انذارات متكرِّرَة تحذيريّة وجَّهَتها بلدية بيروت منذ سنواتٍ حتى اليوم لمالك العقار 1117 من أجل ترميمِ مبنى "مرهج والمشاد" المُصَنَّف تراثيًا والمؤلَّف من ثلاثِ طبقاتٍ في شارعِ بسترس في منطقة التباريس - الأشرفية قبل أن يستفيقَ أهالي المنطقة على كارثةِ انهيار المبنى.
صحيحٌ، أنّ أضرار الإنهيار اقتصرت على "الماديات" من سيّاراتٍ، وطاولت بجزءٍ منها المبنى المجاور، من دون تسجيل خسائر في الأرواح أو سقوط جرحى، على اعتبار أنّ المبنى غير مسكونٍ، إلّا أنّ العناية الالهية أنقذَت المارّة من الركام المتساقِط خصوصًا أنّ الشّارع ضيّق جدًّا، وذلك بحسب ما أفادت مصادر البلدية.
لم يكتفِ محافظ بيروت القاضي زياد شبيب بتفقد اضرار الحادثِ بل طلبَ على الفور من مصلحةِ الهندسة التابعة لبلدية بيروت بإجراءِ الكشفِ وتحريكِ الورشِ بغية تأمين المكان ومحيطه. كما وجَّهَ كتابًا من دائرة المباني في بلدية بيروت الى مالكي العقار بعد الانذار الموجَّه اليهم منذ عام 2012 والذي يقضي بوجوبِ ترميمِ البناءِ التراثي القائم على العقار بسبب وجودِ تشققاتٍ وتصدّعاتٍ في الجدران الداخلية والخارجية وتسرّب المياه الى داخل المبنى.
المالكون أيضًا تلقّوا كتاب انذار، لما سبَّبه انهيار الطوابق العلوية للبناء القائم على العقار بشكل كامل من ضرر في الأملاك العامة والخاصة المجاورة ولما يشكله هذا الوضع من خطر على السلامة العامة وسلامة القسم المتبقي من البناء التراثي. ويقضي الانذار الموجَّه، بضرورة المباشرة بتدعيم الجزء القائم من المبنى مع الابقاء على الجزء الارضي منه بالتنسيق مع وزارة الثقافة تحت طائلة اتخاذ الاجراءات اللازمة بحق المالكين وفقًا للقانون في حال المخالفة.
وتجدر الاشارة، الى أنّ بقاءَ الطابق الارضي للبناء ثابتًا قد يزيل شكوك انهيار البناء "عمدًا" لاستغلال الفراغ في النصِّ القانوني إذ يعمَد بعض اصحاب المباني المصنَّفة "تراثية" في بيروت الى عدم ترميم المبنى عن قصدٍ من أجل هدمهِ وانشاءِ بناءٍ حديثٍ عوضًا عنه.
ولم تجد المصادر، أيّ ذريعةٍ لمالكي الابنية القديمة للتهرّب من ترميم الابنية المملوكة من قبلهم خصوصًا مع بدءِ تنفيذِ قانون الايجارات الجديد الذي يضمَن حق المالك، وبالتالي، يستطيع من خلال الايجارات تحمّل مسؤوليته بتكاليفِ ترميمِ البناءِ.
كما أكدت، قيامها بالدور اللازم من خلال توجيهِ انذاراتٍ وفقًا لعمليّات المسحِ والكشفِ التي تقوم بها على المباني الموجودة في نطاقها وذلك حتى قبل طلبِ وزير الداخلية.
وكان وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي، قد أصدر تعميمًا طلبَ فيه من محافظ بيروت اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل إجراءِ مسحٍ فنيٍّ شاملٍ للمباني القديمة المتصدِّعة الآيلة للسقوطِ في محيطِ مكان الحادثة في منطقة التباريس بشكلٍ خاص، وفي المحافظة بشكلٍ عام، بغية التأكّد من عدم وجودِ خطر انهيارٍ لمبانٍ أخرى متاخِمَة، والعمل على إبلاغِ مالكي المباني المُهدَّدَة بالسقوطِ وجوب إجراءِ التدعيماتِ اللازمة.
بدوره، وعدَ الامين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير الذي تفقد المبنى برفقةِ وزير الثقافة والزراعة عباس مرتضى، بأنّ مجلسَ الوزراءِ سيتخذ القرار المناسب للتعويضِ على المُتضرِّرين مقابل وعدِ مرتضى بمحاسبةِ المسؤول عن هذا الانهيار كائنًا من كان.
هذا "الإنهيار"، توقّف عنده تجمع مالكي الابنية المؤجرة، إذ استنكرَ وأسِفَ للكارثة التي حصلت في منطقة الاشرفية، مذكرًا، بتحذيراتهِ من مغبّةِ انهيار الابنية، ومطالبته الجميع بتحمّل مسؤوليّاتهم وتفعيل عمل اللجان الخاصّة بحساب الدعم في المناطق كلّها.
وسأل التجمع:"إلى متى يعيش المالك تحت هاجسِ سقوطِ وانهيارِ الابنية، إلى متى يتحمَّل المالك المماطلة في تفعيل اللجان الخاصّة بحساب الدعم، إلى متى تُسلَب حقوق المالك تحت مظلةِ القوانين الجائرة للإيجار؟".