صحيح أن ثمّة جرائم كثيرة لا تُغتفر، حتى بمرور الزمن، ومنها نكران الجميل. إذ انّ اهمّ الثوابت التي تميّز بين رجال السياسة وأقزامها هي الوفاء. فأينكم منه؟
ها أنتم تتكلمون عن ثورةٍ بائسة حطّمتها الطائفية وأكاذيب المحاصصة، وأربكتها ملفات الفساد وصلابة رئيس عتيد. تتكلمون عن ثورة مُبتذلة، "عنيفة حتمية" أسكتتها ضمائر الشرفاء المناضلين في هذا الوطن. عدم الإنصياع، أيها الغائبون عن الحقيقة والواقع، هو ما اعتمده أمراء الحرب قبل العهد القوي، لكي يستغلّوا ويستبدّوا من دون أي رقيب. التمرد، أيها الحالمون، هو ما اتّسم به سياسيّوالعهود الماضية لكي يساوموا على استقلال لبنان وحريته. عماد الحرية الحقيقي هو الذي يصون لبنان ويحافظ على اللبنانيين من موقعه الرسمي، ملبّياً واجبه الوطني الأوّل.
وفي خضمّ الأزمة الإقتصادية التي تغلغلت في مؤسسات الوطن لمدة 30 سنة، تهاجمون وتؤنّبون من يسعى جاهدا لاستئصالها والقضاء عليها. ملفات الفساد سوف تُفتح وجهود التيار الوطني الحر في هذا الإطار موثّقة ومستمرّة. قوانين المحاسبة كُتبت، والحقائق بدأت بالظهور، وردّات الفعل الرديئة تبلورت، فبالله عليكم كفّوا. كفّوا عن الأحلام والمزايدات واستحضار البطولات الماضية. كفوا عن المناداة بثورة اضمحلّت وأصبحت غائبة... وقبل أن تثوروا على من حرم "المرأة اللبنانية من حقوقها" ثوروا على من يهدد الهوية اللبنانية بوجوده غير الشرعي في لبنان.
دعوا هذا العهد يكمل المسيرة ويحارب الفساد. دعوا الثورة الحقيقية تبدأ بعيداً عن المراوغة والاستعراضات. لم يعد بوسعنا أن نتسلى بالثورات ألرمادية، التي لا نعرف وجهتها ولا هويتها. ثورتنا الحقيقية واضحة. ثورتنا الحقيقية راقية. ثورتنا الحقيقية آتية؛ هي ثورة الحق والعدل التي بدأت قبل ١٧ تشرين...
وبين صراخ "ثواركم" المعيب وصمتهم المعبّر لن يصدر قراراً بالعفو العام؛ فكثير من الجرائم لا تغتفر وكلها ستعاقب؛ إن كانت في الفساد أو القتل أو... الخيانة.