2025- 01 - 11   |   بحث في الموقع  
logo مقدمات نشرات الاخبار logo أسرار الصحف logo عناوين الصحف logo جوزيف عون رئيسا.. فجرٌ جديدٌ يُشرق في لبنان!.. تانيا اسطفان logo العماد جوزاف عون: قائد الأمل في رحلة إعادة بناء لبنان!.. بقلم: إيمان درنيقة الكمالي logo هكذا استقبلت زغرتا انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية.. حسناء سعادة logo السوداني في طهران.. زيارة البحث عن حلول الساعات الأخيرة logo خلوة بين الراعي وعون: خطاب القسم خريطة طريق
"نتبهّوا واستفيقوا أيها العرب فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب" (جورج عبيد)
2020-01-30 14:11:40



"القدس ليست قضيّة بل هي القضيّة لأنها عنوان هويتنا العربيّة، شرفنا من شرفها، وهي تنادي تستنجد بنا فهل نخذلها أم نستنهض هممنا لنصرتها بانتفاضة شعبيّة واحد في كلّ بلداننا العربيّة لنستعيد عروبتنا الضالّة المهدورة بين سنّة وشيعة، بين شرق وغرب... " (جبران باسيل)


في كتابه "فلسطين المستعادة"، والذي قدّم له الشاعر الفلسطينيّ محمود درويش، أضاء المطران جورج خضر على جرح كونيّ صدّع البنية الإنسانيّة بأسرها. إذ كيف يمكن لرجل مثله أن يحجّ إلى مدينتي الميلاد والقيامة ويعاين المسجد الأقصى ويمرّ بالناصرة وبعدها ببستان الزيتون والجلجلة، وعلى الرغم من التوق المشدود عنده، في ظلّ استمرار الحراب الإسرائيليّة، وتنكيلها بالفلسطينيين أصحاب الأرض، من النهر إلى البحر؟ ذلك أن فلسطين في الأدبيات المسيحيّة-المشرقيّة، وقد ظهرت ذروتها عند البطريركين الياس الرابع وإغناطيوس الرابع رحمهما الله، والمطران جورج خضر، والمطران عطالله حنّا والأب ميشال حايك، والأب يواكيم مبارك، وغسان تويني وميشال إدّه وفارس الخوري وشارل مالك باتت مصلوبة على غرار سيدها. وقيامتها لن تسطع إلاّ حين ينتفض الفلسطينيون، وينتفض العرب معهم، هكذا تستعاد فلسطين بقوّة الحقّ وامتزاج قوّة الحقّ بحقّ القوّة الشرعيّة والمباحة والمتاحة لأصحاب الأرض للبقاء على أرضهم وعدم السماح باستباحتها.



غير مرّة استذكرنا في هذا الموقع كلامًا قاله البطريرك إغناطيوس الرابع لكاتب هذه السطور، بأنّ الحرب على سوريا هادفة لإسقاطها، ومتى سقطت سقط العراق ولبنان معها، وطوى النسيان القضيّة الفلسطينيّة وبدأ العرش الملكيّ في الأردن يهتزّ ويتزعزع بقوّة. المشهد الذي رآه الراحل الكبير واستقرأه كما استشرفه بفكر استراتيجيّ ثاقب وصائب لم يتبدّل أو يتغيّر حتى في ظلّ تغيير بعض قواعد اللعبة مع انتصار سوريا التدريجيّ على القوى التكفيريّة، وكانت ذروة الانتصار صادحة وبقوّة وصادمة للغير في مدينة معرّة النعمان وها هي تسير نحو أريحا وصراقب وريف حلب لتوشّحها بنورها تمهيدًا لإنهاء احتلال تلك القوى لمدينة إدلب. عدم التبدّل والتغيّر ناتج، من أنّ الأميركيين (وقد ظهر هذا في خطاب دونالد ترامب خلال إطلاقه للصفقة إلى جانب بنيامين نتنياهو)، قرأوا بأن الانتصار السوريّ-الروسيّ-الإيرانيّ، والتواصل التركيّ-السوريّ في بدايته الأولى، يجب أن يطوّق بإحكام من مثلّث محيط بسوريا، وهو المثلّث العراقيّ-اللبنانيّ-الفلسطينيّ. ففي العراق كانت الأصابع الأميركيّة خلف الانتفاضة بوجه عادل عبد المهدي رئيس الوزراء وعلى أرضه قتل الأميركيون اللواء قاسم سليماني مع عبد المهدي المهندس. وفي لبنان حرّكت الأصابع عينها الانتفاضة وطوقته ماليًّا لضرب التواصل بين العهد برئاسة العماد ميشال عون والمقاومة، وهي تعمل لإسقاط الهيكل اللبنانيّ على الرؤوس تمهيدًا لاتّلاد نظام جديد، وفي فلسطين تعاقد دونالد ترامب مع بنيامين نتنياهو وإن بدا ظاهريًّا محدودًا أو مكنونًا في سياق انتخابيّ في أميركا وإسرائيل، على العمل بصفقة القرن وبتمويل خليجيّ قيمته ستون مليار دولار يتمّ خلاله شراء أراض جديدة للفلسطينيين، وإبعادهم عن الضفة الغربيّة وجعل القدس عاصمة إسرائيل اليهوديّة الأبديّة. من دون أن ننسى بان ترامب تبرّع بمنح الجولان السوريّ لنتنياهو أي لإسرائيل اليهوديّة.



بمعنى أن الخطّة الأميركيّة الآحاديّة الجانب سقطت في سوريا بفعل فشلها بعدم قدرتها على إسقاط الرئيس بشار الأسد، بل أهجضها بتحالفه المتين مع روسيا وإيران، فانتقل الأميركيون إلى البلدان المجاورة بهدف التطويق ومحاولة التجويف للانتصارات المحقّقة في سوريا إلى الآن، وللتسوية المنكشفة تدريجيًّا، والتي لن تكون منفصلة عن النتائج الميدانيّة المحقّقة على الأرض. ومع فشلهم في سرويا وتأثر هذا الفشل عينًا على دورهم، حيث كان صفعة مدوّية، انتقلوا إلى العراق لتقويض النظام ومحاولة منهم بإسقاطه، فجاءت النتائج عكسيّة بعيد اغتيال اللواء سليماني، فكشفت بأنّ الجريمة وقد تبجّح ترامب بها أمام نتنياهو، حصدت وحدة في الجسد العراقيّ لا مثيل لها تمثّلت في المشاركة في التشييع، والمطالبة بخروج الجيش الأميركيّ نهائيًّا من العراق، كما حصدت وحدة متينة في المجتمع الإيرانيّ، وكلا الوحدتين غير رومنسيّة. وفي لبنان يحاول الأميركيون بأدبياتهم الظاهرة والمنظورة مع ديفيد شينكر، مايك بومبيو، جيفري فيلتمان، كيلي كرافت، وديفيد ساترفيلد، أن ينسابوا في جوف الحراك ومنه، في مخطّط كبير وهادف، عنوانه إسقاط النظام السياسيّ برمّته عن طريق ما سمّاه الفيلسوف جاك ديريدا بالفلسفة التفكيكيّة. فيحاولون الإطباق عليه، عن طريق محاولة دفع الحراك إلى الصدام مع القوى الأمنيّة وإيجاد فوضى خلاّقة، وعبر تطويع المصارف والصرافين باتجاه تطويق اللبنانيين بودائعهم، فيؤول الضغط إلى عصيان كبير، لن ينتهي بمفهومهم إلاّ حين يقبلون بشروطهم المرتبطة بصفقة القرن وهي:



1-القبول بتوطين الفلسطينيين، على الرغم من أنّ الدستور اللبنانيّ رافض له.
2-القبول بتذويت ودمج النازحين السوريين في المجتمع اللبنانيّ، والقبول بهم كجزء منه.
3-تطويق حزب الله، وسحب سلاحه في الجنوب.
4-منع الحفر في البئر رقم 9، وهو مسند لشركتيّ توتال ونوفاتيك.
5-أن تكون أميركا شريكًا أساسيًّا في الحفر والتنقيب، ضمن آحاديّة لا شريك لها.


تلك الشروط وبالمفهوم الأميركيّ، جوهريّة واسترانيجيّة، وهي المدخل الوحيد لرفع العقوبات على لبنان، وفكّ الحصار، وتسييل المساعدات الدوليّة العائدة له. غير أنّ المسألة قائمة على تلك النمطيّة بحصريتها هذه، بل تؤكّد مراجع عارفة، بأنّ الأميركيين المهزومين سوريًّا بحاولون التعويض عن خسائرهم لبنانيًّا وعراقيًّا وفلسطينيًّا، والتموضع في هذا المثلّث بغية الحدّ من الخسائر في سوريا، ومحاولة الإطلالة عليها والانسياب إلى داخلها لفرض الاستثمار النفطيّ والإعماريّ عليها.


وببساطة كاملة نحت العارفون سيناريو قد يكون خياليًّا. فماذا لو سقط النظامان اللبنانيّ والعراقيّ، بالتلازم والإزاء التامين مع صكّ البيع الأميركيّ-الخليجيّ-الإسرائيليّ الوهميّ لفلسطين، فكيف سيؤول الوضع في سوريا بعد تلك الانتصارات. ليس صحيحًا على الإطلاق بأنّ لبنان وحده الخاصرة الرخوة لسوريا، ففلسطين والأردن والعراق خصور رخوة لسوريا، وكاد يخشى من أن تكون قد فقدت مناعتها بالمطلق. فالسفير الروسيّ في لبنان ألكسندر زاسبيكين قال غير مرّة، لن يكون لبنان شوكة أميركيّة آحاديّة طاعنة بخاصرة سوريا، فهذا بالنسبة لروسيا تاسع المستحيلات.



من هنا تجيء أهميّة الكلمة التي ألقاها جبران باسيل في مؤتمر وزراء الخارجيّة العرب في القاهرة. فالعروبة الضالّة مهدورة بين سنّة وشيعة، ومشرقيتنا ممزّقة بين عرب وفرس، وكلّ ما حدث أدّى إلى هذه النتيجة الظاهرة في واشنطن ما بين أميركا وإسرائيل وعرب الخليج من جهة ولبنان وسوريا والعراق وروسيا وإيران من جهة أخرى، بصراع ممدود ما بين لبنان والعراق وفلسطين. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ دونالد ترامب يبيح لنفسه رغمًا عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبيّ وروسيا والصين، التفرّد بالعالم بصفاقة ووحشيّة لا قياس لها، فيهدي القدس لتكون عاصمة اليهود الأبديّة، ويعطي صفة لدولة إسرائيل بأنها دولة اليهود، ويقوم بإهداء الجولان السوريّ إسرائيل، ضاربًا بعرض الحائط القرارت الدوليّة الصادرة عن مجلس الأمن 242 و338، في ظلّ انكفاء الدول الكبرى الأخرى عن المواجهة، وصمت الأمم المتحدة أمام آحادية أميركا في رسم خريطة فلسطين والمنطقة والتسوية بأسرها، وفي ظلّ فاجعة انهزام العرب، وكما قال المطران جورج خضر "أمام الضربات التي تحلّ بهم، وهم مدركون للفتك الذي يصيبهم وكأنّهم لا يأبهون، وهذا يطرح سؤالاً كبيرًا على ولائهم لتاريخهم وهويتهم. العرب لا يبكون اليوم ولعلّهم لا يتوجّعون، أقلّه أنهم لا يشكون آلامهم وكأنهم صالحوا ما اعتبروه الحتم وكأنهم استقالوا من العقل، أو استقالوا من المروءة". وأكمل قائلاً: "لم أسمع عن تظاهر في سبيل القدس من الخليج إلى المحيط لمّا قررت الأمّة الأميركيّة نقل سفارتها إلى المدينة المقدّسة وكأنه بات لنا قدرًا لا يردّ".



صفقة القرن في راهنها لا تدلّ على فاجعة العرب، بل تدلّ على تواطئ بعض العرب. حين تأسست دولة إسرائيل انهار البنيان العربيّ، وقد كان قيد الترميم، وحذّر الدكتور شارل مالك من أن ثمّة حربًا إسرائيليّة على فلسطين فإن لم ينتصروا خلال سبعة أيام فستدوم سبعة أسابيع، وإن لم ينتصروا خلال سبعة أسابيع فستدوم سبعة أشهر، وإم لم ينتصروا خلال سبعة أشهر فستدوم سبع سنوات، وإن لم ينتصروا خلال سبع سنوات فستدوم سبعين سنة..." والرئيس الزعيم فارس الخوري قال "بأن قضيّة فلسطين لا تحلّ إلا بسهولها ووديانها وجبالها مدنها وقراها". بأن قضيّة فلسطين تحلّ في فلسطين وليس في أمكنة أخرى.



ميزة صفقة القرن وكما قال السفير الروسيّ ألكسندر زاسبيكين بأنّها أعادت القضيّة الفلسطينيّة إلى الواجهة، ليس المهم أن تبقى في الواجهة، بل أن تقتحم إلى واجهات العرب جميعًا بوحدة تامة للفلسطينيين لا زيغ ولا زيف ولا تموضعات فيها، وأن تتجسّد الوحدة على الأرض بانتفاضة شاملة على الأرض لتواكب بتظاهرات عماليّة وشعبيّة في الدول العربيّة بوجه البائعين، وبوجه من لا كرامة أو شرف لهم، فشرفنا وكما قال جبران باسيل من شرفنا، ومتى تخلينا عن الشرف والكرامة سقط الوجود.



إبطال المشروع الأميركيّ-الإسرائيليّ-الخليجيّ أي صفقة القرن المنتمية جذرًا إلى مفهوم الفوضى الخلاّقة والعامّة في المشرق العربيّ، والباعثة بآفاقها لشرق أوسط جديد، ينمو ويتجلّى ويسطع بوقفة فلسطينيّة واحدة، ضمن عقل واحد وقلب واحد، حتى تستعاد فلسطين تدريجيًّا، أو نعود لمبادرة الملك عبد الله في قمة بيروت. وفي كلّ الأحوال ترامب رمى بنتنياهو في عاصفة هوجاء داخليّة ستمزّق صورته. وستبدو إسرائيل أوهى من بيت العنكبوت كما قال السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، ومقاومتها بل إسقاطها سهل للغاية بوحدة لنا مبنية على الصدق والوفاء والإخلاص.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top