كتب مازن مجوز في “نداء الوطن”:
لماذا كل هذه البدانة يا عزيزتي؟ جسمك لا يليقُ به إلا النحافة والرشاقة، ألا ترينَ أن وزنك زاد عن حدّه، وغيّر ملامحك؟ ألا تحنينَ الى الماضي الجميل حينَ كان الجميع يُطري عليك بالمديح، لجاذبيتك المبهرة؟ يقاطعهُ زوجها بالاجابة عنها “كيف تتوقع أن تكون بعد أن سكنّا في الجبل، وابتعدت عن المشاكل والهموم، وتحولت حياتها إلى ” أكل ومرعى وقلة صنعة” ؟ تضحك هي معلقةً :”ما المُزعج في نصاحتي ؟ وهل تريد أن تحرمني من ملذات الحياة من أجل أن يعجب جسدي الرجال؟ بالطبع لن أفعل . زواج تزوجت، وأولاد أنجبت، وهذا زوجي راضٍ بي وأنا راضية بحالي، لقد تخليت عن هموم الريجيم وحرماني من المأكولات، وتركتُ طالبيه للشابات الصغيرات، وقرّرت أن آكل ما يحلو لي من دون أن أضطّر الى حرمان نفسي أو تجويعها من أجل مظهر خارجي، ومن لا يعجبه شكلي يمكنه إشاحة نظره عني.
حقّق لبنان نجاحاً عربياً جديداً، وهذه المرّة في السمنة وزيادة الوزن، إذ حلَّ اللبنانيون في المركز الخامس والعشرين عالمياً، من حيثُ عدد البالغين (فوق الـ 18 سنة)، الذين يعانون من وزن مفرط (أو السمنة )، وفقاً لـ “تقرير التغذية العالمي للعام 2018” الصادر عن منظمة الصحة العالمية “WHO”، والذي أدرجَ تسع دول عربية من بين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على قائمة الدول ذات أعلى مستويات للبدانة في العالم، حيثُ جاء لبنان في المرتبة السادسة ( 32,5%) في المنطقة بعد الكويت ( 37,9 %) والأردن (35,5%، والمملكة العربية السعودية (35,4 %)، وقطر( 35,1%) وليبيا (32,5% ) .
وتظهرُ النتائج أن إنتشار السمنة بين البالغين في منطقة الشرق الأوسط، قد تضاعف 3 مرات تقريباً منذ العام 1975، مما أدّى إلى زيادة أعداد مرضى القلب والأوعية الدموية وغيرها من الأمراض بحسب موقع ” forbesmiddleeast”.
وبحسب تقديرات أطلقتها منظمة الصحة العالمية في النصف الثاني من العام الحالي، تطالُ البدانة من 18 إلى 32 % من المجتمع اللبناني، وفي حال دفعت حشريةُ اللبناني لمعرفة عمّا إذا كان يعد بديناً أم لا، فعليه استخدام مؤشر كتلة الجسم “BMI” لقياس مستويات السمنة وهو عبارةٌ عن ناتج قسمة الوزن على مربع الطول بالمتر.
والسُمنةُ مرضٌ سلوكيٌ في معظم الأحيان، وتعني تراكم الدهون ( Adipose Tissues) تحت الجلد وفي الأنسجة الداخلية، ما يعني تغيراً واضحاً في الشكل، نتيجةً لزيادة الطعام وقلّة الحركة، وتترتب على ذلك أمراض خطيرةً مهما كانت الأسباب والدوافع.
“صحتك ما بتحمل خفف وزن عليها”
وتُعد السُمنة ( البدانة ) ( Obesity) أحد أمراض سوء التغذية المنتشرة في عصرنا الحاضر ، نتيجة للتطور الهائل في التكنولوجيا، واستعمال السيارة بدلاً من المشي، والمصعد بدلاً من الدرج، ولتسارع وتيرة الحياة من حيثُ اعتماد الناس على الوجبات السريعة غير الصحية والمشروبات الغازية بالإضافة إلى عدم ممارسة الرياضة.
وفي هذا السياق يأتي إطلاقُ وزير الصحة العامة جميل جبق، الحملة الوطنية للتوعية من مخاطر البدانة في 31 تموز الفائت، تحت شعار “صحتك ما بتحمل، خفّف وزن عليها”، بهدف تسليط الضوء على أهمية التوعية بشأن مخاطر البدانة، وتشجيع من يعانون البدانة أو الوزن الزائد، على استشارة الأطباء الاختصاصيين لتحديد أسبابها، والطرق الأنسب لمعالجتها، بمساعدة إختصاصيي التغذية، محققين بذلك خسارة مستدامة للوزن من أجل تحسين صحتهم، كما وتم عرض نشاطات الحملة والمشاريع المستقبلية المرتبطة بها.
للحدّ من البدانة وإلا ….
بدورها تؤكد كارلا حبيب مراد، أستاذة محاضرة في الجامعة الاميركية، في حديث إلى ” نداء الوطن ” أنّ نسب الوزن الزائد والبدانة عند الشعب اللبناني مرتفعةٌ جداً، وبالتأكيد هي أعلى من نسب البلدان الغنية، فنسبُ الوزن الزائد عند الراشدين تصل الى 36 % والسمنة والبدانة الى 28 % ، نسبٌ عاليةٌ جداً ، فكلّما كبرَ اللبنانيون في السن نُلاحظ ان نسبَ البدانة تزيد وخاصةً عند السيدات فوق الـ 50 سنة”.
وتضيف، أنه لسوء الحظ، فإنّ نسبة البدانة عند الاطفال والمراهقين في لبنان عاليةً جداً، فمثلاً وصلت حالياً نسبة الوزن الزائد عند الاطفال والمراهقين (بين 6 و19 سنة) الى 21 % ونسبة السمنةَ الى 11% بينما هذه النسب كانت النصف منذ 10 او 12 سنة .
وتشددُ مراد على أن هذه الظاهرة خطيرة، داعيةً إلى اتخاذ التدابير الوقائية خصوصاً لجهة العمل مع الاطفال في سن مبكرة لزيادة الوعي لديهم ولنُعلمَهم ماذا يأكلون، وكيف يتحركون أكثر، لأن معظم أوقاتهم يقضونها على شاشات الهاتف المحمول، والكومبيوتر، والآيباد Ipad عبر اللعب على video games وما شابه.
وإذ ترى أنه باتَ من الضروري الحد من هذه الظاهرة ، وإلاّ فإنّنا نربي جيلاً سيكون بديناً، تكشفُ أن الدراسات الحديثة تُفيد بأن الطفل البدين لديه خطر 30 % بأن يبقى بديناً عندما يصل الى سن المراهقة، وكذلك 80 % من المراهقين البدناء سيبقون كذلك عندما يصلون الى سن الرشد .
وحول أسباب البدانة عند الشعب اللبناني تشيرُ مراد إلى أنّ أبرزها هو زيادة الخمول، فهو لا يتحرك كما يجب، إضافةً إلى زيادة استهلاك المأكولات والمشروبات الغنية بالدهون والسكر، ربطاً بانتشار المطاعم التي تقدم وجبات سريعة ( وما أكثرها ).
وإنتقالاً إلى مخاطر هذه الظاهرة الصحية تعلق مراد أنّها كبيرة وعديدة ولا تقتصرُ فقط على الشخص الراشد إنما الاطفال معرضون أيضاً لامراض صحية وأمراض مزمنةَ نجدها عادةً عند الراشدين،لافتةً إلى انّه كلما زادت نسبة السُمنة تتضاعف لدى الراشدين مخاطرَ الاصابة بامراض القلب والشرايين أهمها إرتفاع ضغط الدم وارتفاع في نسب السكر في الدم، حتى بتنا نرى اشخاصاً في عمر مبكر لديهم السكري من النوع الثاني، وهو نتيجة الوزن الزائد فضلاً عن اشخاص لديهم مشاكل في المفاصل وأوجاع في الظهر والديسك، وحتى حالياً تبينَ أنّ البدانة لها علاقة بظهور بعض الامراض السرطانية أهمّها سرطان الرحم والثدي عند السيدات وسرطان البروستات عند الرجال وسرطان الامعاء عند الرجال والنساء.