تفاقمت أزمة النفايات في مدينتي زغرتا وإهدن اللتين تتبعان عملياً لبلدية واحدة ويسكنها المواطنين أنفسهم، شتاء في زغرتا وصيفاً في إهدن. ووصلت الأمور إلى حد لا يُطاق صيف الـ2019، ما أدى إلى أضرار بالغة صحياً وبيئياً وسياحياً.
المفارقة الأولى في هذه الأزمة التي انفجرت قبل أشهر، أنها أتت نتيجة تراكم فشل بلدية زغرتا- إهدن واتحاد بلديات قضاء زغرتا في إيجاد حلّ مستدام لأزمة النفايات في الوقت الذي كان فيه عدد من بلديات قضاء زغرتا أوجد حلولاً مقبولة، ولم تكن قرى قضاء زغرتا تعاني الأزمة نفسها. أما المفارقة الثانية فتمثلت بأن اتحاد بلديات زغرتا المحسوب على تيار “المردة” كان رفض حلاً متكاملاً تقدمت به “مؤسسة رينه معوض” مع الهبة المرافقة لتمويله، وذلك لأسباب تتراوح بين السياسة والفساد المستشري في الاتحاد ومنظومة البلديات التابعة لـ”المردة”!
استمرت استراتيجية رمي النفايات بطريقة غير صحية وغير علمية في مكب “عدوى” حتى مطلع العام 2019 حين قرر مالك أرض المكب التوقف عن استقبال النفايات بفعل تراكم المستحقات له والتي قاربت الـ750 مليون ليرة. عندها بدأت النفايات تتراكم بين المنازل وفي الشوارع والساحات العامة بشكل غير مسبوق في تاريخ زغرتا وإهدن.
وعوض أن تسعى البلدية واتحاد البلديات منذ أشهر طويلة، لا بل منذ سنوات، إلى تأمين حل علمي مستدام، عمدت إلى الغرق في التبعية لمرجعيتها السياسية وإلى الإمعان في الفساد وسوء الإدارة والابتعاد عن الشفافية وغياب أي رؤية لمعالجة المشاكل، ما أدى إلى استقالة الأعضاء المحسوبين على “حركة الاستقلال” من المجلس البلدي.
ورغم أن نواب زغرتا سعوا إلى محاولة تأمين حلول لأزمة النفايات بالتعاون مع وزير البيئة قبل استقالة الحكومة، وذلك من خلال تأمين أرض لإنشاء مطمر صحي بانتظار تأمين حلّ شامل، إلا أن محاولات تأمين الأرض سقطت أكثر من مرة على خلفيات طائفية ومالية.
هكذا لم يجد رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية من مخرج غير الاستقواء بطريقة ميليشيوية وقحة على أهالي بلدة بشنين في قضاء زغرتا. فغرّد فرنجية داعياً مناصريه إلى الاستعداد لتطبيق الحل بالقوة، ثم نشر مسلحيه على الطرقات المؤدية إلى بلدة بشنين وبدأ بإرسال شاحنات النفايات إلى أرض في البلدة، رغماً عن أهل البلدة الذين اعترضوا وتظاهروا، فأقدم مسلحو “المردة” على الاعتداء عليهم.
وفي حين وعد مسؤولو “المردة” بإنشاء معمل للفرز قريباً، من دون ان يستحصلوا على أي ترخيص أو يقدموا أي خطة ومن دون أن يحترموا خارطة الطريق والآليات التي كان قد اتفق عليها نواب زغرتا الصيف الماضي، ما يطرح علامات استفهام كثيرة على شفافية ما يحضّرون له مالياً وبيئياً، فإن اشمئزاز وسخط أبناء قضاء زغرتا قام على مستويين: