ياسر العيلة
بالتعاون مع شركة سينسكيب، أقامت شركة «زين» للاتصالات عرضا خاصا للزملاء في وسائل الإعلام الكويتية بمجمع مول 360 لمشاهدة الفيلم العالمي «Joker» الحاصل على جائزة الأسد الذهبي في الدورة الـ 76 من مهرجان فينيسيا السينمائي، وهو من بطولة خواكين فينيكس وروبرت دي نيرو وزازي بيتز ومن إخراج تود فيليبس، وكان في استقبال الحضور مديرة العلاقات الإعلامية بشركة «زين» عالية العوضي.
يروي الفيلم أصول شخصية «الچوكر» والظروف التي حولته الى واحد من أعتى الأشرار في تاريخ «قصص الكوميكس»، من خلال قصة «آرثر فيلك» المواطن الأميركي الفقير خلال نهاية السبعينيات من القرن الماضي والذي يعمل كمطرب أجير على أمل أن يكون فنان «ستاند أب كوميدي» معروفا، إلا أنه يتعرض للإهانات والضغوطات النفسية والمصاعب التي جعلته يتحول من إنسان بسيط مسالم ليصبح واحدا من أشهر الشخصيات المجنونة والشريرة «الچوكر».
الفيلم تراجيدي سوداوي كئيب لأبعد درجة، جعلنا منذ بداية العرض نعيش مع شخصية «آرثر» ودراسة حالته بأدق تفاصيلها، والتركيب العقلي والأخلاقي والعاطفي والجسدي لهذا الرجل حتى أصبح ما هو عليه.
قدم بطل الفيلم خواكين فينيكس أداء مثيرا للقلق والغرابة نقل لنا من خلاله شخصية «الچوكر» بشكل مجنون ومخيف، ونقلنا معه لدرجة أننا أشفقنا عليه في بعض الأوقات وجعلنا متقبلين أي شيء يفعله هذا الچوكر.
وللحقيقة، خواكين فينيكس لعب دور الشخصية المهووسة عقليا وغير المتماسكة بشكل عبقري ومرعب في نفس الوقت، فقدم شخصية الانطوائي المضطرب عقليا الذي يصل الى طريق الشهرة الذي يحلم به بشكل غير مقصود عن طريق العنف الدموي، وأجاد بشكل رهيب التحكم في تعبيرات وجهه بطريقة عجيبة، حيث كان يضحك وهو يبكي في نفس الوقت، خاصة أنه كان مصابا بحالة مرضية تجعل الشخص يضحك ويبكي بشكل لا إرادي وهذا المرض سبّب له العديد من المشاكل.
أقنعني فينيكس بوجود هذا المرض ومعاناة أي شخص مصاب به، والضحكة التي يطلقها بين الحين والآخر لا تثير بداخلنا الفرح، وإنما تصيبنا بحالة من الحزن والشفقة عليه.
فيلم «الچوكر» لا يصنف كأكشن أو رومانسي، ولم نشاهد فيه أي مشهد عاطفي أو أي مشهد يخدش الحياء العام، وإنما كان فيلما تراجيديا بمعنى الكلمة، جعلنا نشاهد «الچوكر» بمنظور مختلف عن طريق المجتمع ومعاملته له أو عن طريق مناقشة الأمراض النفسية التي يعاني منها البعض وتأثيرها السلبي على المجتمع، وأهمية التصدي لعلاجها حتى لا تكثر أعداد المختلين عقليا، بالإضافة الى دور كل من الأب والأم، كما أن الفيلم حمل الكثير من الإسقاطات السياسية.
المشاهد العبقرية والعظيمة في الفيلم كثيرة جدا، منها علاقة «الچوكر» بجارته، حيث اعتقدنا أن بينهما علاقة إعجاب وحب، لنكتشف أنها أوهام من خيال «آرثر»، وأيضا المشهد الذي وصل فيه الى قمة الجنون عندما قتل مقدم برنامج «اللايف شو» على الهواء مباشرة (روبرت دي نيرو)، بالإضافة الى المشهد الرهيب والمؤلم عندما رقص فوق السيارة وهو مصاب بالجروح ووجهه مرسوم عليه قناع «الچوكر» عندما أخذ الدم من فمه ورسمة ضحكة «الچوكر» الشهيرة.
إخراج الفيلم من تود فيليبس كان مميزا، وقدم شخصية «الچوكر» بشكل مختلف عن أي «چوكر» شاهدناه، وتدرج بنا خلال أحداث الفيلم بتحول «آرثر» البسيط الطيب الى «الچوكر» المجنون، كما أن التصوير كان رائعا وأضفى مصداقية وجمالية على الفيلم من خلال الإضاءة المعتمة والمظلمة التي جعلتنا نعيش إحساس البطل الذي نفذت كل محاولاته للتواصل مع المجتمع ليفقد عقله ويتحول الى قاتل، ايضا الموسيقى التصويرية والأغاني الكلاسيكية التي استخدمت كانت مميزة وساعدت في التصاعد الدرامي للقصة ولبطل الفيلم.
ساعتان تقريبا هما زمن عرض الفيلم لم أشعر خلالهما بلحظة ملل حتى «البوب كورن» لم ألتهمه في دقائق معدودة كالعادة، وإنما استمر معي للنهاية من سرعة تلاحق أحداث الفيلم ومتابعة انفعالات شخصية «الچوكر» وما يدور بداخل عقله الباطن. «Joker» باختصار هو صرخة للتعبير عن الإحساس بالشفقة على الذات بالرغم من حالة الهجوم التي يتعرض لها حاليا في أميركا واتهامه بأنه يروّج للعنف ونشر الفوضى.
في النهاية وخلال مشاهدتي لأحداث فيلم «Joker»، خطرت على بالي أغنية «مجموعة إنسان» لفنان العرب محمد عبده ومن كلمات الأمير الشاعر خالد الفيصل، وشعرت بأنها أفضل شيء يعبّر عن حال بطل الفيلم ومعاناته، خاصة عندما غنى عبده الكلمات التي تقول:
من كل ضد وضد تلقين فيني
فيني نهار وليل.. وأفراح وأحزان
أضحك ودمعي حاير وسط عيني.