لم يكفِ لبنان الانغماس على نحو خطير في عين عاصفة فايروس كورونا (Covid-19) مع ارتفاع العدد المصاب إلى 479 حالة بزيادة 16 حالة عن يوم أمس، وسط تصاعد المخاوف من ان يؤدي «الاستلشاء» من قبل بعض المواطنين، المحقين وغير المحقين، إلى ما لا تحمد عقباه، لأن المعركة ليست محسومة مع هذا الفايروس، وفقاً للأوساط الصحية، فإذا بضغط المصارف، لا يقل خطورة، عن ضغط الكورونا على مجالات الحياة والمجتمع ككل، لدرجة ان الليرة اللبنانية التي تعرّضت لنكبة، هي الأولى منذ بدايات التسعينيات من القرن الماضي، دفعها «الحراك المصرفي» (أصحاب المصارف وأصحاب محلات وشركات الصيرفة) الى درجة يصعب معها ضبط الوضع، إذا ما آذنت كورونا بالانصراف، مع تمنع المصارف عن تزويد المحتاج لحفنة من الدولارات، بذريعة الشح، مما دفع سعر صرف الدولار في الأسواق الى 2850 ليرة لبنانية.
ومضت المصارف إلى ضروبات مبتكرة من التسلط، كإيقاف اصحاب الحسابات والحقوق خارج أبوابها، إذلاء بمعاملات مهينة، الأمر الذي يطرح السؤال الخطير: مَنْ يغطي هؤلاء، ومن يردع هذا العمل الذي يندى له الجبين، في بلد كانت المصارف تشكّل «الدرة على رأسه» ومفخرة اقتصاده؟!
فإنقاذ العباد والبلاد من التسلط المصرفي، الذي لم يتوقف عند حدّ وضع اليد على أموال المودعين والموظفين والمتقاعدين والمتعاقدين، وصولاً إلى المضمون، بل ذهب إلى حجب الدولار الشحيح حتى اعدمه، وفق خطة محكمة، من الاقفال، إلى استغلال أزمة الكورونا، بات أولوية تعادل إنقاذ حياة النّاس من جائحة الكورونا.
وإذا كانت الحملة القضائية على الصيارفة المخالفين لتعاميم حاكم مصرف لبنان توقفت، بعدما اغلقت بعض مكاتب الصرافة أبوابها، ومضت مكاتب أخرى إلى رفع السعر، مما زاد في صعوبة الحصول على الدولار.
وتعلق البنوك الآن عمليات السحب المحدودة أصلا بمقدار منخفض يصل إلى 100 دولار أسبوعيا.
ورغم عدم إعلان أي خطوة لحجب الدولارات ولا ما إذا كانت مثل تلك الإجراءات موقتة، فقد قالت مصادر من أربعة بنوك إنه منذ بدء العزل، لا يمكن إخراج سوى الدولارات المودعة حديثا أو تلك المحولة من الخارج.
ومددت الحكومة أجل إجراءات العزل العام بسبب فيروس كورونا حتى 12 نيسان، إذ أغلقت جميع الشركات والمطارات تقريبا مع فرضها حظر تجول ليلي.
ويضطر المودعون إلى سحب دولاراتهم من أجهزة الصرف الآلي التي تحولها إلى ليرات لبنانية بسعر الربط الرسمي، مما يقلص قيمتها ويغضب اللبنانيين المتضررين بالفعل من تخفيضات كاسحة في الوظائف وتضخم آخذ في الارتفاع.
حكومياً، يبحث مجلس الوزراء في جلسته اليوم في القصر الجمهوري، خمسة مواضيع اساسية ابرزها: الملف الساخن حول التعيينات المطروحة لنواب حاكم مصرف لبنان الاربعة، ورئيس واعضاء لجنة الرقابة على المصارف الخمسة، وثلاثة اعضاء لهيئة الاسواق المالية، ومفوضا الحكومة لدي مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة. وذلك بعد ان رفعت الى الوزراء في جلسة الثلاثاء الماضي السير الذاتية لعدد من المرشحين لكل مركز ليتم الاختيار بينهم.
كما يبحث المجلس في: عرض وزير الطاقة لسير الاشغال في سد بسري. وعرض وزير الطاقة لموضوع استدراج العروض حول انشاء معامل انتاج الطاقة الكهربائية، وعرض اعفاء المستلزمات الطبية والاستشفائية والمخبرية من الرسوم الجمركية، وعرض آلية إعادة المغتربين الراغبين في العودة بعدما اقرها مجلس الوزراء في جلسة الثلاثاء الماضي، وبعض الملاحظات التقنية عليها لإقرارها بصيغتها النهائية.
وبخصوص التعيينات المصرفية فقد تضاربت المعلومات حول التوافق عليها، فذكرت مصادر «التيار الحر» انه جرى تذليل المعارضة القائمة داخل مكونات الحكومة امام التعيينات وهي ستقر في جلسة اليوم. لكن مصادر رسمية ذكرت لـ «اللواء» ان الاتصالات ظلت مستمرة طيلة يوم امس لتذليل العقبات، ويبدو انها نجحت في إرضاء رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجيه، لكن لم يُعرف هل في التعيينات المصرفية او ربما يتم ارضاؤه بواحد الان في التعيينات المصرفية ولاحقاً في التعيينات الادارية الاخرى المقبلة. فيما نفت اوساط مطلعة التوصل الى اي اتفاق نهائي يُرضي فرنجيه.
وذكرت مصادر اخرى ان الرئيس نبيه بري دخل على خط الاتصالات، إلا انها لم تتوصل الى نتيجة نهائية مع رئيس الحكومة حسان دياب ومع رئيس «التيار الحر» النائب جبران باسيل، ولا مع فرنجيه، الذي يُصر على حصة من عضوين مسيحيين واحد في لجنة الرقابة والاخر مفوض الحكومة، فيما المطروح عليه عضو واحد «تبعاً لتمثيله الحكومي كما تقول اوساط التيار الحر». لكن بند التعيينات لن يُسحب بسبب هذا الخلاف وهي ستُبحث اليوم، والامور متروكة الى نتائج اتصالات ربع الساعة الأخير، او الى ما سيحصل في الجلسة (توافق او تصويت او ربما تأجيل اذا لم يحصل الاتفاق)، علماً ان فرنجيه هدد بسحب الوزير الذي سماه للحكومة اذا حصل تصويت لغير مصلحة ما يطالب به.
واوضحت مصادر رسمية لـ «اللواء» انه اذا كان البعض يتحدث عن خلافات بين بعض مكونات الحكومة حول التعيينات المصرفية، فلماذا حملة بعض اركان المعارضة على الحكومة وهم خارجها، إلا اذا كان القصد إبقاء قبضة هؤلاء على مفاصل الدولة، ولا سيما على القرار المالي والنقدي الذي امسكوه طيلة سنوات واوصلونا به الى ما نحن فيه من ازمات؟ وقالت: لذلك لا بد من التغيير ووفق الآلية التي سبق واعتمدها المعارضون انفسهم للتعيينات ايام كانوا في الحكم وتقاسموا الحصص في ما بينهم.
وعلمت «اللواء» مساء انه في حال بقي ملف التعيينات المالية المدرج على جدول اعمال مجلس الوزراء اليوم في قصر بعبدا على حاله وبالتالي لم يحصل اي تبديل في ما هو مطروح فإن ثمة ارجحية كبيرة الا يشارك وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار ووزيرة العمل لميا يمين دويهي في الجلسة.
وافيد أن الوزيرين نجار ودويهي كانا يتمنيان وجود آلية شفافة للتعيينات تسمح باختيار الأكفأ وفق معايير واضحة لكن الأمر ليس كذلك بحسب ما تبين لجهة دخول المحاصصة فيها. وقالت مصادر وزارية ان اعتراض رئيس تيار المرده الوزير السابق سليمان فرنجيه كان نابعا من تمسكه بهذه الآلية العادلة والشفافة للجميع وعندما اظهرت الوقائع ان الامر غير مطبق فانبرى الى التأكيد ان مثله مثل غيره.
وفهم ان عددا من الوزراء ومن بينهم الوزيرة يمين ايد الرأي القائل انه اختصارا للموضوع كان يفضل اعادة النظر بالرواتب المرتفعة للذين سيتم تعيينهم ولاسيما نواب حاكم مصرف لبنان قبل التعيينِ.
وافادت مصادر وزارية ان ايا من الوزراء لم يتبلغ بتأجيل الجلسة او سحب ملف التعيينات عن الجدول مشيرة الى انه بقيت الاتصالات التي يقودها حزب الله مع فرنجيه قائمة.
وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس لم يكن الاتفاق حصل مع فرنجيه الذي يصر على مركزين الأول في لجنة الرقابة والثاني مفوض حكومة لدى مصرف لبنان من أصل سبعة مراكز للطائفة المسيحية بينما يرفض رئيس التيار الوطني الحر مطلب المرده ويصر على ترك مركز واحد لهم الأمر الذي جعل فرنجيه يهدد بالإنسحاب من الحكومة.
لكن المصادر المطلعة قالت أن بند التعيينات لن يسحب بسبب هذا الخلاف وهي ستقر اليوم والأمور متروكة إلى مسار الجلسة أو إلى إتصالات ربع الساعة الأخيرة التي تسبقها.
اما المرشحون للمناصب المصرفية فعُرف منهم حسب المتداول:
4 نواب لحاكم مصرف لبنان من بين المرشحين: سليم شاهين، عامر البساط، م. ج زيدان، مازن سويد، مروان بركات، فادي فليحان، خالد عبد الصمد، فؤاد أبو حسن، غربيس إيراديان، غريس ليباريان، اليكساندر موراديان، وسيم منصوري، عليا مبيض، أسعد قشيش ووائل الزين.
رئيس واربعة أعضاء للجنة الرقابة على المصارف من بين: موفق اليافي، ندين حبال، مايا دباغ، ناصر نبيل شهال، عادل دريك، غابريال فرنيني، طوني الشويري، نادين غصن، كامل وزني، وسام حركي، ربيع نعمة، جوزف الحداد، غسان قندلفت، مروان ميخائيل، هنري شاوول، تانيا مسلّم ودانيال كساب.
ثلاثة أعضاء هيئة الأسواق المالية من بين: يسار ناصر، واجب قانصو، ربيع كرباج، طارق ذبيان، هالة نجد، وليد قادري ونيقولا شيخاني.
ولن يغيب ملف كورونا عن جلسة مجلس الوزراء لجهة البحث بالخرق الحاصل من بعض المواطنين وامكانية تنفيد الية عودة اللبنانيين من الخارج وما اذا كان المجال متاحا لأي تعديل فيها. وعلم ان سيكون لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون مداخلة في هذا الموضوع كما في غيره.
ولم يتوضح لكثير من المراجعين عما إذا كان مبلغ ٤٠٠ ألف الذي أقره مجلس الوزراء مؤخرا لمساعدة العائلات المحتاجة سيكون شهريا ريثما تنتهي ازمة كورونا ام انه لمرة واحدة فقط،في حين طرحت تساؤلات من العديد من النواب عما إذا كان مبلغ ه٧ مليار ليرة الذي قرره المجلس للهيئة العليا للاغاثة، سيبقى تحت تصرف الهيئة ام انه نقل الى وزارة الشؤون الاجتماعية بعد الاعتراضات الوزارية التي حصلت وما هو دور الجيش اللبناني بتوزيع هذه الأموال.
التقرير اليومي
على صعيد اصابات الفايروس كورونا أعلنت وزارة الصحة العامة أنه حتى تاريخه ١/٤/٢٠٢٠ بلغ عدد الحالات المثبتة مخبرياً في مستشفى الحريري الجامعي ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة، بالإضافة إلى المختبرات الخاصة ٤٧٩ حالة بزيادة ١٦ حالة عن يوم امس الاول، علما ان عدد الفحوصات التي أجريت في الساعات الأربع والعشرين الماضية بلغ ٤٩٠ فحصا. ولم يتم تسجيل أي وفاة جديدة بالفيروس، ويستقر عدد الوفيات حتى تاريخه على اثنتي عشرة.
وفي السياق، صدر عن مستشفى رفيق الحريري الجامعي التقرير اليومي عن آخر المستجدات حول فيروس الكورونا Covid-19 وجاء فيه: وصل مجموع الحالات التي ثبتت مخبريا إصابتها بفيروس الكورونا والتي عزلت في منطقة العزل الصحي في المستشفى 56 إصابة، من ضمنها إصاباتان تم نقلهما من مستشفيات أخرى.
تماثلت 6 إصابات بفيروس الكورونا للشفاء بعد أن جاءت نتيحة فحص الـ PCR سلبية في المرتين وتخلصها من كافة عوارض المرض.
بلغ مجموع الحالات التي شفيت تماما من فيروس الكورونا منذ البداية 43 حالة شفاء.
بناء لتوجيهات منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العامة تم إخراج حالتين مصابتين بفيروس الكورونا من المستشفى إلى الحجر المنزلي، وذلك بعد تأكيد الطبيب المعالج على شفاء المريضين سريريا وإبلاغهما بكافة التدابير والإرشادات المتعلقة بالحجر المنزلي، لجهة التعامل مع الآخرين والنظافة الشخصية وكيفية تناول الطعام وكيفية التخلص من القمامة ومراقبة الحرارة يوميا.
وتم تسجيل حالتي وفاة في وحدة العناية الفائقة الخاصة بمرضى الكورونا، احداهما لمصاب في العقد الخامس من العمر والأخرى لمصاب في العقد السادس، وكلاهما كانا يعانيان من أمراض مزمنة.
وكشف النقاب عن إصابة رتيب في سرية حراسة رئاسة الحكومة، حُجر صحياً مع كل من خالطه.
وفي موضوع تكليف الجيش امر توزيع المساعدات المقبلة، فإن الآلية ستبصر النور في الساعات المقبلة، والى حين بلورتها حكوميا تبقى المؤسسة العسكرية بانتظار تبليغها رسميا بهذا الشأن.
ومساء أمس وقع اشكال في طرابلس بين مجموعة ضمّت عشرات المتظاهرين وعناصر من الجيش اللبناني، مقابل قصر حلويات عبد الرحمن الحلاب. وفي التفاصيل ان المتظاهرين كانوا يتجهون من طريق الميناء إلى ساحة النور، رافعين شعارات الثورة والجوع، فحاولت عناصر الجيش تفريقهم تنفيذا لقرار التعبئة العامة وحظر التجول بعد السابعة ليلا. وسرعان ما تطورت التظاهرة إلى اشكال كبير، بعد ان رفض المتظاهرون الامتثال لقرار الجيش، فتعاملت العناصر الأمنية معهم بالقوة لتفريقهم.