كتب جوزف طوق في “الجمهورية”:
أقسم بالله وبشرف الكشّافة وشرف الجيران والدكنجي وبجميع الأنبياء والقديسين والمرسلين، أن نحن اللبنانيين نتصرّف تماماً ودائماً وأبداً مثل تلميذ صفّ «سانكيام» أثناء أداء فروضه المدرسية في المنزل. يفتح كتابه ودفاتره، ويمكن أن يفعل أي شيء باستثناء الدرس، يتلهّى بصيد الذباب والبرغش، يتفقّد جلود حنفيات المنزل، يفحص «بريز» الكهرباء في غرفته، يتأكّد من سماكة المعجونة على الحيط، يعدّ القطب في كنزته الصوف، يتأكّد من مستوى التلوّث البيئي الذي يمكن أن يسبّبه قلم الحبر على الطبيعة…
ونحن، تخرّجنا من «السانكيام» بالجسد، ولكن ما زلنا هناك بالفكر. طاولاتنا مليئة بالكوارث والأزمات والنكسات والخيبات والانهيارات، والبلد سيصبح في خبر كان.. نتحمّس، ننتفض، نتوّعد، نفتح الملفّات كل يوم بعد الظهر.. وننطلق.
نقيس فتحة فستان كل فنّانة تطلّ على الشاشة، نسعّر قمصان وكرافاتات السياسيين، نغوص في انتروبولوجيا صبية جميلة ظهرت إلى جانب زعيم، نتأكّد من نتائج فحوصات المشاهير إذا مرضوا، ونتظاهر على الأرض وعلى السوشل ميديا من أجل وائل كفوري في قضيته مع طليقته أنجيلا بشارة، ويُمسّ حسّنا الوطني والمناطقي والمذهبي، نحمل اليافطات ونُطلق الشعارات ونجيّش صفحاتنا الالكترونية للاستنكار والشجب والتهديد.
وبالآخر، القصّة لا تتعدّى خلافاً زوجياً بين مواطن لبناني ومواطنة لبنانية. منذ متى اعتدنا التدخّل إلى هذا الحدّ في حياة الناس، والتلصّص على غرف نومهم ومطابخهم، والتجسّس على أحاديثهم الخاصة والحميمة؟ والأنكى أن نكون طرفاً ونرسم خطوطاً حمراً، وننسف جهود المحامين والقضاة والقضاء برمتّه لأنّ فناناً ما اختلف مع زوجته.
إذا وائل كفوري عنّف أو أساء أو أخطأ أو ضرب أو كسّر أو أهان أو اعتدى أو سبّ أو زرب زوجته، فليحكم القضاء وليقرّر عقابه. وإذا كان مظلوماً سنعرف جميعنا أنّه تعرّض لمؤامرة وعملية ابتزاز وتشويه.