مع زيادة يومية عالمية تقارب الـ100 ألف إصابة وزيادة في الوفيات تقارب الـ10 آلاف، بدا العالم مستمراً في تسجيل العجز أمام تفشي فيروس كورونا، وانقسمت الدول إلى مجموعة أولى يتسارع فيها نمو الفيروس تتصدّرها أميركا بأكثر من 50 ألف إصابة جديدة يومياً وتواكبها إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا وتتقدّم فيها تركيا بزيادة مشابهة تفوق الـ4000 إصابة جديدة يومياً، وتتراجع فيها كل من الصين وإيران وألمانيا وبلجيكا، مقابل عشرة ثانية تليها تضم سويسرا وهولندا وكندا والبرازيل والنمسا والبرتغال وكرويا الجنوبية وروسيا والسويد وحجزت «إسرائيل» مقعداً بينها، وتتراوح إصاباتها بين الـ20 ألفاً و10 آلاف إصابة وزيادتها اليومية بين 1000 و2000 إصابة، وتظهر السعودية من بين الدول العربية في المجموعة الرابعة التي تتراوح أعداد الإصابات فيها بين 3000 و5000 إصابة، فيما تتصدر الإمارات العربية المتحدة العشرة الخامسة التي تضمّ أيضاً قطر وتتراوح أعداد الإصابات فيها بين 2000 و3000، وتضمّ المجموعة السادسة من الدول العربية، مصر والجزائر والمغرب وإصاباتها بين 1250 و2000 إصابة، ويتصدّر العراق العشرة السابعة ومعها الكويت والبحرين، والإصابات في هذه العشرة بين 850 و1250 إصابة، وتضم العشرة الثامنة تونس بين الدول العربية، وإصاباتها بين 600 و850، ويتصدّر لبنان العشرة التاسعة مسجلاً الرقم 81 عالمياً مع 582 إصابة، ومعدل إصابات 85 بالمليون بعيداً جداً عن الرقم العالمي الوسطي الذي بلغ 205 بكل مليون نسمة.
وفيما بدأ العالم يتخفف من مناخات التصعيد العسكري والسياسي الذي بقي حاضراً في الخطاب الإعلامي ولو خفت صوته قياساً بمراحل بدايات فيروس كورونا، ظهرت ملامح تسويات يجري تشبيكها تحت الطاولة، وتوحي بتأقلم المعنيين بالمواجهات مع دبلوماسية كورونا والسير بخطط التهدئة المديدة، وربط النزاع حيث يستعصي بلوغ تسويات منجزة، فظهر نموذج التفاهم العراقي على رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي، وما يختزنه من أبعاد لتقاطعات تطال الأميركي وحلفه الخليجي من جهة، ومحور المقاومة وفي خلفيّته إيران من جهة مقابلة، بينما ظهر نموذج وقف النار في اليمن كمدخل للتفاوض مع رفض أنصار الله القبول بوقف نار لا يتضمن فتح مطار صنعاء ومرفأ الحديدة، فيما تسعى الأمم المتحدة لتقديم ضمانات وشروط لفتح المطار والمرفأ بنشر مراقبين أمميّين، ومطالبة أنصار الله بضمّ عدم مهاجمة الأهداف السعودية لوقف النار.
بين كورونا وإدارة الأزمة بنجاح معها، والتبريد السياسي الإقليمي، يقع لبنان في منطقة حرجة عنوانها الوضع المالي الذي بات ثابتاً أنه لن ينتظر انتهاء الضغط الذي يمثله تفشي الفيروس، وما يمثله من اهتمام عالمي أول، ترافقه أعراض التراجع في المقدرات، ومعها الركود الاقتصادي والانهيارات المالية، بحيث بات على الحكومة وهي تواجه بجدية الفيروس وتسعى لمواصلة حصاره، ان تجد جواباً على الأزمات الاجتماعية المتفاقمة، بمقدراتها المحدودة أصلاً، وفي ظل أزمة مالية تعانيها، بوجوه متعددة، في ظل حال إدارة ظهر يمارسها أصحاب المصارف تجاه كل المناشدات للتعاون في مواجهة هذا الضغط المالي المتزايد، حيث ينقل المسؤولون عن أصحاب المصارف برودهم في التعامل مع المطالبات، فالمصارف مقفلة رغم استثنائها من حالة التعبئة العامة، وقيدت السحوبات بالليرة اللبنانية من وحدات الصراف الآلي، وتسعى لربط تطبيقها لتعاميم مصرف لبنان بشرط إقفال الحسابات بما في ذلك للموظفين الذين يوطنون حساباتهم لدى المصارف وهم أغلب المعنيين بالتعاميم، لتمييع تنفيذ مضمون التعاميم، رغم سهولة تمييز حساب توطين عن حساب وديعة، وإبقاء حسابات التوطين لكل الموظفين بعيداً عن البحث بالودائع. وهذا التعقيد يبدو متقدماً كأبرز تحديات الحكومة مع دخولها المنطقة الحرجة مالياً، وطرح عناوين خطتها الاقتصادية في التداول.
وقرّر مجلس الوزراء تمديد التعبئة العامة حتى 26 نيسان 2020 كما قرّر تفعيل التدابير والإجراءات، وذلك في جلسة عقدها امس، في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ونقلت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد عن الرئيس دياب قوله “إننا نشارف على نهاية الأسبوع الرابع من التعبئة العامة وعلينا الالتزام أكثر بالإجراءات ولا نستطيع القول إننا احتوينا الفيروس في الداخل بشكل كامل”. وأشارت عبد الصمد إلى أن “دياب أكد أننا سنستمر في توزيع المساعدات عبر الجيش اللبناني الذي سيدقق باللوائح الموجودة ويعدّل فيها وسنعمل على توسيع دائرة المستفيدين ويجب أن نضبط الأسعار”.
وأفادت المعلومات أن لوائح العائلات الفقيرة بلغت 18000 عائلة وهي أصبحت بعهدة الجيش وأيضاً المبلغ المالي المرصود وهو 75 مليار ليرة على أن تنطلق وحدات الجيش الثلاثاء المقبل لتوزيعها على العائلات مبلغ 400 ألف ليرة لكل عائلة، الا أن رؤساء روابط مخاتير جبل لبنان (جبيل، كسروان، المتن، بعبدا، عاليه – الشوف) اكدوا في بيان أنهم لم يتسلموا اي استمارة عائدة لوزارة الشؤون حتى حينه.
وبحسب المعلومات الوزارية لـ”البناء” أن “مجلس الوزراء خصص مبلغ 1500 مليار ليرة لتغطية الخطة الحكومية للأمن الغذائي لاستيراد المواد الغذائية الاساسية والاولية ودعم القطاعين الصناعي والزراعي تحسباً لإقفال الحدود، وبالتالي وقف الاستيراد بسبب وباء كورونا”.
وفيما فشل المجلس في تمرير سلة التعيينات في حاكمية مصرف لبنان والمراكز المالية نجح أمس، في تعيين بعض الاشخاص في المواقع الإدارية، وعين جاكلين بطرس رئيسة لإدارة الموظفين في مجلس الخدمة المدنية وأحمد الحجار مفتشاً عاماً هندسياً ومخايل فياض مفتشاً عاماً إدارياً في التفتيش المركزي. لكن التعيينات المالية تختلف عن الإدارية التي أقرّت في جلسة الأمس بحسب ما قالت مصادر وزارية لـ”البناء” وفي الفئة الثانية وليس الاولى. وسجل وزراء حركة امل وحزب الله وتيار المردة اعتراضهم على التعيين، لأنها لم تراع مبدأ الشفافية ولم تأت ضمن آلية قانونية موحدة للتعيينات في مختلف القطاعات والإدارات كما أنها لم توزع أسماء عدة للموقع الواحد كما لم تعرض على الوزراء في وقت سابق، بحسب مصادر “البناء”. وعلمت “البناء” في هذا الصدد ان مجلس الوزراء سيعود الى طرح التعيينات المالية على الطاولة بعد إقرار آلية قانونية لذلك والتي تعكف لجنة وزارية تضم وزراء الصناعة عماد حب الله والزراعة والثقافة عباس مرتضى والمالية غازي وزني ووزيرة الدفاع زينة عكر والوزير دميانوس قطار ورئيس مجلس الخدمة المدنية فاطمة الخطيب على ان تقدّم الآلية خلال أسبوعين الى مجلس الوزراء.
وكان مجلس الوزراء استمع الى “عرض قدّمه حاكم مصرف لبنان تناول فيه الاوضاع المالية والنقدية في البلاد”، وأكدت عبد الصمد أن “الحكومة مسؤولة عن السياسة المالية وهي تتخذ عدداً من الإجراءات من أجل مراقبة الاسعار وضبط الاسواق للحد من تداعيات الأزمة الصحية التي تنعكس على الأزمة الاقتصادية”.
وعلمت “البناء” أن الوزراء تناوبوا على طرح الأسئلة على سلامة واستجوابه حول حقيقة الوضع المالي والنقدي ومصير الأموال المنهوبة والمحولة الى الخارج واسباب عجز مصرف لبنان حتى الساعة عن ضبط سعر صرف الدولار فرد الحاكم سلامة بإجابات وطروحات لم تقنع الوزراء ولا رئيس الحكومة حيث حاول سلامة التنصل من المسؤولية ورميها على الحكومات المتعاقبة. وأشار الى العجز في ميزان المدفوعات كأحد اهم اسباب الازمة لا سيما وأن لبنان يستورد 22 مليار دولار وانخفض الى 16 ملياراً بعد 17 تشرين ولا يدخل الى البلد سوى 5 مليارات دولار. وهذا سببه السياسات المالية والاقتصادية التي اعتمدتها الحكومات”. كما استصرح الوزراء سلامة حول التعميم الأخير للمودعين تحت 3 آلاف دولار و5 ملايين ليرة. وذكرت معلومات في هذا الصدد ان تعليمات تطبيقية ستصدر من مصرف لبنان للمصارف في الساعات المقبلة حول هذا الأمر.
واصدر سلامة قراراً أساسياً للمصارف حمل الرقم 13217 يتعلق بإعفاءات استثنائية من الاحتياطي الإلزامي ومن توظيفات المصارف الإلزامية.
وأكد دياب في دردشة مع الصحافيين بعد انتهاء الجلسة “أننا حكومة عابرة للطوائف وعندما يحصل تبديل بمراكز الفئة الأولى فيكون وفق المداورة المعمول بها”، أما بالنسبة للتعيينات المالية، قال: “يجب أن ننظر أولاً بالهيكلية الادارية ومن ثم نُعيّن”. وأشار إلى أن “أزمة سعر الصرف مشكلة كبيرة تحتاج الى حل”.
وعن موضوع التدقيق المالي، لفت دياب إلى أن “وزير المال غازي وزني يختار قريباً شركة التدقيق من أجل عملية تدقيق مُركّز وإعطاء تقرير عن الوضع الحالي أي عن السنة الحالية”. وشدّد على أن “90 في المئة من المودعين لن نمسّ بودائعهم في أي إجراء، لكن لا نملك جواباً عن توقيت حصولهم على اموالهم والجواب لدى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بموجب قانون النقد والتسليف”.
وسبق جلسة مجلس الوزراء اجتماع عقده مجلس الدفاع الأعلى برئاسة عون وحضور دياب وعدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية، أوصى خلاله الحكومة بتمديد حالة التعبئة العامة حتى 26 نيسان الجاري وطالب الأجهزة العسكرية والأمنية كافة بمزيد من التشدّد في الإجراءات وقمع المخالفات بما يؤدي الى عدم تفشي فيروس “كورونا”.
على صعيد تطور الإصابات أعلنت وزارة الصحة أن “العدد التراكمي للحالات المثبتة المصابة بفيروس كورونا بلغ 582 مع تسجيل 7 اصابات جديدة، مشيرة الى أنه لم تسجل اي حالة وفاة وبالتالي يبقى عدد الحالات المتوفاة 19”. وسُجلت أمس، خمس إصابات جديدة في منطقة بشري بيّنتها نتائج 25 اختباراً جديداً.
في غضون ذلك استأنفت عملية إجلاء المغتربين اللبنانيين من الخارج في دفعتها الثالثة، ووصلت طائرة تقلّ لبنانيين من الدوحة إلى مطار بيروت وتمّ نقلهم إلى الفنادق التي سيمكثون فيها بانتظار صدور نتائج فحوص الـ”PCR” التي أجريت لهم. وأفادت وسائل إعلامية أن “طائرة شحن إماراتية غادرت لبنان وعلى متنها 4 أميركيين و40 شخصاً يحملون الجنسية الألمانية غادروا على متن الطائرة التي ستقلّ اللبنانيين من فرنكفورت”.
كما وصلت طائرة من فرانكفورت وأخرى من لندن وعلى متنها 120 من المغتربين اللبنانيين، وافادت قناة “ان بي ان” ان الطائرة التي وصلت من اكرا في غانا ليل امس نقلت جثمان لبناني توفي هناك.
ولفت مصدر وزاري لـ”البناء” الى أن عملية الاجلاء مستمرة حتى الاسبوع المقبل وعلى ضوء تقييم المرحلة الأولى سيجتمع مجلس الوزراء ويقرّر كيف ستتم المرحلة الثانية لعودة المغتربين.
وشهد المطار استنفاراً للأجهزة الصحية والأمنية والإدارية، تسهيلاً لتطبيق الإجراءات المعتمدة عند وصول القادمين، سواء من توزيعهم لحظة وصولهم إلى الصالات المخصصة لهم، وقيام الفريق الصحي بإبلاغهم بالإرشادات اللازمة، ثم التدقيق بالاستمارات التي تتضمن معلومات عن المسافر القادم إلى لبنان، ومن ثم إجراء فحوصات PCR قبل ان يتم نقلهم عبر الحافلات المخصصة لهم من قبل وزارة الأشغال العامة والنقل الموجودة أمام مدخل المطار لتقلهم إلى الفنادق ريثما تنتهي نتائج الفحوصات.
وأكد رئيس مطار بيروت فادي الحسن أن «الإجراءات مع الوقت في المطار أصبحت أسرع والطائرات الخاصة تخضع للآلية نفسها التي تخضع لها الطائرات العادية ونجري الفحوصات كاملة للعائدين».
ونشرت قناة الـ»سي ان ان» الأميركية تقريراً تحدثت فيه عن أميركيين فضلوا البقاء في لبنان في ظل أزمة كورونا، حيث رفض عدد الأميركيين الذين يعيشون في لبنان العودة الى بلادهم، وقال مسؤول في الخارجية الاميركية للقناة: «ليس لدى وزارة الخارجية أولوية أكبر من سلامة وأمن المواطنين الأميركيين في الخارج».
وعندما سُئل عن الأميركيين الذين يشيرون إلى أن بيروت أكثر أمانًا من الولايات المتحدة، رفض المسؤول التعليق.
وفي ضوء تداعيات وباء كورونا، حذرت الهيئات الاقتصادية بعد اجتماعها أمس، من «حصول نقص كبير في المواد الأولية والسلع الغذائية والاستهلاكية الاساسية المستوردة خلال الشهرين المقبلين». كما نبّهت إلى أن «سياسة الدولة في تحديد أسعار المنتجات على أنواعها من شأنه أن يؤدي الى نقص مؤكد لهذه المنتجات وتدني في النوعية المعروضة في الاسواق».
وفي إطار الإجراءات الحكومية لضبط الأسعار في الاسواق بناء على توصيات وتوجيهات الرئيس دياب بعد جولته الميدانية الأخيرة، نفذ عناصر من جهاز امن الدولة جولة على المحال في قضاء زغرتا برفقة مندوب من وزارة الاقتصاد لمراقبة الاسعار فتم ضبط خميرة مهربة من سورية في أحد الأفران في طرابلس.
وبرز تطور قضائي بقضية العميل المهرب عامر الفاخوري، تمثل بإصدار قاضي التحقيق في بيروت بلال حلاوي مذكرة توقيف غيابية، في حق الفاخوري بناء على الدعوى المقدمة من المحامي حسن بزي بوكالته عن الاسرى المحررين سهى بشارة، نبيه عواضة، علي بزي، ياسر بزي، رياض عيسى، خليل هاشم وعلي أيوب، وسيتم تعميم هذه المذكرة في الأيام المقبلة على الأنتربول الدولي لتكون سنداً قانونياً لملاحقته من قبل الفريق القانوني أمام المحاكم الأميركيّة بجرائم الإرهاب، بالإضافة إلى طلب نزع الجنسيّة الأميركيّة منه.