كتب الأب شربل بوعبود، راهب أنطوني:
إلى مدينة السلام نسير في مواكب المجد والانتصار لنستقبلَ السيِّدَ المسيح الآتي راكبًا على جحشٍ إبن آتان.
نتوق للوصول إلى مدينة الينابيع والتلال الروحيَّة للاحتفال بشعانين الرجاء... فهذا العيدُ يجعلنا نتحرَّرُ من الداخل ويُعيدُنا إلى البساطة، بساطة الأطفال وعفويتهم وبراءَتهم، وإلى الخروج من الذات لملاقاة المسيح، الملك الصاعد إلى أورشليم، وهذا أمرٌ يتطلب منَّا الدخول إلى العمق وتفريغ الذات من الأنانية والكبرياء وكل المشاعر السَّلبيَّة التي تُبعدنا عنه...
إنَّنا نحتاج للتحرُّر من الداخل والانطلاق إلى ملاقاة الآخر والانفتاح عليه من جديد... نحتاجُ أن نعيش التسامح والمغفرة... إلَّا أنَّنا لا نستطيع أن تتحرَّرَ بدون الحب، الذي هو عطيَّة مجانيَّة من الخالق والتي تُشكِّلُ في حياة كلِّ إنسان نقطةَ تحوُّل واقعيَّة بدونِ محاباة للوجوه. فبالنسبة إلينا نحن المسيحيون، إنَّ الرب يسوع هو الذي يكسر عبوديَّةَ الخطيئة الداخليَّة ليجعل الإنسان قادرًا على أن يُحبّ، لأنَّ الحبّ الحقيقي هو الحريّة الحقيقيّة...
والحبُّ المثالي النهائي هو الحبُّ الإلهيّ النقيّ الذي لا يتبدَّلُ ولا يتغير أبدًا ولا يضمحل.
هو يتلألأ كالشمس الصافية التي يحرق نورها القلوب المتحجرة الرافضة خوض معركة البذل والعطاء، فالحبُّ أقوى من الموت ولا أحد يستطيع أن يدفنَ حبَّ الله في داخلنا...
١ يوحنا ٤: ١٦
«وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي ِللهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ».
إذا، هذا الثبات يتطلب منا دينامكيَّة في الحياة وسعي دائم لجعل الله أولية في حياتنا.
فعسى أن تكون الشعانين هذه السنة نقطة تحول من الداخل لإعادة ترتيب حياتنا على ضوء ما نعيشه من أزمات إن إقتصادية أو معيشية أو صحيَّة بسبب تفشي فيروس كورونا في العالم أجمع...
إنَّ الحجرَ المنزلي قد وعَّى فينا الشوق للاحتفال بأيام أعياد، وما الأعياد إلَّا فرح وسلام ولقاء بالأحبَّة... والوصية الثالثة «إحفظ يوم الرَّب» تدعونا لهكذا احتفال بكلِّ راحة ضَمير، فالمهم أن تكونَ قلوبنا باستعدادٍ كاملٍ لاستقبال ملك المجد.
وبرغم ما يحيطنا من كآبة وخوف تبقى شلوح النخل الخضراء متأهبة لاستقبال ملك السماء وأغصان الزيتون تلوح بالسلام والحياة لكلِّ إنسان على هذه الأرض، علَّنا ندخل أورشليمَ كلّ منَّا من حجرته ومنزله مع عائلته... ولنعِش مخاض آلام المخلص لنبلغ معه إلى القيامة فالملكوت.