مدّد مجلس الوزراء التعبئة العامة في البلاد أسبوعين إضافيين. ويأتي هذا التمديد في ظل وجود مخاطر من حدوث موجة ثانية من الفيروس، وخصوصاً أن العدّاد لا يزال يسجّل المزيد من الإصابات. لكن، مع التعبئة، اتخذ مجلس الوزراء قراراً آخر يقضي برفع الإغلاق بشكلٍ تدريجي في بعض القطاعات على مراحل زمنية، تبدأ في السابع والعشرين من الجاري.
إلى العاشر من أيار المقبل، قرّر مجلس الوزراء، في جلسته أمس، تمديد حال التعبئة العامة في البلاد. لا خيار آخر في ظل تلك الظروف التي لا تزال تحمل مخاطر حدوث موجة ثانية من عدوى فيروس كورونا. وهذه المرة إن حدثت، فالكارثة أكبر من أن تحملها بنية نظامنا الصحي المهترئ. إلى ذلك العامل المزمن، يضاف سببان لا يقلّان أهمية وهما فقدان الحصانة ضد الوباء واستحالة إيجاد لقاح خلال الأشهر القليلة المقبلة. أما ثالث الأسباب، فهو ذلك المتعلق بالتطورات على خط المخيمات، فإلى الآن لا تزال العين شاخصة على مخيم الجليل (بعلبك)، حيث من المفترض أن تعاد الفحوص مرة جديدة بعد عشرة أيام للاطمئنان إلى عدم تسجيل إصابات جديدة. لكل هذه “التحديات»، فرض مجلس الوزراء تعبئة إضافية، سنداً إلى توصية المجلس الأعلى للدفاع.
غير أن هذا التمديد لن يكون شاملاً هذه المرة، إذ من المفترض أن تشهد هذه الفترة رفع الإغلاق وعودة الحياة في بعض القطاعات، وإن كان السير بها سيكون وفق مراحل زمنية محدّدة. وهي عودة مشروطة ومقرونة تالياً بنتائج تقييم “خطة الاختبار الضخمة التي تقوم بها وزارة الصحة العامة»، على ما يقول رئيس مجلس الوزراء، حسان دياب.
عودة تدريجية، بلا رفع للحظر. هذا ما شدّد عليه دياب مراراً في كلمته أمس، وما كان قد أكده أمين عام المجلس الأعلى للدفاع، اللواء محمود الأسمر. وهي تأكيدات مطلوبة في هذه “المرحلة الدقيقة»، وفيق توصيف دياب، لأن أيّ حياد عما هو سارٍ اليوم “يمكن أن يدمّر البلاد». وفي الإطار نفسه، جدّد رئيس لجنة الصحة النيابية، عاصم عراجي، تحذيراته من التساهل في إجراءات التعبئة العامة “التي تعني الالتزام في البيوت». فبرأي هذا الأخير، الأرقام “مجرّد مؤشر، وليست عاملاً حاسماً في تحديد مسار وباء كورونا». وفي إطار مؤشر الأرقام، لا يزال عدّاد كورونا يسجل إصابات جديدة. وقد سجل أمس دفعتين من الإصابات، ففي تقريرها صباح أمس، أعلنت وزارة الصحة عن 8 إصابات جديدة (7 إصابات منها أعلن عنها ليل أول من أمس في تقرير مستشفى بيروت الحكومي) صدرت من أصل 1123 فحصاً أجريت خلال الساعات الأربع وعشرين الماضية. وفي المساء، حمل تقرير مستشفى بيروت الحكومي، أرقاماً أخرى، حيث صدرت 6 نتائج إيجابية من أصل 290 فحصاً. أما بالنسبة إلى عدّاد الشفاء، فقد وصل إلى 143 حالة شفاء تام، فيما استقر عدّاد الوفيات عند الرقم 22.
وبعيداً عن الأرقام، حملت مقرّرات مجلس الوزراء إعلان العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية على أساس 5 مراحل زمنية تنتهي آخرها في الثامن من حزيران المقبل. إلا أنها قرنت تلك العودة بما تقوم به وزارة الصحة العامة، لجهة خطة الاختبار التي تجريها على كل الأراضي اللبنانية. وفي هذا الإطار، تشير مصادر وزارة الصحة إلى أن “التقييم الأولي للمخاطر يفترض أن تظهر نتائجه في النصف الأول من شهر أيار للبناء على الشيء مقتضاه في ما يخص فتح البلاد». وتستند هذه الخطة إلى ثلاثة عوامل أساسية “وهي تجهيز المستشفيات وتعزيز قدرات المختبرات وزيادة الفحوص الدورية وخصوصاً في المناطق التي لم تسجل إصابات أو سجلت بنسبة طفيفة جداً». وسنداً إلى تلك العوامل الثلاثة، من المفترض أن “نصل إلى 75 ألف فحص PCR وفقاً للمعايير الدولية المتبعة»، بحسب وزير الصحة العامة، حمد حسن، على أن تصدر النتيجة النهائية “بتاريخ أقصاه العاشر من الشهر المقبل».
إلى الآن، أجرت وزارة الصحة حوالى 6 آلاف فحص، وهي “في معظمها فحوص موجهة، أي تستهدف الأشخاص الذين هم على احتكاك دائم مع آخرين، مثل الباعة واللحامين وعاملين في السوبرماركت وسائقي سيارات الأجرة». وفي هذا الإطار، يجري التوافق مع أطباء الأقضية لتحديد نقاط إجراء الفحوص وأعدادها، كما الأشخاص المستهدفين. ويوم أمس، كانت المحطة في قضاء بعبدا، حيث أجريت فحوص لعينة من 428 شخصاً، موزعة ما بين 200 شخص في مناطق الشياح (100 فحص) وعين الرمانة (50 فحصاً) وفرن الشباك (50 فحصاً) و228 للطاقم الطبي والعاملين في المستشفيات: الزهراء (36) والساحل (42) والرسول الأعظم (55) والبرج (29) وبهمن (35) والسان تيريز (30). ومن المفترض أن تستكمل الجولة على قضاء بعبدا اليوم مع مسح للضاحية الجنوبية، على أن يجرى “ما لا يقل عن 2000 فحص»، على ما تقول المصادر.
إلى الآن، لا نتائج إيجابية. 6 آلاف نتيجة سلبية. وهو مؤشر مطمئن، إلا أن التقييم لن يكون على أساس تلك العينات، مع ذلك “هي أرقام مريحة ويمكن أن يبنى عليها».
واستناداً إلى تقييم نتائج الـ75 ألف فحص، يجري تقييم واقع الفيروس في البلاد. وفي هذا الإطار، استبق مجلس الوزراء التقييم، وعمل على إعداد خطة لعودة بعض المؤسسات والنشاطات التجارية. وقد استندت تلك العودة إلى معيارين أساسيين، أولهما الأثر الاقتصادي، لناحية الحاجة إليه ومردوده المالي، وثانيهما معيار خطر انتقال العدوى. وهذا الأخير أيضاً يستند إلى 3 أبعاد لجهة كثافة الاحتكاك وعدد مرات الاحتكاك والقدرة على تعديل المكان. وكلما كانت الحاجة ملحة لتلك المؤسسة وكلما كانت هناك قدرة عالية على تبديل الأمكنة لتفادي الكثافة، كانت الحظوظ أوفر في الحلول في المرحلة الأولى. وفي هذا الإطار، جرى تقسيم مراحل العودة الزمنية إلى خمس:
المرحلة الأولى تبدأ في السابع والعشرين من الجاري، تليها الثانية والتي تبدأ في الرابع من أيار المقبل، والثالثة في الحادي عشر منه والرابعة في الخامس والعشرين منه والخامسة في الثامن من حزيران المقبل.
وكان وزير الصحة العامة، حمد حسن، قد جال صباحاً في مخيم الجليل، حيث أعلن أن “نتائج الفحوص التي أجريت للفئة المستهدفة والمخالطين والبيئة المحيطة جيدة، إلا أننا لا نستطيع التوصل الآن إلى خلاصات». ولذلك، دعا المقيمين إلى الالتزام بالحجر المنزلي واتباع أعلى درجات الوقاية، «تجنبوا الاختلاط وضعوا الكمامة، وليس بالضرورة أن نشتريها، وإنما يمكننا أن نصنعها من أي قماش متوفر في بيوتنا، فالكمامة هي أولى وسائل الوقاية في مكان الاكتظاظ والمخالطة».
من جهة أخرى، لفت الرئيس دياب إلى أن المساعدات التي جرى توزيعها إلى الآن هي 100 ألف مساعدة، ومن المفترض أن تنتقل الحملة مطلع الأسبوع المقبل إلى المنازل.
فتح المؤسسات وفق المراحل
المرحلة الأولى: الأنشطة الزراعية (الزراعة، التقليم، الحصاد)، تربية الحيوانات، مراكز الذبح، مراكز التكثيف الحيواني، مصانع غذائية، مصانع الأعلاف، مصائد الأسماك، تربية النحل، أسواق الخضار والفواكه والأسماك، وسائل نقل الحليب والماشية والدواجن واللحوم والبيض والعلف والخضار والفواكه والأغذية، وسائل نقل العاملين أثناء مواسم الحصاد والزرع، محال المستلزمات الزراعية والبيطرية، العيادات البيطرية، المشاتل، مناشر لصنع فرشة نشارة الخشب لمزارع الحيوانات، صناعة الورق والمنتجات الورقية، إعادة تدوير، صناعة الآلات الكهربائية والأجهزة، صناعة آلات وتجهيزات، صناعة المعدات والأدوات، مؤسسة كهرباء لبنان وقاديشا ومقدمي الخدمات ومؤسسات المياه (قراءة عدّادات، خدمة الزبائن، معامل إنتاج وتكرير، صيانة، فورمن/تقني، جباية، أمين مخزن)، توصيل الطعام، محال الحلويات، الفنادق، المحال الصغيرة والبيع بالتجزئة، سيارات الأجرة.
المرحلة الثانية: صناعة المطاط والمنتجات البلاستيكية، صناعة المنتجات الهيكلية المعدنية والحاويات والخزانات والمولدات على البخار، المطاعم والمقاهي 30% من القدرة مع منع الأراكيل، ملاعب الأطفال والبارك وملاعب الرياضة الخارجية، صالونات تزيين وحلاقة الشعر، تصليح السيارات.
المرحلة الثالثة: الحضانات تحت 3 سنوات، التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة، ألعاب الميسر (70% من القدرة الاستيعابية) والمطاعم ووكالات السيارات.
المرحلة الرابعة: مدارس ثانوية، مؤسسات التعليم المهني، مؤسسات التعليم المالي، المطاعم والمقاهي بين 30% و50% قدرة مع منع الأراكيل، مراكز التسوق والمولات. المرحلة الخامسة: مدارس وروضات الأطفال من 3 لغاية 6 سنوات، المدارس المتوسطة والابتدائية التي فيها مناوبة ثانية، المدارس، مراكز تعليم اللغات، المراكز الاجتماعية للتعليم غير الرسمي. الحانات، النوادي الليلية، المواقع السياحية والتاريخية، المسابح الداخلية، الشواطئ والشوارع المحيطة بها، الصالات الرياضية والسباحة، المتاحف والمسارح ودور السينما، أماكن العبادة، التجمعات والمناسبات الدينية، الحافلات، الطائرات، أعمال البناء، مراكز الألعاب، مراكز التسلية 50% من القدرة.