أربعة قضايا استحوذت على الاهتمام الحكومي والسياسي أمس، أولاها انتكاسة جديدة على مستوى وباء كورونا تمثلت بتسجيل 50 اصابة، 42 منها بين المقيمين، ما رفع العدد التراكمي الى 1306 اصابة، واستدعى تمديداً طويلاً هذه المرة لحال التعبئة العامة حتى 5 تموز المقبل، وثانيها الحملات المتواصلة على الحكومة التي وجد فيها اهلها استهدافاً سياسياً لها بغية تعطيلها وصولاً الى إسقاطها، وثالثها الجولة الجديدة من الحراك والتظاهر المقررة غداً في بيروت ومختلف المناطق في ظل خوف حكومي من «العودة إلى قطع الطرق وتقطيع أوصال البلد وإقفال المؤسسات وتعطيل أعمال الناس وبالتالي صرف الموظفين والعمال»، ورابعها «قانون قيصر» الاميركي وما يمكن ان يكون له من تداعيات على لبنان والذي شُكّلت له «خلية أزمة».
علمت «الجمهورية» انّ رئيس الحكومة حسن دياب طرح خلال جلسة مجلس الوزراء امس برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن يُصار الى تشكيل «خلية أزمة» للبحث في الملفات الكبرى مثل «صفقة القرن» وغيرها من الملفات الاقليمية، وصولاً الى «قانون قيصر» لدرسه ورفع توصيات الى مجلس الوزراء حول طريقة التعاطي معه واتخاذ الموقف الحكومي الرسمي منه. وقد تقرّر تأليف هذه الخلية على ان تجتمع الاثنين المقبل برئاسة دياب، وهي تضمّه الى نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عدرا ووزيري الخارجية والمال وأعضاء آخرين.
ولم يتم تشكيل هذه الخلية على اساس التوزيع السياسي لمكونات مجلس الوزراء، اي لا يوجد عضو ممثّل لـ«حزب الله» فيها.
وكان عون قد لفت في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء الى الحملات التي «تتناول الحكم والحكومة حول اسباب الازمة الراهنة، في الوقت الذي يعرف الجميع ان لا انا ولا انتم سبب هذه الازمة»، وقال: «انه أمر مؤسف جداً لا يمكن السكوت عنه والاستمرار في تحمّل الاتهامات التي توجّه الينا».
وتناول دياب، من جهته، «الاستهداف السياسي الذي يطاول الحكومة التي ترصد يومياً الواقع المعيشي»، وتطرق الى الحراك الشعبي المقرر غداً، فشدّد على تأييده حق التظاهر وتَفهّم صرخة الناس، لكنه تخوّف من حصول محاولات لتوظيف هذه الصرخة بالسياسة، وان تتحول مطالب وهموم الناس إلى وسيلة تتسبّب مجدداً بالعودة إلى قطع الطرق وتقطيع أوصال البلد وإقفال المؤسسات وتعطيل أعمال الناس، وبالتالي صرف الموظفين والعمال». ودعا الى ممارسة الحق الديموقراطي بهدوء ومن دون شغب، مع اخذ تدابير الوقاية الصحية من وباء كورونا الذي ما يزال ينتشر حتى اليوم. وشدّد على عدم قطع الطرق ومنع حصول عمليات تخريب لأملاك الدولة وأملاك الناس، وعدم الصدام مع الجيش وقوى الأمن والأجهزة العسكرية والأمنية، وتحاشي الصدام مع الناس الذين يريدون الذهاب إلى أشغالهم وان يضع المتظاهرون كمّامات لحماية أنفسهم وعائلاتهم من وباء كورونا.
وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنه في مستهل الجلسة، وبعد كلمتي رئيسي الجمهورية والحكومة، طلب من وزير الاتصالات طلال حواط عرض المراحل التي قطعتها عملية استرداد الخلوي الى الدولة في ضوء خلفية ما أثير في بعض وسائل الاعلام، فأوضح انه يتجه الى تشكيل مجلسي ادارة لكل من «تاتش» و«ألفا» وكل منهما يتكون من 3 اعضاء ويعملان تحت ادارة وزارة الاتصالات ووصايتها. واشار الى انه يفضّل أن يكون اعضاء المجلسين مسؤولين داخل الشركتين لما لديهم من خبرة وإلمام في ادارة هذا المرفق، وان يتوزّع الاعضاء الثلاثة في المجلسين على الطوائف الست الاساسية من اجل إحداث توازن.
واعترضت وزيرة الشباب والرياضة فارتينيه اوهانيان لعدم وجود اي عضو من الطائفة الارمنية في المجلسين حيث يقتصر التعيين على الطوائف المارونية، السنية، الشيعية، والارثوذكسية والكاثوليكية، والدرزية، فردّ دياب عليها: لا يجب ان نتكلم بمنطق الطوائف ونحن متفقون على هذا الامر». لكنّ اوهانيان أصرّت على موقفها مبدية استياء شديداً.
وعلمت «الجمهورية» أنّ دياب طرحَ من خارج جدول الاعمال تكليف الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية لرئاسة مجلس الخدمة المدنية بالانابة الى حين تعيين الرئيس الاصيل. فاعترض على هذا الطرح كلّ من الوزيرين عماد حب الله وغازي وزني، أولاً لجهة قانونيته، وثانياً لعدم تحديد الوقت وتركه مفتوحاً ما يعطي انطباعاً عن انّ التعيينات طارت أو أرجئت الى أجل غير مسمّى.
وقال حب الله: «يجب التأكد مما إذا كان القانون يجيز الجمع بين الوظيفتين»، فأجابه دياب: «لا مشكلة في هذا الامر لأنه تكليف وقد حصلت سوابق لا تعارض القانون». ثم تابع مجلس الوزراء درس جدول الاعمال، وأرجئ البحث في طرح رئيس الحكومة لبعض الوقت لإجراء مشاورات.
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ خطوة رئيس الحكومة هذه كانت خلفيتها عدم اثارة الحساسية لأنه بالقانون يتسلّم رئيس التفتيش المركزي هذا المنصب بعد شغوره، لكنّ رئيس التفتيش المركزي الحالي مسيحي فيما مركز رئاسة مجلس الخدمة المدنية للسنة، ولذلك أقدم دياب على هذه الخطوة.
وعلمت «الجمهورية» انّ اتصالات حصلت ما بين بعض الوزراء والمرجعيات السياسية في الخارج، أبلغ بعدها الوزير عباس مرتضى الى رئيس الحكومة ان لا مانع لهذا التكليف.
وهناك موضوع آخر اخذ حيّزاً من النقاش خلال الجلسة هو البطاقة البيومترية، حيث اعترض عدد كبير من الوزراء على طرح تلزيمها بالتراضي، فكان جواب وزير الداخلية محمد فهمي انّ هناك شركة وحيدة فقط تقوم بهذا العمل هي شركة «انكربت»، فعلّق حب الله مذكّراً بأنّ هذه الشركة تحديداً أثار تلزيمها شبهات كثيرة في عهد وزير الداخلية السابق ويملكها هشام عيتاني، وكانت هناك مشكلة حينها. وسانَد راوول نعمة، إضافة الى وزراء آخرين، حب الله في موقفه، طالبين ان يتم تلزيم البطاقات البيومترية عبر استدراج عروض، فردّ فهمي أنه يميل الى هذه الشركة لأنها قدمت الاسعار نفسها من دون اي زيادة الّا ضريبة الـ 1% زيادة على الـ tva. لكنّ عدداً من الوزراء الذين اعترضوا أصرّوا على ان يسأل الوزير قبل موافقة مجلس الوزراء على شركات أخرى، وتأجّل البند الى الجلسة المقبلة.
وعرض وزير الصناعة لخطة النهوض الصناعي، واشار الى انّ الاتفاق بين المصارف ووزارة الصناعة لاقى ترحيب الصناعيين، وقال انّ هناك إمكانية لانسحاب الاتفاق مع المصارف على قطاعات اخرى مثل التجار بهدف رفع نسبة البضائع اللبنانية في المتاجر.
وفي معلومات «الجمهورية» انّ رئيس الحكومة طرح زيادة رسم 5000 ليرة على صفيحة المازوت تُحَوّل الى صندوق دعم المساعدات الاجتماعية للعائلات الفقيرة، لكن تبيّن انّ هذا الامر يحتاج الى مخارج قانونية، فكلّف وزير المال ووزير الطاقة درسها وعرضها في جلسة الاسبوع المقبل.
وعلى صعيد جلسة المجلس الاعلى للدفاع التي انعقدت قبَيل جلسة مجلس الوزراء، علمت «الجمهورية» انّ تقارير ومعطيات وضعت على طاولة المجلس تتحدث عن تحضيرات لإثارة المشكلات وإحداث مواجهات وتوترات على الارض، وتقاطعت معلومات الاجهزة الامنية حول هذا الموضوع وقدمت معلومات أخرى تتحدث عن توزيع اموال لبعض المجموعات التي ستندَسّ خلال التظاهرات المنتظرة غداً. وقد اكد المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان انّ قوى الامن «باتت على علم بهذا الامر، وهي على جهوزية تامة لمواجهته والتعامل معه».
وطلب رئيس الحكومة من القضاء والمدعي العام التمييزي مواكبة الاجهزة الامنية والتعاون معها لجهة توقيف المتورّطين إن كانوا في السابق او متورطين جدداً يثبت ضلوعهم في اعمال الشغب. كذلك ركز على ضرورة تركيز الاجهزة الامنية على الامن الاستباقي قبل غد، لإحباط اي مخططات لزعزعة الاستقرار في مهدها.
وفي المواقف السياسية أمس اعتبر رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجيه أنّ «ثورة 17 تشرين ثورة تاريخية ومحقّة لأنها ضد الجوع والاستلشاء الممارس، إلّا أنّ البعض يتعامل مع التحرّكات كأنها لم تحصل»، لافتاً الى أنّنا «سنقف ضد الثورة في حال وجّهت سهامها ضد سلاح المقاومة».
وقال فرنجيه في حديث تلفزيوني: «نشارك في الحكومة لاعتبارات السياسة الاستراتيجية، ولكن في التفاصيل اليومية نحن لا نوافق على ما يجري»، مضيفاً: «القوي من يستمر وليس من يصطاد الفرص، ودياب يقوم بكلّ ما يريده باسيل». ورأى أنّ «عدم توقيع التشكيلات القضائية «جرصة» للعهد، فهو بدلاً من أن يحمي الحريات ويضمن استقلالية القضاء يُحجم عن توقيع التشكيلات ليحوّل القضاء إلى أداة في يده».
واعتبر فرنجيه أنّ «الشعبوية المسيحية تُفقد المسيحيين حقوقهم عبر اختصارها بمحطة سلعاتا وغيرها من العناوين، بينما المسيحي يحتاج إلى أمان واستقرار واقتصاد. فالمسيحي يجوع كما السنّي والشيعي والدرزي وكافة الطوائف الأخرى، والمسيحي أيضاً خسر أمواله في المصارف ويريد الطبابة كما جميع الطوائف».
وفي قضية سركيس حليس، أكَّد فرنجيه أنّ ضميره مرتاح «وكان في استطاعتي التزام الصمت أو التضحية به ولكنني أقف إلى جانب أصدقائي. جبران باسيل قال لي مرات عدّة سابقاً إنّ حليس هو أنزَه مدير عام في الدولة، اطلعتُ على الملفات والتحقيقات وكلها تبيّن أن لا أدلة ضد حليس. واليوم، بات الملف في يد القضاء النزيه».
ومن جهة ثانية، شدّد فرنجيه على أنّه ليس لديه ما يخفيه، قائلاً: «فليفتحوا كل الملفات والحسابات الخاصة بي وبعائلتي وبالمحيطين بي».
الى ذلك قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ «الدولة لم تترك للناس سوى خيار التظاهر رفضاً لاستمرار التدهور المعيشي، وانتقاد الحكومة ليس من باب النكد السياسي ولا على طريقة «قوم تا إقعد محلك»، لأنّ «القوات» لا ترى سبيلاً للإنقاذ سوى من خلال حكومة اختصاصيين مستقلين بعيداً عن تدخّل كل القوى السياسية، خصوصاً انّ الفشل الحاصل هو نتيجة تحكُّم الأكثرية الحاكمة بمفاصل الدولة وقرارات الحكومة».
من جهتها، أشارت كتلة «الوفاء للمقاومة»، في اجتماعها الاسبوعي أمس، إلى أنّ «الظروف الحرجة والصعبة التي تحوط بعمل الحكومة اللبنانية الراهنة لا تخفى على أحد من اللبنانيين، وإنّ تفاقم الأزمات المعيشية والنقدية من شأنه إلحاق الضرر الكبير بالجميع فضلاً عن أنه يفتح البلاد على مخاطر التوترات الاجتماعية الحادة التي قد تطيح بما تبقّى من بُنى وهياكل عظمية أفرغتها السياسات الخاطئة من محتوياتها الاجتماعية والاقتصادية».
وعلى صعيد الازمة الاقتصادية والمالية أثار الاجتماع المالي الذي عُقد في بعبدا أمس، تساؤلات في شأن مصير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وقدرة الدولة اللبنانية على توحيد الأرقام والرؤية لمعالجة الأزمة.
وقد ترأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاجتماع، وحضره رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، وزير المال غازي وزني، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. واتّفق خلاله على إلزامية توحيد الارقام وفقاً لمقاربة واحدة. وجرى البحث في الأرقام والمبالغ الواردة في التقارير الصادرة عن وزارة المال ومصرف لبنان، والتي يتمّ الارتكاز عليها خلال المفاوضات الجارية بين فريق عمل وزارة المال وصندوق النقد الدولي انطلاقاً من خطة التعافي التي أقرّتها الحكومة.
وبعد التداول، واستناداً الى جداول مقارنة، تمّ الاتفاق على إلزامية توحيد الارقام وفقاً لمقاربة واحدة، وسيُعقد اجتماع آخر يوم الاثنين المقبل لبَتّ الارقام وذلك تسهيلاً للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وعُلم انّ جولة جديدة من المفاوضات مع صندوق النقد ستُعقد اليوم، وانّ محاولة توحيد الارقام الاثنين المقبل ستعتمد على معايير محددة تسهّل هذه المهمة.
وكشف مصدر مالي لـ«الجمهورية» انّ التضارب في الارقام بين مشروع وزارة المال ومصرف لبنان يعود الى اختلاف المعايير، بمعنى انّ بعض البنود التي تحتسبها الوزارة خسائر لا يحتسبها مصرف لبنان كذلك.
وأضاف المصدر: «هذه المعايير ستجري محاولة لتوحيدها من خلال دراسة مقارنة بين الرؤيتين، والاتفاق على البنود المعتمدة دولياً في احتساب الخسائر. ومتى تمّ التوصّل الى توحيد المعايير، تصبح الارقام متقاربة جداً، ويصبح في الامكان توحيدها لتقديمها الى صندوق النقد الدولي».
وأوضح المصدر انه «لا يمكن القول انّ ارقام وزارة المال أو أرقام مصرف لبنان هي الأصح، لكن من خلال دراسة المقارنة، وتوحيد المعايير قد تتغيّر ارقام وزارة المال، وكذلك قد تتغير ارقام مصرف لبنان، وسيتم التوصّل الى تفاهم وسطي. وقد تساهم اجتماعات لجنة المال والموازنة النيابية في التمهيد له، تحضيراً للاتفاق النهائي.
الى ذلك، تواصل امس، ولليوم الثاني على التوالي، تنفيذ خطة الخفض التدريجي لأسعار الدولار بعد عودة الصرّافين الى العمل. وقد خفّضت نقابة الصرافين أمس سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بواقع 30 ليرة مقارنة مع أسعار الأربعاء. وحدّدت سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية بهامش متحرّك بين الشراء بسعر 3920 كحد أدنى، والبيع بسعر 3970 كحد أقصى.
وعلى صعيد وباء كورونا سجّلت أمس انتكاسة جديدة حيث سجلت وزارة الصحة العامة 50 إصابة جديدة، رفعت العدد التراكمي الى 1306 اصابات. وبحسب تقرير الوزارة، تم تسجيل 42 إصابة بين المقيمين، 33 منهم من المخالطين لمصابي «كورونا»، وفي المقابل سُجلت 8 حالات فقط من بين اللبنانيين الوافدين. كذلك سجلت حالة وفاة جديدة. وأكد وزير الصحة العامة الدكتور حمد حسن انّ «هناك اجتماعاً غداً مع المحافظين، لاتخاذ القرار المناسب حول الوافدين من الخارج، فإمّا أن يسري عليهم الحجر المنزلي الاجباري مع تعهّد للعائدين، أو تحويل الحالات الإيجابية إلى المستشفيات الحكومية».
وقال حسن بعد جلسة مجلس الوزراء: «عندما يجلس الناس والمغتربون في منازلهم ولا يشكلون حالة كما جرى في برجا، عندها نستطيع التحدث عن إعادة فتح المطار، لا سيما أن هناك امرأة وافدة كانت تحمل الفيروس نَقلته لـ 42 شخصاً في برجا».
وعن تمديد التعبئة العامة، قال حسن: «الوباء مستمر ولن ينتهي قريباً، ولذلك نحن مستمرون في اجراءات الحماية». الى ذلك أعلنت شركة طيران الشرق الأوسط – الخطوط الجوية اللبنانية عن جدول رحلاتها للمرحلة الرابعة من عملية الإجلاء الممتدة من 11 وحتى 19 حزيران الجاري.