في ظلّ العجز الحكومي عن تحقيق اي انجاز ملموس بعد على كل مستويات الازمة التي تعيشها البلاد سياسياً واقتصادياً ومالياً ومعيشياً نتيجة الانهيار المتعدّد الوجوه، يستعد الحراك الشعبي لجولة جديدة من الاحتجاج في الشارع، ستبدأ السبت المقبل، ويُتوقع ان تشمل بيروت وغالبية المناطق، ضاغطاً على السلطة لإتخاذ اجراءات عملية لمكافحة الفساد وتوفير المعالجات الناجعة للانهيار الذي تعيشه البلاد. ويُنتظر أن تخضع الحكومة لاختبار جدّي اليوم على مستوى لجم التدهور في قيمة العملة الوطنية امام العملات الاجنبية، في ضوء عودة مؤسسات الصيرفة والصرافين الى العمل، وفق شروط ومعايير تمّ الاتفاق عليها بين المعنيين، وذلك بعد اضراب دام نحو شهر، فيما برز توجّه الى تمديد فترة التعبئة العامة لاسبوعين جديدين، ضمن الاجراءات المتواصلة للوقاية من وباء كورونا، بعد توسيع مروحة فتح البلاد بمختلف قطاعاتها ومؤسساتها الرسمية والخاصة، بعدما شارف كثير منها على الاقفال والافلاس بسبب عجلة العمل فيها منذ اواخر شباط الماضي.
وقد تناول مجلس الوزراء في جلسته العادية التي انعقدت في السرايا الحكومي مجمل هذه القضايا، حيث توقّع رئيس الحكومة حسان دياب، أن تعطي هذه الإجراءات المتخذة لخفض سعر الدولار «نتائج سريعة خلال أيام إذا تمّ التزامها». واشار الى انّ الأوضاع الاجتماعية والمعيشية الصعبة، «تعطي بعض خصوم الحكومة فرصة لاستهدافها والتحريض على النزول إلى الشارع، من خلال دفع أنصارهم للعودة إلى قطع الطرق وتنظيم تحركات هدفها استفزاز القوى الأمنية للصدام مع الناس واستثمار كل نقطة دم لزيادة الشحن والتحريض على الحكومة». وقال، «إنّ المؤشرات مشجعة بانخفاض أسعار السلع الغذائية سريعاً»، داعياً إلى تكثيف دوريات وزارة الاقتصاد بمؤازرة قوى الأمن الداخلي لضبط فلتان الأسعار.
في غضون ذلك، يبدأ اليوم اختبار جديد لقدرة الدولة ومصرف لبنان بالتعاون مع الصرافين على تنفيذ خطة لخفض تدريجي لسعر صرف الدولار، ومن ثم تثبيته لاحقاً على سعر 3200 ليرة. هذه الخطة التي اتُفق عليها بين الصرافين ورئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان، تبدأ اليوم الاربعاء، مع إعادة فتح مؤسسات الصرافة ابوابها، بعد اقفال بسبب الاضراب الذي استمر نحو شهر.
في الموازاة، تعتمد خطة خفض الدولار على خطة امنية مواكبة ستعمل على مكافحة الصيرفة غير الشرعية. وفي رأي اصحاب العلاقة، كلما كانت الخطة الامنية فاعلة لجهة منع الصيرفة غير الشرعية، كلما كبرت حظوظ خطة خفض الدولار بالنجاح. وعُلم انّ آلية تحديد «كوتا» لكل مواطن للحصول على كمية محددة من الدولارات لن تُعتمد، وسيُصار الى بيع الدولار لمن يحتاجه، بعد تقديم وثائق تُثبت هذه الحاجة.
ولفت وزير الداخلية محمد فهمي، إلى انّ «مؤسسات الصرافة التي كانت أُقفلت بالشمع الاحمر، ستعيد فتح ابوابها غداً الأربعاء وعددها نحو 90 مؤسسة».
الى ذلك، سُجّلت امس خطوة متقدّمة في مجال دعم القطاع الصناعي، إذ بادرت المصارف الى عقد اتفاق مع وزارة الصناعة، قضى بتقديم تسهيلات متعددة للصناعيين، من ضمنها وضع حدّ أقصى على الفوائد المدينة بمعدّل الفائدة المرجعيّة، واعادة جدولة أقساط القروض الممنوحة سابقاً والتي تستحقّ ابتداء من شهر آذار 2020 ولمدة 6 أشهر، ومنح قروض جديدة استثنائية لتأمين حاجات العملاء التشغيلية، ومنح قروض لدفع رواتب المستخدمين والعمال مباشرة في حساباتهم، وايقاف كل الملاحقات والاجراءات القانونية بحق العملاء المتخلّفين عن السداد لغاية نهاية العام 2020.
في هذه الأجواء، دُعي المجلس الاعلى للدفاع للاجتماع قبل غد الخميس في قصر بعبدا، قبل ساعات قليلة على جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد غداة اليوم الأخير للمهلة الممدّدة للتعبئة العامة التي تنتهي اليوم.
وقالت مصادر اطلعت على الترتيبات المتوقعة لـ«الجمهورية»، انّ البحث سيتناول تمديد حالة التعبئة العامة اسبوعين على الأقل، بالشروط الميسّرة التي توائم بين الحاجات الصحية والوبائية من جهة، والدواعي الاقتصادية من جهة اخرى، لأنّ التناغم مطلوب بين مقتضيات الحالتين وما تفرضه كل منهما من شروط وقواعد.
ولفتت المصادر، الى انّ قراراً مبدئياً اتُخذ بفتح مطار بيروت الدولي في 28 من الشهر الجاري امام الحركة الملاحية في الاتجاهين، تزامناً مع عودة الحركة الى معظم المطارات العالمية في اكثر من قارة، مع ضرورة اتخاذ التدابير التي تفرضها التعبئة العامة المعتمدة في العالم، تماشياً مع المخاطر المترتبة على عملية الانتقال بين الدول، بعدما أُقرّت شروط جديدة لحركة الطيران بين الدول.
وفي المعلومات، انّ مجلس الدفاع سيقارب كثيراً من الخطوات الاقتصادية التي من الواجب اتخاذها، وخصوصا تلك التي توفّر الحد الأدنى من المواجهة التي تخوضها الحكومة في شأن فلتان الأسعار وضبط الاحتكار في اكثر من قطاع، كما بالنسبة الى وقف التهريب. فالتدابير السابقة لم تؤدِ هدفها الى اليوم وخصوصاً على مستوى وقف التهريب، ولا بدّ من اعادة النظر فيها على اكثر من مستوى أمني واقتصادي واداري.
وعن امكانية فتح المطار في 21 من الجاري علمت «الجمهورية»، انّ اللجنة الفنية ستجتمع اواخر هذا الاسبوع لاقتراح امكانية الذهاب الى فترة رابعة من عودة اللبنانيين حتى لا تكون المدة الزمنية طويلة من الآن حتى 21 من الجاري، وهناك امكانية لتنظيم بعض رحلات العودة خلال هذه المدة.
وعلمت «الجمهورية»، انّ بند التعيينات سُحب من جدول اعمال جلسة بعد غد الخميس، التي ستُعقد مباشرة بعد المجلس الاعلى للدفاع، وذلك لاستمرار الخلاف حول الاسم الذي يطرحه رئيس الحكومة لرئاسة مجلس الخدمة المدنية وهو رندا يقظان، على ان تُطرح التعيينات في جلسة لاحقة مع امكانية ان تضاف اليها تعيينات مالية بدأت ملامحها بالظهور من خلال تسليم اسماء مرشحة لها لرئاسة الحكومة.
على صعيد آخر، يلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ظهر اليوم مجموعة سفراء الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن الدولي في قصر بعبدا، في حضور رئيس الحكومة حسان دياب ووزير الخارجية ناصيف حتّي وممثل الامين العام اللامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش.
وعلمت «الجمهورية»، انّ تحديد الموعد اليوم على عجل، رغم وجود مهلة طويلة فاصلة عن نهاية ولاية «اليونيفيل» الممتدة الى نهاية آب المقبل. ومرد ذلك الى تبلّغ لبنان عن اجتماع قريب للجنة المالية في الامم المتحدة سيُعقد خلال الايام المقبلة للبت بموازنات المجموعات الدولية العاملة في اكثر من منطقة في العالم ومنها قوات «اليونيفيل» في لبنان، وانّ اي خفض في موازنات هذه القوات سينعكس على وضعها في جنوب لبنان، وهو امر من الواجب تجنّبه في وقت قريب لئلا يُترجم بخفض عديدها. وربما إنعكس هذا القرار في حال اتُخذ، سلباً على «قواعد السلوك» المعتمدة وسط تهديد بإمكان احياء البحث في بند مهم من صلاحياتها المعطاة لها بموجب القرار 1701 لجهة الزامها بالبحث عن الأسلحة المحظورة التي تنتقل بها وتخزنها «مجموعات مسلحة غير شرعية»، في إشارة واضحة الى ترسانة «حزب الله» ضمن نطاقها في منطقة جنوب الليطاني، ربطاً بالتقارير السابقة التي تحدثت عن الأنفاق واستخدامها الصواريخ الموجهة في عمليات سابقة كما في عملية «مستوطنة افيميم» في خريف العام الماضي.
ومن الواضح، تقول المصادر، انّ رئيس الجمهورية سيؤكّد موقف لبنان الثابت لجهة التمسّك بطلب التمديد لهذه القوات واصراره على الاحتفاظ بعديدها ودورها القائمين حالياً من دون اي تعديل. كما بالنسبة الى قواعد السلوك القائمة منذ تسلّمها مهماتها في الجنوب عقب صدور القرار 1701. كذلك سيلفت نظر الجميع الى تمسّك لبنان بالقرارات الدولية وضمان التزام اسرائيل بما قالت به، ووقف اعتداءاتها البرية والبحرية والجوية على لبنان.
وأكّد وزير الخارجية ناصيف حتّي لـ«الجمهورية»، «اهمية اجتماع عون اليوم مع سفراء الدول الكبرى»، وقال انّ «هذا الاجتماع سيكون في حدّ ذاته رسالة عن جدّية الموقف اللبناني في ما يخصّ دور قوات «اليونيفيل» في الجنوب، اضافة الى انّ اللحظة مهمة جداً». وقال: «انّ لبنان سيبلّغ الى سفراء الدول الكبرى موقفه الثابت من رفضه اي تغيير في عديد القوى الدولية أو في مهماتها»، كاشفاً «أنّ سبب الاجتماع هو انّ لبنان استشف من مناقشات الامم المتحدة بعد المحاولات والطروحات الهادفة الى إحداث تغيير ما في لبنان او لإضعاف الموقف اللبناني، لذلك اردنا ان نبلّغ الى السفراء موقف لبنان الثابت والجديد حيال هذا الامر».
وعن «قانون قيصر» الاميركي الذي كان وُزّع نصّه على الوزراء في جلسة يوم الجمعة الماضي قال حتّي: «من الطبيعي ان نبحث في هذا الامر. وهناك لجنة وزارية ستدرس هذا القانون قبل طرحه على مجلس الوزراء وسنجتمع عند الساعة الخامسة والنصف مساء اليوم لمعرفة هل يمكن هذا القانون ان يطاول لبنان او اطرافاً لبنانية، نحن نأمل في ان لا يكون له تأثير، ولكن بطريقة غير مباشرة ربما نكون معنيين به لربما كانت هناك اطراف متضررة».