على وقع شارع عاد ينذر باعتمالات ساخنة وغاضبة، لن تحتمل على الأرجح انتظارات العد العكسي المتكرر لحال التعبئة العامة بسبب الانتشار الوبائي لفيروس كورونا في لبنان كما في معظم بلدان العالم، وعلى الخطورة القصوى الكامنة في معالم النزول الى الشارع او بعض الشوارع في الأيام الأخيرة والاستعدادات لاحياء الانتفاضة الشعبية، وهذه المرة ربما اعنف من السابق قبل التثبت على الأقل من انحسار الخطر الكبير للانتشار الفيروسي، وبدء التعامل بحذر شديد مع تخفيف إجراءات التعبئة، تبدأ اليوم الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي تتخذ طابعا استثنائيا في الشكل لجهة انعقادها في قصر الاونيسكو. والواضح ان ثلاثية أيام الجلسات اليوم وغدا والخميس لاقرار رزمة كبيرة من المشاريع واقتراحات القوانين التي سيناقشها المجلس ويقر بعضها او معظمها، ستتسم بملامستها الواقع اللبناني الداخلي الشديد التأزم والاحتقان بفعل تراكم تداعيات الازمة المالية والاجتماعية وأزمة انتشار كورونا التي شلت البلاد في احدى أسوأ حقبات الانهيارات الاقتصادية والمالية وتسببت بانهيارات إضافية شديدة الخطورة. ومع انه من المشكوك فيه ان تلقى مجموعة كبيرة من المشاريع صدى إيجابيا فوريا من شأنه ان يدخل مناخ تبريد اجتماعي او اقتصادي على المشهد الآخذ بالسخونة التصاعدية، فان ذلك لا يقلل أهمية انعقاد الجلسة في هذه الظروف سواء من ناحية التزام المجلس دوره التشريعي والرقابي في ظروف تقتضي ظهور المؤسسسات ألدستورية في المواقع المتقدمة جدا لحماية البلد واستقراره والتخفيف من معاناة الناس المتفاقمة على مختلف الصعد، او لجهة اطلاق مسار التشريع في مرحلة تحتاج الى بنى قانونية محدثة والكثير منها باتت تفرضه تداعيات الازمة الاجتماعية وأزمة الانتشار الفيروسي. واما المفارقة في الشكل والمضمون فهي ان الجلسة تذكر بحقبات استثنائية للغاية اذ ستكون من المرات النادرة التي ينعقد فيها المجلس خارج مبناه في ساحة النجمة بسبب الاضطرار الى قاعة واسعة للغاية امكن عبرها التزام موجب التباعد بين مقاعد النواب بمعدل سبعة مقاعد بين النائب والآخر، ووسط ترتيبات مشددة تحفظ التباعد في مقاعد الوزراء أيضا ومن ثم في مقاعد الإعلاميين والمراسلين والإداريين. اما في المضمون فان “تشريع المتباعدين” تنتظره مجموعة كبيرة من المشاريع المطروحة على جدول الاعمال يناهز عددها الـ66 مشروعا ومن بينها مشاريع مثيرة للانقسامات المسبقة ابرزها اقتراح قانون العفو العام الذي يتوافق حوله كل من “كتلة المستقبل” و”كتلة التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” فيما يعارضه بشدة “تكتل لبنان القوي”. كما يثير مشروع تنظيم زراعة القنب للاستخدام الطبي انقساما مماثلا. وتطرح في الجلسات أيضا مشاريع ذات طابع ملح وتحمل طابع العجلة ومنها ما يتصل بالأوضاع المالية والاقتصادية ومنها ما يتصل بأزمة كورونا كما ثمة اقتراح مشروع لتقصير ولاية مجلس النواب واجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وإذ تأتي الجلسة وسط اندفاعات جديدة لقوى مدنية لاعادة تزخيم التحركات الاحتجاجية في الشارع، باتت ملامح تصاعد النقمة تثير مخاوف واسعة على استباق القرارات الحكومية بتخفيف إجراءات التعبئة التي يبدو واضحا انها لن تتخذ قبل العاشر من أيار وهو الموعد الذي اعلنه وزير الصحة حمد حسن. ولكن طرابلس شهدت في الأيام السابقة فصولا متعاقبة من الاحتجاجات والاعتصامات كما تجري الاستعدادات لتظاهرات سيارة اليوم وغدا في بيروت بما يوحي بان الانتفاضة في فصلها الثاني بعد التوقف القسري الذي فرضته حال التعبئة، بدأت تخرج عن الإطار المانع للتجمعات والاعتصامات. وسيحول هذا المناخ مناقشات الجلسة الاشتراعية خصوصا في المشاريع ذات الطابع المالي والاقتصادي الى حلبة صراع محتدم بين الحكومة والقوى المعارضة من جهة وبين الكتل النيابية المخالفة بين بعضها البعض من جهة أخرى خصوصا في ظل الضجة الكبيرة التي أثارتها أخيرا الملفات المالية ولا سيما منها ملفات الودائع المصرفية والهيركات والكابيتال كونترول وسواها من الملفات المشتعلة التي ستحضر بقوة في المناقشات. وعلمت “النهار” ان رئيس مجلس النواب نبيه بري قرر الغاء فترة الأوراق الواردة التي تستهل فيها الجلسات عادة اختصارا للوقت وربما يكتفى بالجلسة النهارية حتى بعد الظهر من دون الجلسة المسائية وهناك احتمال ان تنجز المشاريع بجلستين اليوم وغدا.
مؤشرات إيجابية… ولكن
في غضون ذلك سجلت مؤشرات ازمة الانتشار الوبائي في لبنان استقرارا واضحا في منحى بقاء حالات الاصابات بفيروس كورونا تحت السيطرة بل ضمن اتجاهات انحسارية اذ بلغ عدد الإصابات امس 677 حالة بزيادة 4 إصابات فقط عن اليوم السابق واستنادا الى 340 فحصا أجريت في عطلة عيد الفصح الشرقي. كما ان مستشفى رفيق الحريري الحكومي لم يسجل أي إصابة أمس بعد 95 فحصا اجراها جاءت نتائجها سلبية فيما ارتفع عدد حالات الشفاء الى 103. واما التطورالجديد والبارز الذي سجل امس فتمثل في انطلاق عملية توزيع فرق طبية من وزارة الصحة الى مختلف المناطق اللبنانية والشروع في اجراء فحوص الPCR مجانا للمواطنين بالتعاون مع أطباء الأقضية والبلديات على ان تتصاعد ارقام الفحوص لتصل الى 2000 يوميا. ومن شان هذه العملية ان تساهم بأوسع كشف حقيقي للواقع الوبائي والإصابات بما يساعد على اتخاذ القرار الدقيق في شأن بدء التخطيط لتخفيف إجراءات التعبئة القاسية. وقد أوضح وزير الصحة ان العاشر من أيار هو الموعد لبلورة الوضع واتخاذ الحكومة القرارات اللازمة. واكد امس ان “القطوع الأسود مر وعاصفة كورونا اقتربت من نهايتها في لبنان ونسير بخطوات دقيقة للوصول الى مرحلة اكثر وضوحا”.
المحكمة الخاصة بلبنان
وسط هذه الاجواء أعلنت “المحكمة الخاصة بلبنان” امس “أن قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين “منح تسعة وعشرين متضررا من أصل ثلاثة وثلاثين تقدموا بطلبات للمشاركة في الإجراءات في قضية المدعي العام ضد سليم عياش صفة المتضرر المشارك في الإجراءات. وتتعلق قضية عياش بالاعتداءات الثلاثة التي استهدفت السيد مروان حمادة والسيد جورج حاوي والسيد الياس المر على التوالي”.
وأضافت: “وقد رفض القاضي فرانسين أربعة طلبات من بين طلبات المتضررين الثلاثة والثلاثين التي أرسلتها إليه وحدة المتضررين المشاركين باعتبارها غير مكتملة. وأشار قاضي الإجراءات التمهيدية إلى أن ذلك لا يمنع الأشخاص الأربعة الذين تقدموا بتلك الطلبات من تقديم معلومات إضافية في وقت لاحق كي يعاد تقييم طلباتهم”. وتابعت: “وفي ما يخص التمثيل القانوني، قرر القاضي فرانسين أن يمثَّل المتضررون ضمن ثلاث مجموعات مختلفة، يرتبط كل منها بأحد الاعتداءات الثلاثة. ووفقا لقواعد المحكمة، ينبغي لرئيس قلم المحكمة، بعد التشاور مع وحدة المتضررين، أن يعين محامين لتمثيل المتضررين المشاركين. وقد أوعز قاضي الإجراءات التمهيدية إلى رئيس القلم أن يعين ممثلا قانونيا واحدا لكل مجموعة من متضرري الاعتداءات. ومع أن قرار القاضي فرانسين علني، تبقى أسماء وهويات المتضررين سرية في هذه المرحلة.
وينبغي للمتضررين من أي اعتداء من الاعتداءات الثلاثة في قضية عياش، الذين لم يتقدموا بعد بطلبات للمشاركة في الإجراءات لكنهم يعتزمون ذلك، أن يتصلوا بوحدة المتضررين في هذا الصدد”.