لارا الهاشم -
منذ فترة صرح وزير المال على حسن خليل أن قانوناً جديدأً للجمارك سوف يقرّ خلال شهر.
من يسمع هذا الخبر عن بعد يظن أنه يدخل في إطار تحديث القوانين أو الاجراءات الجمركية، لكن المطلعين على تفاصيله يؤكدون ل
tayyar.org أن القانون الذي أقرّ من قبل لجنة القانون التي انشأها المجلس الاعلى للجمارك برئاسة عضو المجلس الاعلى (من الطائفة السنية) هاني حاج شحادة، ينقضّ على صلاحيات مدير عام الجمارك لصالح المجلس.
المعلومات تشير إلى أن القانون يرمي إلى سحب الصلاحيات التنفيذية من أيدي المدير العام، أي في كل ما يتعلّق بتطبيق الاجراءات. على سبيل المثال لا الحصر، تفتيش المسافرين والمهمات خارج المؤسسات وضبط التهريب ووضع تعليمات تنفيذ الخدمات. علما أن مدير عام الجمارك بموجب قانون الجمارك الحديث الذي اقر في العام 2000 والذي لم يسبق تعديله منذ ال 1954، هو من يشرف على دخول البضائع وخروجها ومراقبتها وتفتيشها وهو الجهة التي تحدّد أصول تطبيق الاجراءات المتعلقة بها. باستثناء أصول تطبيق بعض القرارات المتعلقة بالنتظيم التي أنيطت بالمجلس والتي لا علاقة لها بالتنفيذ.
من جهة أخرى تسأل المصادر عبر
tayyar.org عن الهدف خلف تعديل قانون حديث أقرّ بناء على توصيات منظمتي الجمارك العالمية والتجارة العالمية، قائم على تبسيط وتسهيل الاجراءات وفيه الكثير من المرونة. فالقانون يعتمد المكننة وإدارة المخاطر، وقد حدّد بشكل واضح مهام إدارة الجمارك قائلا أنها كاملة الصلاحيات كأي إدارة في الدولة وأن مهمّتها استيفاء الرسوم والحؤول دون دخول البضائع المهربة إلى البلاد.
في هذا الاطار تستغرب مصادر مطلعة موافقة عضو المجلس الاعلى للجمارك غراسيا القزي، ممثلة القوات اللبنانية، على اقتراح القانون هذا، علما أن مدير عام الجمارك هو ثاني موقع ماروني يلي قيادة الجيش. وتسأل المصادر عينها عبر tayyar.org عن جدوى جعل القانون جامد عبر تحويل التفاصيل الصغرى إلى مواد قانونية وإناطة القرارات الكبرى بالمجلس الأعلى الذي جعل منه قانون ال 1959 هيئة تشرف وتراقب إدارة الجمارك وترفع تقاريرها لوزارة المال.
وتضيف المصادر أن من يرأس في علم الإدارة هو المدير وهو مسؤول عن أعماله تجاه الوزير، لأن القرارت التي تحتاج لسرعة تنفيذ وتدخّل فوري للبت لا يمكن لها ان تنتظر انعقاد مجالس الادارة. ومثال على ذلك هي قدرة مدير عام قوى الأمن الداخلي على إجراء المناقلات رغم الخلافات المتوارثة منذ عشرات السنوات بينه وبين المجلس، لكونه يترأسه. غير أن التجربة اللبنانية بحسب المصادر، شاهدة على كثير من الملفات التي ظلت نائمة في أدراج المجلس الأعلى للجمارك لعشرات السنوات بسبب الانقسامات الطائفية والسياسية والإجماع الذي يتطلبه اتخاذ قراراته.
وعليه ترى مصادر
tayyar.org أن من الأجدى إلغاء المجلس الاعلى للجمارك الذي يكبد الخزينة أكثر من ملياري ليرة سنويا ناهيك عن التأخير الكبير في بت القضايا المعروضة عليه، خاصة أن إلغاءه لن يمسّ بالتوازنات الطائفية كونه سيطال منصباً شيعياً وواحداً سنياً وآخراً مارونياً.
في الشكل لا يتوافق تمرير مشروع القانون مع الأصول القانونية، إذ يجري العمل على إقراره في مجلس الوزراء بحجة أنه يتمتع بصلاحية التشريع في الحقل الجمركي. لكن مصادر مطلعة تؤكد أن هذه الصلاحية تسري على الموازنة وتحديد الرسوم والضرائب وليس على تغيير الصلاحيات والمهمات التي تحتاج إلى مجلس نواب.
أما في روحيته، فهو يدعو إلى طرح أكثر من تساؤل لدى المعنيين الذين يرون أنه يحمل أبعاداً طائفية. فهل يأتي صدفة بعد خسارة المسيحيين للمراكز الاساسية في الدولة اللبنانية كمدعي عام التمييز ومدير عام الامن العام ورئيس مجلس الخدمة المدنية وغيرها من المراكز الاساسية والمهمة ضمن الوزارات والاجهزة نفسها، وبعد خسارة المناصفة في بعض الوظائف العامة في العهود السابقة؟ أم هل أن تقويض المدير العام وجعله موظفاً ينفذ قرارات المجلس الأعلى هو دليل انزعاج مما تمكّنت الإدارة من تحقيقه مؤخراً؟ فهل أن معاقبة بعض المخلصين بعد اكتشاف فسادهم قد أضرّ بالبعض؟ هل أن ادعاء إدارة الجمارك بشخص المدير العام على المهربين وإحالتهم على القضاء الجزائي بتهمة تبييض الأموال بموجب الصلاحية الممنوحة له بالقانون، استدعت طلب إلغاء صلاحياته؟ هل أن تقليص صلاحياته مرتبط بتشدده في التأكد من توافر شروط المخلّصين بعد التسيب الذي كان حاصلا؟ وهل أن المزاد العلني الذي أطلقته المديرية وأدرّ على خزينة الدولة مليارات من الليرة اللبنانية أضر بالفاسدين؟
تكثر الأمثلة والتساؤلات في هذه الإطار لكن الأهم يبقى أن كيف لوزارة المالية أن تحاول تمرير قانون مماثل من دون عرضه على قيادة الجهاز وهي المعنية الأولى والأخيرة بإدارة الجمارك؟