تحت عنوان “شعار السلاح يفخّخ الانتفاضة وعلامات استفهام حول مشهد اليوم.. مخاوف من أعمال عنف ومواجهات… وجهوزية عالية للجيش والقوى الأمنية”، كتبت صحيفة الديار في افتتاحيتها:
اسئلة عديدة مطروحة حول مشهد اليوم في ضوء الدعوات والمواقف المتباينة حول العودة الى الشارع والشعارات التي سيرفعها المحتجون على انواعهم.
ولعلّ ابرز العناصر التي تشكل تحدياً لمصير ومسار استئناف الانتفاضة التي تراجعت بنسبة كبيرة هو اقحامها بشعارات سياسية مفخخة تهدد بمضاعفات وانقسامات وربما مواجهات في الشارع، وفي مقدمها الشعار الذي يستهدف سلاح المقاومة تحت عنوان «رفض السلاح غير الشرعي وتنفيذ القرار 1559».
والى جانب الخلاف حول هذا الشعار المفخخ والمثير لمزيد من الانقسام والفتنة، يبرز شعار اجراء انتخابات نيابية مبكرة الذي لم يستحوذ على توافق او اجماع بين الاحزاب والتيارات وجماعات الانتفاضة بكل ألوانها وفئاتها.
ووفقاً للمواقف والوقائع التي سجلت عشية الدعوة الى التظاهر والاعتصام في ساحة الشهداء في بيروت وفي مدن وبلدات اخرى، بدا واضحا ان هناك خلافات وانقسامات واضحة بين هذه التيارات والمجموعات التي كانت توحدّت في انطلاقة شرارة الانتفاضة.
واللافت ان شعار رفض «السلاح غير الشرعي وتنفيذ القرار 1559» لم يطرح بوضوح او صراحة منذ بداية الانتفاضة حتى قبل ايام عندما قامت مجموعة صغيرة تحت مسمى مجموعة الـ128 برفعه في اعتصام قامت به امام العدلية.
ويحظى هذا الطرح بدعم غير معلن من احزاب وتيارات اخرى تنضوي في اطار فريق14 آذار لا سيما من «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب وحزب 7. غير ان الشعار المعلن لحزب الكتائب الذي اعلن المشاركة في تحرك اليوم هو اجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وتقول المعلومات ان محاولات جرت في الايام الاخيرة لتوحيد المواقف بين هذه القوى والتيارات والجماعات لكنها باءت بالفشل بسبب الشعار المفخخ الذي هبط فجأة بـ«الباراشوت» في توقيت وصفته مصادر من داخل الانتفاضة بانه مشبوه في الاهداف والتوقيت.
وتضيف المعلومات ان الحزب الشيوعي وقيادات يسارية اخرى في مقدمها النائب اسامة سعد والتنظيم الشعبي الناصري رفضت رفضاً باتاً هذا الشعار ونأت بنفسها عن تحرك اليوم، وبادرت الى تنظيم احتجاج شعبي امس في صيدا مؤكدة على مطالب الانتفاضة المعلنة منذ تشرين ضد الطبقة الحاكمة والفساد والدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة ورفضها لحكومة الرئيس دياب.
والى جانب ذلك، يسود الخلاف حول الشعار المطروح ضد سلاح المقاومة بين المجموعات التي ستشارك اليوم في التحرك والتظاهر، وبالتالي تزداد المخاوف من حصول احتكاكات ومواجهات بين هذه المجموعات.
وقد شهدت طرابلس امس «بروفة» لهذه الخلافات والاحتكاكات حيث عمد عدد من المحتجين الى الاعتصام في ساحة رشيد كرامي ضد ما أسموه «السلاح غير الشرعي» مطالبين بتنفيذ القرار 1559.
وخرجت مظاهرة اخرى في المدينة ايضا تحفظت عن التوقيت في طرح مسألة السلاح، فيما عمل الجيش اللبناني على الفصل بين المجموعتين.
واصدر عدد من الجماعات المعروفة مشاركتها في المجتمع المدني والانتفاضة بيانا رفضت فيها المشاركة في تحرك اليوم ومنهم العسكريون المتقاعدون، بينما جدد عدد من النواب المستقلين الى جانب نواب حزب الكتائب تأييدهم ودعمهم للتحرك ومنهم: نعمة فرام، فؤاد مخزومي وبولا يعقوبيان.
وعشية يوم 6/6 كما اسماه منظموه افادت المعلومات عن بدء التحضيرات اللوجستية في ساحة الشهداء للاعتصام الذي سيبدأ عند الثالثة بعد الظهر. وتوافد عدد من المحتجين الى الساحة رافعين لافتات وشعارات تطالب بانتخابات نيابية مبكرة، واسترجاع الاموال المنهوبة، ومحاربة الفساد وتتناول استفحال الغلاء والدولار.
وذكرت معلومات ان مجموعات من المحتجين تحضر لاقفال العديد من الطرق بالاتربة والاطارات المشتعلة، وتعمل على استهداف اماكن ومراكز حيوية.
وكان نقل عن المدير العام للامن الداخلي اللواء عماد عثمان ان قوى الامن على علم بتحضيرات لاثارة المشكلات وإحداث مواجهات وتوترات على الارض.
واضافت المعلومات ان الجيش والقوى الامنية اتخذت الاجراءات اللازمة عشية الحراك، مع التأكيد على حق التظاهر والتعبير عن الرأي دون اللجوء الى العنف او الاعتداء على الاملاك الخاصة والعامة او قطع الطرق والتعرض للمواطنين.
والجدير بالذكر ان رئيس الحكومة حسان دياب كان اكد في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة على احترام الحكومة لحق التظاهر والتعبير لكنه، شدد في الوقت نفسه على خمسة شروط تتضمن عدم استخدام العنف او التعرض للاملاك العامة والخاصة او قطع الطرق، والحماية من كورونا لسلامة المتظاهرين.
وامس تناول الرئيس ميشال عون امام زاواره الحراك مؤكدا «نحن نحارب الى جانبكم من اجل الانقاذ، كنت منذ البداية قد دعوت الى الحوار مع المتظاهرين للوصول الى قواسم مشتركة لكن مع الاسف لم يلب احد الدعوة، وقرروا التوجه الى الشارع وحصلت اضطرابات وفوضى ساهمت في زيادة الازمة الاقتصادية والمعيشية».
وقال «يجب مقاربة الموضوع بطريقة اخرى بعيدا عن التصرّف السلبي، واعتماد التضامن الفعلي من اجل الخلاص».
في هذا الوقت، لم يصدر عن «حزب الله» اي موقف من دعوة بعض المجموعات الاحتجاجية الرافضة لما اسمته السلاح غير الشرعي، غير ان وزير الصناعة عماد حب الله قال خلال جولة له في بنت جبيل «انه لا يمكن ان نكون عاصمة المقاومة والتحرير وان لا نستذكر ونفتخر بعمل المقاومة وبالثلاثي الجيش والشعب والمقاومة التي حررت الارض وثبتت الناس على ارضهم».
الى ذلك ايضاً لوحظ ان انصار بهاء الحريري باسم منتدى الشباب اللبناني دعوا الى المشاركة والانخراط في تحرك اليوم، بينما لم يصدر عن تيار المستقبل برئاسة الرئيس سعد الحريري مثل هذه الدعوة، بل نشر موقعه الالكتروني بيانا لجماعات اعلنت عدم مشاركتها في تظاهرة اليوم.
واذا كانت الخلافات والتباينات حول تحرك اليوم قد عكست مسبقاً ارباك وضعف تأثيره، فإن التحديات والاستحقاقات التي تواجهها هذه الحكومة صعبة ومعقدة، لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والمعيشي.
ويأتي في مقدمة هذه التحديات المفاوضات الشائكة التي تخوضها مع صندوق النقد الدولي والتي يبدو انها مرشحة لان تأخذ فترة غير قصيرة ما يضع الحكومة في سباق مع الوقت خصوصاً ان التردي الحاصل يشكل مادة ضاغطة عليها ويهدد مصيرها.
وأمس عقد الوفد اللبناني برئاسة وزير المال غازي وزني اجتماعه العاشر مع صندوق النقد، وتمحور الاجتماع حول الاصلاحات التي تنفذ في مديريتي الجمارك والشؤون العقارية والمساحة وسبل تفعيل ادائهما، على ان تستكمل المشاورات بعد غد الاثنين.
وعلمت «الديار» ان رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان ترأس اكثر من اجتماع مؤخرا من دون إعلام في اطار متابعة درس معالجة الفرق في الارقام بالنسبة لخسائر الدولة بين الحكومة ومصرف لبنان والذي يفوق المئة مليار ليرة.
واوضح النائب كنعان لـ«الديار»: أمس «ان الاجتماعات لم تتوقف بهدف ردم هذه الهوة، ولقد اجرينا تقويما للخسائر وناقشنا بالتفصيل مقاربتي الحكومة والمصرف المركزي، ونحن مستمرون بعملنا أملا بمعالجة هذا الموضوع».
واشار الى ان هناك اجتماعاً مهماً بعد غد الاثنين، موضحا في الوقت نفسه الى ان المهمة لم تكن سهلة منذ البداية خصوصا ان ارقام الحكومة وردت في الخطة ومن الصعب إعادة التفاوض حولها، لكن هناك مصلحة للتفاهم حول الارقام من خلال مجلس النواب الذي سيقر القوانين المتعلقة بكل هذا الموضوع.
وقال كنعان «ان هناك تقدما قد حصل ونحن نستمر في عملنا للتوصل الى نتائج ايجابية خصوصا في ما يتعلق بتوزيع الخسائر على المكونات بشكل عادل وليس بتحميل جهة واحدة».
واشار في هذا المجال الى ان المكونات هي: الدولة، والمصرف المركزي والمصارف، مشددا في الوقت نفسه على عدم تحميل المودعين اي نسبة من هذه الخسائر لأن المس بالودائع يعني المسّ بالملكية الخاصة واموال وحقوق المودعين، ويعني ايضا ضرب ما تبقى من ثقة بالقطاع المصرفي الذي نحرص عليه.
وعلى صعيد ازمة كورونا أعلنت وزارة الصحة أمس تسجيل 6 اصابات جديدة 3 تعود لمقيمين و3 لوافدين، ليرتفع العدد الاجمالي للحالات المثبتة في عموم البلاد الى 1312 حالة، اما عدد حالات الشفاء فبلغ 768 حالة، وعدد الوفيات 28.
وامس اعلن الوزير حسن «ان التصنيف العالمي بالنسبة الى فتح المطارات وضع لبنان بين دول العالم في المرتبة الأقل خطراً، فيما وضعت دول اخرى في المرتبة المتوسطة الخطر او العالية الخطر»، مبدياً ارتياحه لهذا التصنيف الذي احرزه لبنان.
وخلال اجتماع للتحضير للمرحلة المقبلة قبل اطلاق المرحلة الرابعة من عودة الوافدين في11 حزيران الجاري والتي من المفترض ان يليها مرحلة لاحقة فتح المطار وعودة الملاحة الجوية قال وزير الصحة «ان التحدي يكمن في المحافظة على هذا التصنيف في ضوء الثغرات التي ظهرت خلال مرحلة مواجهة الوباء والتي اظهرت عدداً كبيراً من الاصابات بين الوافدين الى لبنان. واشار الى اتخاذ اجراءات مشددة في المرحلة المقبلة من عودة الوافدين.