ترى لو كان جورج يمين حيا يرزق ماذا كان ليكتب عن الحالة التي نمر بها اليوم؟.
في السياسة والاجتماع والشعر والادب والاغنية ترك الاعلامي والشاعر جورج يمين ارثا وافرا حافظت عليه برموش العين رفيقة روحه الاعلامية ماريا ووثقته بكتب واقراص مدمجة ولا تزال تعمل على توثيق البقية الباقية مما خلفه الراحل جورج وما اغزره وما اثمنه.
بالامس تحلق محبو جورج والاهل والاصدقاء في اقبية دير مار سركيس وباخوس استذكروا وتذكروا والدمعة في العين رغم مرور 19 سنة على غياب هذا الكبير من بلادي، فبرعاية وزارة الثقافة، احتفلت جمعيّة جورج يمّين الثقافية بموعدها السنوي وأحيته الفنانة ريمي بندلي في عودة الى أغاني الطفولة عند الشاعر الراحل جورج يمّين بحضور الأستاذ ميشال معيكي ممثلاً وزير الثقافة الدكتور محمد داوود داوود والوزيرين السابقين يوسف سعاده وروني عريجي، رئيس الجامعة الأنطونية في الشمال الأب فرنشيسكو خوري، فعاليات ثقافية واهل واصدقاء.
بدايةً دقيقةَ صمت، عن روح الفنان التشكيلي اللبناني، العالميّ الأبعاد، سايد يمّين الذي توفي في جنيف منذ يومين، ثم
قدّمت الأمسيّة الإعلامية جودي الأسمر بالقول “ريمي بندلي بيننا اليوم، ستشدو أغنية الطفولة المغسولة بضوء القمر الذي دعته حروف جورج يمين للنزول الى الدبكة، فتطير وتعلّي فرحتنا، كالحمام، في فضاء نفوسنا العطشى للسلام”.
وأطلّت الفنانة ريمي بندلي على الجمهور مستهلّة امسيتها بتحيّة لجورج يمّين “انتَ اللي بصوتي كَتَبت، لعم حسّو، وعم يوجعني،قبل ما احكي غنّيت، وكلماتك عم بترافقني” كتبها لها كارل سلامة وغنّت باقة من أغاني الطفولة وتحوّل الحاضرون الى كورس، وروت بندلي عن بكائها عند تسجيلها اغنية “ردّولي بيتي” وكان عمرها اربع سنوات، كما تفاعل الجمهور مع اغنية”غسّل وجّك با قمر”، طير وعلّي يا حمام” و “المرجوحة” والتفّ الأولاد الذين كانوا في القاعة حولها بطريقة عفوية عند سماعهم موسيقى “اعطونا الطفوله”. وقد رافقتها على الفلوت العازفة رنا عبيد وعلى البيانو العازف ألكسندر ميساكيان.
ثمّ ألقى ممثّل وزير الثقافة ميشال معيكي كلمة جاء فيها:”
وبعد ذلك كانت كلمة ممثل وزارة الثقافة الشاعر ميشال معيكي :”يا قمر إهدن خليك لا تنعس الله يخليك ، الشاعر المسافر الجميل ، سلام عليك حيث أنت جورج يمّين .
سنوات الغياب والرحيل تؤجج الحنين وتدفىء الذاكرة…
زمنٌ والشاعر مقيمٌ فيكم … حبّاً، صداقة وتقديراً.
جمعية جورج يمّين الثقافية، مشغولة أبداً بذكر حضوره وتراثه الرائع .. عليهامسؤولية وفضلٌ لها.
قرأنا جورج يمّين في ظلال الشعر، وناثر الرياحين، وخيط الصلا، وفي محبرة المحكية وعلى صفحات النهار وقرأناه صوتاً على أثير اذاعة لبنان الحرّ الموحَد .
واستضافات ثقافيةً خلال سنوات الرماد والنار، يوم عزّ اللقاء وباعدت بيننا المتاريس .. وكنّا نلتقي !!
بالفصحى كتب وبالعامّية. عبر قصيدة النثر وشعر التفعيلة، وتمتّعنا بسنابل الطفولة في فيلمه : “أماني تحت قوس قزح”…
جورج لم يقلّد أحداً ولا انتسب الى مدرسة . كتب على مزاج فكره والاستنساب والسجية، وحوّل الترميز ، في قصيدة الحداثة، الى أناشيد ومواويل وتراتيل تضمّخ الوجدان برائحة الأرض والفصول وناس الجرود وأحلام الحرّية… وعاش القصيدة إمتداداً لأهداب العينين … كتب في ذاتِ قصيدة:
“جاييي الشعر عريان متل المي /
عالي متل دقّ الجرس /
ردّوا الكتب / جاييي الشعر عا حصان إسمو الصوت .
وأضاف:” في تكريم الشاعر، يتساءل بعضنا والشاعر، في مسارات تطور المجتمعات وأنماط الحياة ،…
بهذا المعنى جورج يمّين ، عبر ما ترك لنا، في المكتبات والتوثيق والذاكرة، أنعش وينعش نسفاً؟ يجدد فينا قابلية الفرح وأحلاماً قد تكون مؤجلة …
وتابع:” لقاؤنا التكريمي في دير مار سركيس وباخوس ، هذا الصرح الديني العريق، يعيدنا بالضرورة الحتمية، الى تاريخ زغرتا-اهدن، الى قامات أغنت لبنان وأثرت حياتنا الثقافية، فكراً وفنوناً وآداباً … من البطريرك العالم اسطفان الدويهي الى صليبا الدويهي وجواد بولس وسواهم من الراحلين ومن أسماء كبيرة لا تزال في عطاءاتٍ كثيرة في مجالات الإبداع، من أبناء هذه الأرض المعطاء .”
وقال:” هذه العشية نقدّم وردة للشاعر، وتدفىء حلقتنا الطفلة التي كبُرَت . وكنت أتأمل صوتها والحضور في ستوديوهات تلفزيون لبنان -الحازمية تغنّي قصائد جورج اعطونا – اعطونا الطفولة على إيقاع قصف المدفعيات الحنونة .”
وتابع:” ريمي بندلي، صوتك لا يزال في الذاكرة التي أحببنا … أسمعينا دائماً .”
وأضاف:” إسمحوا لي أن أتوجه الى معالي الصديق روني عريجي ، الوزير السابق للثقافة، يوم استمتعت بواجبي الاستشاري، وكنّا في ورشة الشغل، نحضر فيلماً وثائقياً حول مبدعي لبنان، يُعرض حتى اليوم في أروقة مطار بيروت. وكأنه يُلّح بالسؤال : أوعا تنسى صديقنا جورج يمّين … لم أنسَ جورج ولا الدويهي الفنان ولا الدويهي البطريرك وسواهم…”
وتابع:” انني باسم معالي وزير الثقافة الدكتور محمّد داوود، وباسمي نحيي جهود جمعية جورج يمّين الثقافية على رأسها السيّدة ماريا يمّين . ونهنئ ونشكر حضور وصوت ريمي بندلي … ونحييكم جميعاً .
الليلة يحضرني قول لجورج يمّين : ثمّة قبيلة لا يرحل أهلها الاّ فجأة . يومضون وينطفئون ولأجسادهم حضور النيزك … انها قبيلة الحبر والورق …
إننا عبرك يا جورج نحيي أقلام هذه القبيلة وفي كل مضاربهم، من اهدن_ زغرتا ، الى كل لبنان وحيثما ينتشرون .
ونقول مع نيتشه : وحده الفن يجنبنا الموت من وحشة الحقيقة!!”
وختم قائلاً:”أيها المسافر على جنح قوسة قزح أو ضوعة ياسمين … وتبقى فينا. حين يسافر شاعر ، تروي بنفسجةٌ .وتنوص نجمة …
بيننا أو حيث تقيم اللحظة ، جورج يمّين ، منّا جميعاً: فلّة شوق وكلّ الحب.”
وقدّم معيكي درعاً للشاعر الراحل جورج يمّين تقديراً لعطاءاته الأدبية والفكرية تسلّمته زوجته السيدة ماريا يمّين وابنهما ماهر ، كما سلّم الفنانة ريمي بندلي درعاً لعطاءاتها الفنية.
من جهتها شكرت السيدة يمّين وزارة الثقافة لرعايتها وتكريمها وقالت انّ “19 سنة مرّت وحضور جورج يمّين ينفي غيابَه. والحضور هنا يتخطّى العائلة ومملكةَ رامي وماهر والمقرَّبين لنجدَه ملتصقاً بالأرض، بالطبيعة، بقمرِ إهدن، بورقِ الخريف، بضباب أيلول، وبحكايات الأهل والرفاق.”
ووجّهت تحية الى الأب ابرهيم بو راجل رئيس دير مار سركيس وباخوس، لنبل تعاطيه مع أهلنا وأرضنا ورعايته الصالحة لمواعيدنا الثقافية مقدّمة له المنحوتة التذكارية للجمعية.”
بدوره أعرب الأب بو راجل عن شكره وقال “أنتظر هذا الموعد كما كثر لأنه من المواعيد الثقافية القليلة التي حين نحضرها نشعر بوجود مستوى ثقافي عالٍ” مضيفاً “أمّا مع الاغاني المميّزة لضيفة الموعد كنا نسعى ونحن صغار للسلام والطفولة وكلّنا أمل اليوم أن يبدأ السلام وتتعزز الطفولة في قلب كل واحد منا”.
وكان تمّ خلال الحفل عرض فيلم حمل عنوان “يا هالدهب خبّرني” من كلمات جودي الأسمر وصوتها، إخراج كارل كميل سلامة وتوليف سرجين فنيانوس. ويضيء الفيلم على تفرّد شاعر لازمته الطفولة وكان أن حوّل الحرب إلى أنطولوجيا غنائية جسّدتها بصوتها المغنّية الطفلة “ريمي بندلي”.