تحت العنوان اعلاه، كتبت صحيفة الاخبار في افتتاحيتها:
أوقعت الحكومة نفسها في مأزق الموقف من قانون قيصر الخاص بالعقوبات القصوى على سوريا. هذا هو الانطباع السائد لدى غالبية القوى النافذة عشية بدء لجنة وزارية مناقشة القانون الأميركي للبحث في كيفية تعامل لبنان معه
أوقعت الحكومة اللبنانية نفسها في ورطة قانون مُحاصرة سوريا (قيصر) الذي دخل حيّز التنفيذ مطلع الشهر الجاري، إذ ألزمت نفسها باتخاذ قرار بشأنه. فإما أن تقبل به وتفكّ الارتباط نهائياً مع الدولة السورية، وتكون شريكة في جريمة تجويع الشعب السوري ومحاصرة المقاومة، وإما أن ترفُض الضوابط الأميركية، ما قد يُعرّضها لعقاب سياسي ــــ اقتصادي.
القوى النافذة التي تعتبر أن الحكومة أوقعت نفسها في مأزق، تعتقد أنه كان بإمكان الرئيس حسان دياب تركُ الأمر للمشاورات السياسية، وأن يصار الى البحث الموضعي في ما يرتّبه القانون من تبعات على صعيد التعاون بين وزارات لبنانية وسورية، أو على العلاقات التي تربط شركات ومؤسسات لبنانية بأخرى سورية، والتوصل إلى مخرَج مِن المفاعيل المُتدحرجة للقانون الأميركي.
ما حصل داخِل الحكومة خلقَ إرباكاً لدى بعض إدارات الدولة التي تربطُها بالجمهورية السورية عقود تعاون، والتي على ما يبدو ستجمّد أي تعاون إضافي في انتظار قرار الحكومة. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن مؤسسة كهرباء لبنان أعدّت كتاباً لإرساله إلى وزارة الخارجية اللبنانية، بعنوان تجديد عقود استجرار الطاقة الكهربائية من سوريا، إذ وقّعت المؤسسة ثلاثة عقود مع المؤسسة العامة لنقل الكهرباء في سوريا، إضافة إلى عقد تشغيل وصيانة شبكة تغذية وبئر مياه في قرية الطفيل اللبنانية. وبما أن مؤسسة كهرباء لبنان في صدد تجديد هذه العقود، فإنها ستطلب من الخارجية اللبنانية إفادتها بوجود أي مانِع لذلك، في ظل ما يُحكى عن العقوبات المفروضة على دمشق، مع أن تسديد المبالِغ المُستحقة يتم عبر مصرف لبنان بالليرة اللبنانية.
وزير الخارجية ناصيف حتّي أكد في اتصال مع «الأخبار» أن الكتاب «لم يصِلنا، وإذا طلبت مؤسسة كهرباء لبنان رأينا، فلسنا مخوّلين الإجابة عن ذلِك بشكل انفرادي، بل سنرفَع الموضوع إلى مجلِس الوزراء وهو من يقرر». حتّي الذي سيشارك في أول اجتماع للجنة اليوم (هو عضو فيها) قال إن «هذا القانون غير مُلزِم، ومناقشته في اللجنة لا تعني أننا نتبنّاه، لكن من الطبيعي، في ظلّ وجود هكذا قانون ستكون له مفاعيله على الواقِع اللبناني، أن يكون موضِع متابعة ودراسة في اللجنة التي سترفع أفكارها إلى الحكومة لتتعامَل معه بما يحفَظ سيادة الدولة ومصالِحها».
مصادِر سياسية معنية قالت إن هذه العقود بحكم المُجمّدة، وإن استجرار الكهرباء من سوريا متوقّف منذ تشكيل الحكومة بإيعاز من وزير الطاقة ريمون غجر. لكن الأخير أوضح لـ«الأخبار» أن الحكومة «ستنظر في ما إذا كان القانون يمنَعنا من شراء الكهرباء من سوريا، والأمر سيقارب انطلاقاً من القانون اللبناني، وعلى وزارة العدل وهيئة تشريع القضايا أن تقولا لنا ما الذي يسمَح به القانون اللبناني أو يرفضه»، لافتاً الى أن «اجتماع اليوم تشاوري بين الوزراء المعنيين»، علماً بأن ساعات التقنين مرجّحة للارتفاع إذا مُنع لبنان من شراء الطاقة من سوريا.
على وقع هذه الأجواء البالغة الحساسية، بدأ غبار كثيف يلفّ الحكومة التي تتهمها بعض الأطراف السياسية بأنها «صوت بلا فعل»، فهي«كثيرة الاجتماعات قليلة الأفعال». ولفتت مصادِر مُطلعة الى أن الخطوة التي اتخذتها الحكومة في ما خصّ القانون أثارت «نقزة» بعض القوى المُشاركة فيها، والتي ترفُض أن ينضمّ وزراؤها إلى أي اجتماعات تشاورية بشأنه.
وكانَت الحكومة قد عقدت أمس جلسة أقرّت خلالها عدداً من البنود العادية، من دون التطرق إلى بند التعيينات الذي أجّل إلى الأسبوع المقبل. ونقلت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد أن دياب افتتح الجلسة بالتأكيد أن حكومته هي «حكومة تكنوقراط وليست حكومة مواجهة سياسية».