم محبطون.
النائب ماريو عون، برر لإذاعة «صوت لبنان»، عدم وجود جدول أعمال للقاء بقوله: ان الدعوة للقاء ممرحلة، في المرحلة الأولى تكون بتجاوب المدعوين مع الدعوة، وبعدها يكون هناك نوع من جدول أعمال حول الأوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان في ضوء الضغوط العالمية، التي تمارس عليه، بقانون قيصرالذي سيعرض على المؤتمر.
وعن استباق الحكومة هذا اللقاء بإعلان توجهها شرقا، ما يفرغ اجتماع بعبدا من مضامينه، قال عضو تكتل لبنان القوي، ان العلاقات بيننا وبين الصين موجودة وعلينا ان نقرر كلبنانيين الانفتاح على كل الجهات لمواجهة الوضع.
من جهته، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رأى ان الوقت حان لتشكيل معارضة فعلية جدية ببرنامج متكامل، من أجل فرض تنفيذ الإصلاحات وإنقاذ لبنان، لأن الحكومة، المصادرة القرار، لا تشكل مشروع انقاذ، ووفق صحيفة «نداء الوطن»، فإن الجميع يعتبر التواصل بين القوى السياسية مهما، لكن المشكلة الآن ليست في انقطاع التواصل، بل في عدم القيام بالاصلاحات اللازمة.
المصادر السياسية المتابعة، توقعت «للأنباء» جلاء الصورة في موضوع «اللقاء الوطني» بعد غد الاثنين، حيث سيجتمع رؤساء الحكومة السابقون ويتخذون القرار المناسب، والذي سيبلغه الرئيس سعد الحريري اليهم، بعد استكمال اتصالاته حول جدول اعمال اللقاء، وما اذا كان سيطرح المواضيع الاساسية المطلوبة من الاستراتيجية الدفاعية الى ترسيم الحدود البرية مع سوريا والبحرية مع اسرائيل وفق الرسائل الأميركية المبلغة الى بيروت.