حين كانت موجة القيظ تضرب المدن الفرنسية، كان رواد مهرجان «ميسيان» يتدثرون بالمعاطف والأوشحة وهم يحضرون حفلات الدورة 22 التي جرت خلال الشهر الحالي. وجرت تسمية المهرجان تكريماً للملحن وعازف البيانو الفرنسي أوليفييه ميسيان (1908 ـ 1992)، وهو يقام سنوياً في منطقة «ميج» عند سلسلة جبال الألب، في قرية «سان تيوفري» الصغيرة التي كان يملك منزلاً فيها ويستلهم ألحانه من أجوائها.
في بدايات المهرجان، كان أهالي القرية يستقبلون الضيوف في بيوتهم. وسنة بعد سنة تحولت الحفلات الموسيقية إلى موعد سنوي أساسي لعشاق الموسيقى في الهواء الطلق، وتوسع المهرجان ليشمل قرى وفضاءات مجاورة وبات متخصصاً في عروض الموسيقى المعاصرة، أي تلك المعزوفات التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، بالإضافة إلى بعض الإبداعات الحديثة. ونظراً لأن كل دورة تختار موضوعاً لمنهاجها، فقد كانت أصوات الطيور والعصافير هي ضيفة الدورة 22 التي شهدت مشاركة فرق من جنسيات متعددة. ووصف دليل المهرجان زقزقات العصافير بأنها أجمل سيمفونية في الطبيعة.
تم في الدورة الحالية عرض فيلم عن مواسم هجرة الطيور بعنوان «الشعب المهاجر»، بحضور المؤلف والملحن برونو كوليه. وجرى تقديم عرض موسيقي عنوانه «مؤتمر العصافير»، وضع موسيقاه المؤلف ميكائيل لونيفاس. وكان الختام في قرية «لا غراف» حيث عزفت أوركسترا «دليل الطيور» لميسيان.
وتبقى الميزة الكبرى لهذا المهرجان في موقعه الفريد وسط قمم الجبال المغطاة بالثلوج، حيث تردد الطبيعة أصداء الآلات الموسيقية التي يعزف عليها فنانون مشهود لهم بالتفوق في الربط بين التقاليد المتوارثة وبين تأليف ألحان تعبر عن ذائقة العصر.