ماذا جاء في إفتتاحية “البناء”؟
2020-03-06 08:55:29
تحت عنوان “بوتين يمنح أردوغان فرصة لاستكمال سوتشي… بعد تكريس انتصارات الجيش السوريّ تجميد عويدات قرار إبراهيم حول المصارف يفتح لها باب ملاقاة الحكومة بتسوية الحكومة تقرّ مشروع رفع السريّة المصرفيّة… ودياب: لمحاسبة كل مسؤول عن الانهيار”، كتبت صحيفة “البناء” في افتتاحيتها:
خرج الدخان الأبيض من قمة موسكو بنجاح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإقناع الرئيس التركي رجب أردوغان، وفقاً لمصادر روسية متابعة، بأن الفرصة المتاحة اليوم لحفظ الأمن القومي التركي وتجنّب مواجهة ستكون نتائجها أليمة وستُترك فيها تركيا وحدها من الذين يزيّنون لها الدخول فيها، وعنوان الفرصة هو التأقلم مع اعتبار الإنجازات التي حققها الجيش السوري بمثابة تطبيق لشق من اتفاقات سوتشي التي تردّدت تركيا في تطبيقها وأخفقت في الوفاء بتعهداتها حولها، واعتبار تطبيق تركيا لما تبقى من الاتفاقات يفتح الباب لعلاقات سورية تركية على أساس اتفاقات أضنة، ويضع حداً بالتالي لمخاطر نشوء دويلة كردية في شرق سورية يريد الأميركي توريط تركيا بإقامة مثلها للجماعات الإرهابية شمال غرب سورية لتبرير بقاء الدويلة الكردية والحصول على تغطيتها لبقاء القوات الأميركية. وهذا ما لن تقبل به روسيا ولا سورية ولا الحلفاء، كما قالت المصادر، ويشكل نسفاً لتفاهمات سوتشي ومسار أستانة وقرارات مجلس الأمن الدولي.
انتهت القمة دون ذكر أي ترتيبات للمناطق التي استعاد الجيش السوري السيطرة عليها من الجماعات الإرهابية والجيش التركي معاً، واعتبرت الطريق الدولية بين حلب ودمشق ضمناً خارج التفاوض ومثلها الأرياف الغربية والشمالية لحلب خارج التفاوض، الذي حصر نتائجه بالطريق الدولي بين حلب واللاذقية حيث المعارك الدائرة بين الجيش السوري من جهة وتحالف جبهة النصرة والتركستان والإيغور والشيشان ومن خلفهم الجيش التركي من جهة مقابلة، بحيث أعلن عن وقف للنار وترتيبات لفتح الطريق الدولي وتعهّد الجيش التركي بتحييد الجماعات الإرهابية عن المنطقة وعن مناطق وجود المدنيين.
تكريس انتصارات سورية تزامن مع الكلام الصادر عن الرئيس السوري بشار الأسد والمتميز بالثقة بالتحالف مع روسيا، وبقدرات الجيش السوري على تحقيق الانتصارات ورعاية مقاومة بوجه الاحتلال الأميركي، ومخاطبة للشعب التركي تؤكد الحرص على أفضل العلاقات إذا تمّ تحييد مصالح جماعة الأخوان المسلمين عن مصالح الدولة التركية، والإشارات والرسائل التي تتحدث عن علاقات طيبة بالدول العربية يحجبها الضغط الأميركي، وعن تراجع في دور أوروبا بسبب الخضوع للهيمنة الأميركية.
لبنانياً، ومع اقتراب موعد استحقاق الدفعة الأولى من سندات اليوروبوند، والموعد المفترض لإعلان الحكومة عن موقفها النهائي حول السداد والجدولة والهيكلة، تزاحمت التطورات حكومياً وقضائياً وسياسياً، فعقد مجلس الوزراء جلسة في قصر بعبدا تخللتها مواقف لرئيس الحكومة حسان دياب أكد خلالها العزم على محاسبة كل الذين ساهموا بالانهيار المالي والاقتصادي، بينما أقرت الحكومة مشروع قانون لرفع السرية المصرفية عن العاملين في الشأن العام من سياسيين ومدراء وإعلاميين ونشطاء، فيما تستعد الحكومة لأيام حاسمة بصدد خطتها المالية والاقتصادية التي ستواكب قرارها بصدد هيكلة الدين العام، بعدما شهد أمس صخباً سياسياً وإعلامياً حول القرار القضائي الذي أصدره المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم بمنع التصرف بأصول عشرين مصرفاً، وأصول مدرائها وأصحابها، من عقارات وسيارات، كضمان لعدم التصرف بها أسوة بما حدث مع سندات اليوروبوند والأموال التي تمّ تهريبها، وهو ما اعتبره إبراهيم ضماناً لأموال المودعين ورسالة جدية حول المساءلة عن الارتكابات، بينما تفجرت سلسلة مواقف تحذّر من القرار وتصفه بالتأميم والشمولية، كما قال الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، قبل أن يصدر المدعي العام التمييزي غسان عويدات قراره بتجميد قرار المدعي العام المالي للنظر في تداعياته على النقد الوطني ومصالح المودعين والاقتصاد الوطني، وفيما انقسم الوسط السياسي والمصرفي والإعلامي بين معسكر مؤيد لقرار إبراهيم بعدما «تفرعن» أصحاب المصارف، وباتوا أقرب لارتكاب جرائم مالية وطنية موصوفة بالتنمّر على قرارات الحكومة المرتقبة حول الهيكلة التي تنتظر سندات الدين، تماشياً مع خطة داخلية وخارجية لدفع البلد نحو الانهيار، ومعسكر مقابل مؤيد لقرار عويدات باعتباره رداً لمعيار التوازن في العلاقة مع المصارف ومنعاً لتفاقم الأذى الذي لحق بسمعة القطاع المصرفي، رأت مصادر سياسية ومالية متابعة أن الخطوتين متكاملتان، فقرار إبراهيم هزّ العصا للمصارف وأظهر ما يمكن ان تذهب إليه الأمور إن هم واصلوا أساليب التلاعب والتذاكي، وهم يعلمون أن الانهيار إذا حدث فسيودي بمصارفهم وأموالهم وسيساقون للمحاكم كمجرمين، وسيكون منع التصرف بالأملاك ومنع السفر أفضل ما يمكن أن ينتظرهم، وسيكون الحديث عن التأميم الذي ظهر اليوم كتهويل، فرضية واردة. وبالمقابل قالت المصادر، إن قرار عويدات منح المصارف وأصحابها ومن معهم من السياسيين، الفرصة للتفكير ملياً بما يمكن فعله في الأيام القليلة المقبلة لملاقاة سياسات الحكومة في تقديم خطتها لمواجهة التحديات المالية والاقتصادية، بحيث يسجل لهم موقف وطني يبرر الوقوف إلى جانبهم والدفاع عنهم.
وفيما ينشغل لبنان الرسمي والشعبي بقرار الحكومة المرتقب إعادة هيكلة الدين، برز تطور قضائي نوعي تمثل بقرار المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم الحجز على اصول عدد من المصارف.
فعقب الاستماع الى إفادة عدد من رؤساء مجالس إدارة مصارف في قضية تحويل اموال الى الخارج بعد 17 تشرين الاول، قرر ابراهيم وضع إشارة “منع تصرف” على اصول عشرين مصرفًا لبنانياً وإبلاغها الى المديرية العامة للشؤون العقارية وأمانة السجل التجاري وهيئة إدارة السير والآليات وحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف وهيئة الأسواق المالية. كما عمّم منع التصرف على أملاك رؤساء ومجالس إدارة هذه المصارف.
والمصارف هي: بنك عودة، بنك لبنان والمهجر، فرنسبنك، بنك بيبلوس، بنك سوسيتيه جنرال، بنك بيروت، بنك البحر المتوسط، بنك اللبناني الفرنسي، بنك الاعتماد اللبناني، بنك انتركونتينانتال، فيرست ناشونال بنك، بنك لبنان والخليج، بنك بيروت والبلاد العربية، بنك الشرق الاوسط وافريقيا، سيدروس بنك، بنك فدرال لبنان، الشركة الجديدة لبنك سوريا ولبنان، بنك الموارد، بنك اللبناني السويسري، بنك مصر لبنان وبنك سرادار.
إلا أن القرار فجّر صراعاً قضائياً على الصلاحيات، فعمد المدعي العام التمييزي غسان عويدات وتحت وطأة ضغوط مالية وسياسية الى تجميد قرار ابراهيم ومفاعيله الى حين درس تأثيره على النقد الوطني وعلى المعاملات المصرفية وأموال المودعين وعلى الأمن الاقتصادي». وأكدت المعلومات أن «قرار القاضي عويدات يستند الى ورود معطيات من مصادر موثوقة أفادت بأن السلطات المالية الدولية تنوي وباشرت في إيقاف التعامل مع المصارف والهيئات المالية اللبنانية وفرضت ضمانات للعمل معها». وأشارت المعلومات الى أن «قرار القاضي عويدات يشير الى ان الاستمرار بالتدبير من شأنه إدخال البلاد والقطاعات النقدية والمالية والاقتصادية في الفوضى ومن شأنه إرباك الجهات المعنية بدراسة سبل الحلول والسيناريوهات المالية التي هي قيد الاعداد لمواجهة الازمة».
قرار عويدات جاء عقب اجتماع مع جمعية المصارف هددت خلاله الجمعية بالاضراب الشامل والمفتوح للمصارف اذا لم يتم التراجع عن القرار. كما جاء عقب موقف لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري اعتبر فيه أنّ قرار إبراهيم رسالة سياسيّة شعبويّة غير محسوبة النتائج، لا على مستوى حقوق المودعين صغارًا وكبارًا ولا على مستوى ثقة الأصدقاء والأشقاء بلبنان”. وشدّد في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنّ “وضع اليد على المصارف بالطريقة الّتي جرى الإعلان عنها، انقلاب على النظام الاقتصادي وخطوة تعيد لبنان إلى زمن الأنظمة الشموليّة”.
وعلى الموجه نفسها غرّد رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على “تويتر” قائلا: “جواب علي إبراهيم هو بداية خطة لتأميم المصارف وغير المصارف في بلد فيه ازدواجية سلطات. يبدو المطلوب دفن لبنان الكبير في مناسبة المئوية”.
وأعلن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري في بيان، “أن بعض شاشات التلفزة المشبوهة تناولت خبراً مفاده ان رئيس المجلس النيابي كان وراء القرار الذي اتخذه المدعي العام المالي علي ابراهيم حيال المصارف، يؤكد المكتب أن دولة الرئيس نبيه بري لم ولن يتدخل في عمل القضاء في يوم من الأيام، وكل ما أوردته تلك الشاشات غير صحيح جملة وتفصيلاً”.
وإذ دعت مصادر نيابية لـ”البناء” القضاء الى التعامل بحكمة ومسؤولية مع ملف المصارف والودائع لان ذلك تكون له تداعيات وانعكاسات على ثقة الموعدين والتعامل مع المصارف الخارجية وعلى النشاط الاقتصادي الداخلي والاستيراد وسعر الدولار، اشارت مصادر أخرى الى أن المصارف تشن حملة تهويل واشاعات وتستخدم سلاح الدولار وسلاح الشارع للضغط على الحكومة للتراجع عن قراراتها بما خص الديون والمصارف. ولفتت لـ”البناء” الى أن “لبنان تجاوز مشروعاً مالياً خطيراً كان يعَدّ في الغرف السوداء لإفلاس لبنان تمهيداً لإخضاعه لوصاية صندوق النقد الدولي الذي يعتبر نافذة مالية لقرار سياسي وبالتالي السيطرة على لبنان وتطويق المقاومة، لكنه فشل المشروع دفع باللوبي المصرفي والقوى التي تدور في الفلك الأميركي الى اطلاق حملة تهويل اعلامي ومالي للضغط على الحكومة قبل اتخاذها قرار إعادة الهيكلة”، لذلك يستعجل هذا الفريق تطويع لبنان قبيل شهر حزيران الذي سيشهد بدء استخراج النفط والغاز، وبالتالي يمكنه الاعتماد على مقدراته الذاتية للخروج من أزماته”.
وبحسب قول عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر لـ”البناء” فإن “لبنان سيواجه بعض تداعيات أي قرار سيتخذه بشأن الديون، لكنه دخل مرحلة الانهيار والتأثيرات السلبية لهذا الانهيار بدأت تظهر على السطح منذ أحداث 17 تشرين الماضي من أزمات مالية وقيود مصرفية وبطالة وإقفال مؤسسات وغيرها من ازمات، والسؤال الذي يجب أن نطرحه جميعاً كيف نخرج من الأزمة عبر خطط اقتصادية مالية والعمل على تطبيقها بكل شفافية وسرعة؟”.
وواصل سعر صرف الدولار الارتفاع مقابل الليرة ليقترب من عتبة الـ2700. وبحسب الصرافين، فإن السوق اللبناني يعيش قلقًا في ظل الاوضاع غير المستقرة والضبابية في شأن استحقاق سندات اليوروبوندز في 9 آذار، ما دفع الى ارتفاع الطلب على الدولار، مقابل عرض قليل جداً له في السوق.
ولفت نقيب الصيارفة محمود مراد، إلى أنّ «خلفيّات الوضع الاقتصادي سواء كانت سياسيّة أو غيرها، بخاصّة عدم إعطاء المواطنين أموالهم من المصارف، يؤدّي إلى هذا الشح في الدولار”، وأوضح في تصريح تلفزيوني، “أنّنا منذ فترة طويلة، لا نتعامل مع المصارف، ونحن نحصل على الدولارات الموجودة في أيادي المواطنين. هناك ما يقارب 3 أو 4 مليارات دولار مع المواطنين”. وأكّد “أنّنا قد نشهد تحسّنًا بوضع الدولار، لكن لا نعرف توقيت ذلك”.
وكان مجلس الوزراء عقد جلسة برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا وحضور رئيس الحكومة حسان دياب، وتقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء نهار السبت عند الواحدة بعد الظهر وستكون حاسمة في تحديد الخيارات، ويسبقها اجتماع مالي يرأسه عون وبوجود الرئيسين نبيه بري ودياب ونائبة رئيس الحكومة زينة عكر ووزير المالية ووزير الاقتصاد ورئيس جمعية المصارف سليم صفير. وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وبدأت الجلسة، بحسب ما علمت “البناء” ببحث مشروع قانون السرية المصرفية، ثم عرضت وزيرة العدل مشروع القانون الذي أعدّته وفيه فصل بين الشق الضريبي ورفع السرية المصرفية وجرى الحديث عن رفع السرية المصرفية استناداً لقانون العام 1991.
وتم عرض الآلية لمحاسبة من يثبت عليه التورط بملفات فساد وهدر، لا سيما كل من تبوأ مركزاً عاماً .
وجرى الحديث حول سندات اليوروبوند وعرض دياب المشاورات التي تحصل مع المستشارين القانونيين والماليين. كما درس مسارات الدفع والتعثر المنظم أو التعثر غير المنظم وتمت إضافة مستشار للتواصل.
ودرس مجلس الوزراء آلية السفر الى الخارج لتقليل الاصابة بمرض الكورونا وتقرر اختصار السفر وتقليص أعداد الوفود والاعتماد على الديبلوماسيين الموجودين في الخارج في حال لا يستدعي الظرف تمثيل الدولة. وتقرر إعداد تقارير عن كل رحلة وان يكون السفر على طيران الشرق الأوسط باستثناء السفر الى الدول التي لا خطوط مباشرة لها مع طيران الشرق الاوسط. وأكد وزير الصحة أن الوزارة على أتم الجهوزية لمواجهة مرض الكورونا . وقرر مجلس الوزراء اعتماد عشرة أطباء ليتم توزيعهم في مطار بيروت والمعابر البرية وستقام أقسام لحالات الطوارئ في كل المحافظات. وقالت وزيرة الشباب والرياضة أنها ستعمم على الاتحادات الرياضية والكشفية عدم القيام بأي نشاط حتى نهاية آذار. وقرّر مجلس الوزراء تعيين العميد حسيب عبدو منسق الحكومة في اليونيفل وأرجأ مجلس الوزراء البحث بملف الإنماء والإعمار. وفي مسألة الاساتذة المتعاقدين ويبلغ عددهم 18 الف متعاقد، تقرر دفع مستحقاتهم.
وفي البند المتعلق بالنفايات عرض وزير البيئة الخيارات المطروحة، ولكن لم يستكمل البحث في ضوء التقارير التي سيقدمها مجلس الإنماء والاعمار حول مطمري الجديدة والناعمة
وأكد دياب خلال الجلسة «اننا نفعل المستحيل لنعالج تراكمات كبيرة وكثيرة أدت إلى الوضع الحالي. وبكل أسف هناك أشخاص في المقابل، يفعلون المستحيل ليخنقوا البلد ويقطعوا شرايينه ويمنعوا الحكومة من إنقاذه». وشدّد على أن «الحكومة مستمرة بمهمتها الوطنية لإنقاذ البلد وهي لن تتأثر بالتهويل ولن تتراجع عن قرارها بمحاسبة أي مسؤول عن الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي».
Diana Ghostine