عملياً، يتيح القانون لصاحب الوديعة تحويل ما يصل إلى نحو 50 ألف دولار سنوياً إلى حساب مصرفي مفتوح في مصرف عامل خارج لبنان، حصراً! علماً بأن التحويلات لأغراض الطبابة والمعيشة، غالباً ما تتمّ عبر شركات تحويل الأموال. ومن جانب آخر، لا يميز القانون بين الودائع بالليرة والودائع بالدولار. فهل سيتم تحويل الوديعة بالليرة، إلى الدولار، لإتمام عملية التحويل إلى الخارج؟ وعلى أيّ سعر صرف وضمن أي سقف؟
ومما ينتجه هذا الاقتراح، في حال إقراره، إلى جانب إهدار العملة الصعبة، خلق أوضاع شاذة في غير مصلحة المقيمين، وتمييز لمصلحة المقيمين في الخارج. كما أنه لا يميّز بين أصحاب الودائع على أساس الجنسية أو الإقامة، ولا على أساس مصدر الأموال في الوديعة. وفي غاية إيفاء قروض ناشئة قبل نفاذ القانون، يتيح تسديد قروض في الخارج بالعملات الأجنبية، دون المقترضين بتلك العملات في الداخل، في ظل عدم تضمين الاقتراح نصاً يجبر المصارف والدائنين في الداخل على قبول سداد القروض بالدولار بالليرة اللبنانية. ومن ناحية ثانية يشير الاقتراح الى سداد قروض في الخارج، من دون حصرها بالقروض المصرفية.
أمّا في بند تسديد ضرائب أو رسوم أو إلزامات مالية ملحّة متوجّبة لسلطات أجنبيّة، فإن النصّ لم يحدد مفهوم الإلزامات المالية الملحة لسلطة أجنبية.
ويستثني القانون من أيّة قيود أو سقوف تتناول تحاويل العملاء في المصارف العاملة في لبنان إلى الخارج: الأموال الجديدة التي وردت وترد إلى المصارف اللبنانيّة من أو إلى عملائها نقداً أو من حسابات مصرفيّة خارج لبنان اعتباراً من تاريخ 17/10/2019، على أن يُفتح لها حساب خاص لتمييزها عن أموال المودع الأخرى، بالإضافة إلى أموال الدولة اللبنانيّة ومصرف لبنان وأموال المؤسسات المالية الدوليّة وأموال وإيداعات البعثات الدبلوماسيّة والسفارات، لا يستثني الاقتراح أموال المؤسسات العامة وأموال الشركات المملوكة للدولة والمؤسسات والهيئات المختلطة، فكيف سيتم تأمين قطع الغيار وبدلات الصيانة والتشغيل لتأمين سير المرافق العامة؟
كذلك يستثني القانون صافي قيم بوالص التأمين العائدة لشركات إعادة التأمين. لكنّه لا يشير إلى قيم بوالص التأمين، وأقساط التأمين العائدة لشركات التأمين وإعادة التأمين في الداخل، ولم يجبر تلك الشركات على قبول أقساط التأمين بالليرة اللبنانية بسعر الصرف الرسمي. ومن جهة ثانية، لم يحدد نوع البوالص والأخطار وما إذا كانت أخطاراً في الداخل أو الخارج أو شركات محلية أو أجنبية. فهل سيفتح القانون الباب أمام شركات التأمين للتحايل وتهريب أموالها إلى الخارج بعد المصارف، وهي بمعظمها مملوكة لمصارف؟
في الوقت الذي يتوقّع فيه أن يأخذ السجال بين النوّاب مداه حول «كابيتال كونترول»، يبدو قانون العفو مادةً دسمة لانقسام داخل المجلس في المواقف. إذ إن النسخة المنقّحة من قانون العفو وتحديداً الفقرة المتعلقة بعائلات عناصر ميليشيا العميل أنطوان لحد، الفارّين إلى فلسطين المحتلة منذ التحرير في عام 2000، تحتمل الكثير من النقد والملاحظات، وهو الأمر المنتظر من المجلس النيابي، وتحديداً في ما خصّ العفو عن الحاصلين على جنسية العدوّ الإسرائيلي. فمع أن القانون يستثني العملاء من العفو، والذين تولّوا مناصب في كيان الاحتلال أو أدّوا خدمة عسكرية في جيشه، إلا أنه لا يميّز بين حملة الجنسية، بين الصغار الذين رافقوا عائلاتهم والبالغين الذين قصدوا فلسطين المحتلة عن وعي. فإن كان القانون اللبناني مسؤولاً عن القاصرين الذين قام أهلهم بفرض فرارهم إلى فلسطين المحتلة وحصولهم على الجنسية، فإن هذه العملية تحتاج إلى كثير من المراجعة والتدقيق، وخصوصاً في ظلّ المخاطر الأمنية التي يتركها وجود لبنانيين أمضوا هذا الوقت الطويل في داخل الكيان، في ظلّ التسيّب الأمني/ السياسي اللبناني، والتساهل الرسمي المعتاد مع عملاء إسرائيل في لبنان.