المحامي د. وسام صعب -
فيما لو استعرضنا سرًا أو علنًا أو بعين المراقب مسار العمل الحكومي منذ تشكيل حكومة الى العمل ولغاية اليوم، لاستنتجنا حقيقةً لا تقبل مجادلة وهي أن هذه الحكومة وبما تمثل وتحت أي مسمى كانت لم تكن على قدر تطلعات المرحلة الراهنة كما وان انجازاتها لم ترتقِ الى حجم الطموحات وبالتالي لم تكن على مستوى التحديات المطروحة لاسيما لناحية مقاربتها للملفين المالي والاقتصادي كما كان من المفترض عليها أن تقاربها.
ملفات كثيرة لا تزال تنتظر المعالجة، ولكن، عن أية معالجة نتكلم في ظل حكومة ليست على قدر مسؤولية المرحلة لمواجهة ما يتهدد لبنان من مخاطر مالية كانت أواقتصادية والتي كان آخرها أزمة الدولار (شاغل الدنيا والناس) الذي وبسحر ساحرٍ اختفى واندثرت آثاره من السوق المحلي .
ليس سرًا أن حكومة الى العمل هي حكومة العهد الاولى كما اسماها رئيس الجمهورية عند تشكيلها ... والتي انعقدت عليها كل الأماني والآمال والتطلعات لمواجهة الأزمات الكثيرة والمستجدة، لكن الواقع والممارسة بيّنا أن رهان رئيس الجمهورية على هذه الحكومة لم يكن على قدر تطلعاته وآماله وأمانيه، ذلك ان الوضعية التي كانت قائمة في الأمس لاتزال هي هي اليوم، وأن شيئًا لم يتغير، وهذا قد يشكّل بحد ذاته خيبة أمل جديدة إزاء واقعٍ لايزال مساره إنحداريًا دون ضوابط ، ماقد يلزم الجميع بتحمل أقصى درجات المسؤولية، وهذا لن يكون إلا بتغيير نمط تفكيرهم التقليدي ، وبالتحرر، لاتخاذ القرار لتغيير مسار الأمور جذريًا أو كما يمكن أن نسميه رأسًا على عقب ، من حكومة سياسية فضفاضة قائمة اليوم وتحت أي مسمى (أثبتت عجزها في المواجهة)، إلى اعتماد صيغة اخرى مختلفة كليًا في التشكيل تكون أكثر فعالية ودينامية لمواجهة ماهو قائم من تحديات وأزمات وما قد يستجد أيضًا في صحراءٍ شاسعة رمالها متحركة، خصوصًا وان التجربة السياسية في العالم قد أثبتت أنه في أوقات الأزمات الكبيرة يكون من الأجدى إعتماد صيغة حكومات مصغرة من نوع التكنوقراط - السياسي تضم في تشكيلتها إختصاصيين كفوئين وبعض النخب السياسية لإدارة شؤون البلاد عندما تترنح أوضاعها وذلك بعيداً عن منطق تناسب الأحجام والحصص والتوازنات، وهو ما سيضمن حكومة طوارىء إنقاذية بالمعنى الصحيح للكلمة، وهذا ما سيشكّل بطبيعة الحال تحولاً متطوراً نحو حكومة تكنوسياسية تضم أشخاصاً واعين ومثقفين وهذا ما يعرف بالساسة الإختصاصيين الذين يتمتعون بفهم بديهي لكيفية صياغة التقدم في هذه البيئة، والتي ستكون، أي حكومة من هذا النوع أكثر فعالية لمواجهة الأزمات المالية والإقتصادية ... فهل أصبح من الواجب أن ينعقد الإجماع السياسي على هكذا حكومة ستشكل بطبيعة الحال إستقراراً سياسياً للعهد طيلة فترة ولايته المتبقية ...