دلال العياف
في الآونة الأخيرة شهدت الدراما اللبنانية ـ السورية تعاونا كبيرا على جميع الأصعدة، وكما يقال «رب ضارة نافعة»، فهي ظاهرة صحية جدا ونترقب الأعمال المشتركة بينهما في كل موسم رمضاني بشغف لما تتضمنه من مشاهد فيها الطبيعية الخلابة في البلدين، كذلك تصوير المشهد بشكل صحيح بكامل أدواته ونقله للمشاهد بعيدا عن الرقابة المسيطرة بشكل «أوفر» في بلادنا.
صناع الدراما في سورية ولبنان يمسكون العصا من المنتصف ويوازنون الأمور، ومنذ بداية الأزمة السورية الأخيرة وظهور الدراما العربية المشتركة بدأ الحضور السوري في الدراما اللبنانية أكثر وضوحا من ذي قبل، فترة الثمانينيات والتسعينيات حين حملت العديد من الأعمال الدرامية اللبنانية توقيعا سورية خاصة على مستوى الإخراج، وهي ظاهرة ساهمت في تأكيدها بالطبع الحرب الدائرة في سورية ونزوح الكثير من صناع السينما والدراما الى لبنان بعيدا عن مناطق الصراع.
كما تزامن الأمر مع نهضة درامية لبنانية، حيث حرص صناع الدراما في لبنان على الاستفادة من الخبرة السورية في هذا المجال، وخلال السنوات القليلة الماضية، فرضت الأسماء السورية نفسها على تشكيلة الدراما اللبنانية إخراجا وتمثيلا وكتابة ايضا، وأصبح للنجم اللبناني حضور أقوى في الأعمال السورية، كما ظهرت الأعمال المشترك، التي يترأسها ويتسيدها مخرجون من جنسيات عربية مختلفة ويشارك فيها فنانون من مختلف الدول العربية.
المخرجون السوريون ايضا لهم بصماتهم على الأعمال المشتركة تلك، مثل المخرج السوري سامر برقاوي الذي تصدى على مدار 3 سنوات لإخراج مسلسل «الهيبة»، والذي حصد نجاحا كبيرا من المحيط الى الخليج لهيبته وأحداثه التي تبقى في الذاكرة، فكان عملا متوازنا ومتكاملا على جميع الأصعدة، وتم اختيار الممثلين مثل ما نقول بالمصري «على الفرازة»، ونستطيع ان نصفه بأنه ميزان ووضع كل فنان في مكانه الصحيح، فإذا تناولنا القديرة منى واصف فهي كنز ينتج ذهبا وأغلى الدرر الثمينة فنا في كل دور أدته، ونقف عند شخصية «ام جبل» التي أثرت في الجمهور، حيث جمعت بين القوة والعنفوان والحب والضعف تجاه أولادها، فهي من أظهرت كل جبروت المرأة بما يتناسب مع عمرها، أطال الله في عمرها، وهذا ليس بجديد عليها فهي طوال مسيرتها المهنية تختار شخصياتها بعناية شديدة، وهناك «كامستري» وعلاقة قوية تجمعها بالنجم تيم والذي أصبح يخال للبعض انها والدته الحقيقية.
وأثبت تيم انه «جوكر» ويصلح لكل دور يجسده، وشاهدنا مدى سجيته وطبيعيته، ونعتقد ان هذا سبب تفوق الدراما السورية - اللبنانية على اي دراما أخرى ومنها الدراما الخليجية، فالصدق في نقل الإحساس والتعبير رائع، ولا ننسى ان نسلط الضوء على الكاتب باسم السلكا، فهو حقا مبدع ورسم الشخصيات بطريقة خاصة، ونفذت بشكل أسطوري يستحق التقدير، ونستطيع ان نقيم نص «الهيبة»، كما وصفته القديرة منى واصف في احد تصريحاتها بأنه «نص شكسبيري بامتياز» لما فيه من تراجيديا عالية المستوى، كما ان بطلات «الهيبة» كانت لهن إطلالة مميزة ورونق خاص، اما عن حضور الفنانة الجميلة سيرين عبدالنور كبطلة للجزء الثالث فقد اثبتت جدارتها كممثلة على أعلى مستوى درامي، وهي رائعة بالفعل في توصيل مشاعر صادقة جمعتها بـ «جبل شيخ الجبل»، وجسدت شخصية إعلامية على علاقة برجل الأعمال الذي له خيوط مشبوهة ويكبرها بأعوام كثيرة، حيث كان لدورها أثر كبير على المشاهد وجذبه لمتابعة العمل، أيضا وجوه الفنانات اللبنانيات والسوريات اللاتي أقنعننا بأدوارهن دون اهتزاز او توتر، وهذه ايضا من أسباب نجاح الدراما السورية - اللبنانية، وننتظر الجزء الرابع من «الهيبة» والذي ذكرت بعض التقارير الإخبارية انه يتم التجهيز له حاليا ليعرض رمضان 2020.