هذا أبرز ما جاء في إفتتاحية “الجمهورية”
2020-05-09 06:55:48
“فلتان الدولار والغلاء مستمر .. والمفاوضات طــويلة مع صندوق النقد”، تحت هذا العنوان كتيت صحيفة الجمهورية في افتتاحيتها:
وسط فلتان الدولار والغلاء الفاحش، وتفاقم حجم الانهيار الاقتصادي واتساع مساحة الجوع على امتداد الوطن، يتأهّب لبنان لدخول اسبوع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة الإنقاذ الاقتصادية. وكل ما يحيط بهذه المفاوضات يؤشر الى انّ مشوارها سيكون طويلاً، ومهمّة المفاوض اللبناني فيها شاقة، ليس فقط في شرح مندرجات الخطة بالطريقة التي من شأنها ان تُقنع صندوق النقد بها، بوصفها خريطة طريق إعادة انتشال الاقتصاد اللبناني من وحل الأزمة الغارق فيه، بل القدرة على الإثبات امام الصندوق جدّية التزام لبنان بخطته وتطبيقها بعيداً من مستنقع السياسة الذي تسبّب بالأزمة وحوّل الاقتصاد الى جبهة لتصفية الحسابات.
سيأتي صندوق النقد ليسمع ما لدى الحكومة اللبنانية اعتباراً من الاسبوع المقبل، ولن يفتح خزنته مجاناً للبنان، بل ثمة مسار طويل ينبغي على الحكومة سلوكه قبل الوصول اليها، عبر سلسلة خطوات ملزمة بأن تسارع الى اعتمادها، وتشكّل مجتمعة الكلمة السحرية لفتح خزنة صندوق النقد. ولعلّ الجانب الاساس من هذه الخطوات اشار اليه عبر عدد «الجمهورية» امس، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في معهد التمويل الدولي LLFغربيس ايراديان.
واذا كانت الخطوات التي اشار اليها ايراديان، قد سبق واكّد على معظمها مؤتمر «سيدر»، البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، الاتحاد الاوروبي، وغالبية المجتمع الدولي، فإنّ صندوق النقد وعبر المتحدث باسمه، الذي نطق بالكلمة السحرية، واشار بوضوح الى ما يطلبه الصندوق من الحكومة اللبنانية، وهو «إصلاحات تؤمّن الاستدامة، واعادة الاستقرار والنمو في لبنان، وتحقق مصلحة اللبنانيين».
إزاء ذلك، وعلى ما تتقاطع حوله تقديرات الخبراء الاقتصاديين، لم يعد لبنان يملك امكانية تضييع الوقت، على جاري ما كان معمولاً به في السنوات الماضية، فلكل دقيقة او ثانية ثمنها الباهظ الكلفة، ولبنان بوضعه الحالي ليس قادراً على ان يدفع شيئاً.
ووفق ما كشفه خبير دولي لـ»الجمهورية»، فإنّ صندوق النقد قد يفرض شروطاً مسبقة قبل الموافقة على بدء تمويل الخطة. وهذا الامر سيرفع سقف التحدّي بالنسبة الى الحكومة، لأنّها ستكون مطالبة في البدء بتنفيذ الاصلاحات قبل الحصول على اي فلس من الصندوق. وبذلك، يكون الوضع شبيهاً بأموال «سيدر» التي كان ينبغي ان تتدفق، بعد بدء لبنان تنفيذ اصلاحات مُتفق عليها، وهو الامر الذي لم يحصل. وبالتالي، هناك قلق من ان تتكرّر تجربة «سيدر» مع صندوق النقد الدولي، ويُترك لبنان لمواجهة مصيره لوحده.
وكما يتفق الخبراء في الاقتصاد والمال، فإنّ الضرورة مسارعة الحكومة الى خطوات اصلاحية، والتعيين الفوري للهيئات الناظمة للكهرباء والاتصالات والطيران المدني، وخصوصاً انّ هذا التأخير اعتبرته المؤسسات الدولية على اختلافها فضيحة، واتهمت من خلالها المسؤولين في لبنان بالعمل خلافاً لمصلحة بلدهم وبالسعي الى تخريبه، وعلى خط موازٍ سدّ الثغرات الفاضحة في الادارة اللبنانية، وخصوصا إتمام التعيينات في حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف واسواق المال، والاهم من كل ذلك هو تأكيد استقلالية القضاء اللبناني، وهذا يحتّم بالدرجة الاولى الإفراج عن التشكيلات القضائية كما اعدّها مجلس القضاء الاعلى على أساس الكفاءة والدرجة. واذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد اشار الى وجود ثغرات فيها من دون ان يحدّد ماهيتها، فإنّه سبق أن رُدَّت هذه التشكيلات الى مجلس القضاء، الذي اصرّ عليها كما اعدّها بعيداً من التسييس، ما يبقي كرة التشكيلات في ملعب رئيس الجمهورية.
على انّ نقطة الضعف للبنان في هذه المفاوضات، ليس فقط في وضعه المهترئ مالياً واقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً، بل في عدم تمتّع المفاوض اللبناني بالحصانة المطلوبة لموقفه في هذه المفاوضات الصعبة، ومردّ ذلك الى الواقع السياسي غير الموحّد خلف الحكومة، يُضاف الى ذلك الافتراق الداخلي حول صندوق النقد الدولي، بين مطمئن للتعاطي مع الصندوق باعتبار انّ اللجوء إليه يشكّل السبيل الوحيد المتاح أمام لبنان، وبين قلق مما يسمّيها شروطاً تعجيزيّة ووصاية ومصادرة قرار، بناء على تجارب سابقة بين الصندوق ودول عدة وجدت نفسها تحت وصاية الصندوق.
الى ذلك، قالت مصادر في وزارة المالية لـ»الجمهورية»: «اننا لا نستطيع ان نقول اننا متفائلون او متشائمون حيال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، مع أنّ اسباباً كثيرة تدفعنا الى التفاؤل».
واشارت الى انّ «الجانب اللبناني على اتمّ استعداد للبدء بالمفاوضات الجدّية مع صندوق النقد، وأعدّ ملفاته كاملة لهذا الاستحقاق، وجهّز نفسه للدخول في جولات متعدّدة من المفاوضات، علماً انّ الاشارات الإيجابية التي تلقيناها من الصندوق، تدفعنا الى الاعتقاد بأننا قد لا نكون امام مسار طويل من المفاوضات».
ورداً على سؤال قالت المصادر: «الملف جاهز، ومطمئنون الى أنّ الخطة الحكومية للإنقاذ تتمتع بكلّ المواصفات التي تجعلها مقنعة لصندوق النقد الدولي ولكل المجتمع الدولي، خصوصا وأنّ الكثير من مندرجات الخطة لم يكن الصندوق بعيداً منها».
وعمّا اذا كان لبنان قلقاً من صندوق النقد، قالت المصادر: «حتى الآن لا نرى انّ هناك سبباً يجعلنا نقلق من صندوق النقد الدولي، لا نريد ان نستبق الامور، وفي اي حال، نحن نذهب الى المفاوضات تحت سقف الخطة الإنقاذية، التي نراها خريطة طريق الخروج من الأزمة، وليس تحت اي سقف آخر، سياسياً كان او غير سياسي».
ولفتت المصادر الانتباه الى «اننا اذا ما انتهينا بسهولة وسرعة مع صندوق النقد الدولي، فهذا يسهّل علينا اكثر التفاوض مع الدائنين، وبعدها نذهب مباشرة الى «سيدر» للاستفادة من تقديماته. وليس مستبعداً في هذه الحالة ان تبادر بعض الدول، الى مدّ يد المساعدة المباشرة للبنان».
الى ذلك، يبدو جلياً انّ الحكومة تضع كل بيضها في سلّة المفاوضات مع الصندوق، على امل ان تحقق منها النتائج المرجوة. وقالت اوساط السراي الحكومي لـ»الجمهورية»: «نحن على عتبة الدخول في مفاوضات تاريخيّة ومصيريّة مع صندوق النقد الدولي، ونعوّل على ان نحقق فيها الانعطافة النوعية في الوضع الاقتصادي نحو الإنفراج الذي نتوخّاه مع وضع خطة الحكومة موضع التنفيذ».
ورداً على سؤال حول المخاوف من صندوق النقد، قالت الاوساط: «هناك خشية لدى بعض الاطراف من أن يفرض صندوق النقد شروطاً قاسية على لبنان، الى حدّ فرض وصايته عليه، وهناك من تخوّف من الكلام الاخير لمساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد شينكر، الذي توقّع فيه وضع اقتصاد لبنان تحت رقابة صندوق النقد الدولي. فما نستطيع ان نؤكّد عليه هو انّ لبنان ذاهب الى المفاوضات مع الصندوق بشروطه، التي تبدأ وتنتهي عند مصلحة لبنان، وبالتالي ما يناسب مصلحة لبنان نوافق عليه، وما ليس مع هذه المصلحة لن نوافق عليه ولا على اي امر يتعارض مع سيادته الوطنية. هذا هو الحال بكل بساطة».
الى ذلك، عكست مصادر وزارية معنيّة بالخطة الاقتصاديّة لـ»الجمهورية» ارتياحاً من حركة السفراء والديبلوماسيّين الغربيّين والامميّين، التي تكثفت خلال الايام القليلة الماضية. وقالت، «انّ السفراء والديبلوماسيين عبّروا عن تقدير صريح لمضمون الخطة، ولمسنا تشجيعاً واستعداداً واضحاً لتقديم المساعدة للبنان. لكن مع التأكيد المتجدّد على لبنان لكي يبادر الى الإجراءات الاصلاحية».
هذا الأمر، وبحسب معلومات «الجمهورية»، أعاد التأكيد عليه مسؤول كبير امام عدد من الوزراء، حيث قال: «معلوم انّ انهيار اقتصاد لبنان لم يعد فرضيّة، بل صار واقعاً ملموساً، والحكومة قالت انّها وضعت الخطة الإنقاذية من اجل تجنيب البلد سيناريوهات كارثية، ونحن نشاطرها هذا الرأي حول السيناريوهات الكارثية، مع التأكيد انّ لدينا سلسلة ملاحظات على الخطة ستُطرح في الوقت المناسب، وخصوصاً خلال نقاش الامور المرتبطة بها في مجلس النواب».
اضاف: «امام هذا الواقع انا اجزم انّ الحكومة لا تستطيع ان تجيب عن السؤال المصيري الذي يطرحه كل لبناني: الى متى يمكن للمواطن ان يصمد بعد؟ ومن هنا لا يكفي تطمين المواطن بالكلمات، بل بالخطوات التي ينبغي ان تصاحب مهمة المفاوض اللبناني مع صندوق النقد الدولي وتحصّنها بعيداً من مزايدات اللعبة السياسية، التي مع الأسف أُديرت على مدى سنوات طويلة بأسوأ الالعاب الصبيانية».
واكّد المسؤول الكبير، «انّه على رغم المستوى الذي بلغناه من الانهيار، فإنّ فرصة إعادة الانتعاش ما زالت ممكنة ومتاحة، وامام الحكومة سلّة مبادرات علاجية ينبغي ان تسارع اليها، ولعلّ اولاها السعي فوراً الى بناء التوافقات السياسية اللازمة على البديهيات الاصلاحية، التي من شأنها ان تُفرج عن اموال، او بالاحرى قروض صندوق النقد، وبعده «سيدر».
والأهم من كل ذلك، يضيف المسؤول نفسه، «انّ هذه البديهيات، تعيد للبنان بعض ماء وجهه، الذي فُقد مع انعدام ثقة المجتمع الدولي به، بفعل الشوائب والموبقات التي كانت تُرتكب على كل الصعد، واهمها استباحة القروض والمساعدات الخارجية وابتلاعها وتوزيعها على المحظيين والمحاسيب. ولطالما تلقّى لبنان على مدى السنين الماضية «رسائل توبيخ» من مستويات دولية متعدّدة، تعبّر عن الامتعاض الشديد من انّ المساعدات التي تقدّمها تلك الدول، كانت تذهب الى جيوب بعض المسؤولين وانصارهم».
الى ذلك، قال مصدر ديبلوماسي غربي لـ»الجمهورية: «انّ على لبنان ان يحسّن ادارة مفاوضاته مع صندوق النقد، لكي يحقق نتائج سريعة، ذلك انّ الصندوق ليس متفرّغاً بالكامل للبنان، ولن يمنحه كل وقته، فهناك عشرات من الدول المتعسّرة تنتظر».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان المجتمع الدولي بصدد تقديم مساعدات للبنان، اوضح المصدر «انّ المجتمع الدولي يعيش اليوم قلق ازمة «كورونا» وآثارها السلبية على اقتصادات العالم، وقبله مرحلة القلق من الركود او الكساد على وقع الحروب التجارية بين الدول الكبرى، التي تدفع الاقتصاد العالمي الى منزلقات خطيرة. فإذا كانت هذه صورة المجتمع الدولي واولوياته، فلبنان حتماً ليس ضمنها، وهنا تقتضي المصارحة بأنّ المجتمع الدولي وما بعد «كورونا»، صار اقل استعداداً لأن يكون سخياً تجاه لبنان. من هنا، وطالما انّ ليس امام لبنان سوى صندوق النقد، فعليه بالتأكيد ان يتوقع شروطاً قاسية من الصندوق».
وعكست مصادر عين التينة ترقباً للمبادرات الحكومية لتوفير الأمان الاجتماعي للمواطنين، مشيرة الى انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يرى انّ ما بلغه الوضع لم يعد يحتمل أيّ تأخير، بل صار من الضروري والملحّ الذهاب وبلا اي إبطاء الى العلاجات السريعة والفورية. ويأتي في مقدمة ذلك، المسارعة الى اتخاذ كل ما يلزم لحماية العملة الوطنية، بالتوازي مع حماية ودائع اللبنانيين، ووقف الجريمة التي تُرتكب بحق الليرة، عبر اجراءات قاسية ورادعة بحق المتلاعبين.
وحول المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، املت المصادر ان تحقق ما يتوخّاه لبنان منها، الّا انّها لفتت الى انّ الضرورة امام استحقاق المفاوضات تحتّم توفير حصانة داخلية للمفاوض اللبناني، رافضة في الوقت نفسه اي شروط تُملى على لبنان، من شأنها ان تمسّ سيادته وقراره.
في السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة على اجواء «حزب الله»، لـ»الجمهورية»: «انّ الحزب، وعلى الرغم من الليونة التي ابداها حيال التفاوض بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، الّا انّه يقارب التعاطي مع الصندوق بحذر شديد وخشية كبرى من ان تُنصب الافخاخ امام المفاوض اللبناني».
واشارت المصادر، الى انّ «حزب الله» لا يتوقع ان يتعاطى صندوق النقد في المفاوضات بمهنية مع لبنان، وثمة مؤشرات عكسها شينكر في الايام الاخيرة، وتؤكّد انّ الصندوق سيسعى الى فرض شروط على لبنان، ليس فقط شروطاً مالية واقتصادية، بل شروط سياسية، من الصعب على لبنان ان يقبل بها.
ولفتت المصادر الى انّ «حزب الله» يتوقع المهنية من صندوق النقد حيال لبنان، في حالة وحيدة فقط، وهي الّا يمارس الاميركيون ضغوطاً عليه، ويتركوا الامور تسير في المفاوضات في السياق المهني الصرف، وعدم إدخال العامل السياسي فيها، ولا يبدو انّ الاميركيين سيتركون صندوق النقد يعمل بمهنية، لا مع لبنان ولا مع غير لبنان».
من جهة ثانية، ما زالت قضية الفيول المغشوش تتفاعل على اكثر من صعيد، وجديدها امس، المؤتمر الصحافي لوزير الطاقة السابق سيزار ابي خليل، الذي «اتهم فيه بالسياسة كل الأفرقاء الذين صوّتوا ضدّنا أو الذين لم يقفوا إلى جانبنا خلال 12 جلسة لمجلس الوزراء، من أجل تغيير هذه العقود وإجراء مناقصات عالمية جديدة تُظهر لنا موقعنا بالنسبة إلى السوق».
وبعد ان عرض ابي خليل اداء وزراء الطاقة في السنوات الماضية، القى بالمسؤولية على ادارة المناقصات بتعطيل اجراء المناقصات.
وردّت ادارة المناقصات على ابي خليل، وقالت في بيان لها: «بالامس، عاد البعض إلى التصويب على إدارة المناقصات، مدّعياً انّها عرقلت ما أسمّاها «مناقصة الفيول» لأسباب سخيفة، من دون أن يسند كلامه إلى أي نص قانوني؛ مصراً على تذويب المؤسسات الوطنية الرقابية ومصادرة صلاحياتها لحساب لجان وزارية تنفيذية لا اختصاص دستورياً أو قانونياً لها».
اضاف البيان: «ليس مستغرباً الاستخفاف بالتوازن المالي للعقود الإدارية، والّا لما كانت تكبّدت الخزينة أموالاً طائلة كتعويضات لملتزمين متعهدين من دون أن ينفذّوا أحياناً عقودهم. كما أنّه في غياب الخطط والرؤى يصبح الاستخفاف بالبرنامج السنوي للصفقات، وهو موجب قانوني، أمراً عادياً».
وتابع البيان: «واخيراً نسأل، وطالما أنّ الوزارة المعنية أخذت بالقسم الأكبر من ملاحظات إدارة المناقصات، فلماذا تجاهلت الملاحظات المتبقية المتعلقة بإزالة الاحتكارات والشروط الحصرية وتطبيق أحكام قانون مقاطعة العدو الإسرائيلي؟ اما القول بأنّ إبداء الرأي بناء للطلب؛ واقتراح التعديلات المناسبة على دفاتر الشروط الخاصة بالصفقات لكي تأتي أحكامها منسجمة مع القوانين والأنظمة النافذة وتحفظ حقوق الدولة المالية عرقلة، فمعناه واضح وصريح ولكن لا يعنينا».
الى ذلك، تفاعلت امس مسألة توقيف نقيب الصرافين بتهمة المضاربة بالدولار والتسبّب بانخفاض سعر الليرة. ورغم انّ نقابة الصرافين أصدرت بياناً داعماً لنقيبها، إلّا أنّ اللهجة التي استُخدمت في البيان كانت خجولة، بما يوحي بأنّ النقابة تستهيب الموقف، ولا تريد الدفاع عن اي عضو فيها، حتى لو كان النقيب، قبل التأكّد من انّه لا يخرق القوانين فعلاً، وبالتالي يستحق المحاسبة. كما بدا واضحاً انّ الصرافين يخشون ان يؤدي التصعيد الى إقفال مؤسساتهم نهائياً والتخلّي عن دورهم في هذه المرحلة الاستثنائية، وحصر التعامل بالدولار بالمصارف، أو بمصرف لبنان. في غضون ذلك، ورغم التوقيفات والجهد الأمني لمراقبة السوق السوداء، استمر سعر صرف الدولار بالارتفاع، ووصل لدى تجار العملة غير الشرعيين الى 4200 ليرة. وفي الموازاة، استمر ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية، بحيث تواصل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين. وبدأ شبح الفقر يطغى على نسبة كبيرة من الناس، بحيث توحي المؤشرات الى أنّ الطبقة المتوسطة ستندثر تدريجياً، فاسحة في المجال لتوسّع شريحة الفقراء الى مستويات مخيفة وغير مسبوقة.
Diana Ghostine