مع اشتداد هجمات فايروس «الكورونا» التي تتنامى على نحو صاروخي واضعة «جبروت البشر» على محك القوة، لجهة العجز عن مواجهة «فايروس» بالغ الخطورة، لجهة قدرته البالغة على الفتك بطريدته البشرية، الأمر الذي حمل جبارين كالولايات المتحدة الأميركية والصين إلى البحث عن «هدنة كورونا»، تبدأ بوقف التحديات والتعنيف والهجمات وتنتهي بتشكيل اتحاد دولي لمواجهة الوباء القاتل.
اما في لبنان، فتبدو لعبة المحاصصة السياسية، في السباق الذي لم يتوقف على التعيينات في المراكز العليا في الدولة، ومنها نواب حاكم مصرف لبنان، وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، وغيرها، الأمر الذي يعيق التوجهات الهادفة إلى مجابهة «الكورونا» التي أصابت يوم أمس العشرات، فرفعت العدد إلى 391 إصابة مثبتة مخبرياً..
في حين، نقل عن الرئيس نبيه برّي استياءه من طريقة عودة اللبنانيين في الخارج، داعياً لعقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء اليوم قبل الغد، لمعالجة هذا الموضوع، وبقيت الجهود منصبة على معالجة المطالب من هنا وتوزيع المساعدات للعائلات الأكثر فقراً.
وفي الخضم، انتقد الرئيس سعد الحريري الاستنسابية في العفو، قائلاً: «الكورونا ليست باباً للاستنسابية في اتخاذ القرارات القضائية»، داعياً إلى العفو العام الذي بات «مطلباً ملحاً يتقدّم على الحسابات الضيقة، والكيل بمكاييل سياسية لم تعد مقبولة».
ولم يتوقف أمس السجال حول التعيينات المرتقبة في المواقع المالية بين تيّار المستقبل والتيار الوطني الحر، مع دخول «لغزي» لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي تحدث عن ثلاثي «غير مرح» ممسك بالسلطة، مما يبقي الشعب اللبناني في النفق.
واتهم المستقبل التيار البرتقالي من دون ان يسميه بأنه «يريد تهريب التعيينات تحت جنح الوباء للهيمنة على القرار المصرفي والمالي»، ورد التيار الوطني الحر مشيراً إلى ان التعيينات الجديدة هي من صلاحية الحكومة، نافياً ان يكون «للتيار المؤيد للحكومة أي مرشّح عائد له».
ولم يستبعد مصدر وزاري تطرح التعيينات في جلسة الخميس المقبل في بعبدا.
لكن مسؤولاً رسمياً يعترف بأن مشكلات طرأت فضلاً عن المشكلات الرئيسية، كالخلافات على التعيينات الادارية وفي مصرف لبنان وانعكست على الحكومة، وارتفاع الاسعار بشكل جنوني، واعلان حالة التعبئة العامة مع ما تتركه من انعكاسات على المجتمع والاقتصاد نتيجة الاقفال. والخلاف حول تطبيق قانون «كابيتال كونترول»، واستمرار ما يصفه استنسابية المصارف في التعامل مع الزبائن.
وقال المسؤول: ان الوضع المالي والنقدي للدولة ادق واصعب مما نعتقد جميعاً، ونامل ان يًفرج حاكم مصرف لبنان عن كل الارقام الدقيقة التي يملكها، حتى نعلم بالضبط الوضع المالي للمصرف المركزي وللدولة لمعرفة كيفية التصرف واتخاذ القرار.اما ارتفاع الاسعار فثمة اتصالات جارية لضبطها، بالرغم من تسطيرمحاضر ضبط كثيرة بحق المخالفين. وقد وضعت مديرية امن الدولة يدها على ملف المخالفات وهي بصدد وضع حد له. خاصة ان المخالفات بدأت تطال نوعية البضائع، كمثل ضبط تسويق كمامات واقية من الكورونا غير صالحة وغير صحية.
واضاف: حتى موضوع التعبئة العامة لتلافي تفشي «كورونا» تحوّل الى جدال سياسي حول جدواه او تدابيره وإجراءاته، وهو جدال لا لزوم له الان، لأنه يضر ولا يفيد احداً، علماً ان التعبئة العامة المعلنة والمطبقة تشبه الى حد كبير إعلان حالة الطواريء الشاملة في البلاد، لأن القوى المسلحة مكلفة التطبيق لا الادارات المدنية وحدها.
ونفى المسؤول في هذا المجال ما يتردد عن خلاف بين الرئيس ميشال عون وبين قيادة الجيش حول الاجراءات الواجب اتخاذها وتطبيقها لمواجهة انتشار كورونا، وذلك لحسابات سياسية انتخابية كما يُشيع البعض، ويعتبر ان مثل هذا الكلام «سخيف لا يُرَدّ عليه، ومن المعيب ان تصل النكايات السياسية الى هذا الدرك».
وأكد المسؤول ذاته ان الحكومة ستذهب بالتأكيد لتعيين نواب حاكم مصرف لبنان ومفوض الحكومة ولجنة الرقابة على المصارف، وذلك لضرورتها، فمجلس المصرف المركزي هو صاحب القرار وليس الحاكم بمفرده كما يحصل الآن.
وعلمت «اللواء» انه من أبرز التعيينات المقترحة من التيار الوطني الحر ترفيع السيدة نادين عسيلي إلى فئة أولى (هي رئيسة مصلحة في وزارة الاقتصاد)، وهي عقيلة رئيس مجلس إدارة بنك سيدروس فادي عسيلي، وتعيينها رئيسة لجنة الرقابة على المصارف.
وتخوفت مصادر سياسية من ان يؤدي المضي في التعيينات، من دون ابعاد الاستئثار عنها، والتزام عدم الانتماء الحزبي والسياسي إلى تفجير الخلافات في الحكومة، وبالتالي دخول البلد في أزمة.
لكن المصادر أفادت باستمرار الخلافات واستبعدت حصول تعيينات في جلسة الخميس المقبل.
وفهم من اوساط سياسية مطلعة ان ما اتخذ من قرارات اول من امس في مجلس الوزراء قابلة للتجديد نظرا لتطور انتشار فيروس كورونا وقالت انه لا يمكن منذ الآن الحديث عن فشل او نصف متابعة لافتة الى ان الحكومة تواصل اجراءاتها فضلا عن موضوع المساعدات التي توزع .
واعربت الأوساط عن اعتقادها ان موضوع اللبنانيين الراغبين بالعودة سيشكل محور متابعة ضمن الألية التي تضعها وزارة الخارجية والمغتربين وكشفت المصادر ان المسألة لن تكون سهلة وتنتظر بعض الإستيضاحات .
وقالت ان امام الحكومة رزمة من الملفات ستحاول انجازها وفق التوقيت بالإضافة الى موضوع فيروس كورونا لافتة الى ان اي محاولة تخلق خلافا سيصار الى تجنبها على ان الأصول الدستورية سيصار الى اعتمادها بشكل دائم .
وعلى صعيد اهتزاز التحالفات السياسية وعشية إطلالة جديدة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عند الثالثة والنصف من مساء اليوم لمناسبة بداية شهر شعبان، كشفت الزميلة منال زعيتر ان ثمة من يرد في حزب الله بأن التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل لم يعد يلتزم بالثوابت الاستراتيجية التي تمّ التفاهم على أساسها، والحزب «لا يناسبه وضع يده في يد اي طرف لا يلتزم بهذه الثوابت او يحيد عنها حتى لو كان ميشال عون».
وعلى ما يقول المقربون فان اهتزاز العلاقة بين الحليفين ليست على خلفيات تهريب العميل عامر فاخوري فقط، الوضع في الحكومة ليس افضل حالا، معلومات المقربين تؤكد ان باسيل يعرقل كل الملفات من الكهرباء الى التعيينات وقبلا في مسالة سندات اليوروبوند، الرجل يتصرف وكانه يريد وضع اليد على كل الدولة بلا حسيب او رقيب.
ولكن يبدو ان حزب الله لا يريد الان رغم امتعاضه الواضح من اداء باسيل وبعض المحسوبين مباشرة على العهد ان يفتح السجال اعلاميا حول الملفات الخلافية معهم، وحسب معلومات المقربين فانه عمم على نوابه ووزرائه التزام الصمت وعدم الاخذ والرد في هذا الموضوع.
الخطة المالية
مالياً، وبالتزامن مع محادثات وزير المال غازي وزني مع حاملي السندات عبر الانترنت، ناقش الرئيس حسان دياب، بمشاركة نائبه وزيرة الدفاع زينة عكر، المساعدات التي يُمكن ان يقدمها البنك الدولي للبنان مع مدير دائرة الشرق الأوسط في البنك ساروج كومار، من زاوية دعم جهود الحكومة لمواجهة الكورونا، فضلا عن دعم أولويات الحكومة لوضعها موضع التطبيق.
والأمر نفسه، عرضه دياب مع المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، ومساء، استقبل رئيس لجنة المال النيابية في السراي الكبير، وعرض معه تجهيز مستشفى ضهر الباشق.
بالتزامن، دشّن وزير المال أمس محاولات، عبر الانترنت مع حاملي سندات اليوروبوندز، متعهداً بتطبيق خطة تعافٍ اقتصادية نهاية هذه السنة.
وقال: تحتاج خطة الانقاذ الشاملة الخاصة بلبنان إلى معالجة جميع الاختلالات التي ذكرتها.
وهي تتضمن أربع ركائز رئيسية سيتم تفصيلها خلال العرض:
– إصلاح متعمق للقطاع المصرفي يشمل المصارف التجارية ومصرف لبنان وموجّه نحو إعادة تشكيل القطاع بما يتماشى مع الدعم المطلوب لتنمية اقتصاد منتج.
– خطة إصلاح مالي تهدف الى تحقيق فائض أولي معقول على المدى المتوسط والطويل.
– إصلاحات هيكلية طموحة تهدف إلى تعزيز النمو، لا سيما من خلال تنمية الاقتصاد المنتج والاستثمارات لإعادة بناء البنى التحتية.
– وبالطبع، إعادة هيكلة كاملة للدين العام- المقوم بكل من الليرة اللبنانية والدولار الأميركي- تهدف إلى تخفيف عبئه بشكل مستدام على الموازنة واستعادة القدرة الطبيعية على الاقتراض.
وقال بيان للمالية ان لبنان عين دي.إف كينج ليمتد، إحدى شركات اورينت كابيتال، للمساعدة في التعرف على حاملي سنداته الدولية يعكف على إعادة هيكلة واسعة للدين.
ولا يعرف لبنان هوية العديد من حملة سنداته الدولية البالغة نحو 31 مليار دولار.
وقال البيان ان الوزارة تطلب من حملة الدين المستفيدين أو مديري الاستثمار الإعلان عن أنفسهم بحلول 17 نيسان من خلال بنوك الحفظ أو على موقع الكتروني اقامته دي.إف كينج لتسهيل التواصل.
وفي سياق متصل، وإزاء اللغط الذي رافق تحويل 75 مليار ليرة لبنانية للهيئة العليا للاغاثة لانفاقها على العائلات المحتاجة، كشف الأمين العام للهيئة اللواء محمّد خير انه وبسبب ازمة وباء كورونا فإن مجلس الوزراء وضع لدى الهيئة وديعة بقيمة 20 مليون دولار للمساعدة في كل ما يتعلق بمعالجة الازمة وتخفيف العبء من جراء الفيروس، وذلك من خلال القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء ورئيس الحكومة بالنسبة الى المستلزمات الطبية والتجهيزات لتحويلها الى المستشفيات الحكومية من اجل مساعدتها، جازما ان صرف هذه الاموال يتم من خلال قرارات يتخذها مجلس الوزراء او رئيس الحكومة فقط.
وعن مبلغ 75 مليار ليرة الذي تم تحويله الى الهيئة من قبل مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة يوم الخميس الماضي، يقول خير انه «وديعة موضوعة لدى صندوق الهيئة في حساب مستقل، وان صرف المبلغ هو من اختصاص الرئيس حسان دياب بشكل مباشر،ووزير الشؤون الاجتماعية واللجنة الوزارية المكلفة دراسة الشأن الاجتماعي وليس بقرار من الامين العام للهيئة».
التقرير اليومي
وجاء في التقرير اليومي عن Covid19 الذي تصدره وزارة الصحة انه حتى تاريخ 27/3/2020 أمس بلغ عدد الحالات المثبتة مخبريا في مستشفى الحريري الجامعي ومخترات المستشفيات الجامعية المعتمدة بالإضافة إلى المختبرات الخاصة 391 حالة بزيادة 23 حالة عن يوم أمس الأوّل.
كما سجلت حالة وفاة لدى مريض يُعاني من أمراض مزمنة في العقد الثامن العمر في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي.
وعلم ان ستة لبنانيين، في السنغال اصيبوا بداء الكورونا.
وكان الرئيس دياب تفقد مستشفى رفيق الحريري واطلع على سير العمل برفقة وزير الصحة الدكتور حمد حسن، وبشر العاملين بأنه وقع كتاب فروقات سلسلة الرتب والرواتب والتي تناهز قيمتها مليارا و50 مليون ليرة، بالإضافة إلى 950 مليون ليرة السابقة، وحولته إلى وزارة المالية، وسيتقاضى جميع العاملين في المستشفى رواتبهم الجديدة آخر الشهر الحالي إن شاء الله. وهكذا يكون العاملون قد حصلوا على حقوقهم من الدولة».
وحدث اشكال ليلاً، في وسط بيروت بين المحتجين والقوى الأمنية على خلفية إزالة الخيم منها.
واستنكرت لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين «قيام الأجهزة الأمنية بإزالة وتدمير خيم الاعتصام الدائم في ساحة الشهداء، ومحاولة توقيف عدد من المعتصمين».
كما قطع الجيش اللبناني طريق الجنوب – بيروت عند نقطة الأوّلي، عملاً بقرار مجلس الوزراء باستثناء الحالات المعفاة..