ينهي مجلس النواب اليوم، بجلسة صباحية الجولة التشريعية التي تدخل التاريخ، من بابين: مواجهة فايروس كورونا، والانعقاد خارج مقر المجلس في قصر الأونيسكو في قاعة تتسع لألف شخص، تحقيقاً لقاعدة التباعد الاجتماعي، وإجراءات الوقاية للنواب، الذين حضر بعضهم مرتدياً كمامات وقفازات، فيما تمرد البعض الآخر، متسلحاً «بالتذاكي» والتشاطر، غير عابئ بالتعبئة العامة، وتحول سلوكهم هذا إلى انتقاد وتندر، بعد العجز عن الزامهم بالاجراءات الواقية، ليكونوا قدوة للمواطن العادي، بعد ان تغيرت نتيجة الفحوصات ليوم أمس من صفر حسب بيان وزارة الصحة إلى حالة إيجابية، حسب بيان مستشفى رفيق الحريري، فيما تمضي السلطات الصحية إجراءات فحصوات على عينات عشوائية، للتثبت من عدم التفشي المجتمعي للوباء، ضمن خطة وضعت تمهيداً لاتخاذ قرار في ما يتعلق بمآل التعبئة العامة، بدءاً من النصف الثاني من أيّار المقبل.
نجح المجلس في الانعقاد، ولو تحت احتجاجات حراكيين، قرروا العودة إلى الشارع، بالسيارات المسموح بها، وضمن بإجراء تتعلق بالتباعد ووضع الكمامات، وارتداء الكفوف البيضاء والسوداء..
ومع ان مشاريع واقتراحات القوانين الـ20 التي أقرّت من أصل 66 بنداً لم تخل من سجالات واعتراضات، الا انه سجل للرئيس نبيه برّي «مرونة حازمة» قادته إلى تمرير ما ورد من اقتراحات ومشاريع، فارضاً حظراً مسبقاً على الأوراق الواردة، التي كان يُمكن لها ان توتر الأجواء، وتطيل النقاشات دون جدوى، مع العلم ان الرئيس حسان دياب الذي شارك في الجلسة الصباحية، متسلحاً بالثقة وبوزرائه، الذين بعضهم لم يهدأ عن العمل، التزم الصمت، أو ما وصف «بالدبلوماسية الايجابية».
وبدا من سير المناقشات سواء حول ما أقرّ أو تحول إلى اللجان كافة، إلى قانون العفو، ان الجلسة كانت تشريعية بامتياز، وبدا وكأن هناك اتفاقاً غير معلن، ساهم في تمرير ما يجب تمريره، من دون اغفال «رسالة الغمز» التي بعث بها الرئيس برّي إلى الرئيس ميشال عون، محملاً تبعة ما تضمنه رده لقانون الإجازة للحكومة إنشاء نفق لطريق بيروت – البقاع على طريقة الـB.O.T، تضمنت ما يشبه التوبيخ حسب النائب بولا يعقوبيان إلى المستشارين، إذ قال: ان رئيس الجمهورية لا دخل له بهذا الرد، هو أسلوب المستشارين، مؤكداً ان هذا الكلام لا يُساعد على التعاون..
وفي رسالة ثانية، قال بري: إن هذه الجلسة التي شارك فيها 109 نواب معروف منذ متى كان محدد موعد انعقادها، ومعروف من عطلها، فالمجلس وضع كل المشاريع واقتراحات القوانين على جدول الأعمال، وهو سيبقى يقوم بواجباته وأكثر.. «شو ما حكيو».
في موازاة ذلك كان الرئيس حسان دياب خلال الجلسة دبلوماسياً لبقاً في التعاطي مع مداخلات النواب حول بعض المشاريع، وكانت له لفتة مسائية بعد ان كان سحب مشروع قرض للزراعة، هذه اللفتة تمثلت بالإسراع في انتزاعه تحسين شروط القرض لصالح المزارعين من منظمة «إيفاد»، وهذا الامر سيعاد مناقشته اليوم بعد ان كان قد علق النقاش به بالأمس.
هذا الهدوء الذي طبع أجواء الجلسة يساهم إلى حدّ كبير في أن تكون الجلسة منتجة تشريعياً، حيث بلغت المشاريع واقتراحات القوانين التي صدقت العشرين، فيما احيلت أربعة مشاريع وثمانية اقتراحات قوانين إلى اللجان بعد ان سقطت لحظة التصويت عليها بصفة المعجل المكرر.
وكان من أبرز الاقتراحات التي تمّ التصديق عليها اقتراح قانون زراعة القنب «الحشيشة» للاستخدام الطبي، كمدخل لتأمين موارد مالية، ومعالجة هذه الآفة المزمنة ومفاعيلها الاجتماعية بحسب الذين ايدوا الاقتراح، الذي عارضه نواب «حزب الله» و«المستقبل» وكتلة نواب الأرمن، كما صدق المرسوم الرامي إلى إعادة قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الذي كان قد رده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
اما أبرز اقتراحات القوانين التي سقطت، الاقتراح المعجل المكرر لقانون العفو العام المقدم من النائبين ميشال موسى وياسين جابر، وقد لوحظ ان هناك اقتراحات أخرى فأحال الرئيس برّي جميع هذه الاقتراحات إلى اللجان المشتركة واعطاها مهلة 15 يوماً لدراسة الاقتراحات القديمة والجديدة، بعد ان كان اعترض النائب جبران باسيل قائلاً انه لا يجوز التشريع تحت جناح كورونا، ورد برّي عليه قائلاً: من حق المجلس ان يشرع.
كما احال رئيس المجلس اقتراح قانون الإثراء غير المشروع إلى اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة والتي تدرس منظومة القوانين المرتبطة بالاثراء واسترداد الأموال المنهوبة، ورفع السرية المصرفية والجرائم المالية.
كما صادق المجلس على مرسوم إعادة القانون المتعلق بالاجازة للحكومة وإنشاء نفق لطريق بيروت – البقاع على طريقة الـB.O.T، وصادق من خارج الجدول على اقتراح التمديد للهيئتين التشريعية والتنفيذية في المجلس الشيعي.
ومن المقرّر ان يعود المجلس ويناقش في الجلسة التي يرجح ان تنتهي اليوم، إقرار مشروع القانون الرامي إلى تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية.
مجلس الوزراء
وسط ذلك، دعي مجلس الوزراء إلى جلسة تعقد عند الثانية والنصف من بعد ظهر الجمعة المقبل في القصر الجمهوري، وإقرار البنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك تقييم مراحل التعبئة العامة، والاتجاه الجديد بتمديد التعبئة إلى 12 أيّار، مع اتخاذ إجراءات استثنائية تتعلق بفتح البلد تدريجياً.
مكافحة الفساد
وبين الجلستين، ترأس الرئيس حسان دياب، اجتماعاً للجنة مكافحة الفساد، للبحث بمشاريع القرارات المتعلقة بهذا الملف، والاثراء غير المشروع، وما يتعين فعله لاستعادة الأموال المنهوبة، وفي ضوء القوانين التي أقرّت في الجلسة النيابية.
وجرى التأكيد على الطلب إلى النائب العام التمييزي مراسلة هيئة التحقيق الخاصة لدى المنشأة لدى مصرف لبنان بوضع جردة بجميع البيانات العائدة إلى الأشخاص الذين يتعاطون الشأن العام، ومطابقتها مع التصاريح المودعة لدى مصرف لبنان والمقارنة في ما بينها، وفتح تحقيق فيها بالنسبة إلى الأموال المنقولة وغير المنقولة في حال عدم المطابقة وفق أحكام المادة ١٢ من قانون الإثراء غير المشروع رقم ٩٩/١٥٤.
المرحلة – 2
وتستأنف المرحلة الثانية من عودة اللبنانيين من الخارج الاثنين المقبل، بعد تقييم إجراءات التعبئة العامة.
ولهذه الغاية، عقدت اللجنة الوزارية المكلفة آلية عودة اللبانيين من الخارج اجتماعاً برئاسة الرئيس دياب، بحضور الوزراء المعنيين ورئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمّد الحوت.
وفي هذا الإطار، قال مستشار رئيس الحمهورية للشؤون الصحية والإجتماعية، وعضو اللجنة الوزارية المعنية بملف وباء «كورونا» الدكتور وليد خوري لـ «اللواء» إن «لبنان اليوم في نهاية المرحلة الأولى من السيطرة على الوباء بطريقة مقبولة، والأيام العشرة المقبلة ستكون مفصلية، مشيداً بقرار رفع عدد الفحوصات العشوائية بين 1000 و1500 فحص يجري يومياً..
وأشار إلى أن اللجنة المعنية ستجتمع اليوم لرفع توصيتها الى مجلس الوزراء لتقييم الأمر، مشيرا الى ان «الاعتقاد السائد هو توجه الحكومة الى تمديد التعبئة العامة لأسبوعين اضافيين على ان يتضمن قرار التمديد امكانية فتح بعض القطاعات لكن من دون ان يكون شاملا بإنتظار انتهاء وزارة الصحة العامة من اجراء المسح الشامل»، لافتا الى ان «هذه الخطوة قد تخلق ارتياحا لدى هذه القطاعات».
ويفيد خوري ان «فرق وزارة الصحة جاهزة لوجستيا لاستكمال الاختبارات المتصلة بوباء كورونا في معظم المناطق، وهناك 4000 مركز صحي مخصص لذلك»، متوقفا عند «صعوبة تتصل بحضّ الناس على الاتيان لإجراء الفحص، أي انه اذا كان لا بد من مشاركة 50 شخصا بالاختبار العشوائي يحضر أحياناً 20 شخصاً». ويقول ان «هناك مناطق تطلبت اجراء مسح كعكار وبشري مع ما يستدعيه ذلك من الخضوع للفحوصات»، مشيرا الى «نجاح الأجراءات في منع تفشي الوباء كما حصل في منطقة كسروان ايضاً».
وحول العودة الى المدارس قال خوري: «العودة للمدارس تتطلب دراسة دقيقة، فإما يصار الى تحديد دوامين قبل وبعد الظهر لحضور الطلاب او لا، وفي معظم الأحوال يبقى ذلك رهنا بالأيام المقبلة، كما لا يمكن ان تتطرق التعبئة الى عودة حركة المطاعم او الى أي حركة تشهد ازدحاما للمواطنين». ويضيف إن «اقفال المدارس والمطاعم والمطار والحدود البرية والبحرية ساهم في احتواء موجة الإنتشار والمشكلة قد تكمن في فتح المطار وعودة حركة الطيران»، لافتا هنا الى أن «موضوع المرحلة الثانية من عودة اللبنانيين من الخارج موضع متابعة وستخضع للإجراءات نفسها التي خضعت لها المرحلة الأولى كما ان القادمين من لندن سيجرون فحوصات الـpcr قبل ركوبهم الطائرة».
العملات الاجنبية الى المركزي
مالياً، طلب مصرف لبنان المركزي من المصارف تسديد سحوبات الزبائن من ودائعهم بالدولار بالليرة اللبنانية، وفق سعر الصرف في السوق الموازية، وسط أزمة سيولة حادة وشحّ في العملة الخضراء. وأورد في تعميم أنه في «حال طلب أي عميل (..) إجراء سحوبات أو عمليات صندوق نقداً من الحسابات أو المستحقات العائدة له بالدولار الأميركي أو بغيرها من العملات الأجنبية، على المصارف العاملة في لبنان، شرط موافقة العميل المعني، أن تقوم بتسديد ما يوازي قيمتها بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق وذلك استناداً للإجراءات والحدود المعتمدة لدى المصرف المعني».
وجاء هذا التعميم بعد قرار مماثل مطلع الشهر طلب فيه المصرف المركزي من المصارف منح المواطنين ممن لا تتخطى قيمة ودائعهم ثلاثة آلاف دولار، إن رغبوا، أموالهم بالليرة اللبنانية بحسب سعر صرف السوق، شرط اغلاق حساباتهم. ومع تعميم الثلاثاء، بات سحب الدولار غير ممكن من المصارف بغض النظر عن قيمة الوديعة. وحدّدت جمعية المصارف في وقت سابق سعر الصرف لديها بـ 2600 ليرة، فيما تخطى سعر صرف الدولار في السوق السوداء الثلاثاء 3200 ليرة.
ولا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار. وفي إطار السياسة ذاتها، طلب مصرف لبنان الأسبوع الماضي من شركات التحاويل النقدية تسديد قيمة أي تحويل بالعملات الأجنبية وارد إليها من الخارج بالليرة اللبنانية وبحسب سعر السوق أيضاً، على أن تبيعه الدولار.
وأعلنت تلك الشركات أمس أنها ستبدأ تطبيق القرار الجمعة. ويرى خبراء اقتصاديون أن قرارات مصرف لبنان هذه ليست سوى خطوة تجاه خفض سعر صرف الليرة رسمياً، معتبرين اياها خطوة «غير مدروسة» كونها اوجدت سعر صرف ثالثا. ومنذ أيلول، تفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الأموال بشكل عام خصوصاً بالدولار.
كما منعت التحويلات المالية إلى الخارج. وفاقم انتشار فيروس كورونا المستجد من الأزمة بعدما امتنعت المصارف عن تزويد زبائنها بالدولار متحججة بعدم القدرة على استيراد شحنات منه نتيجة إغلاق المطار. وكان يُسمح قبل ذلك للمواطن في بعض المصارف بسحب مئة دولار أسبوعياً. ويحمّل مواطنون وسياسيون المصارف جزءاً من مسؤولية التدهور الاقتصادي المتسارع.
وتوقّع صندوق النقد الدولي انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبنان ١٢ في المئة في العام الحالي، وقال الصندوق إن العجز المالي للحكومة سيصل إلى ١٥.٣ بالمئة لهذا العام.
كما لفت الصندوق الدولي الى أنّ لبنان يواجه تحديات تأثير فيروس كورونا والأزمة المالية والاقتصادية الحالية. والسلطات اللبنانية استفسرت عن إمكانية التمويل الطارئ لكنها لم تطلب رسمياً أي تمويل من الصندوق. ومن جهته، أكدّ الصندوق أنّه يدعم السلطات اللبنانية من خلال المساعدة الفنية والحوار معهم بصورة منتظمة.
وفي إطار مراجعته الإقليمية لاقتصادات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى للعام ٢٠٢٠، ذكر تقرير أصدره الصندوق أنّ الناتج الإجمالي الحقيقي للبنان انكمش ٦.٥ بالمئة في ٢٠١٩ وإن التضخم سيبلغ ١٧ بالمئة في ٢٠٢٠ مقارنة مع ٢.٩ بالمئة في العام السابق.
العودة إلى الشارع
ولاحظت وكالة «فرانس برس» في معرض وصف حركة الاحتجاج في الشارع في زمن كورونا انه على غرار مئات من اللبنانيين، اختار الشاب حسن حسين علي أمس العودة إلى الشارع احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية، لكنه بخلاف المرات السابقة ارتدى قناعاً طبياً ولازم ورفاقه سياراتهم احتراماً للتباعد الاجتماعي في زمن فيروس كورونا المستجد. وتزامنت مسيرات المتظاهرين مع بدء البرلمان جلسة تشريعية، بعدما أجبر تفشي الفيروس النواب على نقل اجتماعهم إلى قاعة مؤتمرات في بيروت.
وتجمّعت السيارات التي رفع معظمها العلم اللبناني تدريجياً في ساحة الشهداء، التي شكلت إحدى أبرز ساحات التظاهر إثر اندلاع حركة احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية في 17 تشرين الأول/أكتوبر. وقال حسن حسين علي (22 عاماً) بينما يمسك بمكبر صوت ويرتدي قناعاً واقياً لوكالة فرانس برس «من الجيد العودة إلى الشارع، ما من شعور أفضل من ذلك». وأضاف «قضى فيروس كورونا على كل شيء إلا أنه لم يوقف فساد السياسيين لدينا، وبالتالي فهو لن يتمكن من وقف تحركنا أيضاً».
وجاب موكب السيارات شوارع عدة من وسط بيروت مروراً بالطريق البحرية وصولاً إلى محيط قصر الأونيسكو، ورافقهم عدد من المتظاهرين على دراجاتهم النارية. وأطلق السائقون العنان لأبواق سيّاراتهم. وخرج عدد من المتظاهرين عبر النوافذ وهم يرتدون قفازات وأقنعة ملونة بعضها بألوان العلم اللبناني. ورفع بعضهم الاعلام اللبنانية وشارات النصر. وأعادت المسيرة التي واكبتها مسيرات مماثلة في مناطق عدة، بينها مدينة طرابلس شمالاً، إلى الأذهان مشهد التظاهرات التي عمّت لبنان ولم تهدأ إلا بعد تشكيل حكومة جديدة مطلع العام الحالي.
صفر كورونا
على صعيد رصد اصابات كورونا لم يسجل التقرير اليومي لوزارة الصحة العامة أي إصابة جديدة بكورونا، وتالياً، ظل عدد الحالات المثبتة 677.
وأوضح التقرير اليومي لمستشفى رفيق الحريري الجامعي عن آخر المستجدات حول فيروس الكورونا Covid-19 وجاء فيه:
– أجرى المستشفى 325 فحصا مخبريا، وأتت نتيجة واحدة ايجابية وباقي النتائج سلبية.
– وصل مجموع الحالات التي ثبتت مخبريا إصابتها بفيروس الكورونا والموجودة حاليا في منطقة العزل الصحي في المستشفى إلى 24 إصابة.
– تم استقبال 12 حالة مشتبه بإصابتها بفيروس الكورونا نقلت من مستشفيات أخرى.
– تماثلت 5 حالات للشفاء من فيروس الكورونا بعد أن جاءت نتيجة فحص ال PCR سلبية في المرتين وتخلصها من كافة عوارض المرض.
– بلغ مجموع الحالات التي شفيت تماما من فيروس الكورونا منذ البداية حتى تاريخه 108 حالة شفاء.