إذن حصل المحظور المتوقع غير المفاجئ في بداية انزلاق لبنان إلى مرحلة الانتشار الوبائي بما يستتبع انطلاق تنفيذ خطة عسكرية أمنية لنشر القوى على الأرض في كل المناطق اللبنانية وإطلاق دوريات وإقامة حواجز بما يوازي حال طوارئ غير معلنة ومنع التجول واتخاذ الإجراءات كافة لإلزام المواطنين بالتزام عدم مغادرة منازلهم بالقوة. والواضح أن وقائع الأيام الأخيرة أرخت بثقل مرعب على كل الجهات الرسمية والصحية بإزاء ما أبرزته قفزات أعداد الإصابات بكورونا من جهة وإظهار نسب واسعة من المواطنين في مناطق مختلفة استهتاراً وخفة مخيبين ومخيفين حتى أن مشاهد أظهرتها وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي من بعض المناطق تسببت بصدمة لجهة ما أظهرته من استهانة بالتفلت من الإجراءات المتخذة وفي أساسها التزام عدم مغادرة المنازل. ولعل المفارقة المعبرة التي سبقت توجيه رئيس الحكومة حسان دياب رسالته الدراماتيكية إلى اللبنانيين مساء أمس معلناً فيها تصعيد تدابير وإجراءات التعبئة لتقارب خطة اعلان الطوارئ أن جميع الزعماء السياسيين في لبنان من دون استثناء تعاقبوا في ساعات النهار أمس على إطلاق النداءات وتوجيه البيانات التوجيهية والحزبية إلى أنصارهم مشددين عليهم بضرورة التزام المنازل في كل المناطق. وبدت اللغة السياسية كأنها اختفت تماماً في بيانات الزعماء الذين ركزوا بياناتهم على التحذير من مغبة انزلاق لبنان نحو الانتشار الوبائي ويشددون على أنصارهم وعلى اللبنانيين عموماً بضرورة التزام تنفيذ الإجراءات المتخذة من الحكومة ووزارة الصحة وهو الأمر الذي تكرر في بيانات لكل من الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل ناهيك عن العديد من النواب والسياسيين والمعنيين في ما عكس جسامة الواقع الذي بات يثقل على مجمل الوضع اللبناني .
أما ذروة التطورات الدراماتيكية فبرزت في مؤشر أولي عبر بيان ملحق أصدرته وزارة الصحة بعد الظهر لتعلن من خلاله ارتفاع عدد الإصابات المثبتة الى 206 حالات محذرة من أن ذلك يشير إلى بدء مرحلة الانتشار . ولكن عدد الإصابات عاد ليرتفع مرة جدية عبر العدد الذي أعلنه رئيس الحكومة حسان دياب مساء إذ بلغ 230 إصابة. وأمام عدد من الوزراء الذين جلسوا متباعدين أعلن دياب في رسالته من السرايا أنه أمام الارتفاع الملحوظ في عدد المصابين خصوصاً في اليومين الأخيرين بما “ينذر بخطر داهم وأمام عدم التزام المواطنين الإجراءات والتدابير المتخذة نؤكد على قيادة الجيش والمديرية العامة للأمن العام ومديرية أمن الدولة وجميع البلديات واتحاداتها التشدد في تطبيق تدابير صارمة مع الإجراءات في جميع المناطق لجهة وجوب التزام المواطنين البقاء في المنازل وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى”. وإذ أوضح أن وزارة الداخلية وقيادة الجيش وجميع الأجهزة سيعلنون الخطط التنفيذية خاطب اللبنانيين قائلاً “أدعوكم إلى حظر تجول ذاتي لأن الدولة لا تستطيع وحدها مواجهة هذا الزحف الوبائي نحن في خطر كبير وانتصارنا عليه لا يكون إلا بتكامل وتفاعل بين الدولة والمجتمع والمواطن“. .وفيما أعلن أن وزير الداخلية سيعقد مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم لإعلان الخطة التنفيذية التي ستتخذ لإلزام المواطنين منع مغادرة المنازل ومنع التجمعات وغيرها أعلن وزير الصحة حسن حمد عقب كلمة رئيس الحكومة أننا لم ننزلق إلى المرحلة الرابعة بعد ولكن التفلت في اليومين الماضيين غير مقبول أبداً وإذا بقي التفلت سوف نصل إلى نفق مظلم ودعا المجتمع اللبناني إلى التزام الإرشادات وقال إذا التزم سنكون امام حال جيدة في الفترة المقبلة ولفت إلى أننا امام أسبوع يحدد ماهية الخطوة المقبلة التي ستبنى على أساس التزام المواطنين في المنازل.
وإيذاناً ببدء تنفيذ الإجراءات أصدرت قيادة الجيش بياناً مساء نبهت فيه المواطنين إلى وجوب الالتزام التام بقرارات مجلس الوزراء الرامية إلى منع التجمعات وإقفال المؤسسات التي يشملها قرار التعبئة وأكدت انها بدأت تسيير دورياتها في المناطق اللبنانية إنفاذاً لهذه القرارات . وليلاً أوردت مديرية التوجيه في قيادة الجيش على موقعها الرسمي أن وحدات الجيش بدأت مساء بالانتشار على الأراضي اللبنانية كافة في إطار تنفيذ الخطة الرامية إلى تطبيق قرارات الحكومة المتعلقة بمنع التجمعات وإقفال كل مؤسسة يشملها قرار التعبئة .