كثر الحديث عن الاخفاق في ضبط الحدود والمعابر غير الشرعية وسط شعبوية مفرطة، تارة للتصويب في السياسة على فريق معين تخضع له الاجهزة الأمنية المعنية وطورا للكسب الشعبي. لكن ما يغض النظر عنه البعض او ربما يجهله هو أن المديرية العامة للجمارك تمكنت من الحفاظ على ايراداتها رغم تراجع حجم الاستيراد. فكيف ذلك؟
مصادر مطلعة تشرح عبر tayyar.org ان المديرية وفي اطار ورشتها الاصلاحية بالتنسيق مع فريق من القصر الجمهوري تمكنت من ضبط تهريب الاجهزة الخلوية و توقيف عشرات مخلصي البضائع وتبسيط اجراءات عدة أدت الى تحقيق وفر كبير. هذا الوفر تمت الاستفادة منه لاستخدامه في عمليات ضبط التهريب البري بموازاة التشدد الحاصل في الكشف المعاكس الذي يقوم به رئيس مصلحة جمارك بيروت.
لكن المصادر عينها تؤكد عبر tayyar.org أن نقاطا عدة لا تزال تستوجب المعالجة وأبرزها، ملء النقص بحوالي ١١٠٠ عنصر من الخفراء اي حوالي ٦٠% من العديد. لكن ذلك لا يمكن تحقيقه إلا عبر توقيع المجلس الاعلى للجمارك على نتائج المباراة التي صدرت من قبل المدير العام بدري ضاهر والتي راعت الكفاءة والمناصفة. أضف الى ذلك تزويد الجمارك بتجهيزات من سكانر وآليات متطورة وبرامج استهداف تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقدر كلفتها بملايين الدولارات.
عند هذه النقطة تقع الاشكالية الكبرى. فالأموال موجودة لكنه يتم انفاقها في اللجان الاربع المشكّلة من قبل المجلس الاعلى للجمارك والبالغة قيمتها شهريا حوالى ال٤٠٠ مليون ليرة اي ما يقارب ال ٥ مليار ليرة سنويا. هذا الرقم بحسب المصادر يكفي لتجهيز كامل المرافق بأجهزة السكانر والآليات المتطورة المجهزة بكاميرات بعيدة المدى لضبط الحدود البرية.
وفي هذا الاطار تشير معلومات tayyar.org إلى أن إحدى الشركات سبق وتقدمت بعرض لاستبدال الاجهزة الحالية القديمة بأجهزة متطورة بكلفة ٩٠٠ مليون ليرة تشمل كلفة التجهيز والصيانة وقطع الغيار التي تمتد الى ١٠ سنوات. رُفع العرض إلى وزير المالية والمجلس الاعلى للجمارك مع اقتراح إجراء مناقصة عمومية لتجهيز كامل المعابر الحدودية عبر عقود شراء تمتد الى ١٠ سنوات وتُدفع من فائض رسم الخدمات، إلا أنه رُفض .
وعليه تستغرب المصادر رفض هذا العرض الذي ينقل الجمارك الى حقبة جديدة، في حين يتبين أن انتاجية اللجان المذكورة سابقاً معدومة وأنها باب للتنفيعات للمحظيين من موظفي الجمارك .علما أن مشروعا آخرا سبق أن عرض مرتين على مجلس الوزراء وهو انشاء نظام للكشف الالزامي على جميع الحاويات وقد سحب من التداول لوجود ملاحظات حوله وتعديلات من قبل ضاهر حتى يراعي هذا النظام المقترح قانون الجمارك. وأبرز هذه التعديلات هي أن يخضع النظام لادارة الجمارك حفاظا على سرية المعلومات وسيادة الدولة اللبنانية ومرافقها وحدودها على أن تكتفي الشركة بانشاء وصيانة الاجهزة وتطويرها. كما تركز الملاحظات على ضرورة الالتزام بأعلى المعايير التقنية بكلفة مقبولة بحيث تتكفل الجمارك باقتطاعها من رسم الخدمات حتى لا يتكبدها المواطن.
في هذا الوقت تُنتظر احالة هذا المشروع مع تعديلاته في حال وافق عليها وزير المالية على مجلس الوزراء في القريب العاجل. وهو في حال مرّ بصيغته المقترحة من قبل المديرية، من المتوقع أن يشكل حلاّ أساسيا لمشكلة التجهيزات المزمنة في الجمارك. فعرضه على طاولة مجلس الوزراء سيضع الحكومة أمام امتحان يكشف من يريد فعلا الاصلاح وضبط التهريب، ومن يلجأ إلى الشعبوية في حين أنه يضع العصي في الدواليب.