جدوى الورقة الإصلاحية من منظار اقتصادي؟
2019-10-23 15:12:10
لقد علَّق كثير من اللبنانيين الآمال على الورقة الإصلاحية التي أقرتها الحكومة اللبنانية، وخاصة من غير أهل الإختصاص وهم الغالبيّة المطلقة لشعب لبنان، إلا أن المثل الشعبي القائل: اللي جرب المجرب بكون عقلو مخرب كفيل بأن يكون دلالة على أن الحلول المقترحة غير عملية ولا عقلانية، وتخبئ الكثير الكثير من خبايا الفساد والإفساد من سلطة اشتهرت بأنها من الأفسد دولياً، فإحتلّ لبنان المرتبة 138 على 180 ضمن مؤشّر الفساد عالمياً لعام 2018، وفي المرتبة الـ13 عربياً، فكيف على شعب لبنان أن يثق بهذه الورقة الإصلاحية الصادرة عن ذات السلطة التي اشتهر أركان حكمها بعلّة العلل وبمصيبة الدول.
وها هنا شرح للقرارات المسماة إصلاحية من وجهة نظر إقتصادية وما الانتقادات عليها:
1) تجميد الانفاق الاستثماري غير الضروري وتحويل فائض أموال المؤسسات إلى الخزينة
هل هناك فائض لأموال المؤسسات الحكوميّة؟ إذا ما كان يقصد بالمؤسسات الرابحة الاتصالات مثلاً فهي تتوزع على مؤسستين تساهمان في رعاية احتفالات وفعاليات الساسة والمحظيين منهم مع تسعيرة لا منطقية، وبخدمة سيّئة لجميع المواطنين، وبالتالي في حال انعدام النفقات الإستثمارية لتطوير القطاع، فالخدمة ستسوء عاماً بعد آخر.
كذلك الأمر للكازينو، وطيران الشرق الأوسط وكلها مؤسسات مملوكة جزئياً للدولة إلا أنها تحتاج لجزء من إيراداتها لتطوير هيكليتها وقدراتها لتبقى مؤسسات ربحيّة، بينما الأمر قد يكون أسهل في مديريات تولّد إيرادات للدولة، إلا أنها لا تقدم خدمة في المقابل كبعض المديريات في وزارة الماليّة كالعقارية والجمارك والتي يمكن تعظيم إيراداتها بكف يدِ بعض موظفيها، وبتقليم منابع الفساد فيها، ووقف السمسرات والصفقات المشبوهة والتي عجز أيّ وزير ماليّة سابق أو حالي على معالجتها.
2) إلغاء ودمج بعض الوزارات والمؤسسات والمرافق العامة
ويقصد بها هنا خاصة وزارة الإعلام، والتي كانت عاجزة عن اتخاذ أية خطوات إيجابية تُشعر أبناء المهنة بوقوفها بجانبهم، خاصة في ظلّ توقف مؤسسات صحافية عريقة عن العمل، والصرف للمئات من أبناء المهنة، والأزمات التي تعترض الشبكات التلفزيونيّة، والخطط الموضوعة في الأدراج لتطوير التلفزيون والإذاعة الرسميتين، وبالتالي إذا ما قُرئ القرار مرة ثانية، فنجد أنفسنا أمام توقف هيكلية وزارية، كانت متوقفة أصلاً بلا عمل، سوى بقراءة صاحب المنصب الوزاري لمقررات مجلس الوزراء، ونستذكر هنا قراراً صبيانياً سابقاً وهو إغلاق تلفزيون لبنان منذ سنوات خلت لوقوفه تحريرياً في الانتخابات النيابية مع طرف دون آخر، فأتى العقاب حينها بطرد 500 من العاملين فيه وتوقيفه عن العمل مدة 6 أشهر، وبعودة باهتة.
3) البدء باشراك القطاع الخاص وتحرير المؤسسات والمرافق العامة ذات الطابع التجاري
قرار الدولة اللبنانية ببيع القطاع العام، ومن خلال النص يشمل المؤسسات التالية: (شركتي الخليوي، بورصة بيروت، شركة طيران الشرق الاوسط، شركة الشرق الاوسط لخدمة المطارات، مؤسسة ضمان الودائع، شركة سوديتيل، كازينو لبنان، شركة انترا، مرفأ بيروت، ادارة حصر التبغ والتنباك، ومنشآت النفط).
يسجل لبنان عجزاً في ميزان المدفوعات برغم إيرادات هذه المؤسسات المذكورة أعلاه، حيث عمدت الحكومة عام 2001 إلى فضّ العقد مع الشركتين القائمتين وذلك رغبة في زيادة الإيرادات إلى خزينة الدولة، حيث كانت حصتها 20% عن السنوات بين الأولى والثامنة و40% بين السنتين التاسعة والعاشرة؛ دفعت الدولة حوالي 450 مليون دولار لإنهاء المخالصة مع الشركتين حينها، رغبة بأن تصبح الإيرادات صافية لها، فسجّلت إيرادات الخليوي المحوّلة إلى وزارة المال نمواً متصاعداً مع السنوات وصل عام 2018 مبلغ 893 مليون دولار مع تسجيل لانفاق تشغيلي متعاظم وغير مبرر على الإطلاق حسب لجنة الإتصالات، حيث سجلت ارتفاعاً بنسبة 90% بين عامي 2010 و2018، من 243.5 مليون دولار إلى 463.5 مليون دولار. وقد أنفق أبرزها على رواتب الموظّفين التي ارتفعت من 38 مليون دولار إلى 97 مليون دولار، أي بزيادة بنسبة 155%، الدعاية والرعاية التي ارتفعت من 4.9 مليون دولار إلى 37 مليون دولار أي بزيادة بنسبة 655%؛ كذلك الأمر بالنسبة لطيران الشرق الأوسط والتي سجّلت أرباحاً عام 2018 بقيمة 55 مليون دولار.
وهنا السؤال أليس الأفضل، تسليم إدارة تلك المؤسسات إلى شركات خاصة من خلال عقود دولية مع تدقيق ورقابة للحسابات والتوزيعات والتوظيفات بدل بيعها وخسارة إيراداتها، أليس الأفضل وبدل بيع مؤسسات منتجة تحقق إيرادات لخزينة الدولة، البدء بمؤسسات ترتّب خسائر على الدولة كمؤسسة كهرباء لبنان، أو النقل المشترك، وغيرها.
4) تعيين الهيئات الناظمة للطيران المدني والاتصالات ومجلس ادارة بورصة بيروت ونواب حاكم مصرف لبنان
في ظل عدم تطبيق آلية للتوظيف حيث تتوزع الأسماء المقترحة في الهيئات الناظمة كما مثيلاتها على المحاسيب والأزلام والمرضي عنهم يتم تقاسمها في مجلس الوزراء، وبالتالي هل هي هيئات ناظمة للرقابة على أعمال تلك المؤسسات وضمان تطوير القطاعات، وزيادة ربحيّتها، أم هي فقط للتوظيف الزبائني؟!.
5) تفعيل إدارة ومردود عقارات الدولة
لقد قام الرئيس الأسبق للجمهورية العماد اميل لحود بالطلب بإحتساب ممتلكات الدولة العقارية، وهناك أرقام موجودة عند المراجع الرسميّة بذلك، ومعرفة قيمتها، وأين توجد، إلا أنه يغيب الأمر حيناً، لأن البعض يرغب بوضع يديه وأيد محازبيه على أراض وممتلكات الدولة، وتسجيلها بأسماء مقربين منه، كما ظهر في أكثر من منطقة، ما أوقف ملفّات التحرير العقاري وتسليم السندات الخضراء للمواطنين نتيجة خلافات في عشرات القرى والبلدات وفي أكثر من محافظة؛ واليوم ومع انخفاض أسعار العقارات إلى حدّه الأدنى، هل من المنطقي بيع عقارات الدولة! أم هناك رغبة بتوزيعها بالمجّان بما يشبه البيع على بعض المحاسيب؟.
6) الإسراع بتنفيذ برنامج الانفاق الاستثماري (سيدر)
كنت قد قرأت لائحة بالنفقات التقديرية لمشروع سيدر -الموجودة على موقع مجلس الوزراء- والموزّعة على مشاريع استثمارية مختلفة تتعلق بالبنى التحتيّة وهي بجزء كبير منها مشاريع حيوية وهامة وتحقق نمواً في مستوى المناطق لقاطنيها، إلا أنها لا تؤثر تأثيراً مباشراً في زيادة الواردات إلى الخزينة، كما أنّ كلفة القيام بها، تتجاوز المنطق أحياناً كثيرة، أورد هنا بعض الأمثلة: كلفة 500 مليون دولار لشبكة نقل مشترك في بيروت الكبرى؛ هل هناك دراسة جدوى لهكذا مشروع وما كلفته الفعليّة؟ أليس الأجدر تسليم خططه الإستثماريّة إلى قطاع خاص كون الدولة عجزت عنه سابقاً وإهترأت باصاتها؟.
مرفأ سياحي في جونية بكلفة 62 مليون دولار، مرفأ سياحي في صور بكلفة 30 مليون دولار، ولم الفرق في الكلفة بين المشروعين المماثلين مع أنه لا نفقات لشراء أراضٍ تبرر هذا الفرق؛ كذلك وضمن باب الإنفاق الرأسمالي على مشاريع سياحية/ثقافية (وهي الأقلّ إنفاقاً إستثمارياً ضمن اللائحة بالرغم من أنّها تحقّق نمواً في الإيرادات وتساهم في تطوير الوطن سياحياً)، يسجل بند مستودعات بكلفة 36 مليون دولار، بينما كلفة متاحف تبلغ 30 مليون دولار، وبالتالي كلفة المستودعات أهم من المتاحف، أين المنطق في ذلك؟ وعشرات التكاليف الأخرى التي وضعت ضمن لائحة بالمشاريع المنوي تنفيذها كما لو كانت توزيعات على هوى كاتبها.
7) الاسراع بإطلاق المشاريع الاستثمارية المقررة في مجلس النواب والبالغة /2،6/ مليار دولار أميركي
منها، الموافقة على مشروع قانون برنامج بقيمة /470/ مليار ليرة لبنانية مقسمة على 3 سنوات، يغطّى باصدار سندات خزينة، لتغطية كلفة استملاك المشاريع المقرّرة وإحالته إلى مجلس النواب:
وبالتالي إذا كانت الدولة قرّرت في مرحلة ما وقف الإنفاق الإستثماري لتخفيض العجز لموازنة 2020، هل قرار استملاكات توزع من دون إدارة وكما خَبِرنا جميعاً بقيمة تتجاوز 310 مليون دولار مغطى بسندات خزينة مع فائدة بنسبة 17% سنوياً يعتبر قراراً عقلانياً ومنطقياً؟.
8) إطلاق مشاريع أليسار ولينور
أليسار، هي مؤسسة عامة لتطوير الضاحية الجنوبيّة الغربيّة لبيروت، يهدف إنشاؤها لإعادة ترتيب المنطقة الممتدة من السمرلاند، نحو دوّار شاتيلا وصبرا وتمتد إلى طريق المطار والأوزاعي وصولاً إلى نهاية خلدة، وإعادة تأهيل مدخل بيروت الجنوبي وإنشاء بنى تحتية وحدائق عامة وتحرير الأراضي التي تحتاج إلى ضم وفرز، وبيع المناطق المحاذية للبحر إلى مستثمرين، وإعادة إسكان أهالي المنطقة الذين يرفضون رفضاً قاطعاً إخلاء منازلهم ومحالهم التجارية على أوتوستراد بيروت-الجنوب وبالتالي هو نقطة إستراتيجية لهم- هو ذات المشروع الذي رفضته حركة أمل وحزب الله بمواجهة الشهيد رفيق الحريري الأب ونال مستشاره ضرباً مبرحاً في إحدى زياراته للمنطقة، هل هو جائزة ترضية لحركة أمل مقابل تخفيض نفقات مؤسسة الجنوب ومن ثم إلغاءها كما يقال؟ وبالتالي هل هذه عقلية إصلاحية! مع إستحداث مكبّ الكوستا برافا من ضمن نطاقها أخيراً، فأيّ مشروع سياحي سيقام بالقرب منه!.
9) تعزيز الحماية الاجتماعية، ومن أحد بنودها: الموافقة على اتفاقية القرض مع الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع الاسكان-للمرحلة الثانية، بقيمة 50 مليون دينار كويتي (حوالي 165 مليون دولار)؛ وشر البلية ما يضحك، هذه الدولة التي أخطأت وزارة ماليّتها في إحتساب كلفة سلسلة الرتب والرواتب هي ذاتها تقدّم ورقة إصلاحية وتدرس قرضاً لا يُسمن ولا يُغني من جوع فقط، من أجل أن يرنو إسم قروض الإسكان على آذان شباب وشابات لبنان، فينسحب بعضهم من الشارع؛ بحساب بسيط، قيمة القرض 165 مليون دولار ومع سقف لقروض المؤسسة العامة للإسكان يبلغ 270 مليون ليرة بما يوازي 180 الف دولار، نكون أمام حوالي ألف وحدة سكنية وبالتالي لا تحقق أيّ إنتعاش عقاري ولا تشبع حاجة السوق المقدّرة بخمسة آلاف وحدة سكنية سنوياً، ومع اعتبار أنّ القروض متوقّفة منذ بداية 2018 نكون أمام حاجة لعشرة آلاف وحدة سكنية.
10) دعم التصدير: تعطى المصانع والمؤسسات الصناعية المرخصة وفقاً للأصول مبلغا قدره 5% (خمسة بالمئة) من قيمة صادراتها السنوية المصنعة في لبنان. هل تعلم الدولة اللبنانية، أن الصناعي والمزارع يدفع أحياناً كلفة بين 10% و20% زيادة على صادراته في البحر نتيجة الفروقات وعدم قدرته على التصدير من خلال البرّ السوري، أليس الأجدى وحفاظاً على المال العام أن تتمّ تسيير الرحلات التجاريّة والترانزيت من لبنان، إلى سوريا فالأردن، خاصة أن المنطقة آمنة!؟ وتؤمِّن تكافؤ الفرص بين جميع المصدّرين فيصبح بإمكانهم فتح أسواق لمنتجاتهم في أسواق عربية بكلفة منخفضة.
11) توحيد شراء الأدوية: إعداد تصور لإجراء مناقصة موحدة لشراء الأدوية للإدارات والمؤسسات والأجهزة العسكرية والأمنية وتعاونية موظفي الدولة وصندوق الضمان الاجتماعي.
بإنتظار إيجاد هذا التصور، لا بد لأحد المستشارين في الحكومة من توضيح التالي، هناك شكلين من المؤسسات، واحدة تملك مؤسساتها الإستشفائية كالجيش وبالتالي تستطيع التحكم في الكلفة الدوائية المقدمة من خلالها، والثاني هو الضمان الاجتماعي المجبر على مراعاة إختيارات المضمون بناء لرغبته ورغبة طبيبه واللائحة الدوائيّة المرسومة من قبله، وبالتالي لن تغير شيئاً في الكلفة الدوائية السنوية، مع العلم أن سياسة تخفيض الأسعار بدون دراسة خلال السنوات الماضية أودت بشركتين منذ أسابيع قليلة إلى الإفلاس وبطرد مئة من موظفيها.
14) إقرار موازنة 2020 بعجز يقارب 0%، في مهلة أقصاها 25/10/2019
عند منتصف العام، أقرت الحكومة اللبنانية مشروع موازنة العام 2019 والذي تضمن إجراءات تخفض العجز إلى 7.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ11.4 في المئة العام الذي سبقه، إلا أن العام لم ينته بعد لنرى النفقات غير المحتسبة أو المقدرة فعلياً خلال النصف الأول من السنة، خاصة أن هناك سوابق في الأخطاء وعدم القدرة على إحتساب التكاليف بطريقة صحيحة، وبفروقات بضعة آلاف من المليارات فقط، وبدون محاسبة؛ إلا أنه يجدر ذكر أن مشاركة المصارف شيئ إيجابي، إلا أنه لا سياسة ضريبية قد أعتمدت بل إجراءات موقّتة، كما أن وضع سقف مالي لنفقات مؤسسة الكهرباء هل هو منطقي؟ أليس الإنفاق الإستثماري في مشروع سيدر فيما خص الكهرباء والبالغ 3,592 مليون دولار خلال المرحلتين الأولى والثانية كفيل بتحويل الكهرباء إلى مؤسسة منتجة!؟ وهل تم درس إمكانية تذبذب سعر النفط عالمياً بفعل التهديدات الجيوسياسية في المنطقة؛ وبالتالي كل هذه الإجراءات هل تخفض العجز إلى صفر بالمئة!.
15) الحد من التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية. ان ضبط الحدود، والماسحات الضوئية، إيجابي ولكن هل هناك قرار بوقف العمل بكافة المعابر غير الشرعيّة؟ ألم يقال منذ أسابيع أن بعض السياسيين يتحكّم ببعضها؟ هل رفع الغطاء عنهم؟ وستجري محاسبتهم قريباً؟ وهل ذاك كافٍ مع عدم وجود محاسبة للمهرّب، والمسؤول الجمركي الذي يُسهّل، والأوراق المختلقة والفواتير المخفضة!.
16) تأمين الكهرباء بدءاً من النصف الثاني من العام 2020. هناك وعد دائم بتأمين الكهرباء إلا أنه لا تنفيذ له، خاصة أن هذا الوعد مرتبط بمناقصات ومفاوضات تمتد لستة أشهر قادمة، وبأطراف مختلفة، والحل العقلاني إذا ما كانت الدولة ترغب فعلياً بالخصخصة وبالشراكة مع القطاع الخاص، فيمكن لها تنفيذ ذلك من خلال ملف الكهرباء الذي كلف الدولة اللبنانية عجزاً سنوياً يتجاوز ملياري دولار، وبالتالي تنتهي من كرة النار هذه، ويستفيد اللبنانيون من خدمة أفضل، وتستفيد الخزينة من حفظ لكلفة إستثمارية وإنفاقية على خدمة غير جديرة.
17) الحد من الفساد، مع إقرار هيئات لمحاربته، لا خطط ولا هيئات تسمح بمحاربة الفساد، وهو يُحارب ألاّ يحكم البلد من أشخاص فاسدين، بأن تكف يدي المرتشي والفاسد عن تسلم مقاليد الحكم، بأن يكون هناك قاضٍ عادل وجريء، بأن لا يَحمي رجل السياسة أتباعه أو محازبيه، ولا يقف رجل الدين عائقاً أمام محاكمة أو محاسبة أيّ مرتكب، وهذه لا تحتاج إلى هيئات بل إلى رجال دولة يكون لديهم القرار بإتخاذه ومهما كانت الكلفة، مدعومين بقضاة ليس لديهم مصالح في الترقيات والتعيينات، وحتى يتبيّن ذاك الذي نراه بعيداً جداً طوال وجودكم في الحكم، لا ثقة في محاربتكم الفساد، فعفواً أنتم من صانعيه، أنتم وزوجاتكم، وأقاربكم، وموظفيكم، ومحازبيكم أركانه الأصيلين، وأسماء بعضكم كانت على ألسن الشباب خلال مظاهرات الأيام السابقة؛ والأجدر ولحين إيجاد قضاء مستقل وبما أنه لا ريتز في لبنان، ولا الرجل الرجل في دولتكم وبما أن الفساد هو ربُّ الأزمات؛ فانّ الحل بتجميد جميع أموال المسؤولين طوال ٣٠ عاماً المنقولة وغير المنقولة هم، وزوجاتهم، وأولادهم، لحين نظر قضاء دولي بملفاتهم جميعاً لتبرئتهم أو محاسبتهم.
18) إنجاز الاصلاحات المالية والهيكلية إن شاء الله
هذه أبرز البنود المسماة إصلاحية ذات التوجه الاقتصادي التي تم إقرارها في الجلسة الحكومية مؤخّرًا، والتي تهدف إلى خفت أصوات الجماهير ومطالباتهم، وعليها الكثير من الملاحظات والتي تم ذكر بعضها ها هنا، وحتى يظهر خلاف ذلك، فما زال الشارع هو الحل، والذي في حال إنسحاب الجماهير منه، وعدم إسقاط هذه الطبقة وتشكيل حكومة خبراء مصغّرة لتستلم دفّة الحكم لفترة انتقالية من ثلاثة إلى ستةِ أشهر، تقوم بتنفيذ إصلاحات إقتصادية ونقدية حقيقية سريعة، وفورية، مع تعيينات وتوظيفات عبر آليّة صحيحة وشفافة في مختلف المراكز القيادية، مع إقتراح قانون عادل لا طائفي لإنتخابات مبكرة، لمحاولة إنتاج سلطة مدنيّة لا تشبه حكام الأمر الواقع؛
وإلا لن تنفّذ أيّ خطط إصلاحية، وسيضيع الأمل بأي إصلاح، وسيربو ملوك الطوائف وزعماء الميليشيات على أكتاف العباد مرة جديدة ولن يستطيع أن يرنو أحدٌ منهم، بل علمتنا التجارب أن نسب الفساد سترتفع؛ لذا ما دامت الفرصة سانحة ولن تتكرر مرة أخرى، والملايين لن تكرر نزولها للشارع، ومن امتلك القدرة على ترك البلد من شبابه فسيقوم بها لاضمحلال أي إمكانية للتغيير، ولبناء مستقبله في وطنه.
النشرة