يشتدّ «زنار» المخاطِر من حول «لبنان الخارجي»، فيما «لبنان الداخلي» يشدّ الأحزمة في ملاقاة الانفلاش المتدحرج لمظاهر الانهيار المالي – النقدي وتداعياتها الاقتصادية والمعيشية، وسط «أعصاب مشدودة» إلى مسار «كورونا» وجرعات إصاباته الزائدة.
وعشية انتهاء عطلة عيد الفطر واستئناف النشاط السياسي وفق أجندة مزدحمة، بدت بيروت وفق أوساط واسعة الاطلاع وكأنها تشيح النظر عن «عواصف» اقليمية – دولية قد تجد نفسها «في عيْنها» كونها تهبّ في مدار المواجهة الكبرى الأميركية – الإيرانية، لتغرق في «زواريب» عناوين «تَطْرُقُ بابَ» النظام السياسي وتتبارى على «بدائل» له وتبقى، رغم الصخب الذي أحدثتْه، على طريقة «زوبعة في فنجان» لن تؤدي إلا لمزيد من «تفخيخ» المشهد اللبناني في الطريق إلى محاولة نزْع فتائل «الانفجار الكبير» المالي – الاقتصادي عبر مفاوضاتِ الفرصة الأخيرة مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويلي يمتدّ حتى 2024.
وفي هذا الإطار، توقّفتْ الأوساطُ عند تطوريْن بارزين ارتسما في الساعات الماضية على خط الصراع في المنطقة وعليها ويضافان إلى عناصر المسرح الاقليمي الذي يتحرّك عليه الواقع اللبناني بمفاصله الاستراتيجية، أوّلهما رسائل التهديد المستعادة من اسرائيل بلسان وزير خارجيتها غابي اشكينازي لبيروت التي أحيت أمس الذكرى 20 لتحرير الجنوب من الاحتلال وخصوصاً تأكيده «أن المواجهة مع لبنان لم تنته بعد (…) تركنا لبنان، لكن لبنان ليس وراءنا».
أما التطور الثاني فانتقال «التدافع الخشن» بين واشنطن وطهران إلى «أرض جديدة» هي فنزويلا التي اختارت إيران، عبر إرسال أسطول من ناقلات النفط إليها، أن تلاعب «النسر الأميركي» عبر وضع أقدامها في حديقتها الخلفية، في تطور نقل التوتر على خط إيران – فنزويلا VS الولايات المتحدة إلى مستوى غير مسبوق مفتوح على شتى الاحتمالات.
ويأتي التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران والذي يؤشر إلى أن «العين الحمراء» الأميركية ستزيد على «حزب الله»، في الوقت الذي يسعى لبنان إلى الفوز بتفاهم مع صندوق النقد الدولي يساهم في انتشاله من الحفرة المالية العميقة التي انزلق إليها، وهو التفاهم الذي تمضي جولاته التفاوضية وتعترض طريقه تفاصيل تقنية وعناوين تتشابك في جوانب منها مع الصراع اللاهب في المنطقة وأبرزها ضبْط الحدود اللبنانية – السورية وقفل المعابر غير الشرعية لمنْع التهريب والتهرب الجمركي.
ولم تحجب هذه الملفات الحامية الأنظار عن «كورونا» الذي يجري رصْدٌ دقيق لما ستكون عليه خريطةُ الإصاباتِ بعد انتهاء عطلة الفطر التي اختار لبنان، وعلى عكس دولٍ عربية عدة، المضي خلالها باستراتيجية «البلد مفتوح» ولو تحت سقف التعبئة العامة، وما إذا كانت «الهبّة الساخنة» التي سُجلت الخميس والجمعة الماضييْن ستُستعاد في ضوء الإمعان بالتفلّت من إجراءات الأمان للمقيمين والثغر الكبيرة التي يشكّلها عنصر «الحالات المستوردة» في عملية إجلاء المنتشرين (انتهت الأحد) الذين لا يلتزم عدد لا بأس به منهم بالحجر المنزلي الالزامي، وذلك ليُبنى على الشيء مقتضاه على صعيد كيفية احتواء الموقف قبل خروجه بالكامل عن السيطرة.
وجاء تَراجُعُ عدد الإصابات أمس إلى صفر حالة بين المقيمين و5 لوافدين (ما رفع عدد الإصابات الإجمالي إلى 1119) ليعزّز مقاربةَ السلطات التي تعتبر أنه رغم هول الأرقام التي سُجّلت الخميس والجمعة (125)، فإن الطبيعة الجَماعية للحالات والمرتبطة بمخالطة مع مصابين تعكس أن الأمور ورغم أنها مؤشر مقلق، إلا أنها تبقى في إطار مسار التتبُع وما زال بالإمكان ضبْطها عن طريق سياسة عزْل البلدات والأحياء التي تتركّز فيها الإصابات.