خلال العام الأخير من الحرب العراقية-الإيرانية ما بين عامي 1980 و1988، شهد الخليج مواجهة عسكرية كبيرة بين القوات الإيرانية والبحرية الأميركية، انتهت بتدمير نصف القوات البحرية الإيرانية والعديد من المنشآت النفطية الإيرانية.
بدأت المواجهة في أعقاب إصابة لغم بحري فرقاطة أميركية بأضرار بالغة في مياه الخليج. فأمر الرئيس الأميركي آنذاك، رونالد ريغان، البحرية الأميركية في 17 نيسان عام 1988 بتدمير منصتين بحريتين إيرانيتين كانت تنطلق منهما الزواق الإيرانية التي كانت تقوم بعمليات زرع الألغام في مياه الخليج، لإعاقة حركة ناقلات النفط في الخليج واستفزاز القوات الأميركية هناك.
وكان الرد الأميركي “مدروساً” بهدف إيصال رسالة إلى الجانب الإيراني مفادها: “أن أي سلوك متهور سيكون له ثمن. ولردعها عن شن مزيد من الاعتداءات وليس لاستفزازها” حسب قول ريغان.
وقد بدأت نذر المواجهة بين الطرفين منذ آواسط عام 1987، بعد نشر البحرية الأميركية قواتها في الخليج لمرافقة ناقلات النفط الكويتية، التي هددت إيران بإغراقها بعد تصاعد حرب الناقلات بين العراق وإيران.
أدت الاشتباكات إلى اندلاع النيران في فرقاطة إيرانية، وإلحاق أضرار بالغة بأخرى، وإغراق قارب دورية. كما تم تدمير ثلاثة زوارق دورية سريعة كان يستخدمها الحرس الثوري الإيراني في شن هجمات صاروخية على السفن التجارية والمنشآت النفطية في الخليج.
وقد زادت احتمالات المواجهة بين الطرفين بعد شن البحرية الإيرانية المزيد من الهجمات على سفن تجارية ومنشآت نفطية في الخليج. فقد تعرضت سفينة الإمداد الأميركية “ويللي تايد” لهجوم إيراني، وألحقت بها أضرارا كبيرة، ما اضطرها إلى العودة إلى مرفأ دبي.
كما أطلقت زوارق حربية إيرانية سريعة النار على ناقلة النفظ البانامية “سكاي باي” بالقرب من حقل مبارك النفطي القريب من إمارة الشارقة. وتعرضت ناقلة نفط بريطانية لهجوم إيراني واندلعت النيران فيها.
وتعرضت منصة بحرية في حقل مبارك النفطي لهجوم من قبل ثلاثة زوارق إيرانية سريعة. وأدى هجوم إيراني آخر بواسطة هذه الزوارق إلى اندلاع حريق في منشآت نفطية بحرية إماراتية.
وقامت الطائرات التي انطلقت من حاملة الطائرات الأميركية “إنتربرايز” في شمالي بحر العرب بتدمير زورق إيراني سريع، وإلحاق أضرار بالغة بزورقين آخرين.
وعندما قامت الفرقاطة الإيرانية “ساهند” بإطلاق النار على طائرات أميركية، ردت الأخيرة بقصف الفرقاطة بالصواريخ والقنابل الموجهة بالليزر، فاندلعت فيها النيران ولحقت بها أضرار واسعة.
كما أطلقت الفرقاطة الإيرانية “سابالان” النيران على الطائرات الأميركية، فهاجمتها البوارج والطائرات الأمريكية بالصواريخ والقنابل الموجهة بأشعة الليزر، فأصابتها مباشرة وألحقت بها أضرارا واسعة.
كذلك دمرت البحرية الأميركية سفينة الصواريخ الإيرانية جوشان لدى محاولتها الاقتراب من السفن الحربية الأميركية.
استمرت المواجهة بين الطرفين، التي اشتركت فيها قواتهما البحرية والجوية، يوماً واحداً فقط. وبسبب افتقار إيران إلى الطيران الحربي، لم تتعرض القطع البحرية الأمريكية لأي خسائر، ولم تعلن إيران عن عدد القتلى في صفوف جنودها. لكن المصادر الأميركية قالت إن عددا كبيرا من الجنود الإيرانيين سقطوا في المعارك.
وأعلنت القوات الأميركية عن فقدان الاتصال بطائرة عمودية على متنها طيار وملاح. وقالت إيران إن قواتها البحرية أسقطت طائرة عمودية أميركية.
وتزامنت المواجهة الإيرانية-الأميركية مع استعار المعارك بين القوات العراقية والإيرانية، إذ أعلن العراق عن استعادة جزيرة الفاو التي احتلتها إيران قبل عامين ونصبت عليها صواريخ “سيلك وورم” الصينية المضادة للسفن، بحيث باتت مصدر خطر على السفن التجارية وناقلات النفط التي تبحر من وإلى الموانئ الكويتية.
وقالت إيران وقتها إنها استولت على هذه الصواريخ لدى سيطرتها على الفاو.
وقامت القوات الأميركية في شهر تشرين الأول 1987 بتدمير منصتين بحريتين إيرانيتين في مياه الخليج يستخدمهما الحرس الثوري الإيراني، رداً على هجوم صاروخي إيراني انطلق من جزيرة الفاو، واستهدف ناقلة نفط كويتية تحمل العلم الأميركي، من بين 11 ناقلة كويتية ترفع هذا العلم، بهدف ضمان حمايتهما من الهجمات الإيرانية.
وأصاب الصاروخ الإيراني قمرة القيادة في الناقلة، وأصيب 18 شخصاً من أفراد طاقم الناقلة.