أفادت تقارير باندلاع حرائق في المناطق المحميَّة المأهولة بمنطقة الأمازون البرازيلية، وهو ما أثار مخاوف من أن قاطعي الأشجار ومن يستولون على الأراضي قد يكونون استهدفوا هذه المناطق النائية خلال التصاعد الدرامي للحرائق التي اجتاحت أكبر غابة مطيرة في العالم.
وحسب صحيفة The Guardian البريطانية، فقد شوهدت النيران تتصاعد من منطقة «أراريبويا» المأهولة بالسكان الأصليين في ولاية مارانهاو، وهي محمية قُطعت كثير من أشجارها وتقع على الحواف الشرقية للأمازون، وهي موطن لنحو 80 شخصاً من مجموعة منعزلة من السكان الأصليين يُعرفون باسم شعب «أوا»، والذين وصفتهم منظمة النجاة الدولية غير الحكومية بأنهم القبيلة الأكثر عرضة لخطر الفناء في العالم.
اتهامات للرئيس البرازيلي بالتشجيع على غزو المناطق المحمية
كان الرئيس البرازيلي اليميني المتطرف، جاير بولسونارو، الذي تعرض لانتقادات واسعة بسبب فشله في الاستجابة السريعة لحل الأزمة، أصدر مرسوماً يوم الخميس 29 آب 2019، يحظر فيه إشعال النيران بالأمازون 60 يوماً، في خطوةٍ وصفها دعاة حماية البيئة بأنها مجرد تحرك رمزي إلى حد كبير.
وغالباً ما تُستخدم الحرائق لتطهير المراعي ومناطق إزالة الغابات في الأمازون خلال أشهر الشتاء الجافة، وكان هناك 28 ألف حريق هذا الشهر، وهو العدد الذي فاق كل شهور آب منذ عام 2010.
ويُتهم بولسونارو بالمساعدة في تأجيج الأزمة من خلال تشجيع غزو المناطق المحمية، بوعوده بتطوير منطقة الأمازون، وفرض رؤيته للتقدم على السكان الأصليين.
ويقول نشطاء إن أراضي السكان الأصليين تُمثل أهدافاً سهلةً لقاطعي الأشجار والمزارعين والمستوطنين الباحثين عن الأرض أو الأخشاب الثمينة.
وهو ما يهدد وجود السكان الأصليين واستمرارهم
وقال أنتينور فاز، وهو موظف سابق في المؤسسة الوطنية للسكان الأصليين بالبرازيل (فوناي) والمستشار المتخصص في شؤون السكان الأصليين المعزولين، إن الأبحاث التي أُجريت على صور وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أظهرت أن الحرائق اندلعت في 131 منطقة محميَّة محلية في الفترة من 15 إلى 20 آب.
ومن بين هذه الحرائق، اندلعت 15 منها في موطن جماعات السكان الأصليين المنعزلة أو الجماعات التي ما زالت في مراحل التواصل الأوَّلي مع العالم.
وقال: «معظم هؤلاء الناس يعيشون في حالة فرار مستمرة، وهم يتعرضون للتهديد باستمرار. هؤلاء الأشخاص يعتمدون على الغابة، وعندما تقتل الحرائق الحيوانات يشعرون باليأس كلياً حيال الأمر».
وأضاف تايناكي تينيهتار (34 عاماً)، منسق حراس الغابة -وهي قوة متطوعة من السكان الأصليين تسيّر دوريات في المناطق المحمية- أن قاطعي الأشجار هم من أشعلوا الحرائق، مضيفاً: «إنهم يمنعون رجال الإطفاء من السكان الأصليين من مكافحة الحرائق، لجعل الأمر أكثر صعوبة».
وأضاف أن الحرائق كانت أقل حدَّة من تلك التي حدثت في عام 2015، والتي اكتسحت المناطق المحمية وأُلقي باللوم فيها على قاطعي الأشجار غير الشرعيين.
وقد أظهرت صور من المعهد القومي لأبحاث الفضاء في البرازيل حرائق متعددة داخل المناطق المحمية في الأيام الأخيرة، على الرغم من أن الصور الأحدث تُظهر أن الحرائق بدأت في التراجع.
في انتظار إخماد عشرات الحرائق المندلعة
وقال تينيهتار إن الحرائق «يجري التحكم فيها، حتى لا تتسبب في تعريض شعب أوا الذي يعيش في الغابة للخطر، فهُم بحاجة إلى الغابة لكي يستمروا على قيد الحياة».
واعترض تينيهتار على الانتقادات التي وجهها بولسونارو يوم الثلاثاء 27 آب، إلى حجم وكمية المناطق المحمية للسكان الأصليين في أثناء اجتماع أزمة لمناقشة الحرائق مع حكام ولاية الأمازون.
وقال رداً على تلك الانتقادات: «هناك مزارعون لديهم أراضٍ أكبر من أراضينا. نريد دعماً من دول أخرى تتعاطف مع قضيتنا. إنه أمر مهم للغاية بالنسبة لنا، لأنه إذا اعتمدنا على بلدنا فسندمَّر جميعاً، ونصبح في عداد الأموات».
على الجانب الآخر من منطقة الأمازون، اندلعت الحرائق داخل وحول محمية «Uru-Eu-Wau-Wau» بولاية روندونيا، التي تضم ثلاث مجموعات من السكان الأصليين في عزلة طوعية.
وقالت إيفانيدي بانديرا، المنسقة في Kanindé، وهي منظمة غير حكومية من السكان الأصليين بالولاية: «هذا ما يُقلقنا أكثر، لأننا لا نعرف ماذا سيحدث مع هذه المجموعات من السكان الأصليين. كنا نشجب غزوات من يستولون على الأراضي وقطع الأشجار منذ بداية العام».
التي يشك البعض في أنها حرائق متعمَّدة
وقالت فيونا واتسون، مديرة حملات المناصرة بمنظمة النجاة الدولية، إن من يستولون على الأراضي يستهدفون المناطق المحمية للسكان الأصليين، لأنها بعيدة ومعزولة في أغلب الأحيان، وهي مناطق مُحافَظ عليها جيداً وغير مؤمنة.
وأضافت: «يتضح لي أن كثيراً من هذه الحرائق جرى إشعالها عن عمد. الاختلاف الآن مع رسالة بولسونارو، أن الأمازون أصبح فريسة متاحة للاستيلاء عليه».
وقال جيوفاني تابوري (38 عاماً)، وهو من قبيلة مانوكي الواقعة على الحافة الجنوبية الغربية للأمازون في ولاية ماتو غروسو، إن الحرائق بدأت تظهر بمنطقته المحمية في حزيران وتموز. وفي الأشهر الأخيرة، جرى ترسيم الحدود وبدأ ظهور الماشية داخل أراضيهم، على حد قوله.
يوم الجمعة الماضي 23 آب، وجد هو وغيره من أفراد القبيلة حريقاً كبيراً في منطقتهم المحمية، وهددهم مجموعة من الرجال غير المنتمين إلى السكان الأصليين. ويضيف جيوفاني: «أخبرونا بأن علينا المغادرة. لقد كانت لحظة متوترة… شعرنا بالتهديد».