ميشال عون... في الشارع!
2019-10-12 01:18:46
أكثر من مرّةٍ، ولأكثرِ من سببٍ ودافعٍ، هدَّد ميشال عون يوم كان رئيسًا لتكتّل "التغيير والاصلاح"، بالنزولِ الى الشارعِ... وفعَلَها. بيد أنّ أحدًا لم يتوقَّع أن يلوِّح عون "الرئيس" بالورقةِ نفسها، وهو الأمرُ الذي كرَّره، أقلّه مرَّتين، قبل انقضاءِ النصفِ الاول من الولاية الرئاسيّة.بعد أيّامٍ على فوضى الشائعاتِ وحراكِ الشارع والتهديدات بالاضرابِ وشحّ الدولار، جلَسَ رئيس الجمهورية مع مجموعةٍ من الاعلاميين، متجاوزًا "بروتوكول" القصرِ في التسريب عادةً عبر زوّاره، ليُطلِق رزمة مواقفٍ مُدافعة عن سياساتِ العهد الذي اهتزَّت صورته تحت وقعِ التخويف من حصول "الانهيار الكبير"، وأهمّها الاشارة الى أنّ "اللجوء الى الشارعِ في هذه المرحلةُ غير مفيدٍ، لكن حين يُصبِح رفع الصوتِ بمثابةِ حاجةٍ وضرورةٍ سيكون رئيس الجمهورية في مقدّمة الداعين الى التظاهرِ "لمحاسبةِ المسؤولين الحقيقيّين عن الازمةِ"!لاحقًا، وجَّه وزير الخارجية جبران باسيل بعد اجتماع تكتّل "لبنان القوي"، رسالةً مباشرة لِمَن حرَّك الشارع قبل أسابيعٍ، قائلاً، "نحنا عم نشتغل أد ما فينا"، ونسعى لأن يطاول الاصلاح كلّ شيء، لكن نحن أيضًا لدينا "شارعنا كمان ونازلين بـ 13 تشرين، وإذا لزم الأمر سننزل من بعدها".هكذا حوَّل باسيل 13 تشرين الى تجمّعٍ حزبيٍّ وشعبيٍّ مستعجلاً النزول الى الارض وإن تحت سقف "ذكرى" غابَ عن بالِ المسؤولين العونيّين الاحتفاء بها مركزيًّا طوال السنوات الماضية، مع العلم أنّ باسيل سبقَ أن هدَّد في آب العام الماضي، بالنزولِ الى الشارعِ رافعًا سقف الموجهة "لفكّ أسر لبنان من الاعتقال السياسي"، على حدِّ تعبيره، وذلك أبّان مفاوضات تشكيل الحكومة، فلوَّح رئيس الحكومة سعد الحريري يومها بوجودِ شارعٍ مقابل شارعٍ!. هذه المرَّة، يكشف باسيل بوضوحٍ عن مغزى دعوة المحازبين والانصار الى التواجدِ بكثافةٍ في "الحدت بما تمثله من رمزيةٍ، وعلى بابِ بعبدا، حتى كلّ الناس تفهم شو نحنا وشو موقعنا"، كما قال في مؤتمره الصحفي الاخير.وقد تحدَّث بوضوحٍ عن عملية "13 تشرين اقتصادية"، لن نقبل بحدوثها وسنواجهها"، فيما لم يتردَّد النائب زياد أسود بإشارته الى "المواجهة المفتوحة اعتبارًا من 13 تشرين"، مؤكِّدًا، أنّ "الايام ستثبت أنّ من يتآمر ويسوِّق لوجوهِ التآمر والتراخي المشبوه سياسيًّا سيسقط".هكذا رسا خيار رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل، على أن يشكِّل يوم الأحد 13 تشرين "بروفا" لتحرّكاتٍ أكبر ربّما على الارض. "ميشال عون حرفيًّا في الشارع!".وتشير مصادر "التيار"، الى أنّ "كلّ ما حدث في الفترةِ السابقةِ لا يجوز السّكوت عنه، والردّ لا يكون فقط بما يحصل من خلال الورقة الاصلاحية والضغط لترجمتها مع رفعِ الغطاءِ عن كلّ أنواعِ الحمايات، بل عبر القولِ، بأنّ كل ما يفعله العهد وفريقه السياسي مغطّى شعبيًّا وهذا ما سيظهر من خلال أوسعِ مشاركةٍ في ذكرى 13 تشرين في الحدت".وتلفت المصادر، الى أننا قد نكون الاكثر اعتراضًا على ما يحصل اليوم من عرقلةٍ للاصلاحِ ومحاولةِ تدميرٍ مُمَنهجةٍ لسمعةِ ومكانةِ العهد، لكنّ الوجود في سدّة المسؤولية يفترض أداءً مختلفًا مع شراكةٍ كاملةٍ في تحمّل هذه المسؤولية إن بالانجاز أو بالفشل، والواقع لا يلغي رفضنا لحملات التجني والافتراء و"تمسيح الارض فينا" والمسّ بكرامة رئيس الجمهورية" وهذا ما سنحاول عكسه من خلال هذه المشاركة". وذهب آخرون نحو رفع التحدي، كما تأكيد المحامي العوني وديع عقل، "واهمٌ من يعتقد أنّ ميشال عون يسقط في الشارع. ميشال عون سيقتل المافيا. الى اللقاء الاحد".وفق المعطيات، حَشَد مسؤولو التيار الوطني الحر في المناطق لتأمينِ مشاركةٍ كثيفةٍ في القداسِ الذي سيُقام وسط بلدة الحدت في الهواءِ الطلقِ، حتى أنّ رسائلَ التحفيزِ على المشاركة تصل كالعادة بالخطأ الى مناضلين فُصِلوا من "التيار" أو قدَّموا استقالتهم منه، والدعوات تتمّ على أساس أنّ هناك، "رغبة شخصية من الوزير باسيل بحضوركم".كما كان لافتًا، إطلاق حملة إعلانية مدفوعة عبر رفعِ لافتاتٍ في مناطق جبل لبنان تحت عنوان "ماضٍ للغد" بهدف التحشيد ليوم الاحد. ترافق ذلك، مع تحذيراتٍ من جانبِ محازبين وناشطين عونيّين بأن يكون إضراب محطات المحروقات للمرَّة الثانية من ضمنِ مُخَططٍ لتعطيلِ المشاركةِ في المناسبةِ!يذكر، أنه في السنوات الماضية واظب "التيار" على إقامةِ قداديسٍ متواضعة في المناطق. حيث أنّ العام الماضي، أقيمَ القداس في منطقة الناعمة "على الضيِّق" ومن دون حضورٍ حزبيٍّ ولا ضباطٍ متقاعدين. أما العام 2017 وإضافة الى القداس "المحلي"، فقد أقيمَ قداسٌ في منطقة سيدني الاسترالية شارَك فيه يومها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خلال تواجده هناك بفعلِ "أوعا خيك"!.لكنّ متابعين، لا يفصلون الحماسة العونيّة لقداسِ الحدت عن جملةِ مؤشراتٍ ووقائعٍ أوَّلها الرغبة في استعراضِ الحجمِ الحزبيّ و"تفشيل" القداس الذي دعا اليه رفاق شهداء 13 تشرين اليوم السبت في كنيسة الصعود الضبية وتشارك فيه رموز ووجوه في المعارضة العونية تحت مسمّى "التيار- الخط التاريخي" ومجموعة من الضباط المتقاعدين ممّن كانوا على تماسٍ مباشرٍ مع أحداث 13 تشرين، إضافة الى النائب شامل روكز الذي حَسَم قبل أيّام حضوره قداس "الضبية" مع ما يعني هذا الموقف من تكريسٍ واضحٍ للمتاريس التي باتت تفصله عن الوزير باسيل.نائبُ كسروان وصهرُ رئيس الجمهورية، لم يكن حتى على لائحة المدعوّين الى لقاء يوم الاثنين، وهو الثاني من نوعه خلال اسبوعين الذي دعا اليه الوزير باسيل مجموعة من الضباط المتقاعدين، ما دفع روكز الى التعليق ساخرًا حين سُئِل عن الموضوع "ربما لأني لم أكن في 13 تشرين!".وقد أظهرت عمليات الرصد لمواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الماضية، "نشر غسيلٍ" بين "معسكريّ" الضباط المتقاعدين، أي بين من لبوّا دعوة وزير الخارجية ومن رفض التجاوب إما اعتراضًا وإما مسايرةً لروكز وإما "قرفًا" من الوضعِ، وقد انسحبَ ذلك على من سيُشارك في قداس الضبية والحدت!وكان لافتًا، تأكيد القيادي العوني السّابق رمزي كنج في حديثٍ تلفزيوني، أنّ "ذكرى 13 تشرين التي هي ذكرى وجدانية ووطنية وهي أساس تكوين الحالة التي اسمها التيار الوطني الحر، اخلاقياً لا يحقّ لنا تجاهلها كما تمّ تجاهلها من قبل قيادة التيار، بينما لم تكن تغيب منذ العام 2005 عن رزنامة الأخير. أما السنوات الأربع الاخيرة، فكنت ترى في 13 تشرين إما تجمّع على حفلة شاورما أو دبس خروب، ولم تعد مناسبة مركزيّة وجدانيّة...".أضاف كنج، "لذلك قرَّرنا مع عددٍ من الضباطِ الذين همّ من أكثر المعنيّين بهذه المناسبة، إقامة قداسٍ مع رفاقِ وأهلِ الشهداءِ. قداسنا هو للصلاة فقط، بينما لم يكن من المُقرَّر في رزنامة "التيار" هذه السنة، إقامة قداسٍ مركزيٍّ بل توزيع بطاقات حزبيّة، فاستلحقوا أنفسهم وأعدّوا لقداس يوم الاحد".وأكَّد، أنّ "الامر ليس أبدًا موضع انقسامٍ ولا أحد ينافس الاخر، لكن ليس أمرًا عابرًا أن يتواجد الضباط الاساسيّين المعنيّين بذكرى 13 تشرين إضافة الى "المقاتلين" السياسيّين والمناضلين في تلك المرحلة، في مكانٍ، بينما "الفريق الاخر" في مكانٍ آخر يقيم "قداس السلطة".
ملاك عقيل