احتلت «مغامرة» إعادة المغتربين اللبنانيين من البلدان، التي يرغبون في العودة منها، من جرّاء اجتياح جائحة كورونا للعالم ما تستحقه من اهتمام رسمي وسياسي وشعبي، فضلاً عن تقدير الدول التي أتى منها هؤلاء، أو المنظمات الدولية المعنية، في وقت فتحت الحكومة ملفاً، متشعباً، وبالغ التعقيد، هو الخطة الاقتصادية والمالية، التي وعد بها الرئيسان ميشال عون وحسان دياب سفراء مجموعة الدعم الدولية في اجتماع أمس الأوّل وسط مخاوف من الغرف في العموميات، ووضع أكثر من خطة للمعالجة..
بالتزامن كان الرئيس نبيه برّي، يعرض مع حاكم مصرف لبنان الوضع المالي والنقدي في ضوء التعاميم الأخيرة المتعلقة بالطلب من المصارف إعطاء المودعين الصغار، الذين تتراوح ودائعهم بين خمسة ملايين ليرة وثلاثة آلاف دولار.. وما هو المطلوب لإعادة النظر بالنظام النقدي.
ونقل عن الرئيس برّي قوله لحاكم المركزي ان ودائع النّاس في المصارف من المقدسات التي لا يجوز التصرف بها تحت أي ظرف من الظروف.
وطالب برّي سلامة بإصدار تعاميم جديدة تتناول مودعين آخرين فضلاً عن الكابيتال كونترول، وان قانون النقد والتسليف يتيح الحق للحاكم بالتصرف.
كما جرى التطرق إلى التعيينات في المراكز المالية، والطلب بإجراء تدقيق مالي في حسابات المركزي.
وقال برّي لسلامة اعطوا ودائع المودعين وخذ مني ما يدهش العالم.
مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء بدأ امس بحث خطة الاصلاح المالي والنقدي التي اعدها وزير المال غازي وزني، والتي ستكون من ضمن خطة الاصلاح والنهوض الاقتصادي والمالي والاداري والقضائي الشاملة، التي يفترض ان تنتهي منتصف الشهر المقبل، وقد عرض الوزير وزني ومديرعام المالية آلان بيفاني العناوين العامة للخطة على ان يستكمل مجلس الوزراء بحثها تفصيليا في جلسات متتابعة بينها جلسة في الرابعة من عصر اليوم قبل اقرارها وعرضها على جلسة اتخاذ القرار في القصر الجمهوري. وفي جلسة غد الخميس، حيث تستمر المناقشات الى الثلاثاء المقبل، الى حين التمكن من الاحاطة بكافة جوانبها بعد مناقشتها مع الوزراء وابداء الملاحظات عليها، على امل اقرارها بصيغتها النهائية يوم الثلاثاء في الاسبوع المقبل.
وذكرت معلومات من داخل الجلسة ان الوزيرين عباس مرتضى وعماد حب الله سجلا اعتراضاً على عدم توزيع مشروع الخطة على الوزراء مسبقاً للاطلاع عليها ودرسها، فكان الجواب انها ستوزع عليهم لاحقاً لهذا الهدف ولوضع الملاحظات ولوضع برنامج كل وزارة ضمن هذه الخطة، التي يبدو انها ستكون كثيرة حسب التسريبات لا سيما لجهة اعادة الهيكلة الشاملة المالية والنقدية والمصرفية وانعكاساتها لا سيما على المواطنين والمودعين في المصارف والارتهان لصندوق النقد الدولي اوالبنك الدولي ومواءمة ذلك مع مصلحة لبنان وشعبه.
وأوضح رئيس الحكومة حسان دياب خلال الجلسة مستبقاً اي نقاش او اعتراض، «أنه تم وضع أفكار أولية للنقاش والتوسع بها أو تعديل ما يجب تعديله بها، ومن ثم التوصل إلى صيغة مكتملة لهذه الخطة».
وفي حين تكتم بعض الوزراء الذين اتصلت بهم «اللواء» عن عرض أي تفاصيل حول مسار النقاش، وقال احدهم: نحن ندرسها وسنقرها بالسرعة اللازمة لكن من دون تسرع. فيما ذكرت معلومات اخرى ان خطة الوزير وزني تقوم على تنظيم السياسة المالية، وهي تقضي بإصلاحات هيكلية مالية ونقدية وإصلاح القطاع المصرفي بما فيه من مصرف لبنان والمصارف الخاصة وتلقائيا التدقيق في حسابات المصرف المركزي.وبهدف تحقيق فائض اولي سريع وتنمية الانتاج المحلي والاستثمارات ،اضافة الى اعادة هيكلة الدين العام بالليرة وبالدولار بما يؤمّن خفضه، اضافة الى دعم الاسر الفقيرة والقطاعين الصحي والتربوي.
وعرضت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد بعد الجلسة العناوين العامة للخطة، وقالت: للمرة الاولى هناك ورقة لبنانية متجانسة ومتكاملة تحاول الوصول الى قناعة مشتركة لتصحيح الوضعين المالي والنقدي والوصول الى نمو مستمر، على أمل أن تكون على قدر توقعات اللبنانيين وحاملي السندات والممولين في الخارج.لم يتم اختيار الحلول الأسهل، لكن في هذه الخطة نَفس ايجابي للخروج من الازمة التي نحن فيها.
وأبرز نقاط الخطة:
1- الدعم الخارجي (مثل سيدر وغيره).
2- تصحيح المالية العامة.
3- اعادة هيكلة الدين العام.
4- اعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف.
5- اجراء بعض الاصلاحات البنيوية: مكافحة الفساد، اصلاح النظام القضائي، وضع مقاييس لتحقيق النمو، اصلاحات قطاعية، اقرار القوانين المتراكمة والمرتبطة بمؤتمر سيدر».
وفي هذه الخطة دعم مباشر للفقراء وعدم المس بحقوقهم، وبمئات ملايين الدولارات، ليس فيها مس بالمعاشات، هي حل مستدام. ليس فيها خسائر للناس لأن الخسارة وقعت ونحن نحاول اعادة النهوض.
واضافت عبد الصمد: أنه «وُضعت أفكار أولية للتوصل إلى صيغة مكتملة لخطة معالجة الأزمة المالية وستستمر النقاشات مع كل الوزراء لحين إقرارها».
ومن جهة ثانية، اعلن رئيس الحكومة حسان دياب خلال الجلسة أننا شارفنا على انجاز اللوائح التي ستشملها المساعدات المالية، وسيتم الاعلان غدا عن اطلاق العملية عبر الجيش اللبناني الذي انتهى من التحضيرات، وهذا البرنامج سيستهدف الفقراء.
وجرى خلال الجلسة ايضا تقييم عملية إعادة اللبنانيين المغتربين واحتمالات توسيع العودة بتسيير رحلات اضافية وكيفية مساعدة الطلاب العالقين في الخارج.
ونفت المصادر الوزارية ما تردد عن انه جرى عرض موضوع انتهاء عقدي شركتي تشغيل قطاع الهاتف الخلوي.وقالت ان الامر لا يزال موضع درس عند وزير الاتصالات.
ويعقد مجلس الوزراء جلسة يوم غد الخميس في القصر الجمهوري وصفت بالمهمة، سواء لجهة جدول الاعمال او التوجه لتمديد حالة التعبئة العامة اسبوعين اضافيين وسبل التشدد في تطبيق اجراءات الوقاية.
ونظراً لاستعجال الخطة ضمن توجه رسمي لاستقدام المساعدات المالية، كشفت مصادر دبلوماسية أن سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان في لقائهم مع رئيسي الجمهورية والحكومة في بعبدا لم يلمسوا أي جديد يمكن البناء عليه ووضعه موضع التنفيذ، وكل ما سمعوه من الرئيسين لا يخرج عن تكرار للمواقف السابقة باستثناء طلبات إضافية لمساعدات طبية وصحية لمواجهة ازمة تفشي وباء كورونا، بينما لوحظ انه تم تجاهل شبه كلي للتوصيات وقرارات وشروط الاجتماع الاخير لمجموعة الدعم في باريس للسلطات اللبنانية لكي تباشر الحكومة اللبنانية الجديدة فورا بإجراء سلسلة اصلاحات هيكلية في مؤسسات الدولة لكي يتم البدء بتطبيق قرارات مؤتمر سيدر وإجراء مفاوضات سريعة مع صندوق النقد الدولي للمساعدة في معالجة الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان حاليا.
وباستثناء ما قاله رئيس الحكومة عن استمرارالحكومة بالعمل لوضع خطة الانقاذ المالي والاقتصادي ووعده بالمباشرة بالاصلاحات المطلوبة، خرج سفراء المجموعة بانطباع مفاده أن الرئيس عون والمسؤولين اللبنانيين يرفضون تنفيذ شروط وتوصيات المجموعة الدولية بتسريع الاصلاحات المطلوبة للحصول على مساعدة المجتمع الدولي لاسيما وانه كان هناك متسع من الوقت للمباشرة بهذه العملية وهم يريدون الحصول عليها بلا شروط أو بدون ضوابط وهذا مرفوض كليا كما تم ابلاغ المسؤولين اللبنانيين على اختلافهم مرارا.
تمديد التعبئة
وفي سياق متصل بالتعبئة العامة، يرجّح العارفون بحقيقة الأوضاع تمديد التعبئة لأسبوعين جديدين، أما ماذا سيتخلل هذه الفترة فيبقى مرهونا بما يتم التوافق عليه داخل مجلس الوزراء غداً الخميس، وذلك بناء على توصية اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي أعدّ التقارير اللازمة عن سير التعبئة السابقة، خصوصا ان اكثر من تقرير طبي في البلد يتحدث عن امكانية تلمس واقع انتشار الفيروس في مهلة تصل الى 20 ايار المقبل.
هذا الكلام يأتي بعد عملية اجلاء اللبنانيين من الخارج، وفي الواقع فإن ذلك قد يشكل الدافع الأكبر لإختبار مشهد الانتشار من الدول التي صنفت موبوءة.
وتقول مصادر وزارية لصحيفة «اللواء» ان ثمة لاءات مرفوعة للمواجهة؛ لا للتساهل في الإجراءات ولا للعودة الى الوراء، مؤكدة انه «حتى الآن بدت التعبئتان وعلى الرغم من خروقات مناطقية تحت عنوان لقمة العيش لدى البعض، والتحدي لدى البعض الآخر، الوسيلة الفضلى في حين ينتظر ان تكون المرحلة الثالثة أكثر ضبطا اذ سيصار الى اصلاح أي خلل اعترى المرحلتين السابقتين». مؤكدة ان لبنان ملتزم بتوصيات منظمة الصحة العالمية لجهة عدم التخفيف من تدابير احتواءات الفيروس.
استنفار صحي وحياتي
وفي سياق متصل، تنصرف الحكومة في جلستها المقبلة الى مناقشة كل التطورات التي سجلت لناحية الاصابات المنتشرة في عدد من المناطق وكيفية تطبيق آلية عودة اللبنانيبن من الخارج وامكانية اعادة طلاب من دول اخرى تتم المطالبة بهم، كما لتدابير بعض الوزارات وكيفية تطبيق خطة الطوارئ الاجتماعية.
ويؤكد وزير الزراعة عباس مرتضى ان المطلوب هو التعاون لتنفيذ الخطة، كاشفا عن دراسات أعدّتها وزارته من اجل تأمين مواد بذور وأسمدة للمزارعين الصغار والمتوسطين وتقديمها لهم اوائل الأسبوع المقبل في كل الأراضي اللبنانية ما يسمح لهم بزراعة اراضيهم في خلال هذا الموسم من السنة.
المساعدات
ويبدأ الجيش اللبناني اليوم توزيع المساعدات المالية، التي أقرّتها الحكومة، في سياق دعم العائلات الفقيرة والمعوزة من ضمن حل مستدام.
وأكّد وزير الشؤون الاجتماعية السابق ريشار قيومجيان لـ«اللواء»: ان «هناك حاجة الى تحديد الشرائح الاكثر فقرا ووضع المعايير الشاملة»، متخوفا «من وجود نية في الاستعانة بأناس جدد والاطاحة بموظفي البرنامج البالغ عددهم 400 موظف براتب لا يتعدى الـ800 الف ليرة شهريا»، مؤكدا ان «هناك خشية في دخول المحسوبيات وعدم استفادة الجميع من المساعدات وغياب الخطة المستدامة» .
الدفعة الثانية
ووفقا لما هو مقرر، عادت الدفعة الثانية من المغتربين اللبنانيين الذين سجلوا اسماءهم في السفارات والقنصليات إلى مطار بيروت، حيث اجريت لهم الفحوصات المتعلقة بـ PCR، وكانت تنتظرهم الحافلات التي اقلتهم بعد ذلك إلى الفنادق المحجوزة لهم.. ضمن مواكبة من وزير الصحة الدكتور حمد حسن، وعدد من الفرق الطبية التابعة للوزارة وغيرها.
وكشف الوزير حسن ان العائدين من فرنسا وهي أوّل طائرات أمس خضعوا للفحص PCR، وهذا الفحص الذي لا يجري في أوروبا بل في بيروت.
وكشف وزير الاشغال ميشال نجار ان ثلث الطائرات العائدة من أميركا واستراليا وكندا ستكون محجوزة للطلاب والعائلات التي ترغب بالعودة.
وعند الثامنة وعشر دقائق، وصلت الطائرة التي تقل العائدين من اسطنبول، وعلى متنها 126 راكباً، وكان اللافت وصول طائرة مدريد ايضا، الأمر الذي فرض إجراءات فورية، وتم فتح بوابتين وانقسمت الفرق الطبية، على نحو متسارع لاجراء الفحوصات، وإنهاء المعاملات.
وعلم أن اللبنانيين في الدول الافريقية التي لا تصلها «الميدل إيست» مثل تنزانيا، وليبريا، وأنغولا، أطلقوا نداءات استغاثة للمسؤولين لتأمين عودتهم، مع استعدادهم للتجمع في البلد الذي تحدده شركة طيران الشرق الأوسط.
التقرير اليومي
وأعلنت وزارة الصحة تقريرها اليومي عن وباء كورونا تسجيل 7 إصابات جديدة رفعت العدد الاجمالي للحالات المثبتة الى 548.
كما صدر عن مستشفى رفيق الحريري الجامعي التقرير اليومي عن آخر المستجدات حول فيروس الكورونا Covid-19 جاء فيه: «وصل مجموع الحالات التي ثبتت مخبريا إصابتها بفيروس الكورونا والموجودة حاليا في منطقة العزل الصحي في المستشفى إلى 31 إصابة.
تم استقبال 16 حالة مشتبه بإصابتها بفيروس الكورونا نقلت من مستشفيات أخرى.
لم يتم تسجيل أي حالة شفاء اليوم وبالتالي ما زال مجموع الحالات التي شفيت تماما من فيروس الكورونا منذ البداية حتى تاريخه 60 حالة شفاء.
إن جميع المصابين بفيروس الكورونا يتلقون العناية اللازمة في وحدة العزل ووضعهم مستقر ما عدا إصابة واحدة وضعها حرج.
وليلاً أفاد مستشفى القديس جاورجيوس (مستشفى الروم) ان خلية إدارة الأزمة في مستشفى بشري الحكومي اتصلت وطلبت المساعدة في اجراء فحص الـPCR للحالات التي تعاني من الاعراض، أو التي خالطتها، وعددها 12 حالة وهو رقم مرتفع قياساً إلى اصابات اليومين الماضيين، والاتجاه لاجراء مسح عام في البلدة.