2024- 09 - 28   |   بحث في الموقع  
logo المواجهات مستمرة.. “الحزب” يهاجم مستعمرتين إسرائيليتَين logo بيان هام من “حزب الله”.. هذا ما أعلنه! logo القصف على شبعا مستمرّ.. إليكم المستجدات logo متطوعون يجمعون المساعدات ويعدون الطعام لنازحي الضاحية logo أرفع قائد عسكري في حزب الله... معلومات عن "علي كركي" logo بقذائف المدفعية والصليات الصاروخية... سلسلة عمليات لحزب الله logo إخلاء بلدة "جنوبية" بعد تهديد إسرائيلي logo "قلقٌ إيراني"... وإجراء لضمان سلامة خامنئي
من التظاهر إلى تطويق العهد،ولكنّه باق (بقلم جورج عبيد)
2019-10-23 14:22:44



"كلّ صرخة تمرّد إباء"
                   (المطران جورج خضر)
 
أعود في هذا الزمن إلى المطران العظيم في الفكر والرؤية جورج خضر، وهو أحد الذبن في مطلع شبابه تظاهر أمام دبابات الجيش الفرنسيّ، التي دهست عددًا من رفاقه، وأمام العسكر السنغاليّ في مدينته طرابلس، مطالبًا باستقلال لبنان الدولة والوجود والكيان. كان الجور عميمًا، وممواحهة الجور ليست سهلة على الإطلاق لكون طبائع الاستبداد التي تكلّم عليها عبد الرحمن الكواكبيّ، تتخطى الشرق والغرب، إنها نزعة المتحكّمين سواء كانوا من قلب البلد، أو من الذين وضعوا أياديهم على البلد من الخارج، والاستبداد بكلّ أنواعه فاسد وأربابه مفسدون حتى العظم. لقد أخذ التحوّل في فرنسا بعد الثورة الفرنسيّة الكبرى ردحًا من الزمن حتى ولدت الجمهوريّة الأولى، لكنّ صرخة التمرّد في النهاية فعلت فعلها.
 
صرخة المتظاهرين والثائرين في قلب بيروت وفي معظم المناطق اللبنانيّة إباء لأنّها تعبّر عن كرامة الإنسان المتخطّية بل العابرة للنظم الطائفيّة المحنّطة، والكرامة البشريّة صورة عن الكرامة الإلهيّة المنغرسة في التاريخ. إنّها المرّة الأولى التي يشهد فيها التاريخ اللبنانيّ الحديث نمطًا ثائرًا من هذا النوع، يتحرّك فيها الكبير والصغير، الرجل والمرأة، المثقّف والأميّ، المفكّر والبسيط، الفنان والعامل، رجل الأعمال والموظّف، المسيحيّ والمسلم. ويستجمع النمط الجديد موجوديّته وجديّته من سلوكيات الطبقة السياسيّة التي لم تلحظ في أدبياتها ما أعلنه الدستور اللبنانيّ في مقدّمته كمسلّمة تكوينيّة تأسيسيّة متجذّرة في البنية اللبنانيّة لا سيّما في الفقرة ج، بأنّ "لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة، تقوم على احترام الحريات العامّة وفي طليعتها حريّة الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعيّة والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل"، وفي الفقرة د: "الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة ويمارسها عبر المؤسسات الدستوريّة". فعوض أن تحترم الطبقة السياسيّة هاتين المسلمتين بالمدلولات والمعاني، المكنونتين في طبيعة النظام السياسيّ اللبنانيّة وبنية نشوء الدولة، فقد راحت تكابر وتستعلي منذ سنة 1992، وتفسد وتنهب وتتسلّط، بأياد تلطّخت بالدماء، وفكر شرير ساد، فبدأ عصر الانهيار على كلّ المستويات القيميّة والأخلاقيّة، وبدأ الهريان يستشري بهيكل الوجود اللبنانيّ تلقائيًا وينخر عظام النظام، حتى بدأ بالسقوط والتدحرج تدريجيًّا وبلغنا المرحلة التي لم بعد قادرًا على حماية الطوائف وحماية نفسه مما هو آت وقد أتى.
 
فلا بدّ إذًا من الاعتراف بأنّ استعلاء السياسيين بكلّ أنواع فسادهم وإفسادهم، أدّى إلى تلك التراكمات. ويذكر بعضنا بعيد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، ولا سيّما خلال التحضير لنظاهرات الرابع عشر من آذار بأنّ بعضًا من المفكّرين رنا نحو إصلاح نوعيّ للنظام السياسيّ، ورجا التحوّل من طبيعة المحاصصة الطائفيّة المبثوثة في هذا النظام إلى نظام مدنيّ، ونشوء أحزاب عابرة بدورها للطوائف، أي أحزاب وطنيّة يتحوّل من خلالها النظام السياسيّ إلى نظام مدنيّ، لا يبطل الطوائف، ولكنه يفصل بين الدين والدولة. هذه الفكرة لم تدم ولم تعش، لأنّ بعض السياسيين من فارس سعيد إلى وليد جنبلاط انقلبوا بنتيجة ثورة الرابع عشر من آذار على الحلم، وأعادوا لبنان إلى أحضان الطائفيّة السياسيّة المقيتة، فيما الذين تطلعوا إلى ذلك الفجر المدنيّ، استشهدوا أو هاجروا وباتوا يقيمون في غربة قاتلة سحيقة.
 
من حقّ الذين تظاهروا ويتظاهرون في معظم الساحات اللبنانيّة أن يكسروا هذا الاستعلاء، ويسدّوا أفواه المستعلين والمستكبرين بكلمة الحقّ التي لم يعرفوها من قبل ولن يعرفوها من بعد. فما ساد قبل انبلاج ثورة البسطاء والطيبين في بيروت ولبنان غير ما بعده. ومن حقّهم أن يحوّلوا الليل إلى نهار، ويحملوا الضياء في قلوبهم ويفجروه فوق تلالنا وربانا، فوق جبالنا وعلى طول شواطئنا وعبر سهولنا. لبنان وليد الضياء، ولن يبتلعه الليل اطلما فيه نبض حيّ يستولده ويلده ويكتب له ديمومة الشعاع.
 
لكن من حقّ الفكر السياسيّ إذا أخلص للرؤى المنجيّة من الموت، وتنزّه عن ترابية الفساد، وسما نحو الخير العام، وتحرّر من المآرب والأهواء، أن يضيء على بعض الثغرات والفجوات في بنية تلك الثورة، ويتفاعل مفها من زاوية نقدية مخلصة لأجل خلاص لبنان ونموّه وسلامه. فالتظاهرة بشكل عام بدت في ظهورها الفكريّ غير متماسكة وغير موحّدة في الآراء والتوجهات، وقد باتت مؤلّفة من ثلاث طبقات:
 
1-طبقة يؤلّفها الطيبون المكتوون من فساد الطبقة السياسيّة وسرقاتهم، ومن همينة الرأسماليّة المتوحّشة بصفقاتها وسمسراتها على الأحزاب وعلى الدولة، ضاربة بعرض الحائط حقوق الفقراء وغير آبهة بالجور والفاقة والجوع.
2-طبقة الأحزاب السياسيّة، وقد توثّب بعضها نحو الشارع بأهداف سياسيّة واضحة لتسربل وشاح الثورة بحركة انسيابيّة خطيرة وواضحة معلنة تموضعها في بنيتها، فتحاول تأويل مطالبها وتحربف توجهاتها وأخذها إلى ما يرضي طموحاتها في محاولة إسقاط عبثيّ لرأس السلطة والعهد تحت ستار ما شاع ويشاع من شعارات رنانة إحداهنّ تقول: "كلّن يعني كلّن". فيصير هذا الشعار جزءًا من عمليّة استهلاك مقيتة مكشوفة، بحيث إذا سقط العهد، سقط معه المشروع السياسيّ كمحتوى يظهره العهد في خطابه هنا وثمّة.
3-طبقة المشاغبين، المنتمين بدورهم إلى تلك الأحزاب الواضحة والمكشوفة كالقوات اللبنانيّة والحزب التقدميّ الاشتراكيّ وحركة أمل، التي تقطع الطرق وتفرض الخوّات وتمنع الناس من الوصول نحو أعمالها أو حتى المظاهرات، وبعضها يقطع الطرق كمحاولة مستغلّة لسموّ أهداف المتظاهرين فيصيبها بالندوب.
 
هاتان الطبقتان مختلفتين عن الطبقة الأولى، فهي وكما اتضح من معلومات واضحة، تعمل وفقًا لأجندة خارجيّة تشاء بطبيعتها وجوهرها، استهلاك التظاهرات والعناوين الاقتصاديّة والاجتماعيّة والماليّة والمعيشيّة، التي من أجلها تظاهر الناس، لشدّها نحو الصراع الدائر في معظم الإقليم الملتهب ما بين إيران وأميركا، والذي وكما بات معلومًا سينتهي بتسويّة يتمّ من خلالها الاستغناء حتى عن الذين قدوموا ويقدّمون الخدمات وفقًا لأجندة مدروسة. وحده وليد جنبلاط ذاق علقم التسوية الأميركيّة الروسيّة والتركيّة السوريّة التي قضت على الأكراد ودفشتهم باتجاه أحضان الرئيس بشار الأسد، وذاق تداعيات الثورة العراقيّة وانعكاسها على حركة مقتضى الصدر في العراق، وإطلاق الحشد الشعبيّ لتكون الغلبة له من الشارع إلى تكوين النظام السياسيّ، ليقرّر في النهاية التموضع ما بين الشارع والحكومة. هذه الثورة تدور في هذا الخضّم المتلاطم والمطلّ على سوريا، والقوى السياسيّة تمعن بتحريك أخروي بلعب أوراقها الأخيرة، فماذا مثلاً لو قرّر حزب الله بالاتفاق مع الجيش اللبنانيّ النزول إلى الشارع فلمن تكون الغلبّة؟ 
 
فحين قال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله العهد خطّ أحمر فهو عنى بأنّ مشروع كلّن يعني كلّن، مجرّد دسّ لتحريك الشارع بوجه العهد. ذلك أنّ إسقاط العهد برئاسة فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، إذا ما تمّ وهو لن يتمّ مؤشّر لوضع لبنان تحت أيدي وكلاء وأوصياء دوليين، بدءًا من أميركا إلى فرنسا، فيكون هذا خدمة لإسرائيل، وهذا ما لن تسمح به روسيا التي تراقب الثورة عن كثب. دبلوماسيّ روسيّ مخضرم ومحنّك أسرّ لصديق له، لبنان لن يكون شوكة أميركيّة بخاصرة سوريا وهو يعني روسيا المتواجدة في سوريا، ووزير خارجية لبنان جبران باسيل أكّد بصفته رئيسًا للتيار الوطنيّ الحرّ بأنّ لبنان لن يكون مقرًّا وممرًّا للمؤامرات على سوريا، وسمع صديق لميخائيل بوغدانوف قولاً بأنّ المعادلات في المنطقة تغيّرت وعلى القوى السياسيّة درس مواقفها من جديد ليبنى على النتائج المقتضى. 
 
على هذا استغرب مصدر سياسيّ عدم الإشارة إلى مسالة النازحين السوريين عند اثائرين، وتساؤل قائلاً: من أين أتى هذا التمويل الكبير الذي يوزّع على مختلف المتظاهرين في معظم المناطق اللبنانيّة من مأكل ومشرب وملبس وخيم لللإقامة والمنامة ومكبرات الصوت وأعلام ولوجستيات أخرى. ويقدّر هذا المصدر بأن كلفة ما أنفق إلى الآن تجاوز الخمسة ملايين دولار، فمن تحمّل ويتحمّل هذا الكلفات، ليتبيّن بالخلاصات بأنّ السفارتين الأميركيّة والسعوديّة إلى جانب منظمات دوليّة أخرى تتحرّك وفقًا للسياسة العربيّة يساهمون جميعهم في التمويل ويجنّود شبابًا وشابات لكي يلعبوا لعبة التحشيد. وكلّ ذلك انطلق في فلك الصراع الذي حتمًا سينتهي إلى تسوية نهائيّة. 
 
من هنا تأتي النصيحة إلى الطبقة الأولى من المتظاهرين، بأن لا يندرجوا في خصوصية تلك اللعبة المعدّة لهم. نزّهوا مطالبكم عن أجندة الأحزاب لكونكم متمردين على تلك الطبقة السياسيّة المؤلّفة من تلك الأحزاب، وألّفوا لجنة من بينكم تنصّ مطالبكم للنقاش والتفاوض ولتكون مدى لقاء وحوار بينكم وبين رئيس الجمهوريّة. لقد تبيّن في هذا اليوم بأنّ الأحزاب كشفت القناع عن وجوهها، بدءًا بالقوات اللبنانيّة وصولاً إلى الحزب التقدميّ الاشتراكيّ مرورًا بحركة امل وفؤاد السنيورة. إستباحة المنطقة الشرقيّة وإغلاق منطقة حارة الناعمة كبوابة للشوف والجنوب ومناطق من البقاع، دليل على هذا التحالف بوجه العهد والرئاسة برعاية أميركيّة لا التباس فيها. القضيّة ليست بتطويق العهد بل بتطويق لبنان ليكون منفذًا للتامر على سوريا من بعد بلوغ سوريا نحو نتائج حاسمة، وجزء من هذا التطويق سببه وفاء العهد للمقاومة والتزامه بها كحالة ردعيّة بوجه إسرائيل وقتالية بوجه القوى التكفيريّة في سوريا، ورفض العهد مبدأ العقوبات على مكوّن لبنانيّ له جذوره. لقد بتنا في ذروة الذراع، لكنّ النهاية ستكون مخيّبة لمن اشتهوا ويشتهون سقوط ميشال عون. والنداء للجيش اللبنانيّ أن يفتح كلّ الطرق والمعابر من الجنوب إلى الشمال ومن البقاع إلى الساحل، حتى لا يتحوّل لبنان إلى مناطق متشرذمة وعلى مقياس بعضهم ونحن في أوج المشهد في الإقليم الملتهب.
 
أما النداء الأخير فهو مكرّر لفخامة الرئيس، بأن يصدر الأمر إلى الجيش لكونه القائد الأعلى بفتح جميع الطرقات وعدم التهاون مع المخلّين بالأمن، والأمر الثاني أن يطلّ على الناس ليقول كلمة الحقّ فيسطع به وينقذ لبنان. 
 
 
القاضية غادة عون تتدعي على رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي عزمي طه ميقاتي، ماهر نجيب ميقاتي، بنك عوده... بمواد قانون الإثراء غير المشروع. 


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top