-شربل الجميّل-
التحقيقات المزمعة بمستندات مصرف لبنان ستكشف كل العمليات المالية منذ زمن: تحويلات، قروض ميسّرة تفضيلية لشركات وجمعيات وأفراد ومصارف (هندسات مالية)، توريد عملات أجنبية لقطاعَي المصارف فالصرّافين، استخدام نفوذ، ناهيك عن المؤشرات التاريخية لكون حاكم المصرف يشكل حظوة أميركية تاريخية لناحية التثبيت الممعن والمُستَغرَب لسعر صرف الليرة، والذي بُذل في سبيله الغالي النفيس، في وطن لا يملك قدرة صناعية فتصديرية، ولا مواداً أولية لإدخال عملات صعبة لدعم سعر الصرف، ليعود سعر الصرف كالمياه الباحثة دوماً عن منفذ، يفلت من عقاله في سوقٍ موازٍ بعد تهريب الأموال إلى الخارج خلال إقفال المصارف إبّان "ثورة" تشارين المشبوهة!
رياض سلامة ليس بشخص: إنه نهج ومسار؛ مسار تمادى وتوالد ليصبح مصيراً. رياض سلامة فرعٌ أضحى أصلاً، وما الهجوم من ميليشيات الماضي والحاضر المواكبة تاريخياً لسلامة سوى بالواقع دفاع عن أنفسهم وعن تاريخهم الموبوء، بالإضافة إلى التغطية الأميركية له لأهمية دوره الرقابيّ المساعد (كثيراً) في الرقابة على تحاويل الأموال الوافدة لعناصر مشتبه بانتمائهم لحزب الله.
خسرت الكتل الداعمة لسلامة خط دفاعها الأول من أصل أربعة خطوط: أطاحت نفسها بنفسها من الحكومة بسبب حقدها على ميشال عون وجبران باسيل، فبقيا في الحكومة وأخرج الأوّلون أنفسهم خلال محاولتهم إخراج الآخرَين. بقيَ لديهم اليوم: خط مجلس النواب وورقة تطيير نصاب القوانين المحاسبية، خط شخص رياض سلامة: بئر الأسرار الدفينة، وخط الشارع وبعض رعاعه. كلما اقترب هجوم الأوادم على خطوط دفاع الفاسدين، كلّما زاد استشراس هؤلاء... إنها معركة برلين.
إن كُتِبَ للتحقيقات انبلاج فجرها، ووصلت الشركة الدولية المكلّفة بالتحقيق للأدلة قبل تلفها، سيتم فضْح رؤوسٍ كبيرة، لطالما أينعت. يقول مثلٌ أميركي “follow the money” - "إتبع المال". إن تبعنا المال سنصل إلى ما يدهش العقول، وسنلامس تلك الحالة الشعورية التي يختلج فيها المُتوقَّع بالمؤكّد، وسيعانق اليقين الشكوك المرجّحة.