يُعتقد أنه في قلب كل مجرة كبيرة يوجد ثقب أسود هائل الحجم؛ وهو مكان تكون فيه الجاذبية قوية جداً لدرجة أنه يلتهم أي شيء، حتى الضوء.
ومثل كل الثقوب السوداء، تتكون الثقوب السوداء هائلة الحجم عندما تنهار النجوم في نهاية دورات حياتها. في المتوسط يكون حجمها هائلاً، أكبر من الشمس ملايين المرات.
ولعدة سنوات، اجتهد العلماء من أجل التقاط صورة لثقب أسود، لأن غياب الضوء يجعل رؤيتها شبه مستحيلة.
ولكن في 10 نيسان، أصدر مجموعة علماء من شبكة تلسكوب Event Horizon الدولية أول صورة على الإطلاق لثقب أسود هائل. وبالرغم من أن الصورة ضبابية وغير واضحة، تعد إنجازاً هائلاً ومحورياً في بحوث الفضاء.
وفي يوم الخميس الخامس من أيلول، حصل الفريق وراء هذا الإنجاز على جائزة الاختراق لعام 2020. بدأت هذه الجائزة منذ ثماني سنوات بفريق من المستثمرين من بينهم سيرجي برين ومارك زوكربيرغ، وغالباً ما يُشار إليها بـ «أوسكار العلوم»، وفق تقرير موقع Science Alert الأسترالي.
سوف يحصل فريق شبكة تلسكوب Event Horizon بشكل مجمّع على 3 ملايين دولار، ولكن عند تقسيم المال بشكل متساوي على المجموعة التي تتألف من 347 عالم، سيكون نصيب الفرد حوالي 8,600 دولار.
ما الذي تعرضه صورة الثقب الأسود؟
تُظهر صورة شهر نيسان ثقباً أسود هائلاً في منتصف مجلة مسييه 87، التي تبعد عن الأرض بحوالي 54 مليون سنة ضوئية. ومن المرجح أن تعادل كتلة الثقب الأسود الظاهرة في الصورة كتلة 6.5 مليار شمس.
وتُعرف حدود الثقوب السوداء بـ»أفق الحدث»؛ منطقة من الفضاء كثيفة جداً بمادة لا يمكن للضوء حتى الإفلات من جاذبيتها. يخلق ذلك «ظلاً» دائراً، يلتهم كل الضوء والمادة.
وخارج أفق الحدث، تحتوي الثقوب السوداء الهائلة على قرص تراكمي؛ سحباً من الغازات الساخنة والغبار محبوسة في مدار. وبالرغم من عدم قدرة العلماء على رؤية خارج حدود أفق الحدث للثقب الأسود، تمكنوا من رصد الغاز والغبار في القرص، لأنها مواد تصدر موجات راديو يمكن التقاطها بواسطة تلسكوب عالي القدرة.
هذا ما التقطه علماء شبكة تلسكوب Event Horizon في صورتهم الفريدة والأولى من نوعها.
قالت جوزفين بيترز، عالمة الفيزياء الفلكية بجامعة أوكسفورد، لصحيفة Business Insider في شهر تشرين الأول: «مع اقتراب سحابة الغاز من الثقب الأسود، فإنها تتسارع وترتفع حرارتها».
وأضافت: «تتوهج بشكل أسطع وتصبح أسرع وأكثر سخونة. وفي النهاية، تقترب سحابة الغاز بما يكفي بحيث تتمكن قوى جذب الثقب الأسود من سحب أطرافها لتتحول إلى قوس رفيع».
ومن أجل التقاط تلك الصورة، اعتمد الباحثون على ثمانية تلسكوبات.
يتمركز علماء شبكة تلسكوب Event Horizon في جميع أنحاء العالم، في 60 معهداً منتشرة في 20 دولة.
واعتمدوا في التقاط تلك الصورة على ثمانية تلسكوبات لاسلكية، تعمل من القارة القطبية الجنوبية، وتشيلي، والمكسيك، وهاواي، وأريزونا، وإسبانيا. واستخدموا شبكة من الساعات الذرية، أجهزة دقيقة جداً لحفظ الوقت يمكنها القياس بوحدة مليارات الأجزاء من الثانية، لمزامنة تلك التلسكوبات حول العالم.
ويُذكر أن مشروع شبكة تلسكوب Event Horizon بدأ في جمع المعلومات عن الثقوب السوداء في 2006.
وكانت الصورة الصادرة في نيسان الماضي نتاج عامين من الملاحظات والمتابعة.
قال هينو فالك، الذي ساهم في مشروع شبكة تلسكوب Event Horizon، عند نشر الصورة في نيسان: «بدا الأمر وأننا ننظر إلى بوابات الجحيم، عند نهاية المكان والزمان».