أيام قليلة امام لبنان لإعطاء جواب حاسم حول الحل الذي يرتأيه لمعالجة سداد السندات الدولية المستحقة بين آذار وتموز.. وسط سجال برز إلى الواجهة بين المجلس النيابي والمنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش حول التشريع في المجلس النيابي، وإعلان المجلس انه ليس بحاجة إلى دروس بكيفية التشريع، ولم يحصل ان شرع خلف أبواب موصدة.
وإذا كانت اللجنة الوزارية تواصل من السراي الكبير، تقييم ومناقشة المقترحات المتداولة مع بعثة صندوق النقد الدولي، فإن الرئيس حسان دياب بحث، مع سفير قطر في لبنان تحضير أوّل زيارة لبلد عربي لرئيس الحكومة، بانتظار استكمال الترتيبات، في وقت بحث فيه وزير المال الفرنسي برونو لومير في ابوظبي، ما يُمكن القيام به في إطار برنامج صندوق النقد الدولي، وفي إطار خيارات مختلفة لمساعدة لبنان على التعافي من ازمته المالية، في حال مضت الحكومة في هذا الإتجاه..
بالتزامن كانت تسجل أوّل زيارة لسفير سوريا في لبنان علي عبد الكريم علي إلى السراي الكبير منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005.
ومن الإجراءات المنتظرة، وفقاً لمصدر حكومي (لرويترز) ان لبنان سيعين كليري غوتليب ستين اند هاملتون لتقديم المشورة القانونية بخصوص سنداته الدولية، مع تعرض البلد المثقل بالدين لضغوط من أجل البت في طريقة تعامله مع استحقاقات الدين السيادي الوشيكة.
وقال المصدر ان المسؤولين في المراحل الأخيرة لاختيار الشركة التي سيتقرر تعيينها بشكل منفصل كمستشار مالي.
لكن مصدراً مطلعاً قال لـ«اللواء» ان الرؤية الاقتصادية، لا سيما لجهة التعامل مع الاستحقاقات السندية وغيرها، ما تزال تواجه صعوبة في ضوء تعثّر الصلاحيات بين الوزراء المختصين واللجان التي تشكّل لهذا الغرض أو التضارب بين آراء المستشارين.
مغادرة وفد الصندوق
وكان وفد صندوق النقد الدولي أنهى مساء امس مهمته في لبنان وغادر بيروت، بعد لقاءات عقدها مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان ورئيس لجنة الشؤون الخارجية النائب ياسين جابر في المجلس النيابي، حيث عرض الوفد حسب معلومات «اللواء» حصيلة اللقاءات التي عقدها مع رئيس الحكومة ووزيري المال والاقتصاد وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف، والتي خلص خلالها الى «ان هناك نية وجدية لدى الحكومة في معالجة الازمة، واقترح الوفد ان تعمل الحكومة على وضع خطتها الذاتية باعتبار ان مهمة الوفد استشارية لا تقريرية.
واضافت مصادر المعلومات التي تلقتها «اللواء» ان الوفد لم يطرح اي مقترحات، لا زيادة الضرائب ولا اسعار البنزين ولا اي إجراء آخركما تردد، بل عرض تجارب الدول التي مرت بازمات مشابهة لأزمة لبنان في المديونية وكيف خرجت منها. ولمح الوفد الى ان لبنان يحتاج الى تأكيد مصداقيته الخارجية التي فقدها نتيجة وعود الاصلاح التي لم يتحقق منها شيء، وان استعادة الثقة تكون بإجراءات معينة سريعة لا بوعد ومجرد مشاريع على الورق.
واوضحت المصادر ان الخطوات العملية السريعة الممكنة لإستعادة الثقة الدولية تكمن في إنجاز بعض الامور الممكنة مثل تعيين مجلس ادارة كهرباء لبنان والهيئات الناظمة للكهرباء والاتصالات والنفط.
وقالت المصادر ان جابر وكنعان ابلغا الوفد ان الحكومة باشرت إجراءات جدية وعملية واتخاذ خيارات محددة لمعالجة الازمة، وان مسألة سداد إستحقاق اليوروبوند على طريق الحل عبر إجراء مناقصة لأختيار شركة محاماة دولية ومصرف دولي لتقديم المشورة والنصيحة الاقل كلفة والانسب للبنان، انتهت بتعيين مكتب المحاماة «غوتليب ستين اند هاملتون» لتقديم المشورة، على ان يتم اختيار المصرف الدولي لاحقاً.
وأوضح كنعان بعد اللقاء انه اغتنم فرصة اللقاء بالوفد «لعرض مشاريع الإصلاحات والتوصيات التي أصدرتها لجنة المال والموازنة منذ العام 2010 في معرض درسها للموازنات السابقة والحالية، إن على صعيد خفض النفقات وضبط العجز ومكافحة الهدر والفساد في الإدارة اللبنانية والمؤسسات العامة، أو الإصلاحات البنيويّة التي ضمّنتها موازنة 2020، كما إعادة تكوين الحسابات المالية وتدقيقها».
وقال أنه «أكد دعمه لفريق العمل الحكومي لجهة صياغة خطة متكاملة تشمل بالاضافة إلى إعادة هيكلة الدين العام، خطة اقتصادية مالية شاملة تؤدي إلى استعادة الثقة بلبنان وماليّته وقطاعه المصرفي».
وعلم أنه لن تتخذ أي خطوات أو قرارات بالنسبة لاستحقاق سندات «اليوروبوند» الا بعد صدور تقرير وفد الصندوق.
أكد وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة مساء امس لـ«ال بي سي»، ما ذكرته «اللواء» أمس أنه «لم يتخذ قرار عدم دفع سندات اليوروبوند بعد لأننا لا نملك كل المعطيات لغاية اليوم».
وتابع: «نحن لسنا أمام خيارين فقط بل أمام خيارات متعددة نقوم بدراستها».
ولفت إلى أن «اللقاء مع وفد الصندوق الدولي كان بناء جداً والمهم اليوم إنجاز خطة إنقاذ قبل 9 آذار وخطة أخرى شاملة ستتطلب وقتاً أطول حتماً».
وفي السياق ذاته، أفادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان هناك تأييداً معنوياً للبنان، لكنه مرتبط بالاصلاحات المطلوبة منه، مؤكدة أن ثمة توجهاً بإعادة جدولة الدين بالتفاهم مع الجهات المقرضة.
وفي ما خص الاموال المهربة الى الخارج تحدثت معلومات عن وصول تقارير ومعطيات تباعا بالاسماء والارقام للرئيس ميشال عون وقد تبين ان اغلبها مصارف ومؤسسات فضلا عن اشخاص ايضاً.
واوضحت المصادر ان موضوع مكافحة الفساد اساسي للمجتمع الدولي ولم تخف تشديدها على ان هناك تفاهماً بين الرئيسين عون وحسان دياب على الاجراءات الاصلاحية التي تتخذ.
والظاهر ان التفاهم بين الرئيسين عون ودياب شمل تفويض رئيس الحكومة، المدير العام في رئاسة انطوان شقير ببعض المهام المنوطة برئيس مجلس الوزراء وبتوقيع المعاملات العائدة لها والمتعلقة بنقل الاعتمادات من فقرة الى فقرة وبتوقيع قرارات اعطاء المكافآت النقدية وتعويضات العمل الاضافي وغيرها من القرارات التي تعتبر من صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء.
فضائح الكهرباء
وكان ما يمكن تسميته بـ«فضائح الكهرباء»، حضرت في المؤتمر الصحفي الذي عقده الحزب التقدمي الاشتراكي وكتلة «اللقاء الديمقراطي» النيابية، على اعتبار ان ملف الكهرباء الذي أثقل كاهل اللبنانيين، وبات العبء الأكبر على الاقتصاد والخزينة، يعتبر حالياً العنوان الأبرز في عملية الإصلاح بعدما استنزف مالية الدولة، وراكم الدين العام الذي ناهز حدود الـ43 مليار دولار، بما يُشكّل نسبة 45 في المائة من حجم الدين.
وكشف النائب هادي أبو الحسن في المؤتمر، رداً على الكلام الصادم للوزيرة السابقة ندى البستاني، التي قالت قبل يومين بأنها لم تسمع عن عرض الصندوق الكويتي لحل أزمة الكهرباء، بأن الصندوق موّل تكاليف اعداد دراسة جدوى فنية واقتصادية عام 2012 بقيمة 600 ألف دولار، اوصت بضرورة إنشاء 3 محطات توليد كهرباء مع جميع المرافق المكملة لها مثل خطوط نقل الكهرباء ونقل الوقود، الا ان الوزارة في حينه لم تأخذ بنتائج الدراسة، بالرغم من ان الصندوق الكويتي والصندوق العربي ابديا استعدادهما للتمويل من خلال قرض ميسر بقيمة 1.5 مليار دولار لمدة 20 سنة وبفائدة مخفضة لا تتجاوز الـ2 في المائة، مع فترة سماح للتسديد.
وطرح أبو الحسن جملة أسئلة وهواجس طالباً أجوبة واضحة لا لبس فيها، بعيدا من المناورات وأساليب التضليل ومنها : من أضاع الفرص ومن قوض الحلول وأجهض المبادرات حتى وصلنا الى هذه الأزمة المستفحلة؟ ، ما هي الغاية من الإصرار على إنشاء معمل سلعاتا في ظل العديد من الملاحظات حول عدم ملاءمة إقامته في المكان المقترح لأسباب عقارية وبيئية ومالية، واضعاً كل هذه المعطيات امام الرأي العام وبتصرف النيابة العامة التمييزية لتبيان الحقيقة وكشف الفاسدين والمرتكبين الذين ينطبق على افعالهم وصف الجريمة بحق الوطن التي يجب ان لا تمر من دون حساب وعقاب».
وختم أنه «لن نرضى بأقل من تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان اليوم قبل الغد. وتعيين الهيئة الناظمة سريعا و قبل تعديل القانون 462 والذي ان عدل سيفرغ تلك الهيئة من مضمونها وضوابطها». (راجع التفاصيل ص3)
جلسة «الكورونا»
إلى ذلك، علم ان جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد اليوم ستقدم معطيات دقيقة عن فيروس «كورونا»، كما انه سيتم خلالها الاطلاع على الوضع والاجراءات المتخذة والتي يمكن اتخاذها في حال تطور الوباء وكيفية ومواجهته في لبنان وتجنيد كل الطاقات للحد منه وما اذا كانت هناك من حاجة لميزانية له فضلا عن وضع كل الاحتمالات، كما افيد ان من بين المواضيع التي ستبحث ايضاً، اتخاذ القرار لمنع وصول الطائرات من الدول المنكوبة بوباء ان دعت الحاجة، مع العلم ان التشاور مستمر مع منظمة الصحة العالمية في هذا الاطار والتي تستند اليها وزارة الصحة في الأرشادات وما يمكن فعله كما سيصار الى اطلاع المجلس على قرارات خلية الازمة في السراي.
وأعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي، في ملخصه اليومي عن آخر المستجدات بالنسبة لفيروس «كورونا» انه استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية، ومنذ ليل أمس 34 حالة في الطوارىء المخصص لاستقبال الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس الكورونا، خضعت كلها للكشوف الطبية اللازمة، واحتاج 3 مرضى من هذه الحالات إلى دخول الحجر الصحي.
وأجريت فحوص مخبرية لـ29 حالة جاءت نتيجة 29 حالة منها سلبية. وغادر ثلاثة مرضى المستشفى بعد توصيتهم بالإقامة تحت الحجر الصحي المنزلي لمدة 14 يوما، حيث تم تزويدهما بكل الإرشادات وسبل الوقاية اللازمة، وفقا لتوجيهات منظمة الصحة العالمية، وذلك بعد أن أجري لهم فحص فيروس الكورونا مرتين في مختبرات مستشفى رفيق الحريري الجامعي، جاءت النتيجة سلبية في المرتين.
وقال أنه «توجد حتى اللحظة 5 حالات في منطقة الحجر الصحي: 4 منها ما زالت في الحجر الصحي داخل المستشفى بعد أن أجري لها الفحص وكانت نتيجة المختبر سلبية. وما زالت الحالة الوحيدة المصابة بفيروس الكورونا في وحدة العزل، وهي بحالة مستقرة وتتلقى العلاج اللازم».
3 طائرات من مناطق موبوءة
ورغم قرار خلية الأزمة الوزارية بوقف رحلات الطيران إلى الصين وكوريا الجنوبية وإيران وميلانو في إيطاليا، فقد حطت في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ثلاث طائرات أمس، اثنتان ايرانيتان وثالثة ايطالية تحمل 18 راكباً جاؤوا من مدينة ميلانو الموبوءة، وأجريت على ركاب الطائرتين الايرانيتين البالغ مجموعهم 415 راكباً الفحوصات الطبية الاحترازية المتعلقة بالفيروس، رغم انه لم تظهر أعراض مرضية على أي من الركاب، وتم اخراجهم جميعاً لأخذ حقائبهم من البوابة المخصصة للطائرة، التي وضعت على مدرج بعيد، ولم يدخل الركاب المطار، بل دخل رجلان من الامن العام إلى الطائرات الثلاث واخذوا جوازات السفر، فيما كان فريق طبي يفحص الركاب.
وكان من المفترض أن يتولى باص مخصص نقل الركاب الى الخارج، إلا أن مسألة الباصات لم تفلح من الناحية الأمنية واللوجستية وبدلاً من ذلك وصل ركاب الطائرة الى أحدى بوابات المطار المعزولة لختم جوازاتهم عند الأمن العام لكن في مكان خاص لا يوجد فيه ركاب آخرون، على أن يتم تعقّيم المكاتب عقب ذلك. ومن ثم تسلموا حقائبهم من مكان خاص لهم. وانتظر القيمون في المطار صباحا وصول الباصات التي اتفق مع وزارة الصحة على ارسالها لكن ذلك لم يحصل وتالياً كان يجب اخراج الركاب لذلك تمّ عزل قاعة لاخراجهم عبرها، مع الطلب إليهم التزام منازلهم بما اصطلح على تسميته «العزل المنزلي» مُـدّة 14 يوماً، للتأكد من خلوهم نهائياً من الفيروس.
ومن الشمال افيد ان الفرق الصحية والطبية العاملة عملت ضمن مراكز التلقيح الحدودية التابعة لوزارة الصحة، على اخضاع جميع الوافدين الى الداخل اللبناني، لعملية الكشف الصحي عند المعابر الحدودية الشرعية الشمالية الثلاث مع سوريا في العبودية والعريضة والبقيعة، باشراف مركز طبابة محافظة عكار وبالتنسيق مع اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية والجمعية الارثوذكسية، ولم يتم تسجيل اي حالة صحية مشتبه بإصابتها.