في الوقت الذي قفز سعر صرف الدولار فوق حاجز 3000 ليرة لبنانية مع توقعات باستمرار ارتفاعه، فإن اللبنانيين ينظرون بعين الاستخفاف الى ما خرج به عليهم رئيس الحكومة حسان دياب الذي أتحفهم بكلمات رنانة في جردة حساب سعى عبثاً من خلالها الى الدفاع عن حكومته، وبعد فشله في إيجاد انجاز واحد لها، ذهب إلى رمي الوعود بتوقيع مراسيم لوظائف كان عرقلها لسنوات أولياء أمر حكومته، وأفرجوا له عنها اليوم لستر عورة الحُكم.
وسألت مصادر مراقبة عن أي خطة اقتصادية إنقاذية كان يتحدث دياب؟ وأي إصلاح تحقق على يديه حتى يعد الناس بأنه ماضٍ في ورشة الإصلاح والادعاء بأن ليس في قاموسه غير الدولة؟ فعن أية دولة كان يتحدث؟ دولة الخلاف على محاصصة التعيينات، أم دولة التباهي بالسطو على اموال الناس؟ ام دولة الهدر في وزارة الطاقة وفي المرفأ والمعابر غير الشرعية؟ أم دولة تهريب القرارات والمراسيم وارتجال المواقف المسيئة لسمعة لبنان وفتح معارك وهمية مع صندوق النقد الدولي بدلا من التنسيق معه لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد المنهار؟
ورأت مصادر معارضة في حديث مع “الأنباء” أن خطاب دياب أخرجه عن الحيادية والاستقلالية التي كان يدّعيها، محوّلاً نفسه الى فريق سياسي يحمل أجندة معينة طُلب اليه ان يتلوها البند تلو الاخر، وهو ما درج عليه منذ أكثر من شهر من خلال اجتماعات الحكومة اذ كان دائماً يحاول أن يبرر فشله وتقصيره بتحميل خصومه مسؤولية ما وصلت إليه أحوال البلاد، وهو يعلم علم اليقين أن الذين دمّروا قطاع الكهرباء وأغرقوا خزينة الدولة بما يقارب الخمسين مليار هم الفريق الممسك بالسلطة معه ويحاول توظيفه في خدمته.
المصادر المعارضة استغربت كيف قفز الدولار بعد خطاب رئيس الحكومة من 2800 الى 3300 ليرة بدل ان ينخفض كما هو الحال عندما يطلّ اي مسؤول سياسي على شعبه معددا الانجازات التي حققها، مشيرة في سياق متصل الى ان الحديث عن تعديل حكومي خيارات أخرى يقطع الشك باليقين حول مدى التخبط الذي تعيشه هذه الحكومة، التي سُميت حكومة مواجهة التحديات فاذ بها تتحول إلى حكومة اللوم والشكوى.
ولفتت المصادر عينها إلى انه وبعد فشل الحكومة، ثم فشل رئيسها في تعويمها، خرجت الأوامر من ورثة النظام الأمني السابق بتنفيذ هجوم سياسي على المعارضة للتعمية على إخفاق الحكومة.
وفيما أعلن تيار المستقبل انه بصدد طلب رفع الحصانة عن النائب جميل السيد، علّق القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش في حديث مع “الأنباء” على ذلك بقوله إن النائب “جميل السيد واجهة وقشرة صغيرة، والمهم محاكمة من يقف وراءه وكل الذين شاركوا في اغتيال رفيق الحريري،” مشيرا ألى ان عودة الرئيس سعد الحريري من الخارج “قد تزيد من حرارة المواقف السياسية، خاصة بعد الاخفاقات السياسية التي منيت بها الحكومة، وتركيز دياب على تحميل الحريرية السياسية مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان”، داعيا الى “تشكيل معارضة جدية لأنها أصبحت أكثر من ضرورية، شرط أن يكون لديها برنامج عمل في السياسة والاقتصاد وان لا يبقى كل فريق يعارض على طريقته، وهو ما ستكشفه الايام المقبلة”، على حد قوله.
من جهته، اعتبر رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور في حديث مع “الأنباء” بعد زيارة وفد اللقاء الديمقراطي الى معراب ضم النائبين اكرم شهيب ونعمة طعمة، ان الاجتماع الذي جمعهما برئيس حزب القوات سمير جعجع كان “مفيدا وبنّاءً”، لافتا الى ان العلاقة بين القوات والاشتراكي “لم تنقطع ولا في لحظة، انطلاقا من التلاقي الوطني على مجموعة عناوين، كما التلاقي المناطقي لجهة ترسيخ مصالحة الجبل والعيش المشترك بين كل فئاته”. وقال: “صحيح ان الأزمة الصحية أدت الى تباعد، لكن مع تقدم الأمور وتفاقم الازمة المالية عادت وأدت الى التواصل والتنسيق، ولقد حصل في اللقاء توصيف مشترك، وكل طرف أجرى قراءته ورؤيته لتشكيل الحكومة وما قبلها، وكان هناك تلاق كبير في توصيف الواقع الحالي في اكثر من عنوان، كما كان هناك بحث عن سقوف في التعاطي والتنسيق بهذه المرحلة”، معتبرا ان الأزمة المالية “هي أكبر من إعادة فرز معارضة وموالاة بالطريقة التقليدية في ظل مخاوف من انهيار اقتصادي خطير”.
ولفت جبور الى “حصول اتفاق على ضرورة التنسيق من أجل توحيد العلاقة، ومنع انهيار البلد من قبل فريق معين يضع يده على مقدرات الدولة”، وكرر القول إن “الأزمة المالية تتجاوز ان يكون هناك معارضة وموالاة؛ فقد أصبحنا نرى أن مكونات الحكومة غير متفقة، ما يعني ان ليس هناك 8 و14 آذار، وحتى ضمن فريق 8 آذار نجده غير متفق مع بعضه وهو أمام واقع سياسي وعليه أن يتحمل مسؤولية. والرأي العام يشهد أن هذا الفريق يتحمل مسؤولية ما يحصل من انهيار”.
وعن العلاقة مع الحريري، لفت جبور الى “وجود تواصل بروتوكولي معه لم ينقطع، والحريري اتصل بجعجع معايدا، لكن لا يمكن القول ان العلاقة عادت الى ما كانت عليه خلافا للعلاقة مع الاشتراكي، فالعلاقة مع المستقبل تتطلب اعادة ترميم وقراءة لكل المرحلة السابقة وما حفلت به من تباينات وإعادة فتح صفحة جديدة، وكل الأمور في النهاية متوقفة على لقاء بين جعجع والحريري”.