أسدل الستار على أزمة فندق “الكواليتي إن” في طرابلس، بعد خمس سنوات من الصراع المرير بين إدارة معرض رشيد كرامي الدولي المسؤولة عنه كونه أحد منشآت المعرض، وبين الشركة المشغلة (خدمات وإنماء) التي أهملت 14 قرارا بالاخلاء صدر عن الادارة، وإمتنعت عن دفع المبالغ المتوجبة عليها الى إدارة المعرض (مجموعها خمسة مليارات ليرة)، ومارست عملها في الفندق بالرغم من إنتهاء عقدها، ولجأت الى القضاء والى السياسة عدة مرات لتأمين بقاءها في تشغيل المرفق العام، الى أن أدى إصرار إدارة المعرض الى تحقيق الانجاز باخلاء الفندق يوم أمس بعدما تحصنت بثلاثة قرارات إثنان قضائيان الأول بتثبيت محكمة الاستئناف في الشمال التي لجأت إليها الشركة المشغلة قرار محكمة البداية الذي قضى بإخلاء الفندق، والثاني برد مجلس شورى الدولة طلب الشركة المشغلة بوقف تنفيذ الاخلاء بسبب النزاع القضائي القائم، أما القرار الثالث فهو إداري صادر عن مجلس إدارة المعرض ومصدق من وزير الاقتصاد بموافقة رئيس الحكومة سعد الحريري.
بناء على كل هذه القرارات، وبعد نحو شهرين ونصف من تنفيذ القرار الأول بالاخلاء، وقيام الشركة المشغلة بكسر قرار الدولة وكسر الاقفال، وإعادة تشغيل الفندق بدعم سياسي آنذاك، طلبت الادارة من محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا تأمين المؤازرة الأمنية المطلوبة لتنفيذ قرار الاخلاء الثاني والنهائي كونه لم يعد أمام الشركة المشغلة أي حجة أو ذريعة للبقاء في الفندق. وبالفعل فقد كلف المحافظ نهرا الأجهزة الأمنية المعنية تأمين المؤازرة المطلوبة لمساعدة إدارة المعرض على تسلم الفندق ومواجهة تصلب الشركة المشغلة الرافضة للتخلي عنه.
كان يوم أمس موعدا لتنفيذ عملية الاخلاء، وقد أرسل وزير الاقتصاد منصور بطيش، ممثله غسان بريص، ومستشاره جورج عبدالساتر ليكونا الى جانب رئيس مجلس الادارة أكرم عويضة، والمدير العام أنطوان أبورضا، والوكيل القانوني طلال الفاضل في المهمة التي يريدون تنفيذها.
عند الثانية من بعد الظهر إكتمل عديد القوى الأمنية المؤازرة، وإنطلق الجميع باتجاه فندق الكواليتي إن، حيث وجدوا عددا كبيرا من الأشخاص المتضامنين مع الشركة إضافة الى الموظفين وأهاليهم المعترضين على قرار الاخلاء، في حين كانت الشركة المشغلة أعلنت ظهرا أنها لن تسلم الفندق وأنها مستمرة في تشغيلها له الى أن يتم إعطائها كل حقوقها التي لها مع الدولة.
يمكن القول أن إدارة المعرض تعاطت مع المشهد القائم بكثير من الروية والحكمة، لعدم إستفزاز أي شخص أو فتح المجال أمام المتجمعين للدخول بأي أشكال خصوصا أن الأكثرية كانوا جاهزين لذلك، فاستخدمت المماطلة، وعقدت أكثر من إجتماع مع صاحب الشركة المشغلة والوكيل القانوني عنها، الى أن بدأ المتجمعون في الفندق يغادرون تباعا ليبقى الموظفون وأهاليهم.
تشير المعلومات الى أن الشركة المشغلة رفضت تسليم الفندق من دون إجراء جردة بالموجودات والحصول على براءة ذمة، وهو أمر لا يمكن حصوله، أولا لأن موجودات الفندق هي ملك للمعرض، وثانيا لأن الشركة عليها مبالغ مالية تصل الى خمسة مليارات ليرة نظرا لتخلفها عن الدفع طيلة خمس سنوات، ولا يمكن إعطائها براءة ذمة من دون تسديد هذه المبالغ مع الفوائد القانونية العائدة لها.
في غضون ذلك، كانت الاتصالات تجري على أعلى المستويات، وخصوصا بين وزير الاقتصاد منصور بطيش ووزيرة الداخلية ريا الحسن، فضلا عن إتصالات شملت عددا من الوزراء وصولا الى مراجع عليا، في محاولة البعض السعي الى وقف تنفيذ الاخلاء، في مقابل سعي البعض الآخر الى تنفيذه حماية لهيبة الدولة وحضورها ووقفا لهدر المال العام، الى أن إنتصر حق الدولة أخيرا، حيث إنضم قائد سرية درك طرابلس العقيد عبدالناصر غمراوي الى القوة الأمنية الموجودة في الفندق مساء، وأعطى تعليماته وتوجيهات قائد المنطقة الاقليمية ومحافظ الشمال ووزيرة الداخلية بضرورة الاخلاء، ما أكد للجميع أن عملية التسليم أصبحت أمرا واقعا ولم يعد بامكان أحد أن يواجهها، ما دفع الشركة المشغلة الى التنازل وإجراء محضر إستلام بين الوكلاء القانونيين مع إحتفاظ كل فريق بكافة حقوقه.
عند الساعة الثانية عشر من ظهر اليوم، يغادر آخر نزيل فندق كواليتي إن، فيما يضع الموظفون عقود أعمالهم لدى إدارة المعرض للنظر فيها، لتنتهي مرحلة كاملة من تشغيل الفندق من قبل شركة “خدمات وإنماء” شابها الكثير من الخلافات والصراعات والارباكات الى أن نجحت إدارة المعرض في وضع حد لها باعادة الفندق الى كنفها وبالتالي الى كنف الدولة.
مؤتمر صحافي
إثر عملية التسليم، عقد مؤتمر صحافي في حرم الفندق تحدث فيه مستشار الوزير بطيش جورج عبدالساتر فأكد إنتهاء مرحلة شركة خدمات وإنماء..
وتلاه رئيس مجلس إدارة المعرض أكرم عويضة الذي شكر كل من ساهم في تحقيق هذا الانجاز، مشددا على سعي الادارة الى إقامة مزايدة عالمية لتسليم الفندق الى شركة تقوم بتشغيلة وفق ما يليق بطرابلس العاصمة الاقتصادية والسياحية والثقافية، مؤكدا أننا أعدنا الحق الى الدولة، وأوقفنا هدر المال العام، ونحن لن نتوانى في متابعة تحصيل كل ما لدى الدولة من أموال في ذمة الشركة المشغلة.
وكان المدير العام أنطوان أبو رضا هنأ أبناء طرابلس باستعادة الفندق الذي من المفترض وخلال فترة قصيرة جدا أن يصار الى تلزيمه مجددا على أسس معايير عالمية تستطيع أن تشكل عامل جذب للسواح الى المدينة التي يجب أن يكون لديها فندقا يليق بها.
الوكيل القانوني طلال الفاضل: إنتصار للادارة
من جهته قال الوكيل القانوني للمعرض طلال الفاضل: إن ما حصل هو إنتصار كبير للادارة والدولة وللحق، واليوم توجنا جهود عدة سنوات من العمل المضني في سبيل إسترجاع هذا الفندق الى كنف الدولة ووقف هدر المال العام الذي كانت تسببت به الشركة المشغلة.