تحت عنوان “قرار «اليوروبوندز»: دفعة أولى أو انزلاق إلى النموذج الفنزويلي؟
بعبدا تنأى عن القرار والخلافات تجمّد تشكيلات القضاة.. والكورونا تخرج عن السيطرة!”، كتبت صحيفة “اللواء” في إفتتاحيتها:
هل بات قرار حكومة «الفرصة الأخيرة» بتعبير السفير الفرنسي برونو فوشيه، محسوماً إزاء سداد سندات «اليوروبوندز»، بتدعيم الاتجاه لعدم الدفع المباشر، والبحث عن بدائل، تتعلق بالجدولة أو الهيكلة، مع حرص جدّي، يقضي بعدم التصادم مع المؤسسات المالية والنقدية الدولية؟
في غمرة التحضيرات، ضمن الاجتماعات التي تعقد بصورة مستمرة في السراي الكبير، انطلاقاً من نقاط مترابطة:
1- ان أي قرار سيعلن عنه رسمياً، بعد الاجتماعات الرئاسية والمالية والاقتصادية حول الخيار «الأقل سوءاً»، وفقا لما سبق وأعلن الرئيس حسان دياب، والذي سيتولى بنفسه، الإعلان عنه، وعن مبرراته، والأسباب الموجبة له.
2 – ارتباط القرار بالتوجه نحو إعادة النظر بالنموذج الاقتصادي الحالي والقائم، بالاتجاه على الاقتصاد المنتج..
3 – في طبيعة الاشتباك العام في البلد السياسي، والاقتصادي، والمصرفي، وحتى القضائي.
4 – الاشتباك الحاصل بين حاكم مصرف لبنان، وتعميمه الأخير، والذي يقضي بضبط عمليات الصيرفة، من خلال تعميم، صدر صباحاً، بتقييد مؤسسات الصيرفة بسعر شراء العملات الأجنبية مقابل الليرة بما لا يتعدى الثلاثين بالمائة بين سعر التداول في السوق والسعر المتداول رسمياً بين المصرف المركزي والمصارف العاملة في البلاد، الأمر الذي أحدث بلبلة وأدى إلى اقفال بعض الصرافين، والاحجام عن بيع الدولار..
أخطر ما في المشهد، المخاوف من الانزلاق إلى ما يمكن وصفه بمواجهة مع «النظام المالي الدولي».. اقتداء ربما بالمثل الفنزويلي، ولكن بنكهة لبنانية.
وعملاً، بقاعدة الشيء بالشيء يذكر «فهم من مصادر سياسية مطلعة أن رئيس الجمهورية، وإلتزاماً منه بالطائف، يترك القرار للحكومة مجتمعة، ان تتخذ القرار بدفع قسم من الاستحقاق، أو ما يمكن اعتباره دفعة أولى، منعاً لأية انعكاسات سلبية، لا سيما بالنسبة إلى تعاطي الجهات الدائنة، والتخوف من اللجوء إلى رفع دعاوى أو حتى الحجز على املاك الدولة اللبنانية».. معربة عن تشاؤمها إزاء ذلك.
وقالت المصادر لـ«اللواء» الى انه امام القراءات المتعددة حول القرار الأفضل للحكومة ثمة مراجع تتحدث عن انه من المستحسن ان تقوم الحكومة بدفع استحقاق اذار باعتبار ان المبلغ ضئيل مقارنة لما للبنان من دين عام. ولفتت الى ان ذلك يجنب البلد رفع دعوى ضده كما ان الفترة الفاصلة عن دفع باقي الاستحقاقات تشكل فرصة لإنجاز خطة واضحة للإقتصاد وللتفاوض مع الدائنين عن الدفع فضلا عن موضوع الثقة مع المجتمع الدولي.
وكشفت مصادر مواكبة للاجتماعات الوزارية واللجان المختصة ببلورة موقف نهائي للحكومة من موضوع استحقاق اليوروبوند انه لم يتم التوصل الى صيغة نهائية بعد بسبب التباين الحاد والخلاف حول كيفية حل هذا المشكلة بين كافة الأطراف المشاركة بالحكومة.
وأشارت إلى أن رئيسي الجمهورية والحكومة يحبذان دفع جزء من هذه السندات وتاجيل القسم الآخر إلى مواعيد لاحقة يتم الاتفاق عليها مع حملة هذه السندات لاسيما في الخارج تفاديا لانعكاسات وتداعيات غير محمودة لعدم الدفع كليا، في حين يرفض حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري هذا الطرح ويصران على عدم تسديد اي اموال بخصوص هذه السندات في الوقت الحاضر.
وفي حين ترك امر البت نهائيا بهذا الموضوع الى الاجتماع الذي يعقد قبل ظهر اليوم في بعبدا بين الرؤساء الثلاثة بحضور وزير المال وحاكم مصرف لبنان ورئيس وجمعية المصارف، لاحظ بعض القريبين من بعبدا استياء من الإجراء القضائي الذي اتخذه القاضي علي ابراهيم ضد المصارف امس الاول وجمد تنفيذه بعد ذلك مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، ووجهوا انتقادات للجهات السياسية ألتي تقف وراء هذا الاجراء وملمحين الى الحزب وبري دون تسميتهما، ومعتبرين ان ماحصل وتحت اي سبب كان، يضر القطاع المصرفي والبلد كله وبالتالي لا يمكن ممارسته أو دعمه وكان لا بد من تجميده أو حتى الرجوع عنه نهائيا.
وتوقعت المصادر أن يتوصل اجتماع اليوم الى تفاهم لمصلحة لبنان ككل وليس مصلحة هذا الطرف أو ذاك، لافتة الى ان التشدد بالتفاهم على موقفي عون ودياب يطغى على سائر الطروحات المعروضة بهذا الخصوص. أما في ما يتعلق بخطة الانقاذ الحكومية فتوقعت المصادر أن تنجز مطلع الاسبوع المقبل ويعلن عن تفاصيلها وموجباتها على المواطنين من كل النواحي.
وتوقعت مصادر أن يعلن لبنان اليوم عجزه عن سداد مدفوعات سندات دولارية قادمة وأنه يريد إعادة هيكلة دين بالعملات الأجنبية بقيمة 31 مليار دولار ما لم يتم التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع الدائنين. (رويترز)
ومن المقرر أن يعلن الرئيس دياب قرار لبنان بشأن السندات الدولية عقب اجتماعات الحكومة اليوم السبت وقبل يومين فقط من موعد سداد الدولة المثقلة بالديون لحاملي سندات بقيمة 1.2 مليار دولار مُستحقة في التاسع من آذار.
وكانت الاجتماعات المالية في السرايا الحكومية ووزارة المال قد تكثفت امس، لمناقشة الخيارات المتاحة والأقل ضرراً على لبنان حول موضوع سندات يوروبوندز والديون الاخرى، ووضعت اللمسات الاخيرة على الخيارات، وشارك فيها الى جانب الرئيس حسان دياب وزيرا المال غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة والوزير دميانوس قطار، وبعض الخبراء المحليين والاستشاريين الدوليين القانوني «كلير غوتليب» والمالي «لازارد».
وقالت مصادر السرايا الحكومية ان الخيارات كلها لا تزال واردة وتمت دراسة كل خيار وانعكاساته المالية والقانونية، وستعرض الخيارات على الاجتماع المالي الرئاسي عند الحادية عشرة قبل الظهر، والذي يسبق جلسة مجلس الوزراء عند الواحدة بعد ظهر اليوم، والتي يحضرها الخبراء الاجانب لاتخاذ القرار المناسب بالتوافق أو بالتصويت. وستُدرس ايضا المراحل اللاحقة لما بعد القرار وانعكاساتها على لبنان.
والخيارات المطروحة تتراوح بين: الدفع وهو مستبعد جدا،وعدم الدفع المنظم في اذار وهو ايضا مستبعد بسبب ضيق الوقت للتفاوض، دفع قسم من السندات كبادرة حسن نية تجاه حاملي السندات والتفاوض معهم على الجزء الاخر، وعدم الدفع والتفاوض مع الدائنين اعتباراً من الشهر المقبل لجدولة الديون واعادة هيكلة بعضها. ورجحت المعلومات الذهاب الى خيار عدم الدفع والتفاوض في نيسان، وسيعلن الرئيس دياب القرار في كلمة يوجهها الى اللبنانيين عند السادسة والنصف من مساء اليوم السبت يشرح فيها مسببات القرار ونتائجه وانعكاساته.
وكانت رئاسة الجمهورية قد حرصت أمس، على نفي ان يكون للرئيس ميشال عون أي دور في ما خص الاجراء الذي اتخذه المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم في حق عدد من المصارف، وأوضح المكتب الإعلامي للرئاسة الأولى ان رئيس الجمهورية انطلاقاً من مسؤولياته الدستورية يسهر على احترام القوانين ومنع أي خلل في تطبيقها وفي كل ما يمكن ان تكون له مضاعفات سلبية على الاستقرار الامني والاقتصادي والمالي في البلاد، من دون ان يكون له أي موقف تجاه هذا الفريق أو ذاك او أن يكون طرفا في النزاعات عموما، والقضائية منها خصوصا.
وفهم من التوضيح «ان الرئيس عون كان يفضل ان يتابع القاضي إبراهيم الاستماع إلى أصحاب المصارف من دون ان يصل إلى حدّ وضع إشارة «منع التصرف» بحق أصول 20 مصرفاً، وذلك تلافياً لمضاعفات سلبية، تحدث عنها مدعي عام التمييز القاضي غسّان عويدات في قراره بتجميد خطوة المدعي العام المالي».
وفي تقدير مصادر مصرفية، ان قرار القاضي إبراهيم كان بمثابة «هز عصا» للمصارف كي لا تتمادى في اجراءاتها الاستثنائية، ولا سيما بالنسبة لاموال المودعين الصغار، علماً ان القرار كان سيترك انعكاسات سلبية على سمعة القطاع المصرفي في الخارج، فضلاً عن انه كان في الإمكان اللجوء الى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، باعتبارها أعلى هيئة مصرفية لمعالجة موضوع تهريب الأموال إلى الخارج، وبيع السندات.
ولم يستبعد مصدر وزاري ان يحضر موضوع تطوّر فيروس «كورونا» في لبنان، جانباً من مجلس الوزراء اليوم، حتى وإن كانت الجلسة مخصصة لقرار حول «اليوروبوندز»، لا سيما بعد إعلان وزير الصحة حمد حسن المسؤول الأوّل عن الموضوع، ان لبنان خرج من مرحلة احتواء الفيروس إلى مرحلة الانتشار، معلناً عن وجود 6 اصابات جديدة مما يرفع العدد الإجمالي للمصابين بهذا الفيروس في لبنان إلى 22 حالة، وهو تطوّر دفع لجنة متابعة الإجراءات الوقائية للفيروس إلى اتخاذ مجموعة جديدة من الإجراءات، أكثر تشدداً للتخفيف من انتشاره، وأبرزها تمديد مُـدّة اقفال المدارس ودور الحضانة حتى 14 آذار الحالي، ويسري هذا الاجراء على جميع المدارس والمعاهد والجامعات.
وقضت الإجراءات أيضاً إغلاق مراكز الترفيه (الأندية الرياضية والملاهي الليلية ودور السينما، والمعارض والمسارح والمؤتمرات)، والطلب من جميع المواطنين تفادي الأماكن المكتظة والتجمعات والالتزام بالاشارات الصحية والتواصل مع المراجع الدينية لمعالجة موضوع الاكتظاظ في دور العبادة، وإعادة تعميم الإجراءات الصادرة عن وزارة الاشغال والأمن العام المتعلقة بحركة الدخول والخروج من وإلى لبنان عبر كافة المعابر الجوية والبرية والبحرية، والطلب كذلك إلى المديرية العامة للطيران المدني التواصل مع «أياتا» لتوضيح الإجراءات المعتمدة في ما يتعلق بالفيروس في مطار رفيق الحريري الدولي.
قضائياً، لفت الانتباه تغريدة وزيرة العدل ماري كلود نجم، في سياق تعليقها حول ما نشر بالنسبة إلى تغيير موقفها من التشكيلات القضائية التي انجزها مجلس القضاء الأعلى ليل أمس الأوّل، ولا سيما قولها ان وزير العدل ليس مجرّد ساعي بريد»، ما عزّز الانطباع بأن الوزيرة غير راضية على ان يقتصر دورها على مجرّد التوقيع على مشروع التشكيلات، ومن ثم احالتها إلى رئاستي الحكومة والجمهورية لاصدارها بمرسوم، من دون ان يكون لها «بصمة» في هذه التشكيلات، على الرغم من حرصها على استقلالية القضاء، والتغني برفض أي تدخلات سياسية يصب في المحاصصة السياسية- الطائفية بحسب ما جاء في التغريدة.
الا ان الوزيرة لاحظت انها مصرة على الشمولية في تطبيق المعايير الموضوعية للكفاءة، في إشارة إلى ان مشروع التشكيلات قد لا يتصف بهذه المعايير.