عالم الأحلام،
عالم جميل ننطلق من خلاله في رحلات تحملنا في أسفار بعيدة، إلى آفاق أبعد من الخيال...
عبر الحلم نلتقي
بأشخاص كثر، نتحدّث إليهم ويحدّثونا... نقصد أمكنة مختلفة على حين غرّة... نرى،
نسمع، نشتم، نلمس ونتذوّق... ومع ذلك حين نستفيق نجد أنفسنا في المكان عينه، لم
نبارحه، وإنّما ارتقينا لاوعيًا منّا في رحلة عبر الزمن...
من رحلات
الأحلام البعيدة هذه، نتذكّر النذر اليسير غالبًا. وحين نستيقظ صباحًا على رؤى
جميلة طبعت تفاصيلها في مخيلتنا، يغمرنا شعور جميل يستثير لذّة صامتة لا تخلو من التساؤلات؛
"هل يصدق حلمي؟"، أو "ترى ما معنى هذا الحلم؟".
التأمّل عالم جميل
أيضًا، ولكن من نوع آخر. من خلال التأمل نتوغّل في أعماق مجهولة من نفوسنا، نستشف
صورًا، أو ربّما نلتقط أفكارًا وكلمات وأحيانًا رؤىً... وكما في النوم كذلك في التأمّل راحة للنفس في
أقل تقدير، وأيضًا من دون أن يغادر المتأمّل مكانه!
تساؤلات كثيرة تحيط بعالم الأحلام، وبأساليب
التأمّل المختلفة. لكنّ علم الإيزوتيريك شرّع الباب على البحث والتعمّق في هذه
الحالات، فأسّس منهجًا لمعرفة النفس وفهمها في تقنيات عملية أسّست لأسلوب حياة
معرفي غير مسبوق.
يفسر علم
الإيزوتيريك بأنّ الكيان الإنساني يتألّف من ظاهر وباطن، وأنّ هذا الباطن يحوي
أبعاد وعي خفية هي في حال من التفاعل الدائم. فأبعاد الكيان الإنساني سبعة، بما
فيها الجسد (أدناها وأشدها كثافةً) والروح (أعلاها). ويطلق علم الإيزوتيريك على
هذه الأبعاد تسمية الأجسام الباطنية، من خلال مؤلّفاته التي قدّمت تقنية
"إعرف نفسك" للمرّة الأولى في التاريخ المكتوب. ويوضح علم الإيزوتيريك
أن هذه الأجسام الباطنية تنقسم في قسمين:
النفس الدنيا
التي تمثّل النطاق البشري في الإنسان وأقربها إلى المدارك-الفكر والمشاعر،
والذات العليا، أو
عالم المُثُل والقيم في الإنسان.
في هذا السياق يضيء كتاب
"الأحلام والرؤى"، من سلسلة علم الإيزوتيريك، إعداد الدكتور جوزيف
مجدلاني (ج ب م)، يضيء هذا الكتاب على حقيقة الأحلام مفسّرًا ماهيتها حيث يوضح من
جملة ما يوضح ص36 أنّ "النوم هو انتقال من تفعيل حركة الجسد في عالم الأرض
عبر أجسام النفس الدنيا، إلى تفعيل حركة الكيان في عوالم الشكل واللاشكل أيضًا
كقاعدة عامة وحقيقة إنسانية ساطعة، لا يستطيع الجسد أن يتفاعل معها"، ويضيف
أنّ "الحلم اختبار حياتي باطني متكامل في أبعاد الماوراء".
فالحلم كما يؤكّد
علم الإيزوتيريك امتداد لحياة اليقظة، حيث يتخدّر الجسد والحواس المادية الخمس، لتنطلق
مكوّنات الإنسان الباطنية الشفافة (الأجسام الباطنية) في عوالم من طبيعتها (أي
الطبيعة الشفافة) في النظام الشمسي. وهناك تعيش هذه المكوّنات تجارب وخبرات تتمّم
خبرات الحياة اليومية التي يعيشها المرء.
من جهة أخرى،
يشرح كتاب "التأمّل والتمعن"، بقلم الدكتور جوزيف مجدلاني (ج ب م) ص20،
أنّ "التأمّل كعمود فقري لدراسة وتقصّي خفايا الكائن البشري الكامنة في
باطنه... فالتأمّل وسيلة تطبيقية تلقي الضوء على تلك الخفايا (الأجسام الباطنية)،
ليطالها نطاق وعي الظاهر، فيتمكّن المرء من التعرّف إلى مقدراتها، واختبارها
والإفادة منها، وذلك بهدف إغناء طاقة الفكر وتعزيز مقدرة الجسد بالصحة
والحيوية".
شروحات كثيرة
تستفيض بها المؤلفات المذكورة أعلاه، كاشفة ما خفي عن المدارك حول حقائق الأحلام وآفاق
التأمّل... فالأحلام هي باختصار تفاعل لاإرادي للباطن الإنساني مع عوالمه في
النظام الشمسي، والتأمّل هو ولوج إرادي إلى هذا الباطن. وقد يصح القول إنّ
الارتقاء في معرفة النفس بموجب منهج علم الإيزوتيريك يحوّل التأمّل إلى "حلم" إرادي، ويُخرج
الحلم من دائرة كونه "تأمل" لاإرادي... ولربّما بالمثابرة، يتحوّل التأمل في مراحله المتقدّمة، إلى تدرب منهجي على الدخول
الإرادي في عالم الأحلام...