“الصندوق ينتظر توافق الحكومة والحاكم ..واحتواء دبلوماسي لأزمة «سوناطراك»”
إستدعى استمرار تسجيل الاصابات بوباء كورونا التوصية بتمديد جديد لحال التعبئة العامة في البلاد، سيأخذ مجلس الوزراء بها في جلسته غداً، مشفوعاً بدعوات صارمة للمواطنين الى التقيّد بكل إجراءات الوقاية الصحية اللازمة من هذا الوباء الذي سجلت أمس 23 إصابة جديدة ليرتفع عدد الإصابات الى 954، فيما لا تزال الاوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية تستدعي من السلطة على كل مستوياتها مزيداً من الجهد والعمل لتفريجها في ضوء المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، والوعد الحكومي باستعادة الاموال المنهوبة والمليارات من الدولارات التي حوِّلت في ليل الى الخارج، ما ساهمَ في تعميق الازمة المالية والنقدية المتفاقمة. وعلمت «الجمهورية» انّ رئيس الحكومة حسان دياب سيوجّه كلمة الى اللبنانيين بعد جلسة غد الخميس التي ستعقد في السراي الحكومي، وذلك لمناسبة إتمام مهلة المئة يوم التي أعطاها لحكومته. وقد طلب من جميع الوزراء إعداد تقارير حول إنجازات وزاراتهم خلال هذه المئة يوم لتعرض خلال الجلسة، ومن ثم في كلمته.
فيما ستتواصل جولات المفاوضات بين السلطات اللبنانية وصندوق النقد بوتيرة مكثفة في الايام الطالعة، سيتم التركيز في الجولات المقبلة منها على درس إمكانات توحيد الموقف بين مضمون الخطة الحكومية، ورؤية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، هو الذي كان قد استفاض في جولة أمس الاول في شرح رؤية مصرف لبنان للأزمة من حيث الارقام، ومن حيث المعايير التي ينبغي اعتمادها في المعالجة.
وكان واضحاً خلال هذه الجولة من المفاوضات انّ المساحة لا تزال بعيدة، وربما متناقضة بين اقتراحات حاكم مصرف لبنان والاقتراحات التي تقدمها الخطة الانقاذية للحكومة. ولعلّ من ابرز نقاط الخلاف انّ الخطة الحكومية تتحدث عن خسائر تبلغ 63 مليار دولار تكبّدها مصرف لبنان، في حين انّ سلامة لا يعتبر انّ هناك خسائر، بل فجوة يمكن إغلاقها على فترات لاحقة في المستقبل، ويصرّ على انّ هذه الفجوة ليست خسائر، بل تدخل في صلب عمل مصرف لبنان، والمعايير التي يعتمدها في احتساب الارقام، وهي المعايير نفسها المعتمدة في المصارف المركزية في العالم، خصوصاً في الظروف الاستثنائية.
وليس واضحاً بعد اذا ما كان صندوق النقد سيُبدي رأيه في الخلاف في وجهتي النظر، ويرجّح نظرية على أخرى، ام انه سينتظر توافق الوفد الرسمي اللبناني على رؤية واحدة، لكي يُبنى على الشيء مقتضاه.
وقرر مجلس الوزراء استكمال السير بالعقد الموقع بين شركة «سوناطراك» ووزارة الطاقة والمياه ومتابعة البحث في الموضوع المعروض من قبل هذه الاخيرة في جلسة مقبلة، ووافق على طلب وزراة التربية والتعليم العالي وبصورة استثنائية، على إلغاء دورة العام 2020 لامتحانات الثانوية العامة في جميع فروعها والبكالوريا الفنية بكل اشكالها. ورفض المجلس اقتراح قانون يرمي الى استيفاء الرسوم على كل أنواع التبغ والتنباك المستورد، في اعتبار انّ هذه الرسوم تلحظها الموازنة، وقد طلب رئيس الجمهورية الانتهاء من موازنة 2021 قبل منتصف حزيران المقبل.
وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنه وبعد كلمتَي رئيسَي الجمهورية والحكومة في بداية الجلسة، باشَر مجلس الوزراء درس جدول الاعمال من البند الاول وهو عَرض وزير الطاقة الكتاب الموجّه إلى الوزارة من شركة «سوناطراك» الجزائرية منذ نحو اسبوع، حيث اشتكت الشركة فيه للتشهير الذي تتعرّض له في وسائل الاعلام اللبنانية ما يؤثّر على سمعتها في الخارج، واكدت انها لم تخالف اطلاقاً بنود الاتفاق. ولفتت في الكتاب الى تحميلها مسؤولية ما حصل أخيراً في لبنان، وطلبت تعيين مكتب تدقيق لتحديد المسؤوليات، واشادت بالموظف الذي يعمل لديها والذي تم توقيفه وهو جزائري يحمل الجنسية اللبنانية، مؤكدة انه «يتمتع بنزاهة ومناقبية». وطلبت معرفة مع من ستتواصل بعد توقيف رئيس منشآت النفط.
وابلغ وزير الخارجية ناصيف حتي الى مجلس الوزراء أنه استدعى سفير الجزائر وعرض معه الملف، «وكان متفهّماً ومتجاوباً « لتسوية هذه القضية. كذلك اكدت وزيرة العدل أنها اتصلت بنظيرها الجزائري لمناقشة الأمر.
وعلّق وزير الاشغال العامة والنقل ميشال نجار قائلاً: «اذا كانت المخالفة مستمرة منذ الـ 2005 فهذا يعني انّ كل وزراء الطاقة الذين جددوا العقد هم مسؤولون مباشرة عن هذا الملف، وانّ وراء إثارته حملة اعلامية للاساءة الى السياسيين».
واعتبر عدد من الوزراء انّ كتاب «سوناطراك» هو «تهديد مبطّن» بالانقطاع عن تزويد لبنان بالفيول او تعبير عن نية لديها لرفع دعاوى على لبنان والذهاب الى التحكيم في لندن، خصوصاً انّ الشركة طلبت التحقيق لمعرفة مصدر المخالفة. وبناء عليه تقرر احالة هذا الكتاب الى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، واذا احتاج الامر الى هيئة التشريع والقضايا لإبداء الرأي حتى تكون الحكومة على بَيّنة في حال ادّعت عليها شركة «سوناطراك». واكد دياب «انّ الحكومة لن تغطي الفساد أينما وجد وكيفما كان، وأن القضاء يجب ان يسير في الملفات حتى النهاية».
وفهم من حصيلة النقاش في هذا الملف انه تقرر احتواء الامور مع الجزائر ديبلوماسياً، وتمّ تكليف وزير الخارجية متابعته مع السلطات الجزائرية.
وعلمت «الجمهورية» انّ نقاشاً ساد في مجلس الوزراء حول العام الدراسي، اذ اعتبر عدد من الوزراء انّ وزير التربية تَسرّع بإعلان مواقفه يوم الاحد عندما اعلن انتهاء العام الدراسي، وطُلب منه الفصل بين إلغاء الشهادات المتوسطة والثانوية استثنائياً لهذا العام وبين إنهاء العام الدراسي الذي يجب ان يستمر وتَرك الخيار لكل مدرسة باستكمال هذا العام على طريقتها عبر ONLINE CLASS وإجراء الامتحانات ONLINE، بحيث يتم تقييم كل تلميذ قبل الترفّع الى السنة الجديدة حتى لا ينعكس هذا الامر سلباً على العام الدراسي المقبل. وتقرر تشكيل لجنة لدراسة عدة خيارات، وتكلّف وزير التربية ان يعود الى مجلس الوزراء بهذه الخيارات لأخذ القرار المناسب بهذا الشأن.
والى ذلك أوصى المجلس الاعلى للدفاع الذي التأم إثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء بناء على دعوة رئيس الجمهورية بتمديد التعبئة العامة حتى 7 حزيران ضمناً. وطلب إلى الأجهزة العسكرية والأمنية كافة «التشدد ردعياً، في قمع المخالفات بما يؤدي الى عدم تفشي الفيروس وانتشاره والتنسيق والتعاون مع المجتمع الاهلي والسلطات المحلية لتحقيق ذلك».
وقالت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية» انّ معظم المناقشات تركزت حول مظاهر انتشار كورونا وتأثيرات اعلان التعبئة وما عكسته من انحسار للوباء في بعض المناطق مقابل مناطق أخرى توسّعت فيها دائرة الإصابات، ولا سيما منها تلك التي شهدت تفلّتاً كبيراً من جرّاء استِلشاق بعض العائدين من اكثر من دولة اوروبية وافريقية وعدم التزامهم بالحجر المناسب وضمن الشروط المناسبة والمضبوطة التي يجب الالتزام بها في وقت تَزامن وايام شهر رمضان، حيث لجأوا الى اقامة مآدب الإفطار والاستقبالات احتفالاً بعودتهم، وهو ما ادى الى اعادة الوضع الى ما كان عليه قبل اتخاذ التدابير المشددة في الفترة الأخيرة.
وبعد الاستماع الى رئيس الحكومة الذي شرح تقرير اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف كورونا والتوصية بتمديد حالة التعبئة اسبوعين اضافيين ابتداء من 24 الجاري وحتى 7 حزيران المقبل، شرحَ كل من وزيري الصحة حمد حسن والداخلية محمد فهمي التدابير التي اتخذت امنياً وادارياً وطبياً ولوجستياً، والإجراءات التي عزّزت اوضاع المستشفيات الحكومية في مواجهة الوباء وترددات انتشاره في حال وقع المحظور مرة أخرى.
كذلك تقرر في نهاية الاجتماع، بناء على طلب اللجنة الوزارية وملاحظات وزارة الاقتصاد، ضرورة الّا تشمل التدابير المشددة في حال العودة اليها منع العمل في المصانع والقطاعات الصناعية والاقتصادية القادرة على العمل بكامل طاقتها تزامناً مع استمرارها في التدابير المشددة التي توفر التباعد الاجتماعي بين موظفيها وعمالها، منعاً لوقوع كارثة اقتصادية او تقليص الأزمة السائدة في هذا القطاع الحيوي الى الحدود الدنيا.
وفي تطور يعكس توجه الحكومة الى البدء بخطوات عملية لإقفال المعابر غير الشرعية ومكافحة التهريب على الحدود مع سوريا عبر التواصل مع الجانب السوري، زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم دمشق أمس، وبحث مع السلطات السورية في جملة من الملفات من ضمنها ملف التهريب والمعابر غير الشرعية، وكيفية التعامل مع موضوع انتقال الاشخاص بين البلدين في ظل ازمة كورونا.
وفي هذا الاطار قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ المحك الأساسي أمام السلطة يكمن بإقفال المعابر غير الشرعية وضبط المعابر الشرعية، وفي حال لم تقدم على هذه الخطوة فعبثاً تبحث عن مساعدات خارجية وثقة محلية ودولية، لأنّ إقفال هذه المعابر بمتناول اليَد وجلّ ما هو مطلوب اتخاذ القرار الفعلي بإقفالها وليس المواقف الدعائية.
وعلى الصعيد المالي أقرّت اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة برئاسة النائب ابراهيم كنعان قانون استرداد الاموال المنهوبة ليعرض على اللجان المشتركة، تمهيداً لطرحه مع قوانين رفع السرية المصرفية والاثراء غير المشروع التي أقرّتها اللجنة في جلسات سابقة.
وعقب الجلسة، قال كنعان: «أنجزنا اليوم قانون استعادة الأموال المنهوبة، وبذلك تكون اللجنة قد أنجزت مهمتها بإقرار اقتراحات القوانين من رفع السرية المصرفية الى الاثراء غير المشروع واستعادة الأموال المنهوبة المُحالة اليها من اللجان المشتركة». وأضاف: «ستستكمل اللجنة الاسبوع المقبل اجتماعاتها لدرس واقرار المحكمة الخاصة للجرائم المالية وكشف الحسابات ورفع الحصانات عن الوزراء». وأكد انّ «الدولة بكل قادتها ومكوناتها مطالبة من خلال القوانين التي أقرّت اليوم باعتماد الشفافية المطلقة في التعاطي بالمال العام من دون اي استثناءات او حصانات».
من جهة ثانية ينتظر أن يبتّ مجلس الوزراء في جلسته غداً في موضوع شغور مركز محافظ بيروت ابتداء من اليوم مع انتهاء المدة القانونية للقاضي زياد شبيب. وعلمت «الجمهورية» انّ وزير الداخلية العميد فهمي سيقدّم خلال الجلسة 3 اسماء لاختيار واحد منها وتعيينه كمحافظ، على الّا يكون اي منها مستفزّاً لأحد. اما في حال تعذر تعيين المحافظ في جلسة غد، فإنّ المعلومات تفيد أنّ فهمي يدرس خيار إناطة صلاحية التوقيع العائدة إلى المحافظ بوزير الداخلية إلى حين تعيين محافظ جديد، وذلك بعدما صرف النظر عن اجتهاد قانوني تمّ اعتماده ايام الوزير السابق نهاد المشنوق، وقضى بأن يتولى محافظ جبل لبنان مهمات محافظ بيروت بالتكليف. وقد ارتأى فهمي عدم اعتماد هذا الخيار تجنّباً لاستفزاز البيئة الأرثوذكسية، لكنه في الوقت نفسه أبلغ إلى المعنيين انه يرفض ان يتم استفزازه من خلال محاولة تجاوز صلاحياته او فرض أسماء عليه.