بعد أن سلكت عملية إعادة المغتربين من بعض دول الانتشار نظرياً طريقها إلى التنفيذ اعتباراً من اليوم الأحد مع استقبال 4 طائرات تقل 360 شخصًا سيصلون من السعودية وأبو ظبي ونيجيريا، على أن تُجرى لهم الفحوص اللازمة في المطار، فإن المسألة كما كل شيء في هذا البلد، دخلت في البازار السياسي وشد الحبال بعد دخول رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على خط تخويف العائدين من إصابتهم بفيروس كورونا وهم على متن الطائرة وتحذيرهم بعدم الصعود إليها إذا لم يكونوا متأكدين من عدم وجود مصابين على متنها، فجعل نفسه وصياً صحياً بعدما فرض نفسه وصياً سياسياً على الحكم والحكومة.
الشظايا الباسيلية لم تتوقف عند مسألة إعادة المغتربين، بل طاولت أيضا رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون أن تسميته ورئيس تيار المرده سليمان فرنجيه، من خلال القول إن هناك منظومة تعمل على عرقلة التعيينات ومنع الحكومة من العمل، من داخلها، وتتناغم مع مَن خارجها، بحسب تعبيره.
مصادر عين التينة لم تشأ في اتصال مع “الأنباء” الرد على باسيل، قائلة: “الوقت اليوم للعمل وليس للمماحكات السياسية، وما يهمنا بالنسبة لإعادة المغتربين ان تقوم الحكومة بواجبها وتعمل على إعادة كل من يرغب بالعودة حتى لا يقال إن دولتهم قصّرت في هذا المجال”.
وفي موضوع التعيينات، قالت مصادر عين التينة: “يعرف باسيل وغيره أن بري يعمل على التوافق ووحدة الصف وصون الوحدة الوطنية، وليس لديه حسابات أخرى، وما يهمنا هو ان تسلك التعيينات طريقها لأن امام الحكومة مهمة انقاذ الوضع الاقتصادي والنقدي والأمور لم تعد تحتمل الانتظار”.
من جهتها، مصادر تيار المرده اعتبرت في اتصال مع “الأنباء” ان الموقف الذي عبّر عنه فرنجيه منذ أيام كافياً لتوضيح ما جرى بشأن التعيينات “ولن ندخل في بازار كلامي مع أحد، ووزيرا المرده سيحضران جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل، وقد يحضرا أيضا اجتماع مجموعة الدعم الدولية الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القصر الجمهوري، الاثنين، بحضور رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء إذا ما تمت دعوتهما إليه”.
وفيما كان الاشتباك السياسي الناعم يمرّر الرسائل على هامش أزمة كورونا، كانت الأزمة الصحية لا تزال تحصد المزيد من ضحايا الفيروس، وكل الأنظار شاخصة الى ما بعد عودة الدفعة الأولى من المغتربين وما اذا كان بينهم من مصابين بالكورونا ليبنى حينها على الشيء مقتضاه.
في هذا السياق، أوضحت مصادر وزير الصحة حمد حسن عبر “الأنباء” انه ينتظر عودة المغتربين لتقييم المرحلة وعلى ضوء ذلك تتقرر الخطوة التالية.
المصادر أكدت ان هذه الخطوة قد تخلط الأوراق بالنسبة لزيادة عدد الإصابات، لكن بعد 20 نيسان تكون الوزارة قد أجرت تقييمها فتصبح الصورة أكثر وضوحاً، مشددة على ضرورة الالتزام بالحجر المنزلي وإلا سيكون هناك اجراءات صارمة قد تصل الى عزل بعض المناطق التي بلغت الاصابات فيها حداً لا يمكن التساهل معه.
وفي اطار الاجراءات التي ستقدم عليها الحكومة في الاسبوع المقبل للحد من انتشار كورونا، علمت “الأنباء” من مصادر حكومية أن الرئيس دياب الذي هدد في جلسة مجلس الوزراء ما قبل الأخيرة باتخاذ اجراءات قاسية يُجري عملية تقييم للفلتان الذي حصل في الأيام الماضية ط، وأنه ناقش هذا الموضوع مع قادة الأجهزة الأمنية ووزير الصحة، وقرار زيادة ساعات منع التجول لم يسقطه من حسابه خاصة بعد أن تتوفر لديه كل المعلومات بخصوص العائدين من الخارج، وإذا تبين وجود إصابات بينهم فالاتجاه سيكون الى منع التجول لفترات طويلة والإقفال التام من دون الوصول الى اعلان حالة طوارئ عامة في البلاد، إلا في الضرورات القصوى وكل ذلك يتوقف على عملية التقييم التي تحدث عنها وزير الصحة.
على صعيد آخر، ورغم انشغال اللبنانيين بكورونا، إلا أن الأزمة الصحية لم تطمس الفضيحة التي ارتكبها مجلس الوزراء من خلال إقرار الاستمرار بمشروع سد بسري وصرف ملايين الدولارات فيما لبنان بأمسّ الحاجة للتوفير والحد من الهدر، الأمر الذي حاوله تبريره وزير الطاقة ريمون غجر في مؤتمره الصحافي، لكن عبثا كان يحاول بعدما اتضحت الصورة أمام الرأي العام اللبناني لا سيما المجتمع المحلي والمدني الرافض للسد. وكلام غجر وضعه وفريقه السياسي في مواجهة مباشرة مع الناس الذين قالوا كلمتهم وجددوها بعد مؤتمره بأن “السد لن يمرّ”.